1. طالب الشهادة
قال رسول الله r: ]مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 3532).
وفي رواية: ]مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 3531).
ويفيد الحديث، أن من طلب الشهادة صادقاً بأن يكون قصده الجهاد في سبيل الله لنصرة دينه، ثم مات على فراشه، فإن الله يكتب له أجر شهيد، ويبعثه في زمرة الشهداء. لأن الله علم صدق نيته وشرف قصده. والقرآن يؤيد هذا، وذلك أن الهجرة قبل فتح مكة، كانت مفروضة، يعصي تاركها. وكان بعض الصحابة يموت في الطريق، قبل وصوله إلى المدينة. فأنزل الله تعالى: ]وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[ (سورة النساء: الآية 100). أي فقد حصل له أجر المهاجر، وكتب في زمرة المهاجرين.
جملة من الشهداء
قال رسول الله r: ]مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ؛ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ؛ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ؛ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 3539).
وقال رسول الله r: ]الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ[ (رواه أبو داود، الحديث الرقم 2704).
عن أبي هريرة عن النبي r قال: ]الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 2617).
عن عقبة بن عامر: أن رسول الله r قال: ]خَمْسٌ مَنْ قُبِضَ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ فَهُوَ شَهِيدٌ الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْغَرِقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالنُّفَسَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ[ (رواه النسائي، الحديث الرقم 3112).
يتبين مما سبق أن من شهداء الآخرة كذلك:
2. من مات بالطاعون
وهو وباء معروف، صحت الأحاديث فيه: أنه شهادة، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t عَنْ النَّبِيِّ rَ قَالَ ]الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 2618).
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سألتُ، رسول الله r عن الطاعون. فقال: ]أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 5293).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r ]لا تَفْنَى أُمَّتِي إِلا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ الْمُقِيمُ بِهَا كَالشَّهِيدِ وَالْفَارُّ مِنْهَا كَالْفَارِّ مِنْ الزَّحْفِ[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 23965).
ولعل الحديث يقصد الفارَّ من بلد أصيب بالطاعون إلى بلد آخر، فيتسبب بذلك في نقل الوباء إليه؛ ومن ثم يريد النبي r حصر المرض وآثاره في مكانه دون أن يتعدى إلى غيره.
3. المبطون
وهو الذي يشتكي بطنه من إسهال، أو استسقاء أو نحو ذلك. يقال، بطن بضم الباء وكسر الطاء: إذا اشتكى بطنه، فهو مبطون. أو من مات بقرحة المعدة، أو بالسل، أو بأزمة قلبية، أو بأي داء في البطن. عن رسول الله قال: ]مَنْ قَتَلَهُ بَطْنُهُ لَمْ يُعَذَّبْ فِي قَبْرِهِ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 984).
4. الغريق
إذا سافر الشخص في البحر، سفراً مباحاً، أو سفر طاعة، ثم هاج البحر، فغرق فإنه يكون شهيداً، وكذلك المائد في البحر، وهو الذي يصيبه القيء الشديد، أو يصاب بدوار البحر بسبب اضطراب السفينة بالأمواج فيسقط، وذلك لقوله r: ]الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ[ (رواه أبو داود، الحديث الرقم 3132) وكذلك من شرق وهو يشرب فمات فإنه يعد غريقاً. أمّا لو ركب البحر عاصياً لأبويه، أو أحدهما، أو قاصداً سرقة، أو قتلاً أو غير ذلك من المعاصي فغرق فإنه لا يكون شهيداً، بل هو عاص بحسب نيته.
5. المطعون
وهو الذي يُطعن بالرمح مثلاً، فيموت من تلك الطعنة، فهو شهيد.
6. صاحب الهدم
وهو من مات تحت الهدم، فإنه شهيد.
7. صاحب ذات الجنب
وذات الجنب: دمل أو خّراج كبير يظهر في باطن الجنب، وينفجر إلى الداخل، قلما يسلم صاحبها. وذو الجنب: الذي يشتكي جنبه بسبب ذلك الدمل، أو الخارج وهو يسمى"دبيلة".
