نظرية الصادق بشأن الأرض
مر بنا أن الإنسان اهتدى إلى أن الأرض كروية منذ القديم، وأن جميع البحارة البرتغاليين والأسبان الذين بدؤوا رحلاتهم البحرية من منتصف القرن الخامس عشر إلى نهاية القرن السادس عشر لكشف العالم انطلقوا من هذا المبدأ (أي كروية الأرض)، ولا بد من الإقرار في هذه المناسبة بأن القرن السادس عشر كان زاخراً بالمفاجآت واكتشاف المجهول، ومتى قرأنا أخبار رحلة البعثة البرتغالية بقيادة (فاسكودوغاما) الذي اكتشف الطريق البحري إلى الهند، صغرت في أعيننا رحلة أبولو إلى القمر في القرن العشرين.
وإذا ما قرأنا عن رحلة (ماجلان)(1) ورفاقه (268 شخصاً) حول الأرض والتي استغرقت ثلاث سنين، وما عانوا من المتاعب وأسباب الحرمان والمخاطر بحيث لم يبق على قيد الحياة من أعضاء هذه البعثة الضخمة إلا 18 شخصاً فقط، لم يعد لقصة رحلات أبولو الفضائية ورحلات الأقمار الصناعية الضخمة لون فتان.
فالبحار فاسكودوجاما الذي اكتشف الطريق البحري إلى الهند، وكريستوف كولمبس الذي اكتشف أمريكا، وماجلان هو أول من طاف حول الأرض عن طريق البحر، كانوا يعلمون أن الأرض كروية، ولم يخرج أحد منهم في رحلته بقصد اكتشاف كروية الأرض، بل كانت رحلاتهم لأهداف مادية.
فقد بدأ فاسكودوجاما وكريستوف كولمبس وماجلان رحلاتهم للحصول على الأعشاب الطبية التي كانت تباع بأسعار خيالية في أوروبا. فإذا كان كريستوف كولمبس وماجلان اتخذا وجهة الغرب في رحلتهما تلك، لأن السفن الإسبانية لم يكن مسموحاً لها بأن تتوجه نحو الشرق بسبب أن البابا قسم العالم إلى جزأين شرقي وغربي، وأهدى النصف الشرقي إلى ملك البرتغال والجزء الغربي إلى ملك إسبانيا، فكان من نبوغ كريستوف كولمبس وماجلان وذكائهما أن خططا للوصول إلى القسم الشرقي وجزر الملوك (وهي منبت الأعشاب الطبية) بعد اجتياز الجزء الغربي من العالم آنذاك، فكانت أهداف جميع هؤلاء الرحالة العظام تجارية ومادية بحتة. ولم يحفل أحد منهم لا بأن الأرض كروية ولا بأن لها حركة أو أنها تدور حول نفسها.
وليس لدينا ما يثبت أن جاليلو، وهو العالم الإيطالي الذي كان أول من اكتشف أن الأرض تدور حول الشمس، قد اهتدى أيضاً إلى أن الأرض تدور حول نفسها. ويلوح أن هذا الباحث الفيزيائي والمنجم، الذي يدين له التقدم العلمي في العالم بفضل القوانين العلمية التي وضعها لأول مرة، والذي مات بعد اكتشاف أمريكا بقرن ونصف قرن، كان يقول بدوران الأرض حول الشمس فقط، وأن محكمة التفتيش العقائدية (انكيزيسيون) حاكمت جاليلو، لمجرد أنه قال أن الأرض تدور حول الشمس، وأكرهته على التوبة والاستغفار.
وبدأ البحار البريطاني (فرانسيس دريك) رحلة حول الأرض في سنة 1577، أي بعد ماجلان بخمس وسبعين سنة، واستمرت رحلته إلى عام 1580، وكان ذلك بعدما اشتهرت نظرية كروية الأرض وشاعت في مختلف الأوساط. ولكنه لم يكن يعلم بدوره ما إذا كانت الأرض تدور حول نفسها أو لا؟
ولكي نفطن إلى أن نظرية دوران الأرض حول نفسها كانت من النظريان البعيدة عن الإدراك والفهم، تتعين الإشارة إلى أن عالم الرياضيات الفرنسي هنري بوانكاره (Henry Poincarre) الذي توفي عام 1912م عن عمر ناهز السابعة والخمسين وكان يعد ألمع عالم في الرياضيات في هذا العصر، كان يمزح ويقول: إنني غير متأكد من أن الأرض تدور حول نفسها. فإن صح بأن عالماً فذاً كهنري بوانكاره تشكك، ولو على سبيل الفكاهة في مطلع القرن العشرين بأن الأرض تدور حول نفسها، فمن اليسير علينا أن ندرك ماذا كان الناس يتصورون أو يقولون بشأن هذه النظرية في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي (النصف الأول من القرن الثاني الهجري) إذ كان قبول هذه النظرية شبه مستحيل.
