بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا { 1 } فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا { 2 } فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا { 3 } فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا { 4 } فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا { 5 } إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ { 6 } وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ { 7 } وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ { 8 } أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ { 9 } وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ { 10 } إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ { 11 } سورة العاديات آية 1-11 قوله : وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى حنين من كنانة ، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري أحد النقباء ، فغابت ، فلم يأت النبي صلى الله عليه وسلم خبرها ، فأخبر الله عز وجل عنها ، فقال : وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا سورة العاديات آية 1 يعني الخيل ، وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى أرض تهامة ، وأبطأ عليه الخبر ، فجعلت اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلا من الأنصار أو من المهاجرين تناجوا بأمره ، فكان الرجل يظن أنه قد مات ، أو قتل أخوه ، أو أبوه ، أو عمه ، وكان يجد من ذلك أمرا عظيما.
فجاءه جبريل ، عليه السلام ، يوم الجمعة عند وقت الضحى ، فقال : وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا سورة العاديات آية 1 يقول : غدت الخيل إلى الغزو حتى أضبحت ، فعلت أنفاسها بأفواهها ، فكان لها ضباح كضباح الثعلب.
ثم قال : فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا يقدحن بحوافرهن في الحجارة نارا كنار أبي حباحب ، وكان شيخا من مصر في الجاهلية ، له نويرة تقدح مرة وتخمد مرة لكيلا يمر به ضيف ، فشبه الله عز وجل ضوء وقع حوافرهن في أرض حصباء بنويرة أبي حباحب ، وأيضا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا سورة العاديات آية 2 قال : كانت تصيب حوافرهن الحجارة ، فتقدح منهن النار.
ثم قال : فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا وذلك أن الخيل صبحت العدو بغارة ، يقول : غارت عليهم صبحا.
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا سورة العاديات آية 4 يقول : فأثرن بجريهن ، يعني بحوافرهن نقعا في التراب.
حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال الفراء : النقع الغبار.
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا سورة العاديات آية 5 يعني بعدوهن ، يقول : حين تعدو الخيل جمع القوم ، يعني العدو.
فأقسم الله عز وجل بالعاديات ضبحا ، وحدها.
إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ سورة العاديات آية 6 ، وأيضا فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا سورة العاديات آية 5 يقول : فوسطن بذلك الغبار جمعا.
يقول : حمل المسلمون عليهم ، فهزمهم ، فضرب بعضهم بعضا ، حتى ارتفع الوهج الذي كان ارتفع من حوافر الخيل إلى السماء ، فهزم الله المشركين وقتلهم ، فأخبره الله عز وجل بعلامات الخيل ، والغبار ، وكيف فعل بهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، ومتى كان هذا " ؟ قال : اليوم.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر المسلمين بذلك ، وقرأ عليهم كتاب الله عز وجل ، ففرحوا واستبشروا ، وأخزى الله عز وجل اليهود والمنافقين.
إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ سورة العاديات آية 6 يعني لكفور ، نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي ، وهو الرجل الذي أكل وحده ، وأشبع بطنه ، وأجاع عبده ، ومتع رفده ، ولم يعط قومه شيئا ، يسمى بلسان بني مالك بن كنانة الكنود.
ثم قال : وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ سورة العاديات آية 7 يقول : إن الله عز وجل على كفر قرط لشهيد.
ثم أخبر عنه ، فقال : وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ سورة العاديات آية 8 يعني المال.
ثم خوفه ، فقال : أَفَلا يَعْلَمُ يعني فهلا يعلم ، إِذَا بُعْثِرَ يعني بعث ، مَا فِي الْقُبُورِ سورة العاديات آية 9 من الموتى.
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ سورة العاديات آية 10 من الخير والشر ، يعني تميز ما في القلب.
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ سورة العاديات آية 11 يعني يوم القيامة ، لَخَبِيرٌ بالصالح منهم والطالح.