Abdessamed Belabbaci
منذ 12 سنة
ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .
والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين إلى آخر .
قال الطبري : ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) انظر تفسير الطبري 2/145 ، لسان العرب صبأ
وأما مذهبهم ، فقال ابن القيم ، رحمه الله : ( وقد اختلف الناس فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....
وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم يعبدون الملائكة ... )
قال ابن القيم : ( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي ، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس ، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله سبحانه النوعين في كتابه ، فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون ) البقرة/62 ، وكذلك قال في المائدة ، وقال في سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا ؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان ، وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ، ففي آية الفصل بين الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .
وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ، وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم ، وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها أصحاب المقالات .
وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ، وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم ، فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما منزها عن مماثلة المصنوعات ، ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم ، قالوا : نحن عاجزون عن الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين المطهرين عن المواد الجسمانية ، المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .
ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )
ثم قال ، رحمه الله : ( فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر ، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .
وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس لمصالح العالم ، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس ، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل ، والانتساب إليها ، ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا مجوسا.
وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى ،والحنفاء منهم أتباعه ) أحكام أهل الذمة 1/92-98
وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره شيخ الإسلام أيضا في غير موضع . انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458] ، منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] . وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند تفسيره لآية البقرة .
فرق الصابئة
د. سامي عطا حسن – جامعة آل البيت
الصابئة
من الفرق التي ورد ذكرها في القرآن الكريم
يزعم بعض كتاب الصائبة وغيرهم أمثال : د. رشيد الخيون في مقال له في جريدة الشرق الأوسط ، و أمثال - ناجية مراني – في كتابها مفاهيم صابئية مندائية ، والصابئيان : نعيم بدوي و غضبان رومي ، من خلال ترجمتهما لكتاب المستشرقة الإنجليزية : الليدي دراوور، أن القران الكريم أثبت أن الصائبة ديانة توحيدية بذكره لها في ثلاث آيات من سور : البقرة ، والحج ، والمائدة و ما ذكروه مخالف للحقيقة ، بل باعوها بيع المجازف لم يحضره مكيال ، على حد قول الشاعر العربي ... فمن هم الصائبة ..؟
تعتبر الصائبة من أقدم الفرق و الطوائف التي اختلفت كتب الفرق و التاريخ بالحديث عنهم ، بل تشعب فيهم الحديث و اختلط ، و ذهبت الآراء في عقيدتهم مذاهب شتى ، و اختلفت بالمؤرخين لهم والمصنفين عند ذكرهم السبل والأنحاء .
فالعرب تسمى كل خارج من دين الى غيره صائباً .. و من هنا كان يقال للرجال اذا اسلم في بدء البعثة : قد صبأ ، بل ذكرت المصادر أن قريشا كانت تسمي النبي - صلى الله عليه و سلم - وصحابته الكرام : صُباة .. أي : الخارجون على دين قومهم .
ولما أسلم أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قيلت له بعد إسلامه ، و عندما ذهب سعد بن معاذ - رضي الله عنه - إلى مكة ، عاتبه أبو جهل لدخوله في دين الصابئين ، أي المسلمين ، و لما قدم – خالد بن الوليد – رضي الله عنه و أرضاه – على بني جذيمة ، نادوه بأنهم : صبأوا .. أي دخلوا في دين الإسلام .
ولكن المسلمين لم يرتاحوا لهذه التسمية ، بل كانوا يكذبون كل من يطلق عليهم هذه التسمية ، فلما نادى – جميل بن معمر الجمحي – في قريش قائلاً : ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ ...وذلك حين دخل في الإسلام – فنادى عمر - رضي الله عنه وأرضاه - من خلفه قائلاً : لقد كذب .. إني أسلمت .. فتكذيب عمر - رضي الله عنه - وغيره للوثنيين من أهل مكة ، يشعر بأن أهل مكة إنما أطلقوا على المسلمين هذه التسمية إهانة لهم ، وازدراء بهم ، وإلا لما انزعج المسلمون منها ...... فالصائبة في اللغة إذن : هم أولئك الخارجون على عبادة قومهم ، المخالفون لهم في ديانتهم ، شأنهم في ذلك شأن من نسميهم في أيامنا بالملحدين أو الهدامين ، أو أي مصطلح آخر يرمي به من يخرج على ديانة المجتمع و قيمه و تقاليده .. ازدراء لهم و تنفيراً للناس منهم (1).
وهذا يتفق مع ما ذهب إليه الشهرستاني حيث يقول في سبب تسمية هذه الطائفة بالصابئة : ( صبأ الرجل : إذا مال وزاغ .. فبحكم ميل هؤلاء عن سنن الحق ، وزيعهم عن نهج الأنبياء ، قيل لهم : صائبة )(2).
بينما قالت المستشرقة الانجليزية : الليدي دراوور : بأن الصائبة كلمة مأخوذة من كلمة –صبا – ومعناها : الاغتسال بالماء الجاري ، أو من صبا الآرامية بمعنى : يغطس و يتعمد ) (3) وهم يطلقون على الماء الجاري او النهر اسم : يردنه ، وليس لها علاقة بنهر الأردن ، فالأردن و النيل كلاهما عن الصابئين يسمى : أردنه ، أو: يردنه ).
فرق الصابئة
يجد المتتبع لأخبار الصابئة في كتب التاريخ و الملل و النحل ، أنهم لم يكونوا طائفة واحدة ، و لم يجمعهم مذهب واحد ، و لم تؤلف بينهم تعاليم و شعائر معينة ، إلا أن المؤرخين وكتاب الملل والنحل يكادون يجمعون على انهم فرقتان :-
الفرقة الأولى : فهم الذين عرفوا في الفكر الإسلامي باسم : الحرانية ، و قد نبه البيروني إلى أن هؤلاء – الصائبة الحرانية – ليسوا هم الصائبة على وجه الحقيقة ، و أنهم تسموا بالصائبة في عهد الدولة العباسية (سنة 288) ليعدوا في جملة من تؤخذ منه الجزية و ترعى له الذمة ، و كانوا قبلها يسمون بالحنفاء والحرانية .
ويوضح الأستاذ – إسماعيل مظهر – ذلك بقوله : [ إنهم تسموا بهذا الاسم في زمن الخليفة العباسي عندما مر بحران ، ليحارب امبراطور بيزنطة ، فاطلع على أحوالهم ، ووقف على حقيقة ديانتهم فطلب منهم أن يعتنقوا دينا من الأديان قبل أن يعود من الحرب ، فدلهم بعض الدهاة - بعد أن دفعوا له الأموال - على أن يتسموا بالصائبة ، وهي من الأديان المذكورة في القرآن] .(5)
و تعرض المفسرون لذكر عقائد هذه الطائفة فقال الإمام الرازي في تفسيره بعد أن أورد الآراء التي قيلت فيهم :( و لهم قولان الأول : إن خالق العالم هو الله سبحانه ، إلا أنه أمر بتعظيم هذه الكواكب ..! و اتخاذها قبلة للدعاء و الصلاة .
والثاني : إن الله سبحانه خلق الكواكب - وهي المدبرة لما في هذا العالم من الخير والشر والصحة و المرض - فعلى البشر تعظيمها ، و هذا المذهب هو المنسوب الى الكلدانيين الذين بعث الله فيهم إبراهيم - عليه السلام - رادا عليهم ، ومبطلا لقولهم .(6) و قال النيسابوري في تفسيره : ( وكانوا اي الصائبة يعبدون الكواكب ، و يزعمون انها المدبرة لهذا العالم ، و منها تصدر الخيرات و الشرور ) (7). و قال الأستاذ محمد عبد الهادي أبو ريدة في مقدمة كتابه رسائل الكندي الفلسفية ( ص 41.)
ما نصه : ( و من الجائز أن يكون هؤلاء الصائبة أتباع ديانة قديمة قد اختلطت بالفلسفة ، ولعل نحلتهم توحيد قديم يرجع إلى إبراهيم – عليه السلام – عادت إليه بعض التصورات البابلية القديمة وبعض مظاهر الوثنية التي حاربها إبراهيم عليه السلام ثم تغذت بعد فتح الاسكندر للشرق بعناصر فلسفية يونانية ).
و كانت الصائبة الحرانية تسكن شمال العراق ، و مركزهم الكبر في حران ، و هي مدينة قديمة جداً ، و تقع في شمالي الجزيرة قرب منابع نهر البلخ أحد روافد الفرات ، واشتهرت – حران – بأنها كانت مقرا لعبادة القمر – سن – و ظلت كذلك حتى بعد ان انهارات دولة الكلدانيين و دولة الفرس . (8).
و قد أنجبت – حران – كثيرا من العلماء الذين شاركوا في اثراء الفكر الانساني مشاركة فعالة ، في كثير من العلوم المختلفة : كالفلك و الرياضيات و الفلسفة و الطب و التاريخ و كافة العلوم الاسلامية ، أمثال : شيخ الإسلام ابن تيمية و ثابت بن قرة ، وجابر بن حيان ، وثابت بن سنان و البتاني الفلكي ، وأبو جعفر الخازن ، والجعد بن درهم - من رواد التأويل المنحرف والتفسير العقلي في الإسلام - وغيرهم ممن ذكرتهم كتب التاريخ .
الفرقة الثانية : الصابئة المندائيون أو المنديون :
و هم الذين تخلفوا ببابل من أسرى بابل الذي سباهم ، نبوخذ رصر ( الذي ينطقه العامة بختنصر ) إليها من بيت المقدس بعد تدميره هيكل سليمان ، وقد اعتادوا العيش في أرض بابل ، فآثروا البقاء بها ، ولم يرجعوا مع السبي العائد الى بيت المقدس ، بعد أن حررهم قورش الفارسي من الأسر ، فسمعوا أقاويل و معتقات المجوس وصبوا إلى بعضها .
فأصبح مذهبهم مزيجا من المجوسية واليهودية والنصرانية وانتشروا في بلاد الرافدين إلا أن المستشرقة الانجليزية الليدي دراوور قالت في كتابها : ( يوجد قدر لابأس به من الروايات ما يشير إلى أن لدى الصابئة الحرانيين ما يشتركون به مع الصابئة المندائيين الحقيقيين ، وأن المثقفين منهم في البلاط العباسي ، قد اختاروا ادعاءالتعابير الفلسفية الأفلاطونية الحديثة ( و هي فلسفة تصوفية نشأت في عصر انحطاط الامبراطورية الرومانية ) حين كانوا يتحدثون عن دينهم لإضفاء جو من العلمانية و الفلسفة على مذهبهم ، و كانت المجوسية لاتزال حية و كريهة ، فكان يجب تجنب أي تغييرات أو أية علاقة مع المعتقدات الفارسية ، إن وجود اسم زهرون (إبراهيم زهرون ) من بين أسماء فلاسفة البلاط العباسي ، يمكن أن يكون دليلا على صلة – الصابئة الحرانيين – بالصابئين المندائيين ، فزهرون هو : أحد ملائكة النور لدى المندائيين ، و كان من السهل عليهم تحويرلفظ (هرموز ) أو ( هرمز ) أهورا - مازدا ( أي : أهريمان ويزدان اله النور والظلمة عند المجوس ) إلى لفظ (هيرمس)أو (هرمس)و إلى أن يذيعوا بأن هرمس المصري كان أحد أنبيائهم .(9).
وذكرت كتب المقالات والفرق كثيرا من عقائدهم التي لا العلم بها ينفع و لا الجهل بها يضر (10) ، وقد أثرت الصابئة المندائية – بالطائفة الاسماعيلية ...! مما يدل على ان الفرق المنحرفة شبكة متصلة يمهد السابق للاحق ليستمر التخريب ..! بل يرى المقدسي بأن حمدان الاشعث الملقب بقرمط - زعيم القرامطة الاسماعيليين – كان صابئيا مندائياً .. ! (11)
ويرى الدكتور عبد المنعم الحفني أن ( الصائبة من باطنية اليهود ، و ينكر مؤرخو اليهود يهوديتهم على أساس انهم ثنوية ،( أي : يقولون بالهين ) و الخالق عندهم اسمه : الله .. بصيغته العربية ، و هو نورالسموات والأرض ، فاضت منه المخلوقات..
و قيل : انهم من نصارى اليهود وكتابهم السفر الكبير ( كنزة ربة ) يطرح نظرية في الخلق كنظرية سفر التكوين ، وهم ينوهون بيوحنا المعمدان و يسمونه يحيي لانه من الزاهدين المغتسلين و تشبه شعائرهم في الصلاة شعائر اليهود (12) و تنتشر هذه الطائفة في : الكوت ، والعمارة ، و الناصرية ، وواسط ، وبغداد وفي الأهواز على شاطىء نهر كارون في إيران ، ويسمونهم العامة بالصبية .. و يحتكرون الأعمال المتعلقة بالمشغولات والمسكوكات الفضية و الذهبية ، وكان معظم الصاغة في أسواق الكويت منهم !! و من أبرز رجالهم في العصر الحديث : الدكتور عبد الجبار عبد الله عالم الفيزياء الشهير و رئيس جامعة بغداد سابقاً ، والشاعر العراقي : عبد الرزاق عبد الواحد وكان يرأس الطائفة المدعو : عبد الله الشيخ نجم ...!؟
الصابئون في القرآن الكريم
ورد ذكر الصائبين في ثلاث سور القران الكريم :
قال تعالى في سورة البقرة (آية63) : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ).
و قال تعالى في سورة الحج (آية 17) : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) . و قال تعالى في سورة المائدة (آية 69) : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )
فهل ورد لفظ الصائبين في هذه الآيات يدل على أن الصابئة ديانة توحيدية كما يزعم الكاتبون عنها و غيرهم ؟ و الجواب بالنفي قطعاً ، فقد ذكرت آية سورة : الحج المجوس و الذين اشركوا اضافة الى الصابئين و النصارى ، فهل الذين أشركوا أو المجوس أهل توحيد حتى النصارى فهم أهل تثليث كما يزعمون و تنص عليه كتبهم ..!
ولسائل أن يقول : هل في اختلاف هذه الآيات يتقديم (الصَّابِؤُونَ ) ورفعها في آية المائدة و نصب (الصَّابِئِينَ) و تأخيرها في آيتي البقرة و الحج غرض يقتضي ذلك ..؟ فنقول : نعم هناك أغراض كثيرة ذكرها المفسرون منها :
أولاً : ان ترتيب الطواف المذكورة في آية البقرة يراد منه : الترتيب الرتبي .
أي : أنها ذكرت الأمثل والأسبق إلى أن وصلت لمن ليس له كتاب .. و لا مراء في أن هذا السلم الرتبي يقف (المؤمنون ) بالكتب المنزلة السابقة (كصحف إبراهيم و غيرها ) على أعلى درجاته ، ثم يليهم (اليهود ) لتقدم نبيهم و سبق زمانهم ثم (النصارى ) لتأخر نبيهم و زمانهم .
وأما (الصابئون) : فيتفقون على أدون درجات هذا السلم لكثرة مخالفاتهم و لما أحدثوه في مذهبهم من بدع و خرافات ، علاوة على انهم ليسوا أهل كتاب منزل ، لذلك تقدم ذكر النصارى على الصابئين لأن النصارى أهل كتاب ، فمرتبتهم متقدمة على الصابئين الذين لا كتاب لهم .
و أخر الذين أشركوا في الذكر في هذه الآية : لأنهم وإن تقدمت لهم أزمنة وكانوا في عهد اكثر الأنبياء ، إلا أنهم لما كانوا أكثرية في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتبروا من أهل زمانه ، و بذلك يكون زمنهم متأخر عن زمن من سبقهم فأخر ذكرهم وقدم ذكر الصابئين على النصارى لأن زمنهم أسبق من زمن النصارى .
و الترتيب في أية سورة المائدة : كان لغرض تريد التنبيه عليه ، فقد ورد لفظ (الصابئين ) منصوباً بالياء في آيتي (البقرة و الحج ) عطفاً على محل اسم إن، بينما ورد اللفظ نفسه مرفوعا (الصابئون ) بالقطع عما قبله في آية (المائدة ) و التغيير في الحكم الإعرابي عن طريق (القطع) لا يعد فصيحا إلا إذا كان هذا التغيير لهدف يراد التنبيه عليه كما أسلفنا .
فاذا قلنا : ( إن محمداً وزيداً و عمرو قادرون على منازلة خالد ) فلا يكون هذا القول فصيحا وبليغا إلا إذا كان (عمرو ) في مظنة العجز عن منازلة خالد ،، فأردنا بهذا القطع ننبه المخاطب الىة خطئه في هذا الظن ، كما أردنا أن نؤكد على أن (عمروا ) يقدر على ما يقدر عليه زميلاه (محمد وزيد) و ما في آية المائدة من هذا القبيل .
فالصابئون وإن لم يكونوا أهل كتاب إلا أن حكمهم كحكم أهل الكتاب (اليهود والنصارى ) في ارتباط الجزاء ( و هو نفي الخوف عنهم يوم القيامة ) بالشرط و هو الدخول في الإسلام عن اعتقاد صحيح وإيمان خالص بالمبدأ و المعاد و اقتران ذلك بالعمل الصالح ، و بهذا يتساوى الجميع في نظر الإسلام إذا ما دخلوا فيه ، فلا فرق بين الجميع في الجزاء الأخروي ، فضلا عن محو الإسلام لخطاياهم .