8. صاحب الحريق
وفي رواية ]وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ[ (موطأ مالك، كتاب الجنائز: الحديث الرقم 493) يعني أن المسلم إذا مات محترقاً بالنار، غير منتحر، فإنه يكون شهيداً. ولو أحرقته نار قنبلة أو سوائل كيميائية، أو غازات، أو نحوها من الأسلحة الحديثة، فإنه شهيد كذلك.
9. المرأة تموت بجمع
وهي التي تموت بالنفاس، وولدها في بطنها.
قيل: التي تموت بالنفاس، سواء ألقت ما في بطنها، أو لا.
وقيل: التي تموت عذراء، لم يمسها الرجال.
وقيل: التي تموت قبل أن تحيض.
والصحيح الأول: يؤيده قوله r: ]وَالنُّفَسَاءُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسُرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 15426).
وهذا مقيد بإذا كان النفاس من نكاح شرعي.
10. المقتول دون ماله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r، فَقَالَ: ]يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: فَأَنْتَ شَهِيدٌ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 201).
وفي رواية: قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ: ]يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عُدِيَ عَلَى مَالِي قَالَ فَانْشُدْ بِاللَّهِ قَالَ فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ قَالَ فَانْشُدْ بِاللَّهِ قَالَ فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ قَالَ فَانْشُدْ بِاللَّهِ قَالَ فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ قَالَ فَقَاتِلْ فَإِنْ قُتِلْتَ فَفِي الْجَنَّةِ وَإِنْ قَتَلْتَ فَفِي النَّارِ[ (رواه النسائي، الحديث الرقم 4014).
يبين هذا الحديث حكم الصائل الذي يريد أخذ مال الرجل بالقوة والغلبة. فأمر صاحب المال أن يناشده الله، ويستحلفه به، ثلاث مرات فإن أبى لرابع مرة وأصر على أخذ ماله، قاتله ودافع عن حقه. فإن قتله الصائل، كان شهيداً ودخل الجنة، لأنه قُتل، وهو يدافع عن حقه. وإن قتل هو الصائل، دخل النار لأنه ظالم متعد، يريد أخذ مال الناس بغير حق.
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: ]مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيد[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 2300).
11. المقتول دون مظلمته
عن سويد بن مقرن رضي الله عنه، قال: قال رسول الله r: ]مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ[ (رواه النسائي، الحديث الرقم 4028).
مَظْلَمة: بفتح الميم واللام: ما أُخذ من الشخص ظلماً، كأرض أو بهيمة، أو ثياب، وما أشبه ذلك. عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي r قال: ]مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُظْلَمُ بِمَظْلَمَةٍ فَيُقَاتِلَ فَيُقْتَلَ إِلاّ قُتِلَ شَهِيدًا[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 6619).
12. المقتول دون دينه أو أهله أو دمه
كل واحد من هؤلاء الثلاثة شهيد.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: ]مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيد[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 1341).
13. موت الغربة
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ]مَوْتُ غُرْبَةٍ شَهَادَةٌ[ (رواه ابن ماجه، الحديث الرقم 1602).
14. الميت مريضاً
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ rَ ]مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيداً، وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ، وَغُدِيَ وَرِيحَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ مِنْ الْجَنَّةِ[ (رواه ابن ماجه، الحديث الرقم 1604).
وليس المراد بالحديث مطلق المرض. بل هو محمول على مرض الطاعون. وذلك ما يوضحه الحديثان التاليان: عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: ]يَخْتَصِمُ الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إِلَى رَبِّنَا فِي الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْ الطَّاعُونِ فَيَقُولُ الشُّهَدَاءُ إِخْوَانُنَا قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا وَيَقُولُ الْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إِخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مُتْنَا فَيَقُولُ رَبُّنَا انْظُرُوا إِلَى جِرَاحِهِمْ فَإِنْ أَشْبَهَ جِرَاحُهُمْ جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ فَإِذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ[ (رواه النسائي، الحديث الرقم 3113).
