قصــــيدة من الألف إلى الياء تبدأ القصيــدة في أول بيت بالألف وبداية كل كلمة في البيت هي الألف ثمَّ الباء في البيت الثاني وبداية كل كلمة هي الباء
الشاعر محمود درويش مبتكر القصيدة الدائرية
نوضح قبل أن نتابع، ماذا نعني بالقصيدة الدائرية، وهذه التسمية من وضعنا، وهي تنطبق على معظم شعر محمود درويش؛ القصيدة الدائرية هي التي تعتمد على تفاعيل الدائرة الواحدة من الدوائر العروضية، ويمكن فك التفاعيل من خلال شعر الشاعر، وعلى سبيل المثال ( دائرة المؤتلف )، تشتمل على الكامل والوافر وبحر مهمل (المتوفر)، وتفاعيل البحور مبنية على (متفاعلن × 3 = كامل/ مفاعلتن ×3 = وافر/ فاعلاتك × 3 = متوفر)، وقد وجدت شاعرنا، في الجدارية، قد استعمل هذه التفاعيل كلها، وهذا إبداع تفرد به شاعرنا، من جهة القصيدة الدائرية، وكذلك تفرد بإحياء تفعيلة (فاعِلاتُكَ)، بصورتها الصحيحة والكتابة عليها؛ كذلك، فإن قصيدة (مديح الظل العالي) تندرج في سياق القصيدة الدائرية، وسنرى بيان ذلك بوضوح، وأيضا قصيدته ذائعة الصيت ( بطاقة هوية )، فهي قصيدة دائرية، والمقطع الثاني والخامس منها، يمكن قراءتهما على التفعيلتين معا (متفاعلن مفاعلتن)، كذلك فان أول استعمال لـ ( فعولن فاعلن) بشكل واضح ، جاء في قصيدته ( سرحان يشرب القهوة في الكفاتيريا )، من مجموعته ( أحبك أو لا أحبك )، الصادرة سنة 1972.
(مديح الظل العالي) قصيدة دائرية
قبل الدخول إلى القصيدة، أؤكد أنني لا أجزم بعدم وجود من انتبه لما انتبهنا له في قصيدة (مديح الظل العالي)، لكن ما ننفرد به عن غيرنا هو التسمية الجامعة، التي تنطبق على كل مزج للتفاعيل المشتقة من دائرة واحدة، ومما قاله البروفيسور سليمان جبران في هذا الصدد : "بل إن مجموعته «مديح الظلّ العالي » التي كتبها في حرب لبنان، وسمّاها «قصيدة تسجيلية »، لما تتسم به من خطابية عالية، تقوم كلّها على إيقاع الكامل". ( نظم كأنه نثر) .
وردنا على هذا القول، بأن القصيدة جاءت على أكثر من تفعيلة، فقد جاء فيها مقطع على
الوافر ( مُفاعَلَتُنْ مُفاعَلَتُنْ فَعولُنْ)، بجوازات التفعيلة؛ وننقل المقطع، ثم نشرح بعده سبب اختيار نقطة بدايته :
"مَساءً /فَوْقَ بَيْروتَ /الرُّخامُ
>×××|>×××|>××
مَفاعيلُنْ|مَفاعيلُنْ|فَعولُنْ
يَنِزُّ دَمًا، وَيَذْبَحُني الْـحَمامُ
>×>>×|>×>>×|>××
مُفاعَلَتُنْ|مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
إِلى مَنْ أَرْفَعُ الْكَلِماتِ سَقْفًا
>×××|>×>>×|>××
مَفاعيلُنْ|مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
وَهٰذي الْأَرْضُ يَـحْمِلُها الْغَمامُ؟
>×××|>×>>×|>××
مَفاعيلُنْ|مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
وَيَرْحَلُ، حينَ يَرْحَلُ، نَحْوَ تيهي
>×>>×|>×>>×|>××
مُفاعَلَتُنْ| مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
أُحَدِّقُ فـي الْـمُسَدَّسِ، وَهْوَ مُلْقًى
>×>>×|>×>>×|>××
مُفاعَلَتُنْ| مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
عَلى طَرَفِ السَّريرِ وَأَشْتَهيهِ
>×>>×|>×>>×|>××
مُفاعَلَتُنْ| مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
وَيُنْقِذُنـي، وَيُنْقِذُنـي الْكَلامُ
>×>>×|>×>>×|>××
مُفاعَلَتُنْ| مُفاعَلَتُنْ|فَعولُنْ
ظَلامٌ كُلُّ ما حَوْلـي.. ظَلامُ".
>×××|>×××|>××
مَفاعيلُنْ|مَفاعيلُنْ|فَعولُنْ
هذا هو المقطع الذي جاء منفصلا، ووزنه الوافر، وقد اخترنا البداية لسبب محدد، إذا نظرنا إلى الشطر الثاني (يَنِزُّ دَمًا، وَيَذْبَحُني الْـحَمامُ)، فلن يستقيم على ( مُتَفاعِلُنْ)، حتى لو اعتبرناه مدوَّرًا مع الشطر الذي سبقه، أما الشطر الأول، فيمكن اعتباره مدوَّرًا مع الشطر الذي قبله
( ... أَيُّها الْبَطَلُ انْكَسِرْ فينا / مَساءً /فَوْقَ بَيْروتَ /الرُّخامُ). يمكن هنا البدء من ( فينا مسا / مُسْتَفْعِلُنْ)، واعتبار كلمة (الرخام) نهاية تفعيلة مرفلة، لكن تدويرها مع ما بعدها ( الرخا/مُ يَنِزُّ دَما)، ولو شددنا ميم ( دما) أو خففناها، فالحال واحد والوزن مختل، لأن هناك سببًا ناقصًا، لكن اعتبرنا كلمة ( فينا / مُتْفا = فَعْلُنْ)، أي تفعيلة مضمرة حذاء، لأن الشطر الذي يليها يستقيم على الوافر .