ودوران الأرض حول نفسها لم يثبت علمياً إلا بعدما وضع الإنسان قدميه على سطح القمر، وشاهد الكرة الأرضية من هناك وسجل حركتها. أما قائدو المكوكات الفضائية فلم يتمكنوا من تسجيل حركة الأرض حول نفسها قبل وصول البشر إلى القمر، لأن مراكب الفضاء كانت تنطلق بسرعة فائقة وتدور حول الأرض مرة في كل 90 دقيقة، ولم تثبت أقدام رواد الفضاء في نقطة ما ليشاهدوا منها حركة الأرض، ولكن هذا تحقق من سطح القمر ومع أجهزة التصوير الدقيقة فشاهدوا عندئذ حركة الأرض وصوروها أيضاً.
وبفضل التقدم العلمي والصناعي الذي تحقق للإنسان في القرن العشرين، عرفنا أن كل نجم في منظومتنا الشمسية يدور حول نفسه، وأن حركة النجوم في المنظومة الشمسية تخضع لقوانين ميكانيكية دقيقة، وأن كرة الشمس التي تدور حولها الكرات الأخرى، والتي تمثل القطب أو المركز، تدور بدورها حول نفسها وتتصل حركتها حول نفسها في منطقة خط الاستواء فتمتد إلى مرة في كل 25 يوماً.
وعندما اخترع جاليلو المنظار الفلكي، استطاع بمساعدته رصد المنظومة الشمسية والأجرام، وأيقن أن هذه الأجرام تدور كذلك حول نفسها.
صحيح أن جاليلو رأى الكرة الأرضية تدور حول الشمس كغيرها من الكواكب، ولا يستبعد أبداً أن يكون قد انتهى إلى أن الأرض تدور بدورها حول نفسها، ولكننا لا نقع في مؤلفاته على أثر لهذا الكشف، ولعله وهو الذي اضطر ـفي ما بعدـ إلى إنكار نظريته في دوران الأرض حول الشمس، خوفاً من محكمة التفتيش العقائدية قد آثر أن يحجب رأيه المتعلق بدوران الأرض حول نفسها لئلا توقع عليه العقوبة الصارمة المؤكدة وهي الإحراق بالنار، إن عرف عنه ـ بعد تراجعه وتوبته ـ أنه يدعو إلى رأي جديد هو أن الأرض تدور حول نفسها. وليس في مذكرات جاليليو التي تركها بعد وفاته ما يدل على أنه عرف أن الأرض تدور حول نفسها. وفي القرن السادس عشر الميلادي ظهر في الدانمارك عالم فلكي آخر هو (تيخو براهة) أو (تيكو براهة) وكان ينتمي إلى طبقة الأشراف المترفة في بلاده على النقيض من كوبر نيكوس البولوني الذي كان رقيق الحال لا يجد ما يسد به جوعه.
وقد مهدت أبحاث تيخو في علم الفلك طريق الكشف أمام العالم الألماني كبلر، فوضع هذا الأخير قوانينه الفلكية الثلاثة المشهورة الخاصة بحركة السيارات ـ ومنها الكرة الأرضية ـ حول الشمس.
ولكن تيخو براهة لم يهتد بدوره إلى أن الأرض تدور حول نفسها، وقد كان يعيش في الدانمارك بعيداً عن سلطة محاكم التفتيش ونفوذها، فلو اهتدى إلى هذه النتيجة، لبادر إلى إعلانها غير متظير من احتمال العقاب شأنه في هذا شأن كوبر نيكوس البولوني وكبلر الألماني اللذين كانا يعيشان خارج نفوذ محاكم التفتيش.
والغريب أنه في الوقت الذي كانت فيه محاكم التفتيش مشغولة بتعقيب القائلين بنظرية دوران الأرض حول الشمس وإنزال أشد العقوبات صرامة بالداعين إلى هذه النظرية، كانت الكتب والملاهي الخليعة واسعة الانتشار ولا تتعرض لها محاكم التفتيش على أي نحو كان.
وقد توفي تيخو براهة في سنة 1601م وتوفي كبلر في سنة 1630م، وظلت القوانين الثلاثة التي وضعها كبلر عن حركة السيارات تظفر بإعجاب الأوساط العلمية في ذلك الوقت إلى يومنا هذا، وكان مما ذهب إليه في حركة النجوم أن السيارات ومنها الكرة الأرضية تدور حول الشمس في مسار بيضاوي الشكل وليس دائرياً كما ذهب كوبر نيكوس(2). ولسنا هنا في مقام التحديد بالتفصيل عن قوانين كبلر الفلسفية وحسبنا أننا أشرنا إليها بالإيجاز الذي يقتضيه السياق.
وصحيح أن كبلر باكتشافه القوانين الثلاثة وبأن الكرة الأرضية تدور حول نفسها قد أثبت للعالم نبوغه العلمي، ولكن الإمام جعفراً الصادق (عليه السلام) اكتشف هذه الحقيقة العلمية قبله باثني عشر قرناً، وقال أن الأرض تدور حول نفسها، وأن تعاقب الليل والنهار ليس سببه حركة الشمس حول الأرض. ثم قال إن مثل هذه الحركة مستحيلة مع دوران الشمس في منطقة البروج، وأن الليل والنهار ناشئان عن حركة الأرض حول نفسها. فيصبح نصف الكرة الأرضية في نهار مشرق، ونصفها الآخر في ليل مظلم(3).
فما الذي جعل الإمام جعفراً الصادق (عليه السلام) يكتشف أن الأرض تدور حول نفسها فيتعاقب الليل والنهار بسبب ذلك. سابقاً العلماء جميعاً، ومنذ اثني عشر قرناً؟
في حين أن علماء القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين الذين أشرنا إلى أسماء بعضهم، قد اهتدوا إلى القوانين الميكانيكية للنجوم دون أن يتوصلوا إلى حقيقة دوران الأرض حول نفسها، وفي حين أن الإمام الصادق (عليه السلام) يعيش في منطقة بعيدة كل البعد عن عواصم العلوم في روما واليونان، فكيف اكتشف هذه الحقيقة؟
لقد كانت هناك عواصم علمية في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) هي أنطاكية والقسطنطينية وجنديسابور وبغداد، ولكنها لم تكن قد برزت بعد، ولا وجد فيها من اكتشف هذه النظرية.
هنا يثور السؤال: هل كان الإمام الصادق (عليه السلام) الذي اهتدى إلى هذه الحقيقة العلمية، على علم بقوانين ميكانيكية النجوم، وهل كان يعرف أن هذه الأجرام تدور حول نفسها وحول الشمس وفقاً لقانون الجاذبية بجانبيه الموجب والسالب، الجاذب والطارد، الصادر من القاعدة أو المركز والعائد إليها؟
ولا يستبعد أبداً أن يكون الإمام العالم جعفر الصادق (عليه السلام) الذي اكتشف نظرية دوران الأرض حول نفسها، قد توصل قبل ذلك إلى قانون الجاذبية. فهذا القانون هو أساس تلك النظرية، ومن المنطقي أن يكون اهتداؤه إلى قانون الجاذبية قد هون عليه الاهتداء إلى نظرية دوران الأرض حول نفسها.
يعتبر أفينزوار أبا الجراحة التجريبية لإدخال الطريقة التجريبية في التيسير. كان أول من استخدم التجارب على الحيوانات لتطوير الإجراءات الجراحية للمرضى من البشر
تعتبر القردة أكثر الحيوانا ذكاء .
ميكانيكا الكم أو الفِيقِيَاءُ (أصلها من فاق يفوق، لأنّها تبحث في عالم الظواهر فائق الصغر وفائق السرعة) هي مجموعة من النظريات الفيزيائية ظهرت في القرن العشرين، وذلك لتفسير الظواهر على مستوى الذرة والجس...
ارخميدس
وكالة ناسة هي وكالة الفضاء الرائدة للوكالات الأخرى حول العالم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. يعد الرئيس الأمريكي السابق دوايت أيزنهاور من مؤسسي الوكالة حيث تم تأسسيها سنة 1958 لكي تكون وكالة مدنية وليست...