عن عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: ]يَأْتِي الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ بِالطَّاعُونِ فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ نَحْنُ شُهَدَاءُ فَيُقَالُ انْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا رِيحَ الْمِسْكِ فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِك[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 16993).
وللعلماء في تفسير المقصود بالطاعون قولان:
أ. أحدهما
أنه الإسهال الشديد المستمر لقول العرب: أخذه البطن، إذا أصابه الداء.
ب. الثاني
أنه مرض الاستسقاء المعروف، الفشل الكلوي، وهو مرض تضخم أنسجة الجسم كلها نتيجة تجمع السوائل الضارة في مجاري الدم، وتسربها داخل أنسجة الجسم، وبخاصة في الساقين والرئتين، بعد فشل الكلى.
ومثله من مات بسبب السل، والأمراض الخبيثة في البطن والصدر، فإنه حين يُصاب بالمرض يظل يُعالج ويصبر على الآلام حتى يلقى ربه صابراً محتسباً.
15. قراءة آخر سورة الحشر
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: ]مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَرَأَ ثَلاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 2846).
وهذه الآيات من آخر سورة الحشر: ]لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [(سورة الحشر: الآيات 21-24).
ولعل مراد الحديث أن الاستعاذة والقراءة من الأعمال الصالحة المقبولة إذا اقترنت بحسن التدبر لمعانيها، ثم بالعمل بمقتضاها في تقوى وإخلاص لله وحسن توكل عليه وثقة به ورجاء فيه.
16. طالب العلم
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ]مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 2571).
17. المقتول صبراً
قتل الصبر: أن يُقتل الشخص محبوساً مقيداً، وهو منهي عنه في الحيوان. قال رسول الله r: ]إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 1329). فإذا كان الإنسان مأموراً بإراحة الحيوان المذبوح، وذلك بإلاّ يقيد، وإذا كان رسول الله r لعن من يصبر الدجاجة ليرميها، فلا شك أن تقييد الإنسان حال قتله، يكون أشد تحريماً وأعظم إثماً. ويكون المقتول صبراً، تكفر ذنوبه كلها كالشهيد.
عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ ابْنِ تِعْلَى قَالَ ]غَزَوْنَا مَعَ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَأُتِيَ بِأَرْبِعَةِ أَعْلاجٍ مِنْ الْعَدُوِّ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا صَبْرًا قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ لَنَا غَيْرُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ بِالنَّبْلِ صَبْرًا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ قَتْلِ الصَّبْرِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ دَجَاجَةٌ مَا صَبَرْتُهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَأَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ[ (رواه أبو داود، كتاب الجهاد: الحديث الرقم 2312).
حدث أن أرسل رسول الله r سرية من عشرة أفراد في مهمة، وكان بينهم خبيب الأنصاري، فوقع أسيراً في أيدي كفار مكة، فأوثقوه بالحديد، وأصروا على قتله، فطلب منهم أن يتركوه يصلي ركعتين قبل أن يقتلوه ففعلوا، ]فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ (مَن) سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 2818).
18. قائل كلمة الحق للحاكم
]جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ له أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ r كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 18074).
الشخص الذي يقوم إلى إمام جائر؛ فيأمره بالعدل وإتباع الحق، وينهاه عن الظلم والانحراف وهو يعلم جوره وبطشه، فيغضب عليه الإمام ويقتله يكون من سادات الشهداء. لأنه ضحى بنفسه وحياته، في سبيل كلمة حق يقولها، ونصيحة يبذلها.
الذي يموت غارقا
الشهادة مصطلح شرعي معناه أن يُقاتل المسلم عدوّه في حرب مشروعة، ثمّ يُقتل فيكون شهيداً إذا كانت نيّته في القتال خالصة لوجه الله.
