عما تتحدث مسرحية الصفقة لتوفيق الحكيم ؟

Raniamahd
منذ 12 سنة

مسرحية (الصفقة) يراها كثير من النقاد مسرحية ذات مضمون ايجابي بسبب قيام محورها على الصراع بين الفلاحين والاقطاع.. في هذه المسرحية نلمس بوضوح اثار الفلسفة التعادلية التي تدعو الى تجميد الصراع الاجتماعي بخلق التوازن بين مصالح الطبقات بدلا من العمل والنضال كل هذا الصراع لصالح الطبقات الشعبية. ان المسرحية تدور في قرية من قرى مصر حيث ينوي الفلاحون شراء قطعة ارض ارادت احدى الشركات الاجنبية ان تبيعها فجمع اهل القرية التي تقع فيها تلك القطعة المال اللازم لشرائها وتوزيعها فيما بينهم وبينما هم يعدون العدة لاستكمال الصفقة اذا بهم يسمعون عن وصول اقطاعي المنطقة حضر لشراء قطعة الارض والحقيقة انه اتى القرية لبعض شؤونه الخاصة ويتشاور الفلاحون في الطريقة التي يتخلصون بها من منافسة هذا الاقطاعي، فيتفقون على جمع مبلغ من المال ليقدموه الى الاقطاعي كفدية لصفقة الارض لكن الاقطاعي يتظاره بالتعفف والاستعلاء، ثم عندما يعلم بوجود الصفقة يأبى التسليم لهم بالصفقة ثم يساومهم في اعز مايلملكون وهو عرضهم اذ يطلب فتاة جميلة من فتيات القرية بحجة استخدامها خادمة لابنه الصغير، يوافق اهل القرية على الفدية الجديدة وتوافق الفتاة فتقرر الذهاب مع الاقطاعي الى قصره وهي واثقة من نفسها ومن قدرتها على ان ترد كيد الاقطاعي في نحره وان تشغله عن الصفقة حتى تتم اجراءاتها وفعلا تنجح الفتاة في مهمتها اذ انها لم تكد تستقر بقصر الاقطاعي حتى تظاهرت بانها مصابة بالكوليرا ونجحت الحيلة حيث حاصرت الشرطة القصر مدة يومين لايخرج منه احد ولايدخل اليه احد وطرد الاقطاعي الفتاة خوفا على حياته وحياة اسرته فتعود مبروكة الى قريتها ويتم شراء الارض من قبل الفلاحين. هكذا يحل الحكيم الصراع الاجتماعي بين الفلاحين والاقطاع عن طريق الحيلة والمكر الشعبي الشائع في الحكايات الشعبية ولانرى ان هذا حل للقضية وانما هو تجميد للصراع لبعض الوقت اذا ما الذي يمنع الاقطاعي من العودة ثانية الى الفدية وسلب قطعة الارض من هؤلاء الفلاحين؟ اهو القانون؟ اليست القوانين موضوعة في المجتمعات الاقطاعية لتحقيق وترسيخ حقوق ومصالح الاقطاعي. والصراع الذي يخوضه الفلاحون ضد الاقطاعي لايتخذ هنا مظهرا اجتماعيا وانما يتخذ مظهرا نفسيا، هو المساومة ومحاولة اقناع الاقطاعي بترك الصفقة بالترحاب به وبرشوة وكيله وبرشوة الاقطاعي نفسه، والامتثال لمطالب الاقطاعي ويبدو موقف الفلاحين في هذا الصراع موقفا يتسم بالسذاجة والذلة والضعف. ان هذه النظرة الى الصراع الطبقي انما هي نظرة مثالية تشويهية لانها لاتقوم على ابراز الجوانب الحقيقية للصراع الاجتماعي ولاتكشف عن طبيعة القوى الاجتماعية في الريف ولاتحل الصراع حلا جذريا عن طريق النضال الحاسم والثورة الشاملة وانما تحله حلا جزئيا عن طريق الاقناع والحيل الساذجة