هناك مقوله تقول: أن أمة بلامحبة هي أمة بلا آله لأن الله محبة ،، مارأيك في هذة المقوله وهل تحب الناس كما أحبنا الله ؟؟



0      0

4
صورة المستخدم

ايمن Dz

مشترك منذ : 27-03-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 468
مجموع النقاط : 440 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

ايمن dz
منذ 12 سنة

المسيح يحبك. ولعل أصغر آية في الإنجيل هي "الله محبة" ولكنها، على صغرها، فهي دستور المسيحية والعقيدة الأساسية في المسيحية.
يتساءل المسلم: ما هذا الكلام الذي يبدو وكأنه "فيلم عربي" أو ربما "فيلم هندي" موضوعه الحب؟ أليس الله يحب الكل ونحن نحب بعضنا بعضًا؟ فأي امتيازٍ لكم يا نصارى في ذلك؟ إنَّ الله يحب الناس وهذا ما يقوله الإسلام أيضًا. هكذا يتصور المسلم، وهكذا يعتقد.
ونحن بدورنا نسأل المسلم: هل حقًا يحب الله جميع الناس؟ وبدون شرط؟ وهل يحبهم حتى وإن رفضوه؟ هل يحبهم حتى وإنْ كفروا به؟ يجيب المسلم من القرآن أن الله يحب قومًا يحبونه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (المائدة:54).
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران 31).
ما يتكلم عنه القرآن في الآيتين السابقتين كمثال عن "محبة الله" في الإسلام لهو جميل ولكنه يبين أن المحبة هنا مشروطة. في آية المائدة أعلاه، سوف يأتي الله بقوم يحبهم وهم بالتالي يحبونه؛ وهذا نكاية في المرتدين. كما هو واضحٌ هنا فالحب ليس خطوة فعلية يخطوها الله دون شروط بل هو حب مشروط. القرآن يقول "يحبهم ويحبونه". ولنفرض إنهم لا "يحبونه"؟ أليس من حقهم أن يقولوا لله لا؟ ألا يعرض نفسه عليهم وهم يقولون نعم أو لا؟ ماذا يعمل الله حينئذ؟ هل يغتاظ وينتقم منها بتعذيبهم في النار سبعين خريفًا؟
وماذا عن آية آل عمران أعلاه؟ إنها تقول إنهم يتبعون الله لأنهم يحبونه وبالتالي هو "يحببهم". هنا الحب جاء استجابةً، رد فعل من الله، وليس أبدًا مبادرة أولية يتخذها الله. كما نرى في كلتا الحالتين أعلاه، الحب من الله في القرآن يأتي كرد فعل على من يحبونه وليس مبادرة يأخذها الله من جانبه وبصرف النظر عن رد فعل الإنسان سواء قام بالترحيب بالله أو رفضه تمام الرفض.
في الإنجيل، الوضع مختلف تمامًا؛ حيث عندما نقول إن الله يحب الناس فالمقصود هو أنه يحبهم هكذا ودون شرط. (يوحنا 3 : 16) إنه حب غير مشروط. هذا حبٌ لا يأتي كرد فعل من جانب الله على من أحبه أو من كفر به بل هو يحبهم سواء أحبوه أم لا. موقفهم الشخصي لا يؤثر على حبه بل هو يحبهم حتى وإنْ كفروا به كفرانا مبينا. تراه يبدأ بالحب ويمد يده للإنسان طالبًا منه أن يدخل معه في "عهد حبٍ" لا عهد خوف. عبادة الله في الإسلام مؤسسة على الخوف، الترغيب والترهيب. أما في الإنجيل فربي لا يحتاج لترهيبي بل ولأنه يحبني فهو يطرق باب قلبي برفق قائلا: افتح لي كي أدخل إليك وأتعشى معك وأنت معي (رؤيا 3 : 20). قلت إن إله الإنجيل يطرق باب قلبي برفق ولا يدخل عنوة كما هو الحال في إله الإسلام حيث يُخضع الناس له لو اقتضى الأمر لاستخدام الإكراه "طوعًا أو كرهًا".

في الإنجيل، الله يحبني وأنا في غياهب الكفر والضلال والخطايا تثقل كاهلي من أعلى رأسي لأخمص قدمي وحبه لا يتبدل تجاهي سواء آمنت أو كفرت بل حبه دائمًا في ازدياد. وكلما زادت خطاياي كلما تفاضلت نعمته وزادت محبته. قال كتاب الله على لسان الطوباوي بولس: ولكن الله بيّن محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا (رسالة رومية 5 : 8). حب الله قد بدأ تجاهي وأنا لا أزال في وسخ خطاياي وليس لأني تبت إليه فيكون رد فعله الحب. كلا!
نسأل إله الإنجيل: لماذا تحبنا؟ هل لأنك تريد حصة المؤمنين في جنتك لتتفاخر بهم يوم القيامة وتغيظ بذلك الكفار؟ ألم تقم أنت بتقسيم الناس لمؤمنين وكفار؟ ألست أنت السبب فيما نحن فيه من شحناء وفتن طائفية؟
يبتسم الله بقلبه الكبير ويقول لي: أحبك يا إبراهيم هكذا. قلت لك "لأنه هكذا أحب الله العالم" (يوحنا 3 : 16). أحبك بدون سبب أي "كدة" و"لله في لله" و"هيك" و"من غير ليه"، كما تقولون بمفرداتكم العامية. هل رأيت يا إبراهيم أماً تضم طفلها في حنان جارف إلى صدرها؟ هل سألت نفسك: لماذا تفعل ذلك؟ لا تملك سوى أن تفعل هذا. لا تعرف أن تفعل غير هذا. أفعل هذا لأن هذا هو طبعي وطبعي الحب يا إبراهيم. دستورك كمسيحي هو من كلمتين "ورد غطاهم": الله محبة. جملة قصيرة من مبتدأ وخبر. الخبر يعطي وصف وتعريف بطبيعة المبتدأ. أنا يا إبراهيم يا بنيّ هو المبتدأ في كل شيء ولذلك تقرأ في إنجيلك إني أنا "الألفا والأوميغا"، الألف والياء. ومبتدأي يا إبراهيم مع التاريخ البشير يوم بدأته هو مبتدأ الحب؛ وللمبتدأ لابد من خبر، وخبري هو "الحب". أنا المبتدأ وأنا هو الخبر يا إبراهيم. الحب هو طبعي وتلك هي طبيعتي. طبيعتي هي طبيعة الحب. بالحب خلقتك يا إبراهيم وبالحب أوجدتك وعندما سقطت خاطئًا بالحب افتديتك وضممتك إلى صدري غير حاسب عليك أي شيء من الخطايا أو العيوب.
كان بودي أن أجامل الناس جميعًا ويتسع صدري لكل عقائدهم من مسلمين وبوذيين ولكن الله محبة هي آية مسيحية صرفة تصف إله الإنجيل حصرًا وقصرًا. فكرة الله محبة غير موجودة في القرآن ولا تمت للروح الإسلامية بأية صلة لأن الله يحب في الإسلام ولكنه حب مشروط كما قلنا. الناس يفجرون الكنائس لافتقارهم إلى المحبة، وفاقد الشيء لا يعطيه. من دخلت محبة الله قلبه لا يقوم بتقسيم الناس تقسيمًا طائفيا فيقول هذا مسلم وذاك ملحد إلخ بل من دخلت محبة الله قلبه يكون لسان حاله مثل الآب السماوي والذي يشرق بشمسه يوميًا على جميع الخلائق من دون أن يسأل عن دين هذا أو ذاك بل هو عطاء موصول للجميع.