والذي يستحق أن يطلق عليه لفظ الشهيد هو المسلم المكلف الطاهر الذي قتله أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطرق أو وجد في المعركة وبه أثر القتل، أما أهل الملل الأخرى فلا ينالون هذه المرتبة العظيمة (مرتبة الشهادة) لأن شرط الإيمان منتف عنهم ، ومرتبة الشهادة إنما تحصل بعد حصول الإيمان.
يقول المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء:
الشهيد لغةً هو الذي يشهد على أمر من الأمور، ويثبت صحّة شهادته بدمه.
وفي الاصطلاح الإسلامي (من مات من المسلمين في قتال الكفّار وبسببه).
ولا يكون شهيداً – ولو كان مسلماً – إذا لم يكن قتاله في سبيل الله.
فعندما نقصد بالشهيد المعنى الإسلامي، وهو أنّه قاتل في سبيل الله حتّى سفك دمه، فلا يصحّ أن يقال هذا عن رجل غير مسلم خاصّة إذا كان يقاتل في معركة لا ترضي الله.
ويتأكّد هذ المعنى عندما يكون الميّت معروفاً بأنّه غير مسلم، فلا هو يقبل أن يعتبر قتاله دفاعاً عن الإسلام، وأن يعتبر شهيداً حسب المصطلح الشرعي، ولا المسلمون يقصدون هذا المعنى حين يطلقون عليه لفظ الشهيد.
أمّا عندما نقصد بالشهيد المعنى اللغوي، وهو أنّ إنساناً معيّناً، قاتل دفاعاً عن قضيّته حتّى مات، فهو شهيد قضيّته وليس شهيد الإسلام.
والأولى أن لا نطلق لفظ الشهيد كمصطلح شرعي إلاّ حسب ضوابطه الشرعيّة، لكن إذا سمعنا الناس يتكلّمون عن (شهيد) وهو غير مسلم، فإنّنا يجب أن نفهم كلامهم بمعناه اللغوي البحت، ونعتبر الرجل شهيد القضيّة التي مات من أجلها. خاصّةً إذا كانت المعركة مشتركة، يخوضها المسلمون دفاعاً عن وطنهم في سبيل الله، ويخوضها معهم شركاؤهم في الوطن من غير المسلمين، كما يحدث اليوم في فلسطين. وليس من الحكمة أن ننكر عليهم هذه التسمية لأنّهم يقيناً لا يقصدون أنّه شهيد الإسلام.
يقول العراقي –من فقهاء الشافعية- في كتابه طرح التثريب
(اختلف في سبب تسمية الشهيد شهيدا فقال النضر بن شميل لأنه حي فإن أرواحهم شهدت , وحضرت دار السلام , وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة , وقال ابن الأنباري لأن الله وملائكته عليهم السلام يشهدون له بالجنة , وقيل لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد له من الثواب والكرامة, وقيل لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه , وقيل لأنه شهد له بالإيمان , وخاتمة الخير ظاهر حاله , وقيل لأن عليه شاهدا بكونه شهيدا , وهو الدم , وقيل لأنه ممن يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل الرسالة إليهم , وعلى هذا القول يشاركه غيره في ذلك)
أما عن تعريف الشهيد فقد جاء في كتاب فتح القدير:
الشهيد من قتله المشركون , أو وجد في المعركة وبه أثر , أو قتله المسلمون ظلما ولم يجب بقتله دية فيكفن ويصلى عليه ولا يغسل.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية:
الشهيد لغة : الحاضر . والشاهد , العالم الذي يبين ما علمه ، ومنه قوله تعالى : { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} المائدة : 106 . والشهيد من أسماء الله تعالى - ومعناه الأمين في شهادته والحاضر . والشهيد المقتول في سبيل الله , والجمع شهداء . قال ابن الأنباري سمي الشهيد شهيدا لأن الله وملائكته شهدوا له بالجنة . وقيل : لأنه يكون شهيدا على الناس بأعمالهم . والشهيد في اصطلاح الفقهاء : من مات من المسلمين في قتال الكفار وبسببه . ويلحق به في أمور الآخرة أنواع يأتي بيانها.
