الخيمة الكبيره
الفـسطاط
لما أتم عمرو بن العاص فتح مصر سنة 20هـ )641م) ، وأجلى الروم عن الاسكندرية ، آخر معقل لهم بمصر ، وانقشع كل أمل لهم فى مزاحمة العرب على امتلاكها ، عندئذ انصرف القائد العربى الى تنظيم البلاد تنظيما يتفق ومقتضيات العهد الجديد ، الذى تستقبله البلاد ، ألا وهو العهد الاسلامى المبارك . فكان فى مقدمة ماعنى به من الأمور تخير مكان يرابط فيه جيشه ، وليكون مقرا لحكم البلاد ، بعد أن نهاه الخليفة عمر بن الخطاب عن المقام بالاسكندرية ، حاضرة الروم فى مصر
اختيار موقع الفسطاط:
والواقع أن الاسكندرية وان اتفقت مع حكم الروم لمصر ، فلم تكن لتتفق بحال من الأحوال مع حكم العرب : فوقوعها فى أقصى شمال مصر ، جعلها أقرب الى روما أو بيزنطة (القسطنطينية) من أى بلد مصرى آخر . ولكنها أبعد من أى بلد من البلاد االمصرية ، بالنسبة الى المدينة المنورة ، قصبة الدولة العربية ، التى صارت مصر لها تبعا . يضاف الى ذلك أنها فى موضع يشق على الجنوب العربية أن تشخص منه الى أطراف القطر ، اذا مادعا سريع . كذلك الأمر بالنسبة للوالى ، فانه يصعب عليه أن يشمل جميعها بعين ساهرة ، من مكان قصى كالاسكندرية جال عمرو ببصره فى أنحاء البلاد ، فوقع اختياره على السهل الذى يلى بابليون الحصن الرومانى الشهير ، من ناحية الشمال ، والذى يحده جبل المقطم من شرقيه ، ويقع النيل فى غربيه ، وهو الذى كان يعسكر فيه بجنوده ، ابان فتح الحصن . وقد كانت تقوم تجاه هذا الموضع ، فى الضفة المقابلة للنيل ، مدينة منف القديمة ، فصار النيل يربط العاصمة القديمة بالعاصمة الحديثة ، وان فرقت بينهما القرون والأجيال وقد أطلق على ذلك المكان اسم الفسطاط ، وهو الذى صار نواة العاصمة الجديدة . وقبل أن نمضى فى تحديد موضع الفسطاط ، ووصف خططها ودورها ، والحياة بها ، يجدر بنا أن نعرض لهذه التسمية ومنشأها وما أحاط بها من آراء
تسـمية الفسـطاط :
يروى المؤرخون العرب فى تسمية الفسطاط بهذا الاسم قصة ملخصها أن عمرا لما أراد التوجه لفتح الاسكندرية ، أمر بنزع فسطاطه – أعنى خيمته- فاذا فيه يمامة قد فرخت . فقال عمرو : ( لقد تحـرم منا بمتحـرم) فأمر به فأقـر كما هو ، واوصى صاحب القصر به . فلما فـفل المسلمون من الاسكندرية ، قالوا : ( أين ننزل ) قالوا (الفـسطاط) يعنون فسطاط عمرو ، الذى خلفه بمصر ، مضروبا لأجل اليمامة ، فغلب عليه ذلك ولكن مؤرخى الفرنجة ، ومن نحا نحوهم ، ينكرون هـذة القصة ، ويرون أنها من نسج الخيال ، ويشكون فى تأويل كلمة الفسطاط بالخيمة ومبعث ذلك عندهـم انهم يرتابون فى أن العرب استخدموا الخيام فى حروبهم فى ذلك الوقت ويرجعون كلمة الفسطاط الى اللفظ اليونانى ( فساطم)