إله الإنجيل لا يعرف الفتن الطائفية ولا يمكن أن نتجاسر في أن نطلب منه أن يحترس في مسألة الفتنة الطائفية لأن هذا ليس واردًا من الأساس في حساباته كأب للخليقة كلها حيث دعانا المسيح إليه موضحًا "لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السموات. فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين." (إنجيل متى 5 : 45). هذه هي المحبة المسيحية، وإله الإنجيل يحب الجميع، وبحسب الإنجيل، يضم المسلمين والمسيحيين إلى صدره الحنون على حد سواء لأنهم ببساطة ذريته (أعمال 17 : 28).
عندما يقول لك المسيحي إن الله يحبك فهذا الكلام معناه أنك مقبول تمام القبول من الله بما أنت فيه وعلى ما أنت عليه الآن. قبوله ليس مشروطًا بما يجب أن تكون عليه لأن الواقع في حياتي يقول إني لست أبدًا على ما يجب أن أكون عليه بل حياتي كلها منعطفات وتعاريج؛ ومن ثم جاء القبول لي بما أنا عليه الآن في الوقت الحاضر. لست واحدًا من عبيد الرحمن بل أنا وأنتَ وأنتِ.. ابن له ويشغله أمرنا بصورة شخصية ومن ثم قال في كتابه: "هوذا على كفي نقشتك" (إشعيا 49 : 16). الجميل هو أن ربنا لا ينظر إلى يديه إلا ورآني؛ وعندها يراني كما أنا وعلى طبيعتي. قال القديس أغسطينوس: إن الصديق هو شخص يعرف كل شيء عنك ومع ذلك يقبلك. كلنا نحلم بأن نقابل صديقاً أو حبيباً نظهر فيه أمامه أو أمامها ونحن في تمام عفويتنا دون أن يسجل أحد لنا الأخطاء ويرصدها علينا. أكثر شيء يعجبني في صديقي جورج بباوي أني أتكلم أمامه في عفوية تامة وهو أيضا كذلك. قد ننفعل. قد نقول ما نقول ولكن لا أحد يحاسبنا وكأنه شرطي علينا يقول لنا قل هذا ولا تقل ذاك. الصداقة هنا تعني الحرية، والحب يعني الحرية كذلك. وإنْ كان هذا هو الحال بين الناس الضعاف فما بالك بإله الإنجيل والذي هو الحب كله والحرية كلها ولا يترصد بأحد في حين إله القرآن يقف للناس بالمرصاد والقرآن يقول: "إن ربك لبالمرصاد" (الفجر آية 14). عندما كنت في الصف الثاني الإعدادي كنت قد حفظت سورة ق كاملة وأرعبني ما فيها من ما نسبه القرآن عن الله: "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ" (سورة ق آية 30). الله في الإسلام عنده تعطش سادي للتعذيب كما ترون! وعلى العكس من ذلك، فإنَّ إله الإنجيل ينظر لعيوبنا ويبتسم لأنه لا شيء في طبيعتنا الترابية يفاجئه أو غريب عليه لأنه ببساطة يعرف جبلتنا الترابية (مزمور 103 : 14).
والمسيح، إنسان من لحم ودم مثلنا، هو نموذجنا الحيّ. عاش المسيح حياته في كنف الآب فكان الآب يملأ كل حياته. ولذا ففي كل أمور حياته كانت نظرته إلى الله على أنه أب لا مراقب أو "غفير واقف على راسه بالمرصاد" (برجاء مراجعة متى 6 : 25 ـ 31). إنه أب يحب ويرعى الاحتياجات رعاية أبوية حانية لا مثيل لها. بل لأنه إله المحبة في الإنجيل فحبه لي يعني أنه يسترني ويستر عيوبي وهذا الستر هو تحديدًا ما تعنيه كلمة كفارة العبرانية في الكتاب المقدس. يكفّر عن سيئاتي כפר أي يسترها، والمسيح، ذبيحة الحب الإلهي، يكفّر عن سيئاتي ويسترها. وصف الإنجيل هذا الستر بالحب فقال: "المحبة تستر كثرة من الخطايا" (1 بطرس 4 : 8). كلما نظر ربي لي انشرح صدره وفرح بي وقال لي ولغيري ممن تجاوبوا مع حبه الأزلي: "كلك جميل يا حبيبتي؛ ليس فيك عيبة" (نشيد الأناشيد 4 : 7). وأين هذا من ذهنية الملكين واحد على كتفي اليمين والثاني على كتفي الشمال، هذا يسجل الحسنات وذاك يسجل السيئات، كما هو في الإسلام؟ ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد. هذا لسان حال القرآن أمام زلاتي وهفواتي. أين هذا من إله يسترني بكفارته ولا يسجل علي الذنوب والخطايا؟ سبب انغماسنا في الذنوب والخطايا هو الشعور الدائم بالخجل وذهنية العار. سجن مقيت فيه الشعور بالذنب يكبل الإنسان. الإنسان منا بحاجة للقبول والحب والحرية حتى ما ينتعش ويبدع ويصنع العجائب في حياته هنا على الأرض.
لكي يتحقق الإيمان بالله "الذي يحبني" فلابد أولاً من أن يتحقق "لقاء شخصي" معه وليس مجرد "اعتناق عقيدة" بها رصف لأفكار دينية عقائدية مجرّدة كالتوحيد والصلاة والزكاة إلخ. جردة العقائد الدينية هذه لا تكفل حدوث لقاء شخصي بيني وبين الإله الذي أعبده وأحبه وإلا فأنا أهوي دون أن أدري في فخ الدوغمائية الدينية. والمسيح ما دعا الناس لاتباعه واعتناق عقيدة بل هو قال "من أراد أن يكون لي تلميذًا" وأيضًا قال "من أراد أن يتبعني". لكل فيلسوف مشهور أتباع وتلاميذ، فهؤلاء تلاميذ سقراط وأولئك تلاميذ أرسطو وهؤلاء تلاميذ أفلاطون وهلم جرًا. لكن ما ينفرد به المسيح في وجود أتباع له هو أن التبعية لا تقوم على أساس العقيدة أو التعليم الذي يروِّج له أو مجموعة الأفكار وإنما التبعية للمسيح هنا قائمة على أساس الشخص "شخص المسيح". فالمسيح لا يمثل عقيدة يعلمها أو دينًا يذود عنه بل العقيدة هي تفسير لشخصه وفي شخصه هو نفهم كل ما تنطوي عليه المسيحية. البداية هي شخص المسيح وموقفي من هذا الشخص وليست أبدًا ديانة نعتنقها أو لا نعتنقها كما يظن كثير من المسلمين. وعليه، فقصة تنصيري من الإسلام يمكن اختصارها تجاوزًا في عبارة واحدة: المسيح قال لي "اتبعني" وأمام حبه تجاوبت أنا إبراهيم عرفات وتبعته. وما يتبع ذلك فهي تفاصيل ودقائق تخصه وتخصني مع مسيحي، ولكن الجوهري والأساسي هو أنه يناديني وأنا أتبعه مستجيبًا لحبه. في المسيح، ألتقي بإله شخصي ولست متعبدًا لقوة ميتافيزيقية مجردة في الكون. هذا الإله الشخصي ناداه المسيح بصفة "الأب" وقد شجعنا نحن كذلك أن نناديه بصفة "الأب" مثلما ناداه. يا ربُ، أبي أنتَ. يا ربُ، أنت آبا، "أبويا" الحنون ولا مثيل لك. أنت إلهي الشخصي الحي. أقبل حبك. أنت لي وأنا لك. أنت يا ربُ قد بادءتني بالحب واقتحمت عليّ فراغي وعزلتي وأوحيت لي عن ذاتك بذاتك عندما نطقت في المسيح "نطق الله" فكان هذا أعلى ما يصل إليه وحيك الإلهي.