وقد جاء في فتاوى الأزهر لفضيلة الشيخ حسن مأمون مفتي مصر الأسبق:
إن الفقهاء نصوا على أن الشهيد الكامل وهو شهيد الدنيا والآخرة هو المسلم المكلف الطاهر الذي قتله أهل الحرب، أو أهل البغي أو قطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر دال على قتله.... أهـ
أما أهل الملل الأخرى فلما لم يكونوا مؤمنين فإنهم لا يدخلون في طائفة الشهداء لأنهم أخذوا جزاء أعمالهم في الدنيا.
وقد أجاب فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
الشهادة التي وعد الله عليها الثواب العظيم بالجنة لا تكون إلا للمؤمن ، وعلى أن تكون الحرب من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا ، وهذه هي الشهادة العظمى، فهناك شرطان لاستحقاق الإنسان ثوابها العظيم ، الإيمان والإخلاص في الجهاد .
وقبل الإسلام كان هناك شهداء أبلوا بلاء حسنا في الدفاع عن عقيدتهم وأطلق عليهم لقب "الشهيد" ففي هؤلاء تحقق الإيمان بالنبي المرسل إليهم ، أما الإخلاص فمرجعه إلى النية ، والله وحده هو العليم بها ، ونحن لنا الظاهر في إطلاق الاسم ومعاملة صاحبه في الدنيا على ضوئه ، مع ترك الحكم عليه في الآخرة لله سبحانه .
وبعد الإسلام لا يقبل من أحد غير هذا الدين ليكون مؤمنا، قال تعالى : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } آل عمران : 19.وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } آل عمران : 20 .
فالذي يحارب الآن دفاعا عن الحقوق ويموت إن لم يكن مسلما فلم يتحقق فيه الشرط الأول ، وبذلك لا يعتبر من وجهة النظر الإسلامية شهيدا ، وإن كان مسلما فقد تحقق الشرط الأول ويبقى الشرط الثاني لا لإطلاق اسم الشهيد عليه ، ولكن لاستحقاقه المنزلة العالية في الجنة ، وهو الإخلاص الذي نص عليه في الحديث "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " رواه البخاري ومسلم .
أما ما قام به غير المؤمنين من جهاد وبطولات فليس لهم ثواب في الآخرة عليها كما قال تعالى : }وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} الفرقان : 23 .
ولهم ثوابهم في الدنيا من مثل تقدير الناس لهم ، والتعامل معهم ، وأخذ استحقاقاتهم على أعمالهم ، فحينما دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يرزق أهل البلد "مكة " المؤمنين من الثمرات بيَّن له ربه أن الرزق الدنيوي ينال منه المؤمنون وغير المؤمنين قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ
أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } البقرة : 126.
وقال سبحانه في موضع آخر: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } الأحقاف : 20 .
ذلك ما قاله رب العزة وأكده رسوله ، وهو الحق ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .
والله أعلم .
يا جماعة اخطونا من النسخ واللصق حاول ان تكتب الاجابة بطرسقتك اقراءها ولخصها في اسطر
كان يمكنني ان ابحث في جوجل عن الاجابة لكن طرحتها هنا ليتفيد غيري باجابة جديدة او اضافة وليس نسخ من جوجل اجابات
هم من تمنوا الشهادة
صلاة الظهر هي أول صلاة صلاها النبي.
بعد اخرج الله عز وجل ادم وحواء من الجنة ونزلا الى الارض اختلف الفقهاء عن مكان نزولهما لكن الرواية التي قد تكون أقرب للحقيقة هي أنّ سيدنا آدم عليه السلام هبط في الهند وكان معه الحجر الأسود وورقة من الج...
سورة التوبة هي التي لم تبتدأ بالبسملة في القرآن .
القصص
كانت ثويبة أول من أرضعت النبي محمد بعد أمه، وأرضعت ثويبة مع النبي بلبن ابنها مسروح أيضاً حمزة عمّ النبي، وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي.