قال : " والمشي بالجنازة الإسراع " لا خلاف بين الأئمة ، رحمهم الله ، في استحباب الإسراع بالجنازة ، وبه ورد النص ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 174 ] { أسرعوا بالجنازة ، فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه ، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم } . متفق عليه .
وعن أبي هريرة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبع الجنازة قال : انبسطوا بها ، ولا تدبوا دبيب اليهود بجنائزها } . رواه أحمد ، في " المسند " . واختلفوا في الإسراع المستحب ، فقال القاضي : المستحب إسراع لا يخرج عن المشي المعتاد . وهو قول الشافعي . وقال أصحاب الرأي : يخب ، ويرمل ; لما روى أبو داود عن عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه . قال { : كنا في جنازة عثمان بن أبي العاص فكنا نمشي مشيا خفيفا ، فلحقنا أبو بكر ; فرفع سوطه ، فقال : لقد رأيتنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نرمل رملا } .
ولنا ، ما روى أبو سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { أنه مر عليه بجنازة تمخض مخضا ، فقال عليه السلام : عليكم بالقصد في جنائزكم } . من " المسند " . وعن ابن مسعود قال : { سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشي بالجنازة . فقال : ما دون الخبب } رواه أبو داود ، والترمذي . وقال : يرويه أبو ماجد ، وهو مجهول .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { انبسطوا بها ، ولا تدبوا دبيب اليهود } . يدل على أن المراد إسراع يخرج به عن شبه مشي اليهود بجنائزهم ، ولأن الإسراف في الإسراع يمخضها ، ويؤذي حامليها ومتبعيها ، ولا يؤمن على الميت . وقد قال ابن عباس ، في جنازة ميمونة : لا تزلزلوا ، وارفقوا ، فإنها أمكم .