ما المقصود بالطابوهات



0      0

2 2 إجابتين
صورة المستخدم

Hafsa

مشترك منذ : 01-07-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 31
مجموع النقاط : 46 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Hafsa
منذ 12 سنة

استخدم (عالم الاجتماع الفرنسي) إميل دوركايم كلمة طابو Tabou ليصف بها ما هو مقدس عند الأقوام البدائية، من نبات أو حجر أو حيوان، مما يستلزم منع الإساءة إليه وضرورة تقديره تقرباً أو خوفاً منه، وانتقل هذا المصطلح فيما بعد ليشمل كل ما يُخشى ذكره بسوء أو انتقاده، سواء كان شخصاً أو فكرة أو أي شيء آخر.
وقريباً من هذا المعنى، عندما اعتلى (الرئيس الحالي للجزائر) عبدالعزيز بوتفليقة، سُدة الحكم قبل ست سنوات صرح علانية أنه سينتهج سياسة كسر الطابوهات، كان الجميع يعتقد أنه قصد بالطابوهات كشف المافيا السياسية الاقتصادية، المتحالفة فيما بينها لمص دم وعرق الشعب الجزائري، أو محاسبة إطارات الدولة من السياسيين والعسكريين المتورطين في الفساد، الذي كلف الجزائر عشرات المليارات من الدولارات، كان الناس ينتظرون كسر طابو احتكار حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني للسلطة بالقهر والتزوير، المتفائلون استبشروا خيراً معتقدين مثلاً أن النظام السياسي المتعفن سيفلت يده من وسائل الإعلام التي يتحكم فيها منذ الاستقلال، مما يمنح الطبقة السياسية الحق في التعبير والحراك السياسي والاجتماعي.. لكن لم يحدث شيء من ذلك، بل زاد دعم هذه الطابوهات بالإسمنت المسلح والأمن المسلح.
لأنها جميعاً خطوط حمراء لا يقترب منها إلا "من دعت عليه أمه بالشر"، كما يقول المثل العامي، وتبين لاحقاً أن الطابوهات المستهدفة بالكسر من قبل الرئيس هي الثوابت الوطنية، خاصة اللغة العربية والإسلام.
فبالنسبة للغة العربية فقد جمد، بل ألغى قانون تعميم اللغة العربية في الإدارة، الذي أرساه سلفه، بل إنه، على غير عادة رؤساء الدول، يلقي في كل مرة خطابات موجهة لشعبه الجزائري بلغة المستعمر الفرنسي، وهذا ينم عن عقدة نقص متجذرة في الرئيس تجاه لغة وثقافة فرنسا، وفسح المجال للفركوفونيين والفركوفيليين ليصلوا للمناصب الحساسة في الدولة وينشروا الفرنسية في كل مكان، حتى صار الجزائري الذي لا يُحسن تلك اللغة، غريباً في وطنه تائهاً بين أهله وذويه.
بالنسبة للطابو الثاني، فهو بلا شك أعظم الثواب الوطنية، وهو روح الأمة، الإسلام، دين كل الجزائريين، وقد بدأ يُثلم من كل جانب، في الحملة الانتخابية وفي الأيام الأولى لحكم الرئيس صرح بأن الإسلام حقيقة اجتماعية لا يمكن إنكارها، وفي مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية الفرنسية، قال: إنه لا يمكن أن يخالف آية واحدة من آيات القرآن، لكن بعد أشهر قليلة من وصوله للسلطة، أفصح عن نواياه الرامية إلى علمنة الدولة برفع شعار الإسلام الفارغ من محتواه.
ففاجأ المسلمين الجزائريين في خطاب له قائلاً: المرأة الجزائرية حرة إذا شاءت تلبس الحجاب تلبس، وإذا شاءت تلبس "الميني جيب" تلبس !!
ثم تحول إلى الجمعيات الخيرية، حيث ضُيق الخناق على العمل الخيري، قبل أحداث 11 سبتمبر، ووافق الرئيس على إغلاق أشهرها وأكثرها نشاطاً في خدمة الأرامل والمطلقات واليتامى والشباب الأعزب، وحُوصر الباقي، ولم تشفع لها كثرة مناشدة المتضررين وتوسلات المعذبين في الأرض، المنشورة في رسائل مفتوحة على صفحات الجرائد، التي يقرأها الرئيس كل صباح، لقد كان يعتقد أن تلك الجمعيات، بما تقدمه من خير وفير للطبقات المسحوقة، تنمي في تلك الطبقات مشاعر التدين والتعاطف مع الإسلاميين، الذين يعملون في تلك الجمعيات، في غياب كامل للعلمانيين عن العمل الخيري، لانشغالهم بتجمعات في قاعات السينما والصالونات وفي أبراجهم العاجية الأخرى.
لكن هذا العمل كله لم يثلج صدر الرئيس وعصابة العلمانيين في البلاد، فطالما أن بأيديهم مفاتيح التغيير فقد أرادوا أن يكون التغيير عميقاً وجذرياً، بحيث يترك آثاره التدميرية في الأجيال اللاحقة، فاتفقوا على هدم المنظومة التربوية للمدرسة الجزائرية، التي بُنيت على يد الشيخ عبد الرحمن شيبان (رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين حالياً)، وقد كان مسؤولاً عن قطاع التربية والتعليم لسنوات عديدة، وكان العلمانيون منذ الاستقلال ينقمون على المناهج التربوية الجزائرية كونها إسلامية ومتزمتة ورجعية، كما أنها متخلفة ولا تواكب التطورات العلمية والتكنولوجية المتعاقبة!!، فما كان من الرئيس إلا أن انساق وراء هذه الترهات، فشكل لجنة مُريبة في أمرها يرأسها رجل مريب يسمى '' بن زاغو '' وكلفت لجنة بن زاغو بإصلاح المنظومة التربوية الجزائرية، وبعد مدة من الدعاية الإعلامية المشبوهة، التي ساندت عمل اللجنة المشبوهة، زاغت لجنة "بن زاغو" باقتراحاتها العلمانية المحضة، فدعت إلى إدخال اللغة الفرنسية في التعليم الأساسي بداية من السنة الثانية ابتدائي، في حين قلصت برامج اللغة العربية، وحاصرت مواد التربية الإسلامية، وبرغم معارضة كافة شرائح المعلمين ونواب البرلمان، المحسوبين أصلاً على الحكومة إلا أن مشروع بن زاغو طُبق هذه السنة بمباركة الرئيس، وفي الإطار ذاته فوجئ الجميع بإلغاء شعبة الشريعة الإسلامية في البكالوريا، بحجة عدم وجود وظائف لخريجي هذا التخصص.
وكان الأمر مدبراً فقد منعت الحكومة قبل سنوات توظيف خريجي الشريعة في سلك القضاء و الإدارة، ولم تترك لهم إلا الإمامة في المساجد، والوظائف الشاغرة فيه محدودة جداً، تزامن مع تخلي الحكومة عن بناء مساجد جديدة مع شدة الحاجة لها.
والحكومة الجزائرية، وعلى رأسها الرئيس الذي وافق على هذا الإجراء، تنظر إلى التعليم الديني على أنه تخصص مثل التخصصات الأخرى، لا معنى لتدريسها إذا لم يتمكن الخريجون من إيجاد عمل، وهذه النظرة علمانية، بل لا دينية، فالتعليم الديني ليس تخصصاً مثل الفيزياء أو الهندسة أو الزراعة... التي تفيد متعلمها في حياته المهنية فحسب، فالشريعة الإسلامية تُتعلم ابتداء لذاتها؛لأن تعلمها قربة إلى الله، كما أن المسلم بحاجة لتعلم دينه، الذي يحكم حياته كلها طولاً وعرضاً من مهده إلى لحده.
ويطرح إلغاء الشريعة الإسلامية من التعليم سؤلاً هاماً تطرحه عادة فلسفة التربية، وهو أي إنسان نريد؟
فإذا كانت التربية وسيلة لأعداد الأجيال، فما هو هدف تربية خالية من التربية الإسلامية؟
لا شك أن المنهج التربوي الذي يسعى إلى تكريسه العلمانيون في الجزائر هو المنهج الذي يُعد جيلاً لا دينياً، بل معادياً للدين، إنهم يُخططون لسلخ الإنسان الجزائري من قيمه ومن ثم من تاريخه، تمهيداً لإلحاقه بالإنسان الغربي والفرنسي بالتحديد، بعد فشل فرنسا في تلك المهمة بالقوة إبان الاستعمار.
وكان آخر الطابوهات التي تجرأ السيد الرئيس على كسرها قانون الأسرة ومنظومة الأحوال الشخصية، وهي في معظمها مستوحاة من الفقه المالكي، مورس ضغط كبير منذ سنوات على يد رجال ونساء يُعدون على الأصابع، لكنهم يملكون نفوذاً إعلامياً وسياسياً دفع بالرئيس إلى تبني فكرهم، وبطانة السوء تلك التي التفت بالرئيس لم تكن فقط علمانية ولا دينية، بل كما يشهد من يعرفهم أنهم عجزوا حتى في حياتهم الشخصية أن يؤسسوا لأنفسهم أسراً طبيعية وعائلات سعيدة ومحترمة، وكثير منهم من المطلقين والمطلقات ومن هواة جمع الخليلين والخليلات علانية وبافتخار، هذه الشرذمة إذن هي من يريد التشريع لثلاثين مليونا من الجزائريين، لكن للأسف أنهم توصلوا لبعض أهدافهم.
اتفقوا مع الرئيس باقتراح لجنة مشبوهة، وما أكثر اللجان المشبوهة في الجزائر! على إلغاء تعدد الزوجات وإلغاء شرط الولي للزوجة، حتى لا تبقى المرأة قاصرة، كما يزعمون، وعلى المساواة في توزيع تركة الميت وعلى إلغاء المهر؛ لأنه مشين في حق المرأة، كما قالوا، وعلى منح السكن للمطلقة ورفع السن الأدنى للزواج إلى 18 سنة للجنسين ...دافع الرئيس عن تلك المطالب وحققوا بعضها، لكن حملة إعلامية ودعوية وسياسية، قام بها الخيرون حالت دون تحقيق الباقي، لكنهم لن يستسلموا، فهم يتدرجون ويتحرون الفرص للتقدم خطوات أخرى، خصوصاً إذا ما وجدوا ساسة يتواطؤون معهم.
هذه بعض الطابوهات التي كسرها السيد الرئيس المحترم، وهو مستعد لكسر أخرى وأخرى، في غياب فاضح لحاملي الفكرة الإسلامية، مع كثرتهم، لانشغالهم بالخصومات الداخلية أو بقضايا ليست من الأولويات في هذه المرحلة بالذات، كما أن خلو الساحة الجزائرية من العلماء الربانيين والدعاة العاملين، بعلم ووعي وإخلاص، فتح الباب مشرعا لكل ناعق باسم الإسلام، لتنضاف جهوده إلى جهود العلمانيين، من حيث لا يشعر لكسر ما تبقى من طابوهات الأمة



صورة المستخدم

Khaibar

مشترك منذ : 25-02-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 210
مجموع النقاط : 226 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Khaibar
منذ 12 سنة

الطابوهات هي المحرمات ففي اللغة الإنجلزية تسمى taboo التي تطلق على الكلمات والأفعال المحرمة في المجتمع (عند الطبقة المحترمة طبعا!)




قدم إجابة

الزوار شاهدوا أيضاً


من اول من صنع القرطاس؟

سيدنا يوسف عليه السلام

من هو صاحب كتاب فاطمئن؟

عمر ال عوضه

من هو مصطفى محمود؟

- مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ المعروف بـ"مصطفى محمود"
- كاتب وطبيب وأديب
- ولد في 25 ديسمبر 1921 في شبين الكوم ـ منوفية
- ألّف مصطفى محمود 89 كتابًا، متعددة الموضوعات والمجالات فمنها...

من هو علي الدوخي؟

علي الدوخي هو عازف بيانو سعودي

من هو طه ايسو ؟

طه ايسو هو يوتيوبر و رحالة مغربي ، اشتهر برحلاته حول العالم و طريقته الجميلة في تقريب الأشياء للمتابعين .