وزاد القطع إلى الرفع في الصابئون الحكم توكيدا ، فيكون الصابئون مرفوعا على الابتداء والخبر محذوفا و يكون تقدير الكلام : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله و اليوم الاخر فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون .. و الصابئون كذلك ) قال في تفسير المنار (13) ( و لما كان هذا .. أي : إشراك الصابئين مع اليهود و النصارى في الحكم غير معروف عند المخاطبين في هذه الاية ، وكان الصابئون غير مظنة لإشراكهم في الحكم مع أهل الكتب السماوية حسن في شرع البلاغة أن ينبه على ذلك بتغيير نسق الإعراب ).
ثانيا ً : إن سياق كل آية من الآيات الثلاث مختلف عن سياق الأخرى .
فالمخاطب بآية (البقرة )هم اليهود .. لأن أكثر من نصف سورة البقرة يتحدث عنهم و سورة البقرة كما هو معلوم اول ما نزل من القران بالمدينة ، و اهتمامها بهذه الطائفة من الناس يرجع أولاً : لسكناهم الى جوار الدولة الإسلامية الوليدة ..
وثانياً : إلى بروز شوكتهم و حقدهم ، فجاءت الآية في ثنايا مقطع قراني يتناول بالذكر ما حل باليهود من ذلة و مسكنة ، و ما نزل بهم من غضب و نقمة يستحقونها ، فقال سبحانه في الآية السابقة للآية موضوع البحث (رقم 61) : ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله .... الآية ). و هذا السياق يوحي باليأس و يغري بالقنوط من رحمة الله ، و لربما توهم الخلف ضياع إيمان أسلافهم وأن السماء على عداوة مع جنسهم ، فجاءت آية البقرة لتدفع عن نفوسهم هذا الظن السيئ بالله ، و لنرفع هذا الوهم الخاطىء ، ولتبين رحمة الله بعباده مهما كانت أجناسهم ، فهو سبحانه لايؤاخذ هم بسبب الجنس والنسب ، وإنما يؤاخذهم على تركهم العقيدة الصحيحة ، فالمناسب في هذا المقام ترتيب تلك الطوائف الأربعة ترتيباً رتبيا – كما أسلفنا – يقف على أعلى درجاته المؤمنون و يقف في أدنى درجاته الصابئون ،، لأنهم لا كتاب لهم منزل كما للطائفتين الموجودتين من أهل الكتاب (اليهود و النصارى ) وقت نزول القران ، الوارد ذكرهما في قوله تعالى : ( أن تقولوا أنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا .. الآية (15) ) فوجب ان يكونوا متأخرين في الذكر عن أهل الكتاب لأنهم ليسوا أهل كتاب .
و سياق آية المائدة : ينعى على أهل الكتاب من يهود و نصارى عدم حكمهم بما أنزل الله بل يغربهم السياق في آيات عديدة الى قبول الإسلام فقال سبحانه : ( و لو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم )(16) .
ثم جاءت آية المائدة المتحدث عنها لتبين أن ( الصابئون ) مع ميلهم عن الأديان يتاب عليهم إذ صح منهم الإيمان والعمل الصالح ، فلاشك أن أهل الكتاب أولى بالتوبة منهم إذا صح منهم الإيمان .
أما سورة الحج : فجاءت في سياق سورة يمتاز أسلوبها في مجموعه بالقوة و الشدة والإنذار والتحذير وغرس التقوى في القلوب بأسلوب تخشع له القلوب ، وتستعرض مشاهد الكون ومشاهد القيامة ومصارع الغابرين ، فرتبت الآية الطوائف المذكورة ترتيباً زمنياً ، وبينت أن من يؤمن إيماناً صادقاً يناله الثواب ، ومن يكفر ينزل به العقاب وهناك أغراض وفوائد أخرى يلمسها المتدبر للآيات والقارىء لما كتبه أسلافنا من المفسرين . ومن كل ما سلف نستنتج أن الصابئين ليسوا أهل كتاب و توحيدهم المزعوم إن وجد من قبيل توحيد إخناتون الذي وحد قومه على عبادة الشمس و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل ....
صلاة الظهر هي أول صلاة صلاها النبي.
بعد اخرج الله عز وجل ادم وحواء من الجنة ونزلا الى الارض اختلف الفقهاء عن مكان نزولهما لكن الرواية التي قد تكون أقرب للحقيقة هي أنّ سيدنا آدم عليه السلام هبط في الهند وكان معه الحجر الأسود وورقة من الج...
سورة التوبة هي التي لم تبتدأ بالبسملة في القرآن .
القصص
كانت ثويبة أول من أرضعت النبي محمد بعد أمه، وأرضعت ثويبة مع النبي بلبن ابنها مسروح أيضاً حمزة عمّ النبي، وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي.