هناك مقوله تقول: أن أمة بلامحبة هي أمة بلا آله لأن الله محبة ،، مارأيك في هذة المقوله وهل تحب الناس كما أحبنا الله ؟؟



0      0

4 4 إجابات
صورة المستخدم

ايمن Dz

مشترك منذ : 27-03-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 468
مجموع النقاط : 440 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

ايمن dz
منذ 12 سنة

المسيح يحبك. ولعل أصغر آية في الإنجيل هي "الله محبة" ولكنها، على صغرها، فهي دستور المسيحية والعقيدة الأساسية في المسيحية.
يتساءل المسلم: ما هذا الكلام الذي يبدو وكأنه "فيلم عربي" أو ربما "فيلم هندي" موضوعه الحب؟ أليس الله يحب الكل ونحن نحب بعضنا بعضًا؟ فأي امتيازٍ لكم يا نصارى في ذلك؟ إنَّ الله يحب الناس وهذا ما يقوله الإسلام أيضًا. هكذا يتصور المسلم، وهكذا يعتقد.
ونحن بدورنا نسأل المسلم: هل حقًا يحب الله جميع الناس؟ وبدون شرط؟ وهل يحبهم حتى وإن رفضوه؟ هل يحبهم حتى وإنْ كفروا به؟ يجيب المسلم من القرآن أن الله يحب قومًا يحبونه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (المائدة:54).
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران 31).
ما يتكلم عنه القرآن في الآيتين السابقتين كمثال عن "محبة الله" في الإسلام لهو جميل ولكنه يبين أن المحبة هنا مشروطة. في آية المائدة أعلاه، سوف يأتي الله بقوم يحبهم وهم بالتالي يحبونه؛ وهذا نكاية في المرتدين. كما هو واضحٌ هنا فالحب ليس خطوة فعلية يخطوها الله دون شروط بل هو حب مشروط. القرآن يقول "يحبهم ويحبونه". ولنفرض إنهم لا "يحبونه"؟ أليس من حقهم أن يقولوا لله لا؟ ألا يعرض نفسه عليهم وهم يقولون نعم أو لا؟ ماذا يعمل الله حينئذ؟ هل يغتاظ وينتقم منها بتعذيبهم في النار سبعين خريفًا؟
وماذا عن آية آل عمران أعلاه؟ إنها تقول إنهم يتبعون الله لأنهم يحبونه وبالتالي هو "يحببهم". هنا الحب جاء استجابةً، رد فعل من الله، وليس أبدًا مبادرة أولية يتخذها الله. كما نرى في كلتا الحالتين أعلاه، الحب من الله في القرآن يأتي كرد فعل على من يحبونه وليس مبادرة يأخذها الله من جانبه وبصرف النظر عن رد فعل الإنسان سواء قام بالترحيب بالله أو رفضه تمام الرفض.
في الإنجيل، الوضع مختلف تمامًا؛ حيث عندما نقول إن الله يحب الناس فالمقصود هو أنه يحبهم هكذا ودون شرط. (يوحنا 3 : 16) إنه حب غير مشروط. هذا حبٌ لا يأتي كرد فعل من جانب الله على من أحبه أو من كفر به بل هو يحبهم سواء أحبوه أم لا. موقفهم الشخصي لا يؤثر على حبه بل هو يحبهم حتى وإنْ كفروا به كفرانا مبينا. تراه يبدأ بالحب ويمد يده للإنسان طالبًا منه أن يدخل معه في "عهد حبٍ" لا عهد خوف. عبادة الله في الإسلام مؤسسة على الخوف، الترغيب والترهيب. أما في الإنجيل فربي لا يحتاج لترهيبي بل ولأنه يحبني فهو يطرق باب قلبي برفق قائلا: افتح لي كي أدخل إليك وأتعشى معك وأنت معي (رؤيا 3 : 20). قلت إن إله الإنجيل يطرق باب قلبي برفق ولا يدخل عنوة كما هو الحال في إله الإسلام حيث يُخضع الناس له لو اقتضى الأمر لاستخدام الإكراه "طوعًا أو كرهًا".
في الإنجيل، الله يحبني وأنا في غياهب الكفر والضلال والخطايا تثقل كاهلي من أعلى رأسي لأخمص قدمي وحبه لا يتبدل تجاهي سواء آمنت أو كفرت بل حبه دائمًا في ازدياد. وكلما زادت خطاياي كلما تفاضلت نعمته وزادت محبته. قال كتاب الله على لسان الطوباوي بولس: ولكن الله بيّن محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا (رسالة رومية 5 : 8). حب الله قد بدأ تجاهي وأنا لا أزال في وسخ خطاياي وليس لأني تبت إليه فيكون رد فعله الحب. كلا!
نسأل إله الإنجيل: لماذا تحبنا؟ هل لأنك تريد حصة المؤمنين في جنتك لتتفاخر بهم يوم القيامة وتغيظ بذلك الكفار؟ ألم تقم أنت بتقسيم الناس لمؤمنين وكفار؟ ألست أنت السبب فيما نحن فيه من شحناء وفتن طائفية؟
يبتسم الله بقلبه الكبير ويقول لي: أحبك يا إبراهيم هكذا. قلت لك "لأنه هكذا أحب الله العالم" (يوحنا 3 : 16). أحبك بدون سبب أي "كدة" و"لله في لله" و"هيك" و"من غير ليه"، كما تقولون بمفرداتكم العامية. هل رأيت يا إبراهيم أماً تضم طفلها في حنان جارف إلى صدرها؟ هل سألت نفسك: لماذا تفعل ذلك؟ لا تملك سوى أن تفعل هذا. لا تعرف أن تفعل غير هذا. أفعل هذا لأن هذا هو طبعي وطبعي الحب يا إبراهيم. دستورك كمسيحي هو من كلمتين "ورد غطاهم": الله محبة. جملة قصيرة من مبتدأ وخبر. الخبر يعطي وصف وتعريف بطبيعة المبتدأ. أنا يا إبراهيم يا بنيّ هو المبتدأ في كل شيء ولذلك تقرأ في إنجيلك إني أنا "الألفا والأوميغا"، الألف والياء. ومبتدأي يا إبراهيم مع التاريخ البشير يوم بدأته هو مبتدأ الحب؛ وللمبتدأ لابد من خبر، وخبري هو "الحب". أنا المبتدأ وأنا هو الخبر يا إبراهيم. الحب هو طبعي وتلك هي طبيعتي. طبيعتي هي طبيعة الحب. بالحب خلقتك يا إبراهيم وبالحب أوجدتك وعندما سقطت خاطئًا بالحب افتديتك وضممتك إلى صدري غير حاسب عليك أي شيء من الخطايا أو العيوب.
كان بودي أن أجامل الناس جميعًا ويتسع صدري لكل عقائدهم من مسلمين وبوذيين ولكن الله محبة هي آية مسيحية صرفة تصف إله الإنجيل حصرًا وقصرًا. فكرة الله محبة غير موجودة في القرآن ولا تمت للروح الإسلامية بأية صلة لأن الله يحب في الإسلام ولكنه حب مشروط كما قلنا. الناس يفجرون الكنائس لافتقارهم إلى المحبة، وفاقد الشيء لا يعطيه. من دخلت محبة الله قلبه لا يقوم بتقسيم الناس تقسيمًا طائفيا فيقول هذا مسلم وذاك ملحد إلخ بل من دخلت محبة الله قلبه يكون لسان حاله مثل الآب السماوي والذي يشرق بشمسه يوميًا على جميع الخلائق من دون أن يسأل عن دين هذا أو ذاك بل هو عطاء موصول للجميع.
إله الإنجيل لا يعرف الفتن الطائفية ولا يمكن أن نتجاسر في أن نطلب منه أن يحترس في مسألة الفتنة الطائفية لأن هذا ليس واردًا من الأساس في حساباته كأب للخليقة كلها حيث دعانا المسيح إليه موضحًا "لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السموات. فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين." (إنجيل متى 5 : 45). هذه هي المحبة المسيحية، وإله الإنجيل يحب الجميع، وبحسب الإنجيل، يضم المسلمين والمسيحيين إلى صدره الحنون على حد سواء لأنهم ببساطة ذريته (أعمال 17 : 28).
عندما يقول لك المسيحي إن الله يحبك فهذا الكلام معناه أنك مقبول تمام القبول من الله بما أنت فيه وعلى ما أنت عليه الآن. قبوله ليس مشروطًا بما يجب أن تكون عليه لأن الواقع في حياتي يقول إني لست أبدًا على ما يجب أن أكون عليه بل حياتي كلها منعطفات وتعاريج؛ ومن ثم جاء القبول لي بما أنا عليه الآن في الوقت الحاضر. لست واحدًا من عبيد الرحمن بل أنا وأنتَ وأنتِ.. ابن له ويشغله أمرنا بصورة شخصية ومن ثم قال في كتابه: "هوذا على كفي نقشتك" (إشعيا 49 : 16). الجميل هو أن ربنا لا ينظر إلى يديه إلا ورآني؛ وعندها يراني كما أنا وعلى طبيعتي. قال القديس أغسطينوس: إن الصديق هو شخص يعرف كل شيء عنك ومع ذلك يقبلك. كلنا نحلم بأن نقابل صديقاً أو حبيباً نظهر فيه أمامه أو أمامها ونحن في تمام عفويتنا دون أن يسجل أحد لنا الأخطاء ويرصدها علينا. أكثر شيء يعجبني في صديقي جورج بباوي أني أتكلم أمامه في عفوية تامة وهو أيضا كذلك. قد ننفعل. قد نقول ما نقول ولكن لا أحد يحاسبنا وكأنه شرطي علينا يقول لنا قل هذا ولا تقل ذاك. الصداقة هنا تعني الحرية، والحب يعني الحرية كذلك. وإنْ كان هذا هو الحال بين الناس الضعاف فما بالك بإله الإنجيل والذي هو الحب كله والحرية كلها ولا يترصد بأحد في حين إله القرآن يقف للناس بالمرصاد والقرآن يقول: "إن ربك لبالمرصاد" (الفجر آية 14). عندما كنت في الصف الثاني الإعدادي كنت قد حفظت سورة ق كاملة وأرعبني ما فيها من ما نسبه القرآن عن الله: "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ" (سورة ق آية 30). الله في الإسلام عنده تعطش سادي للتعذيب كما ترون! وعلى العكس من ذلك، فإنَّ إله الإنجيل ينظر لعيوبنا ويبتسم لأنه لا شيء في طبيعتنا الترابية يفاجئه أو غريب عليه لأنه ببساطة يعرف جبلتنا الترابية (مزمور 103 : 14).
والمسيح، إنسان من لحم ودم مثلنا، هو نموذجنا الحيّ. عاش المسيح حياته في كنف الآب فكان الآب يملأ كل حياته. ولذا ففي كل أمور حياته كانت نظرته إلى الله على أنه أب لا مراقب أو "غفير واقف على راسه بالمرصاد" (برجاء مراجعة متى 6 : 25 ـ 31). إنه أب يحب ويرعى الاحتياجات رعاية أبوية حانية لا مثيل لها. بل لأنه إله المحبة في الإنجيل فحبه لي يعني أنه يسترني ويستر عيوبي وهذا الستر هو تحديدًا ما تعنيه كلمة كفارة العبرانية في الكتاب المقدس. يكفّر عن سيئاتي כפר أي يسترها، والمسيح، ذبيحة الحب الإلهي، يكفّر عن سيئاتي ويسترها. وصف الإنجيل هذا الستر بالحب فقال: "المحبة تستر كثرة من الخطايا" (1 بطرس 4 : 8). كلما نظر ربي لي انشرح صدره وفرح بي وقال لي ولغيري ممن تجاوبوا مع حبه الأزلي: "كلك جميل يا حبيبتي؛ ليس فيك عيبة" (نشيد الأناشيد 4 : 7). وأين هذا من ذهنية الملكين واحد على كتفي اليمين والثاني على كتفي الشمال، هذا يسجل الحسنات وذاك يسجل السيئات، كما هو في الإسلام؟ ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد. هذا لسان حال القرآن أمام زلاتي وهفواتي. أين هذا من إله يسترني بكفارته ولا يسجل علي الذنوب والخطايا؟ سبب انغماسنا في الذنوب والخطايا هو الشعور الدائم بالخجل وذهنية العار. سجن مقيت فيه الشعور بالذنب يكبل الإنسان. الإنسان منا بحاجة للقبول والحب والحرية حتى ما ينتعش ويبدع ويصنع العجائب في حياته هنا على الأرض.
لكي يتحقق الإيمان بالله "الذي يحبني" فلابد أولاً من أن يتحقق "لقاء شخصي" معه وليس مجرد "اعتناق عقيدة" بها رصف لأفكار دينية عقائدية مجرّدة كالتوحيد والصلاة والزكاة إلخ. جردة العقائد الدينية هذه لا تكفل حدوث لقاء شخصي بيني وبين الإله الذي أعبده وأحبه وإلا فأنا أهوي دون أن أدري في فخ الدوغمائية الدينية. والمسيح ما دعا الناس لاتباعه واعتناق عقيدة بل هو قال "من أراد أن يكون لي تلميذًا" وأيضًا قال "من أراد أن يتبعني". لكل فيلسوف مشهور أتباع وتلاميذ، فهؤلاء تلاميذ سقراط وأولئك تلاميذ أرسطو وهؤلاء تلاميذ أفلاطون وهلم جرًا. لكن ما ينفرد به المسيح في وجود أتباع له هو أن التبعية لا تقوم على أساس العقيدة أو التعليم الذي يروِّج له أو مجموعة الأفكار وإنما التبعية للمسيح هنا قائمة على أساس الشخص "شخص المسيح". فالمسيح لا يمثل عقيدة يعلمها أو دينًا يذود عنه بل العقيدة هي تفسير لشخصه وفي شخصه هو نفهم كل ما تنطوي عليه المسيحية. البداية هي شخص المسيح وموقفي من هذا الشخص وليست أبدًا ديانة نعتنقها أو لا نعتنقها كما يظن كثير من المسلمين. وعليه، فقصة تنصيري من الإسلام يمكن اختصارها تجاوزًا في عبارة واحدة: المسيح قال لي "اتبعني" وأمام حبه تجاوبت أنا إبراهيم عرفات وتبعته. وما يتبع ذلك فهي تفاصيل ودقائق تخصه وتخصني مع مسيحي، ولكن الجوهري والأساسي هو أنه يناديني وأنا أتبعه مستجيبًا لحبه. في المسيح، ألتقي بإله شخصي ولست متعبدًا لقوة ميتافيزيقية مجردة في الكون. هذا الإله الشخصي ناداه المسيح بصفة "الأب" وقد شجعنا نحن كذلك أن نناديه بصفة "الأب" مثلما ناداه. يا ربُ، أبي أنتَ. يا ربُ، أنت آبا، "أبويا" الحنون ولا مثيل لك. أنت إلهي الشخصي الحي. أقبل حبك. أنت لي وأنا لك. أنت يا ربُ قد بادءتني بالحب واقتحمت عليّ فراغي وعزلتي وأوحيت لي عن ذاتك بذاتك عندما نطقت في المسيح "نطق الله" فكان هذا أعلى ما يصل إليه وحيك الإلهي.



صورة المستخدم

Basem Medhat

مشترك منذ : 26-03-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 611
مجموع النقاط : 600 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Basem Medhat
منذ 12 سنة

يبدأ التبشير بعبارة "الله يحبك". يسوع يحبك. المسيح يحبك. ولعل أصغر آية في الإنجيل هي "الله محبة" ولكنها، على صغرها، فهي دستور المسيحية والعقيدة الأساسية في المسيحية.
يتساءل المسلم: ما هذا الكلام الذي يبدو وكأنه "فيلم عربي" أو ربما "فيلم هندي" موضوعه الحب؟ أليس الله يحب الكل ونحن نحب بعضنا بعضًا؟ فأي امتيازٍ لكم يا نصارى في ذلك؟ إنَّ الله يحب الناس وهذا ما يقوله الإسلام أيضًا. هكذا يتصور المسلم، وهكذا يعتقد.
ونحن بدورنا نسأل المسلم: هل حقًا يحب الله جميع الناس؟ وبدون شرط؟ وهل يحبهم حتى وإن رفضوه؟ هل يحبهم حتى وإنْ كفروا به؟ يجيب المسلم من القرآن أن الله يحب قومًا يحبونه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (المائدة:54).
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران 31).
ما يتكلم عنه القرآن في الآيتين السابقتين كمثال عن "محبة الله" في الإسلام لهو جميل ولكنه يبين أن المحبة هنا مشروطة. في آية المائدة أعلاه، سوف يأتي الله بقوم يحبهم وهم بالتالي يحبونه؛ وهذا نكاية في المرتدين. كما هو واضحٌ هنا فالحب ليس خطوة فعلية يخطوها الله دون شروط بل هو حب مشروط. القرآن يقول "يحبهم ويحبونه". ولنفرض إنهم لا "يحبونه"؟ أليس من حقهم أن يقولوا لله لا؟ ألا يعرض نفسه عليهم وهم يقولون نعم أو لا؟ ماذا يعمل الله حينئذ؟ هل يغتاظ وينتقم منها بتعذيبهم في النار سبعين خريفًا؟
وماذا عن آية آل عمران أعلاه؟ إنها تقول إنهم يتبعون الله لأنهم يحبونه وبالتالي هو "يحببهم". هنا الحب جاء استجابةً، رد فعل من الله، وليس أبدًا مبادرة أولية يتخذها الله. كما نرى في كلتا الحالتين أعلاه، الحب من الله في القرآن يأتي كرد فعل على من يحبونه وليس مبادرة يأخذها الله من جانبه وبصرف النظر عن رد فعل الإنسان سواء قام بالترحيب بالله أو رفضه تمام الرفض.
في الإنجيل، الوضع مختلف تمامًا؛ حيث عندما نقول إن الله يحب الناس فالمقصود هو أنه يحبهم هكذا ودون شرط. (يوحنا 3 : 16) إنه حب غير مشروط. هذا حبٌ لا يأتي كرد فعل من جانب الله على من أحبه أو من كفر به بل هو يحبهم سواء أحبوه أم لا. موقفهم الشخصي لا يؤثر على حبه بل هو يحبهم حتى وإنْ كفروا به كفرانا مبينا. تراه يبدأ بالحب ويمد يده للإنسان طالبًا منه أن يدخل معه في "عهد حبٍ" لا عهد خوف. عبادة الله في الإسلام مؤسسة على الخوف، الترغيب والترهيب. أما في الإنجيل فربي لا يحتاج لترهيبي بل ولأنه يحبني فهو يطرق باب قلبي برفق قائلا: افتح لي كي أدخل إليك وأتعشى معك وأنت معي (رؤيا 3 : 20). قلت إن إله الإنجيل يطرق باب قلبي برفق ولا يدخل عنوة كما هو الحال في إله الإسلام حيث يُخضع الناس له لو اقتضى الأمر لاستخدام الإكراه "طوعًا أو كرهًا".
في الإنجيل، الله يحبني وأنا في غياهب الكفر والضلال والخطايا تثقل كاهلي من أعلى رأسي لأخمص قدمي وحبه لا يتبدل تجاهي سواء آمنت أو كفرت بل حبه دائمًا في ازدياد. وكلما زادت خطاياي كلما تفاضلت نعمته وزادت محبته. قال كتاب الله على لسان الطوباوي بولس: ولكن الله بيّن محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا (رسالة رومية 5 : 8). حب الله قد بدأ تجاهي وأنا لا أزال في وسخ خطاياي وليس لأني تبت إليه فيكون رد فعله الحب. كلا!
نسأل إله الإنجيل: لماذا تحبنا؟ هل لأنك تريد حصة المؤمنين في جنتك لتتفاخر بهم يوم القيامة وتغيظ بذلك الكفار؟ ألم تقم أنت بتقسيم الناس لمؤمنين وكفار؟ ألست أنت السبب فيما نحن فيه من شحناء وفتن طائفية؟
يبتسم الله بقلبه الكبير ويقول لي: أحبك يا إبراهيم هكذا. قلت لك "لأنه هكذا أحب الله العالم" (يوحنا 3 : 16). أحبك بدون سبب أي "كدة" و"لله في لله" و"هيك" و"من غير ليه"، كما تقولون بمفرداتكم العامية. هل رأيت يا إبراهيم أماً تضم طفلها في حنان جارف إلى صدرها؟ هل سألت نفسك: لماذا تفعل ذلك؟ لا تملك سوى أن تفعل هذا. لا تعرف أن تفعل غير هذا. أفعل هذا لأن هذا هو طبعي وطبعي الحب يا إبراهيم. دستورك كمسيحي هو من كلمتين "ورد غطاهم": الله محبة. جملة قصيرة من مبتدأ وخبر. الخبر يعطي وصف وتعريف بطبيعة المبتدأ. أنا يا إبراهيم يا بنيّ هو المبتدأ في كل شيء ولذلك تقرأ في إنجيلك إني أنا "الألفا والأوميغا"، الألف والياء. ومبتدأي يا إبراهيم مع التاريخ البشير يوم بدأته هو مبتدأ الحب؛ وللمبتدأ لابد من خبر، وخبري هو "الحب". أنا المبتدأ وأنا هو الخبر يا إبراهيم. الحب هو طبعي وتلك هي طبيعتي. طبيعتي هي طبيعة الحب. بالحب خلقتك يا إبراهيم وبالحب أوجدتك وعندما سقطت خاطئًا بالحب افتديتك وضممتك إلى صدري غير حاسب عليك أي شيء من الخطايا أو العيوب.
كان بودي أن أجامل الناس جميعًا ويتسع صدري لكل عقائدهم من مسلمين وبوذيين ولكن الله محبة هي آية مسيحية صرفة تصف إله الإنجيل حصرًا وقصرًا. فكرة الله محبة غير موجودة في القرآن ولا تمت للروح الإسلامية بأية صلة لأن الله يحب في الإسلام ولكنه حب مشروط كما قلنا. الناس يفجرون الكنائس لافتقارهم إلى المحبة، وفاقد الشيء لا يعطيه. من دخلت محبة الله قلبه لا يقوم بتقسيم الناس تقسيمًا طائفيا فيقول هذا مسلم وذاك ملحد إلخ بل من دخلت محبة الله قلبه يكون لسان حاله مثل الآب السماوي والذي يشرق بشمسه يوميًا على جميع الخلائق من دون أن يسأل عن دين هذا أو ذاك بل هو عطاء موصول للجميع.
إله الإنجيل لا يعرف الفتن الطائفية ولا يمكن أن نتجاسر في أن نطلب منه أن يحترس في مسألة الفتنة الطائفية لأن هذا ليس واردًا من الأساس في حساباته كأب للخليقة كلها حيث دعانا المسيح إليه موضحًا "لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السموات. فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين." (إنجيل متى 5 : 45). هذه هي المحبة المسيحية، وإله الإنجيل يحب الجميع، وبحسب الإنجيل، يضم المسلمين والمسيحيين إلى صدره الحنون على حد سواء لأنهم ببساطة ذريته (أعمال 17 : 28).
عندما يقول لك المسيحي إن الله يحبك فهذا الكلام معناه أنك مقبول تمام القبول من الله بما أنت فيه وعلى ما أنت عليه الآن. قبوله ليس مشروطًا بما يجب أن تكون عليه لأن الواقع في حياتي يقول إني لست أبدًا على ما يجب أن أكون عليه بل حياتي كلها منعطفات وتعاريج؛ ومن ثم جاء القبول لي بما أنا عليه الآن في الوقت الحاضر. لست واحدًا من عبيد الرحمن بل أنا وأنتَ وأنتِ.. ابن له ويشغله أمرنا بصورة شخصية ومن ثم قال في كتابه: "هوذا على كفي نقشتك" (إشعيا 49 : 16). الجميل هو أن ربنا لا ينظر إلى يديه إلا ورآني؛ وعندها يراني كما أنا وعلى طبيعتي. قال القديس أغسطينوس: إن الصديق هو شخص يعرف كل شيء عنك ومع ذلك يقبلك. كلنا نحلم بأن نقابل صديقاً أو حبيباً نظهر فيه أمامه أو أمامها ونحن في تمام عفويتنا دون أن يسجل أحد لنا الأخطاء ويرصدها علينا. أكثر شيء يعجبني في صديقي جورج بباوي أني أتكلم أمامه في عفوية تامة وهو أيضا كذلك. قد ننفعل. قد نقول ما نقول ولكن لا أحد يحاسبنا وكأنه شرطي علينا يقول لنا قل هذا ولا تقل ذاك. الصداقة هنا تعني الحرية، والحب يعني الحرية كذلك. وإنْ كان هذا هو الحال بين الناس الضعاف فما بالك بإله الإنجيل والذي هو الحب كله والحرية كلها ولا يترصد بأحد في حين إله القرآن يقف للناس بالمرصاد والقرآن يقول: "إن ربك لبالمرصاد" (الفجر آية 14). عندما كنت في الصف الثاني الإعدادي كنت قد حفظت سورة ق كاملة وأرعبني ما فيها من ما نسبه القرآن عن الله: "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ" (سورة ق آية 30). الله في الإسلام عنده تعطش سادي للتعذيب كما ترون! وعلى العكس من ذلك، فإنَّ إله الإنجيل ينظر لعيوبنا ويبتسم لأنه لا شيء في طبيعتنا الترابية يفاجئه أو غريب عليه لأنه ببساطة يعرف جبلتنا الترابية (مزمور 103 : 14).
والمسيح، إنسان من لحم ودم مثلنا، هو نموذجنا الحيّ. عاش المسيح حياته في كنف الآب فكان الآب يملأ كل حياته. ولذا ففي كل أمور حياته كانت نظرته إلى الله على أنه أب لا مراقب أو "غفير واقف على راسه بالمرصاد" (برجاء مراجعة متى 6 : 25 ـ 31). إنه أب يحب ويرعى الاحتياجات رعاية أبوية حانية لا مثيل لها. بل لأنه إله المحبة في الإنجيل فحبه لي يعني أنه يسترني ويستر عيوبي وهذا الستر هو تحديدًا ما تعنيه كلمة كفارة العبرانية في الكتاب المقدس. يكفّر عن سيئاتي כפר أي يسترها، والمسيح، ذبيحة الحب الإلهي، يكفّر عن سيئاتي ويسترها. وصف الإنجيل هذا الستر بالحب فقال: "المحبة تستر كثرة من الخطايا" (1 بطرس 4 : 8). كلما نظر ربي لي انشرح صدره وفرح بي وقال لي ولغيري ممن تجاوبوا مع حبه الأزلي: "كلك جميل يا حبيبتي؛ ليس فيك عيبة" (نشيد الأناشيد 4 : 7). وأين هذا من ذهنية الملكين واحد على كتفي اليمين والثاني على كتفي الشمال، هذا يسجل الحسنات وذاك يسجل السيئات، كما هو في الإسلام؟ ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد. هذا لسان حال القرآن أمام زلاتي وهفواتي. أين هذا من إله يسترني بكفارته ولا يسجل علي الذنوب والخطايا؟ سبب انغماسنا في الذنوب والخطايا هو الشعور الدائم بالخجل وذهنية العار. سجن مقيت فيه الشعور بالذنب يكبل الإنسان. الإنسان منا بحاجة للقبول والحب والحرية حتى ما ينتعش ويبدع ويصنع العجائب في حياته هنا على الأرض.
لكي يتحقق الإيمان بالله "الذي يحبني" فلابد أولاً من أن يتحقق "لقاء شخصي" معه وليس مجرد "اعتناق عقيدة" بها رصف لأفكار دينية عقائدية مجرّدة كالتوحيد والصلاة والزكاة إلخ. جردة العقائد الدينية هذه لا تكفل حدوث لقاء شخصي بيني وبين الإله الذي أعبده وأحبه وإلا فأنا أهوي دون أن أدري في فخ الدوغمائية الدينية. والمسيح ما دعا الناس لاتباعه واعتناق عقيدة بل هو قال "من أراد أن يكون لي تلميذًا" وأيضًا قال "من أراد أن يتبعني". لكل فيلسوف مشهور أتباع وتلاميذ، فهؤلاء تلاميذ سقراط وأولئك تلاميذ أرسطو وهؤلاء تلاميذ أفلاطون وهلم جرًا. لكن ما ينفرد به المسيح في وجود أتباع له هو أن التبعية لا تقوم على أساس العقيدة أو التعليم الذي يروِّج له أو مجموعة الأفكار وإنما التبعية للمسيح هنا قائمة على أساس الشخص "شخص المسيح". فالمسيح لا يمثل عقيدة يعلمها أو دينًا يذود عنه بل العقيدة هي تفسير لشخصه وفي شخصه هو نفهم كل ما تنطوي عليه المسيحية. البداية هي شخص المسيح وموقفي من هذا الشخص وليست أبدًا ديانة نعتنقها أو لا نعتنقها كما يظن كثير من المسلمين. وعليه، فقصة تنصيري من الإسلام يمكن اختصارها تجاوزًا في عبارة واحدة: المسيح قال لي "اتبعني" وأمام حبه تجاوبت أنا إبراهيم عرفات وتبعته. وما يتبع ذلك فهي تفاصيل ودقائق تخصه وتخصني مع مسيحي، ولكن الجوهري والأساسي هو أنه يناديني وأنا أتبعه مستجيبًا لحبه. في المسيح، ألتقي بإله شخصي ولست متعبدًا لقوة ميتافيزيقية مجردة في الكون. هذا الإله الشخصي ناداه المسيح بصفة "الأب" وقد شجعنا نحن كذلك أن نناديه بصفة "الأب" مثلما ناداه. يا ربُ، أبي أنتَ. يا ربُ، أنت آبا، "أبويا" الحنون ولا مثيل لك. أنت إلهي الشخصي الحي. أقبل حبك. أنت لي وأنا لك. أنت يا ربُ قد بادءتني بالحب واقتحمت عليّ فراغي وعزلتي وأوحيت لي عن ذاتك بذاتك عندما نطقت في المسيح "نطق الله" فكان هذا أعلى ما يصل إليه وحيك الإلهي.
نعم، هذه المحبة الإلهية ليست جردة عقائد بل هي كالماء الساخن في ليالي الشتاء القارسة البرودة والذي ينزع عني قشعريرة البرد. الله يعلم مدى حاجتي للشمس لتسري بأشعتها في أوصالي فأشعر بالدفء كمن يحتضنني. وتلك هي أشعة المحبة الإلهية كذلك. إنها ليست قناعات إيمانية كما يظنون بل هي أكبر من كل هذا، بل هي مسيح قال لي عنه عمي اسحق (ذاك القبطي العجوز وياله من قديس!!): "اجمد فيه وهو هايجمد فيك". نحن نمسك بكل قوانا و"نجمد" بشخص وليس بمجموعة أفكار دينية. ويظل عمي إسحق ساكنًا بذكرى مطوّبة للأبد في أحشاء نفسي هاتفًا في أذني ورابتًا على يدي كل حين: "اجمد فيه وهو هايجمد فيك". كانت هذه أجمل عظة مسيحية سمعتها في تاريخ حياتي منذ أن آمنت بالمسيحية في عام 1987 وعلى مدار الأربعة وعشرين سنة التي عشتها في المسيحية منذ ذلك الوقت. عمي اسحق، كم أفتقدك بدموع!
هل فعلا تشعر بدفء الله يملأ كيانك بسبب عناقه لك؟ هل حضنك الله؟ هل عانقت ربك؟ هل فعلا لمست حبه وهل تلامس هذا الحب مع أعماق باطنك أم أن "حب الله" مجرد معلومة صوفية جميلة تنتشي بالحديث الديني عنها؟ عندما أتلامس مع حب الله في باطني أقدر أن أهتف في داخلي بفرح: "الرب راعيّ فلا يعوزني شيء." "إن أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني إليه." هو يملأني ويكفيني ويغنيني.
أي حبيب هو ربي فليس مثله من حبيبٍ
يملأني يفيض في كياني ومع حبه لا أخشاه أو الرقيب!
كثيرًا ما نحض الناس على أن يحبوا الله ويخلصوا له وأن يفعلوا هذا ولا يفعلوا ذاك حتى يصبحوا في عداد الأتقياء. ولكن في الإنجيل، يأتي الأمر معكوسًا إذ هنا الله هو الذي يحب الإنسان وهو الذي يبدأ بالحب دون انتظار شيء من الإنسان أو يحبه في مقابل شيء. لا يريد الله من الإنسان أي مقابل. الله يحب لأنه لا يسعه سوى أن يحب تماما مثل الشمس التي لا يسعها سوى أن تشرق على الجميع وتدفئهم ودون مقابل. منذ مهد التاريخ وحتى زماننا هذا الآن، يبدأ الله بالحب. الله ينحني على الإنسان ويقبله قُبلة الحب، قُبلة النعمة. يقول الإنجيل: "في هذا هي المحبة: ليس أننا نحن أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا" (1 يوحنا 4 : 10) ثم يوضح الأمر بأكثر تحديد بآية لاحقة: "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا" (1 يوحنا 4 : 19). قد نُعجب بشخص ما ونستلطفه فنحبه بنسبة 90 في المائة ثم يفتر حماسنا مع الوقت تجاه هذا الشخص لأي سبب من الأسباب ونحبه بنسبة 50 في المائة (نحبه نُص نُص، كما نقول بالعامية). مع الله الأمر يختلف تماما. عندما يحبني الله فهذا ليس مجرد "استلطاف" بل حبه ثابت ولا يتزعزع ولا يتأثر بأي عوامل خارجية. إنَّ حبه غير متوقف على شخصيتي أو على تصرفاتي ولكن على طبيعته المحبة والتي تتصف بالديمومة والرسوخ والثبات ولذلك وصف الكتاب المقدس الله على أنه "صخر" إشارةً في هذا إلى الثبات وعدم التقلب أو التغير بحكم الظروف. الله في الإنجيل يحب الإنسان مائة بالمئة وهو في عمق خطاياه ويحبه بنسبة مائة في المائة وهو أقدس الأبرار كذلك. محبة الله للإنسان لا تخضع للمزاجية أو تتوقف على صلاح الإنسان أو ضلاله.
عندما يحبني الله فهو يحبني بكل كيانه ويتجه نحوي أنا بكل كيانه وينحني علي ويضمني إليه إذ تحن أحشائه إليّ أنا (إرميا 31 : 18 ـ 20).
عندما يحبني الله فهو لا ينظر إلي من علياء سمائه بل ينزل تماما إلى مستواي. يكلمني في إنسانيته، نعم إنسانية إلهي التي أتلامس معها في المسيح أيقونة الله الآب. وفي تلامسي مع إنسانيته الإلهية أكتسب من الله ما له، ما يخصه، وبهذا تصل إنسانيتي لأعلى درجة ممكنة من الرقي الإنساني. إنه يشركني في حياته الإلهية ويقضي على العزلة في حياتي. هل تحلم بأن تكون إنساناً حضارياً؟ نقول عن فلان ما أحلاه فكله إنسانية وإنسانيته لا مثيل لها. من أدراك؛ فلربما كانت هذه الإنسانية الراقية التي يتحلى بها هي نتيجة أنه قد استقبل الحب الإلهي بتمامه في كيانه؟ إنه التلامس بين الله الحبيب والإنسان المحبوب. صرت أُحَب وهدف حبه. كوني أستقبل حب مقداره هذا في كياني، هل تغيرت؟ هل أحب نفسي وأقبلها مثلما يفعل ربي معي أم أني جلاد لذاتي كثير النقد والسلبية المريرة؟
اسمح لنفسك بأن تُحَب؛ واعط نفسك مجالاً أن تُحَبّ. استقبل الحب. عند الله، كونك تُحَبّ أهم لديه بكثير من أنك تُحِب وتفعل كذا وكذا كي ترضيه إذ لست واحدًا من عبيد الله كما هو في الإسلام. لابد لحبه أن يكون له تأثير عميق في نفسي أولاً فيشكلني ويصوغني ثم بعد ذلك فقط ينتقل مني هذا الحب بشكل عفوي للآخرين. لا نريد لحبنا لله أو الآخرين أن يتم بشكل ميكانيكي آلي في صورة أوامر ونواهي؛ فما هذه هي المسيحية أبدًا. يفيض الحب مني للآخرين بعد أن يفيض حب الله بالكامل دافقًا في قلبي. كيف أقدم الحب للآخرين وأنا لم أستقبله من مصدره الأصلي وهو الله؟
لا تنشغل بخطاياك الكثيرة فيكون هنا تركيزك على الضعف والعيوب في حياتك وإنما لتنشغل بالأحرى بقوة الله والتي هي قادرة أن تنتشلك من وهدة الضعف الإنساني. انشغل بمحبة الله لا ضعفك. كن على يقين أن محبته لك تستر كثرة من الخطايا. ليكن تركيزك على حبه هو لا على ضعفك أنت. تأمل كم أنت محبوب من الله حبًا لا يقف عند أي حد أو شرط ولا يكن تركيزك أبدًا على الضعف أو النقائص أو العيوب في حياتك. وحده الحب سيقتادك لتغيير الاتجاه أو ما قد نسميه بالتوبة. الحسرة وجلد الذات لا يقودانك إلى التوبة بل إلى كراهية ذاتك والسلبية والاكتئاب ثم تنزلق دون أن تشعر في خطايا أكبر وتتفاقم المشكلة. الحرمان من الحب سيجعلنا ميالين للانتقاد والمرارة وصغر النفس والإعابة في الآخرين. الحب بخلاف ذلك يجعل النفس كبيرة وتلتمس العفو والأعذار لجميع الناس في شفقة وحنان إلى مالا نهاية. تلك هي ما نسميه بحياة النعمة المسيحية.
من أكثر ما يجذبني إلى المسيحية هو أني أبصر الله وهو يتطلع في وجهي ويقول لي: أنت إبراهيم عرفات وأحبك كما أنت بكل ما فيك من عيوب ونقائص تخجل منها أمامي. أحبك يا إبراهيم كفرد بذاتك لا كـ "عبد" يُضاف إلى قطيع اسمه "الأمة". أنت الفرد هو ما يهمني ولك كل حبيّ بالكامل. أنت فرد ومن ثم فأنت فريد متفرد بذاتك تماما مثل بصمات اليد والتي لا تشبه البصمة الواحدة منها الأخرى. بحبك لي يا رب جعلتني شخصية محبوبة إذ وضعت صفاتك فيّ. كان لابد أن أن أُحَب أنا أولاً قبل أن أحب الآخرين. بفيضان حبك في قلبي يفيض الجمال في نفسي إذ أن أي جمال في الوجود يعود إليك وحدك لأنك الأصل والمنبع لكل شيء. وكما يُلاشي النور الظلام فهكذا الله يُلاشي بجماله أي قُبح من نفسي. لننشغل بالجمال لا بالقبح. وبالجمال سوف يخلص العالم من كل ما فيه من قبح كما يقول دستوفسكي. عندما أستقبل حب الله ويتغلغل في نفسي فهو يطهرني من أدران نفسي؛ إذ لا يتم التغيير بمجموعة من العقائد الدينية البراقة أو الصارمة وإنما وحده الحب يطهِّر نفسي والصرامة تنشيء كائنات معقدة نفسيًا. كل المطلوب هو أن أستقبل هذا الحب الأول أي الله الذي هو حب في المسيح وعندها تحدث أعظم ثورة في تاريخ حياتي: ثورة الحب. حب المسيح سوف يثور في نفسي ويقلبها رأسًا على عقب ولن أكن كما كنت من قبل لأني سوف أصبح محبوبًا وأستشعر هذا الحب في قلبي وعقلي وعواطفي ومن ثم تكون لي شخصية محبوبة ينجذب إليها الناس. الحب واحد من الأساس ويتفاوت في دفقه بدرجات مختلفة ولكنه سواء كان حب جنسي أو حب أفلاطوني أو حب أخوي فمصدره الإله الخالق ويأتي منه مباشرة إذ لا سبيل لنا لتجزئة الحب بل الحب في أصله واحد. نعم، الله يحب الإنسان في الإسلام ولكنه حب متوقف على مدى صلاح العابد بينما في المسيحية الله يحبني وأنا خاطيء. في الإسلام، الله يحب حب مشروط ولكن في المسيحية الله يحب حب بلا شروط إذ هو يحبنا ونحن بعد خطاة ولا نزال خطاة مع فارق أننا ننال الرضى منه بالتصالح معه والانسجام مع إرادته فتكون طريقه هي طريقنا وسبيله هي سبيلنا فننعم بصحبته في دربه.


صورة المستخدم

Khalifab13

مشترك منذ : 18-01-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 2267
مجموع النقاط : 1956 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Khalifab13
منذ 12 سنة

بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة المؤمنون:
وصلنا في موضوع الزواج إلى حقوق الزوجة، وحقوق الزوجة كما بينا من قبل حقوق مادية، كالمهر، والجهاز، والنفقة، وحقوق معنوية. أولى هذه الحقوق المعنوية حسن المعاشرة.
والحق الثاني غير حسن المعاشرة صيانة الزوجة، فماذا تعني صيانة الزوجة .. يجب على الزوج أن يصون الزوجة ويحفظها من كل ما يخدش شرفها.
يعني هناك أزواج يأخذون من زوجاتهم حظوظهم، ولكن لا يعنون بشرف زوجتهم، وسمعتها، وصيانتها، فهم يستهترون بالقواعد الشرعية التي شرعها الله عز وجل فكلما يثلم عرضها، ويمتهن كرامتها، ويعرض سمعتها لمقالة السوء، هذا مما يتحمله الزوج أمام الله عز وجل.
وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( إن الله يغار.الغيرة على الزوجة خلق عظيم. وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حُرم عليه))
ما الفرق بين غيرة الله عز وجل وبين غيرة المؤمن، الله سبحانه وتعالى يغار على عبده أن يعصيه، لذلك مما يدل على غيرة الله عز وجل أن العبد إذا عصاه ساق له من الشدائد ما يجعله يعود إليه راشداً غانماً.
الله سبحانه وتعالى يغار أيضاً أن يرى عبده يعتمد على مخلوق مثله من علامة غيرة الله عز وجل أن هذا المخلوق الذي اعتمد العبد عليه يخذله، هذه علامة ثانية. إذا اعتمدت على عبد من عباد الله وعلقت عليه الآمال يغار الله عز وجل، إذا تذللت أمام فلان وفلان عبد مثلك لا يملك شيئاً لا يقدم ولا يؤخر، يغار الله عز وجل، فيجعل الإساءة عن طريق هذا الذي اعتمدت عليه، إذا التفت إلى ما سواه يغار الله عز وجل، حتى أن بعضهم يفسر أن سيدنا إبراهيم عليه أتم الصلاة والتسليم، حينما التفت إلى ابنه إسماعيل وهو نبي كريم غار الله عز وجل، فأمره أن يذبح ابنه. لما يركن المؤمن لشيء مما سوى الله عز وجل إذا ركن المؤمن لزوجته، وظن فيها سعادته لابد من أن تسيء هذه الزوجة، لأن الله يغار خلقتك من أجلي، لم أخلقك من أجلها.
إذا تعلق الإنسان بأي جهة من الجهات، ورأى فيها خلاصه فإن الله يغار، هذه غيرة الله، من غيرة الله عزوجل أن العبد إذا بقي شارداً عن الله ملتفتاً إلى الدنيا بعث إليه شيئاً يذكره بالله، حتى يسمع صوت عبده الله فان.
يعني إذا واحد زوج ابنه، كان يأتي إليه كل يوم مرة، بعدما زوجه لم يعد يأتيه بالشهر مرةً، يتألم الأب، أنسيتنا ؟..
الأب زوج ابنه، النفقات على الأب، هو اختار له إياها، لما رآها نسي الأب. الأب يغار.
والله سبحانه وتعالى إذا رأى عبداً مؤمناً في الشدة ملتفت إليه، فلما آتاه الدنيا نسيه، يغار، يسلبها منه.
إذا واحد يحب أن لا يسلبه الله النعم فلا يتعلق بها، إذا تعلق بها سلبها الله منه، هذه غيرة الله عز وجل، أما غيرة المؤمن:
(( فإن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حُرم عليه))
وروي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( ما أحج أغير من الله، ومن غيرته حرم الفواحش ))
لأن الله يغار حرم الفواحش، يعني أن يتعلق إنسان بغير زوجته الله يغار، وهذا محرم، زوج يميل إلى غير زوجته، زوجة تميل إلى غير زوجها، يصير استلطاف، إن الله يغار، هذا لم يسمح الله به عز وجل، سمح لك بالزوجة، قال تعالى:
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)﴾
[سورة المؤمنون]
(( ما أحد أغير من الله، ومن غيرته فإنه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وما أحد أحب إليه المدح من الله عزوجل، ومن أجل ذلك أثنى على نفسه، وما أحد أحب إليه العذر من الله عزوجل ومن أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ))
الحديث جميل جداً، يوضح أخلاق الله عز وجل.
((قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ))
[أخرجه البخاري ومسلم]
يعني إذا إنسان وهو في محله التجاري دخلت عليه امرأة،إذا كان يحب الله عز وجل فالله يغار أن يلتفت هذا الرجل إلى هذه المرأة يجب أن يكون التفاته إلى زوجته فقط والزوجة إذا كانت مؤمنة تصون نفسها، وتخاف أن تكون غيرة الله عزوجل قد اطلعت عليها لذلك من علامات إيمان المؤمن العفة عند الرجال وعند النساء.
أما هناك فكرة ساذجة، سخيفة أن الرجل لا يعيبه شيء، والله الذي لا إله إلا هو إن الذي يعيب المرأة يعيب الرجل، في عالم الإيمان ما يعيب المرأة يعيب الرجل، أما في عالم الجهلة الرجل لا يعيبه شيء، أما المرأة فقط يعيبها كل شيء، المرأة والرجل سواء في العيب.
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى ))
[النسائي وأحمد]
العاق لوالديه: لا يوجد إنسان أقرب لإنسان من الأب لابنه، فالذي يعق والديه لا يدخل الجنة أبداً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة ))
وفي رواية " فلن يُغفر له.. ".
لو أن في اللغة أقل من كلمة أف لقالها الله عز وجل، يعني أقل كلمة، أقل صوت، أف اسم صوت، يعني أتضجر، أقل كلمة في اللغة إصدار صوت من الشفتين هو الفاء، في هذه الكلمة عقوق للوالدين.
ساذجة، سخيفة أن الرجل لا يعيبه شيء، والله الذي لا إله إلا هو إن الذي يعيب المرأة يعيب الرجل، في عالم الإيمان ما يعيب المرأة يعيب الرجل، أما في عالم الجهلة الرجل لا يعيبه شيء، أما المرأة فقط يعيبها كل شيء، المرأة والرجل سواء في العيب.
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى ))
[النسائي وأحمد]
العاق لوالديه: لا يوجد إنسان أقرب لإنسان من الأب لابنه، فالذي يعق والديه لا يدخل الجنة أبداً، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة))
وفي رواية " فلن يُغفر له.. ".
لو أن في اللغة أقل من كلمة أف لقالها الله عز وجل، يعني أقل كلمة، أقل صوت، أف اسم صوت، يعني أتضجر، أقل كلمة في اللغة إصدار صوت من الشفتين هو الفاء، في هذه الكلمة عقوق للوالدين.
(( ما بر أباه من شد النظر إليه ))
قال له: أحضر لنا هذه الحاجة من السوق، فنظر له هكذا وقال طيب. ذهب فأحضر الحاجة من السوق ثم عاد، ولكن هذه النظرة فيها عقوق للوالدين. لذلك من علامات أهل الإيمان أن الآبناء يعتزون بآبائهم.
(( والنبي الكريم قال: رحم الله والداً أعان ولده على بره ))
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى ))
[النسائي وأحمد]
من هو الديوث: النبي الكريم في أحاديث أخرى عرف الديوث قال: الذي لا يغار على عرضه، أو يرضى الفاحشة في أهله، يعني إذا أخذنا التعريف الدقيق الذي يرضى الفاحشة في أهله بالمائة خسمة في بلادنا، الذي يبلغه أن امرأة تأتي المنكر، وتأتي الفاحشة ويسكت هؤلاء قلة قليلة، ولكن الذي لا يغار على عرضه كثرة كثيرة، يعني إذا الأب جالس وزوجته على الشرفة تنشر الغسيل، وهي متبذلة في ثيابها، هذا الذي يرى زوجته هكذا، ولا يتحرك فيه شيء، هذا في عرف رسول الله ديوث، الديوث لا يدخل الجنة، الذي يفتخر أن تظهر زوجته بأكمل زينتها أمام الأجانب، ويدعو الناس إلى التعرف على زوجته.. بعرفك عليها زوجتي المصون. أي مصون هذه. هذا الذي يرضى الفاحشة في أهله، أو لا يغار على عرضه ديوث، والديوث لا يدخل الجنة. ولا يذهبن الظن بكم إلى أن هذا تشدد حينما تبدو المرأة بزينتها أمام أجنبي لابد من أن تقع أشياء لا تُحمد عقباها أقل هذه الأشياء ميل القلب يعني أطهر إنسان إذا التقى إنسانة في مكان، في دائرة، في غرفة، وتملى منها، لو لم ينبس ببنت شفة أقل شيء أنه يميل إليها وينقطع عن الله عز وجل، لكن الإنسان إذا مال إلى زوجته لا ينقطع عن الله، يقوم ويصلي ويقبل في صلاته، لأن هذه حلال، يصلي العشاء، ويصلي الفجر، ويقبل على الله، ويستغرق في كمال الله، وهو مائل إلى زوجته، لأن هذا يرضي الله عز وجل، حتى أن النبي الكريم قال:
(( إذا نظر الرجل إلى امرأته نظرة رحمة أظلهما الله برحمته ))
((وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هي لك صدقة))
يعني كأن الله في عليائه يرضى عن زوجين متحابين، سبحان الله. يرضى عن زوجين ودودين، يرضى عن زوجة تؤثر رضى زوجها وعن زوج يؤثر رضى زوجته، هذا كله شيء مباح، هذه القناة الصحيحة، هذا الشيء المسموح به.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)﴾
[سورة المؤمنون]
إذاً العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء، يعني المرأة المسترجلة التي تبدوا كالرجال فيما تلبس، أو فيما تقول، أو تقلدهم فيما يفعلون، في كلامهم، في حركاتهم، في تصرفاتهم، في أشياء ترى أنها ترتفع في نظر الناس إذا قلدت الرجال.. شيء يقوله علماء النفس: المرأة هي أنثى وفيها أنوثة، إذا استرجلت المرأة فقدت أنوثتها، وإذا فقدت المرأة أنوثتها فقدت أجمل ما فيها ؛ الوقاحة، الصوت المرتفع، التصرفات التي تكون معهودة عند الرجال إذا فعلتها النساء.
الطلاقة، أحياناً أنت تغض بصرك وهي تنظر إليك، أنت مستحي منها وهي تنظر إليك، هذه امرأة مسترجلة، رجلة.
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَجَّاجٌ لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ))
[متفق عليه]
فالمرأة الرجلة، والديوث والعاق لوالديه هؤلاء لا يدخلون الجنة. ويقول عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً الديوث والرجلة من النساء، ومدمن الخمر قالوا: يا رسول أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث، قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله ))
تقول: والله جاء رفيقك في غيابك، يقول: أدخلتيه، ما حلوة ما تدخلينه، لماذا أدخله ؟ أأستقبله في البيت في غيابك، لا يبالي. يأتي رفيقه يقول: هاتي القهوة أم فلان. ماذا هاتي القهوة، هذا شيء لا يجوز، هذا ديوث.
شيء يقوله علماء النفس: المرأة هي أنثى وفيها أنوثة، إذا استرجلت المرأة فقدت أنوثتها، وإذا فقدت المرأة أنوثتها فقدت أجمل ما فيها ؛ الوقاحة، الصوت المرتفع، التصرفات التي تكون معهودة عند الرجال إذا فعلتها النساء.
الطلاقة، أحياناً أنت تغض بصرك وهي تنظر إليك، أنت مستحي منها وهي تنظر إليك، هذه امرأة مسترجلة، رجلة.
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حَجَّاجٌ لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ))
[متفق عليه]
فالمرأة الرجلة، والديوث والعاق لوالديه هؤلاء لا يدخلون الجنة. ويقول عليه الصلاة والسلام:
((ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً الديوث والرجلة من النساء، ومدمن الخمر قالوا: يا رسول أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث، قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله "))
تقول: والله جاء رفيقك في غيابك، يقول: أدخلتيه، ما حلوة ما تدخلينه، لماذا أدخله ؟ أأستقبله في البيت في غيابك، لا يبالي. يأتي رفيقه يقول: هاتي القهوة أم فلان. ماذا هاتي القهوة، هذا شيء لا يجوز، هذا ديوث.
قالوا: يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما الديوث قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله، قلنا فما لارجلة من النساء قال: التي تتشبه بالرجال ".
إذا وكما يجب على الرجل أن يغار على زوجته فإنه يُطلب منه أن يعتدل في هذه الغيرة، هنا حالتين، حالة سليمة، وحالة مرضية. مرضين ووضع سليم، المرض الأول المبالغة في الغيرة، هذه مرض، والمرض الثاني عدم الغيرة، ديوث، لا يبالي، لا يهمه. أما الوضع السوي: الاعتدال في الغيرة، فلا يبالغ في إساءة الظن به ولا يسرف في تقصي كل حركاتها وسكناتها، ولا يحصي جميع عيوبها فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل.
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَعِنْدَ الصَّدَقَةِ وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخُيَلَاءُ فِي الْبَاطِلِ))
[أخرجه النسائي وأبو داود وأحمد]
الغيرة في الريبة: شعرت الوضع غير طبيعي، صار فيه ريبه في وضع لست مرتاح له، الآن الغيرة يحبها الله. لكن زوجتك مؤمنة طاهرة، لم تر أبداً في سلوكها.. تقصي الحركات والسكنات، ومن خبرك، وأريد أن أحضر جهاز يسجل لي المخابرات الآتية في البيت المبلغة في هذا الموضوع مما يفسد العلاقة الزوجية. إن كانت هذه الغيرة مبنية على ريبة فهي التي يحبها الله عز وجل، وإن كانت هذه الغيرة غير مبنية على ريبة فهذه التي يبغضها الله عز وجل، وهي التي تسيء العلاقة بين الزوجين.
كذلك المرأة، هناك امرأة غيورة، والغيرة في النساء مرض وضعها الطبيعي سوي، هناك امرأة لا تبالي، هذه مريضة، وهناك امرأة تبالي كثيراً لدرجة أنها ترهق زوجها بالتحقيقات ؛ أين كنت، ومع من ذهبت. وامرأة بين بين، هذه تغار على زوجها إن ارتابت في سلوكه، ولا تغار عليه إذا كانت واثقة من أخلاقه.
((وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ))
يعني إذا كنت أمام عدو لله يجب أن تظهر بمظهر قوي، إن هذه المشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن.
وعند الصدمة، أحياناً الإنسان يبلغ نبأ مفجع، الله يحب الإنسان إذا تبلغ نبأ مفجع أن يكون متماسك، الصبر عند الصدمة الأولى، يعني إذا المرأة بكت لا مانع، المرأة تبكي والطفل يبكي، والصغير يبكي، والشاب يبكي، والشابة تبكي، والبكاء لا يزلزل مكانة الباكي، أما إذا الزوج بكي تنهار الأسرة كلها، يعني بكاء الزوجة شرف لها، بكاء الابن شرف له، لكن بكاء الرجل عند المصيبة بكاؤه إذا تجلى الله على قلبه هذا بكاء الصحابة الكرام، هذا بكاء الصديقين، هذا البكاء الذي يحبه الله عز وجل، إن لم تبكوا فتباكوا، يعني إذا إنسان جلس بذكر الله عز وجل وفاضت عيناه في الدموع أقول له هنيئاً له، قلبه حي، في حياة بقلبه، في نبض، تذرف عيناه بالدموع، هذا البكاء ليس له علاقة في حديثنا، أما إنسان بلغه نبأ فبكى، هو الرجل هو القيم في البيت، لذلك من صفات الرجال المحنكين، وفي الأزمات أنهم متماسكون عند الزلازل، أحياناً قائد جيش إذا فرطت أعصابه تفرط المعركة كلها، القيادة العالية التماسك الداخلي، مهما كانت الأخبار سيئة في الحرف، مهما كان هناك تقدم واجتياح ترى القواد الكبار متماسكون، لأنه إذا انهارت أعصابه انتهت المعركة. حتى ربان السفينة، يكون هناك أخطار هائلة، على وشك الغرق، ربان الطائرة، قائد الطائرة يكون في مطبات جوية خطيرة جداً، أحياناً يكون في عطل خطير بالطائرة، إذا انهار الربان ينتهي، ويموت الركاب جميعهم. هناك مناصب قيادية أحوج ما يحتاج فيها الإنسان إلى رباطة الجأش وتماسك الأعصاب. فالله عز وجل يحب الإنسان أن يكون عند الصدمة رابط الجأش متماسك. رجل.
((ثلاثة أنا فيهن رجل ؛ ما سمعت حديثاً من رسول الله إلا علمت أنه حق من كتاب الله تعالى، ما مشيت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول، ما صليت صلاة فشُغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها. رجولة ))
﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)﴾
[سورة النور]
سُئلت امرأة مسترجلة، أنك على هذا الموقف ثابتة، قالت لهم: هل أنا رجل حتى أقلب. رجل أنا ليش. يعني نحن في عصر ضاعت قيمة الرجال، يعني هي تترفع عن أن تكون رجلاً فتغير موقفها. شيء مؤلم.
((والاختيال الذي يبغضه الله عز وجل الاختيال بالباطل))
يقولون أن أحد الصحابة كان له شأن ليس اختيال حاشى لله، كبر لا، في موقف ظنه الصحابة تيه، فقيل له ما هذا التيه يا فلان، قال: هذا ليس تيهاً ولكنها عز والطاعة.
الطائع يشعر بعزة، إذا إنسان طائع لله عز وجل يحس نفسه غالي على الله أحياناً بحياتنا الاجتماعية، إذا رجل له مكانة كبيرة في دائرة، عنده موظف مخلص، ومستقيم وانجازه شديد، ومقرب من هذا المسؤول الكبير، ترى هذا الموظف المخلص المستقيم النزيه عنده نوع من أنواع الكبرياء، هذه مقبولة.. الحمد لله الذي أخرجنا من ذل معصيته، إلى عز طاعته. والله الذي لا إله إلا الله، في قلب المؤمن عزة لو جمعت أهل الأرض كلهم وما فيهم من كبر لا يبلغون ما عنده من عزة، قال تعالى:
﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)﴾
[سورة النساء]
المؤمن عزيز. يعني سيدنا عبد الرحمن ابن عوف، جاءه رجل يقول له: يا أخي أنت أخي في الله، خذ هذا البستان بكامله، هدية قال له: بارك الله لك في مالك، ولكن دلني على السوق. يعني أحياناً، إذا قلت لإنسان خذ هذا المبلغ، يتألم، إذا دين آخذه، بحاجة طيب دين، أنت كن رقيق، وقل له: دين. بكلمة دين حفظت له ماء وجهه.
وقال علي كرم الله وجهه: قال: لا تكثر الغيرة على أهلك فتؤتى بسوء من أجلها.
يعني إذا واحد أكثر الغيرة، في شخص كان يقفل الباب، ما هذا الحكي، الشباك مفتوح، إذا قفلت الباب في تلفون، ما في حل وسط يا في ثقة، أو عدم ثقة، أنت ابحث عن زوجة من أرقى الناس، من أشرف العوائل، ادرس الأمر دراسة ملية، لا تتسرع بالزواج لأن الشك يتلف الأعصاب.
* * * *
إلى بعض الأحاديث الشريفة.
هناك بعض الأحاديث القصيرة التي تبدأ بكلمة إنما..
((يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاض))
[أخرجه ابن ماجه]
طبعاً المعنى واضح، والحديث من الأحاديث الواضحة، لكن أردت أن أذكره لفكرة واحدة، هو أن بعض الباعة يستغلون جهل بعض الزبائن، يقول لك: هو راض. مثلاً يأتي زبون، هذه الحاجة سعرها عشرة، رآه غشيم قال له: ثلاثين، قال له: راعينا، قال بخمس وعشرين من أجلك، أنت باين عليك ابن حلال، يقول: طيب أعطني، ماذا يظن هذا البائع، أن هذا البيع عن تراضي، طيب لو كُشف لهذا الشاري أن هذه الحاجة سعرها عشر ليرات، هل يرضى ؟ لا يرض، لذلك التراضي هنا ليس معناه أن يرضى وهو لا يعلم أن يرضى وهو يعلم السعر الحقيقي، هذه الناحية أضعها بين أيديكم لأنها خطيرة.
أخي هو رضي، أحياناً يخفي العيب، النبي الكريم قال: من باع عيباً. ما سماه سلعة، باع عيباً، فكلمة تراضي، الإنسان لا يرضى إذا كان مغبوناً، أما يرضى إذا كان جاهلاً، فرضاه وهو جاهل لا قيمة له، ولا علاقة له بهذا الحديث إطلاقاً.
رضى الشاري الجاهل لا علاقة له بهذا الحديث، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((غبن المسترسل حرام))
من هو المسترسل الغشيم، الجاهل، سبحان الله إذا كان الباعة غير المؤمنين إذا عرفوا أن هذا الشاري جاهل يرفعون السعر إلى درجة مذهلة، لذلك عندما يسخر الله أناس لقمع أناس فالله حكيم، وهؤلاء دواء لهؤلاء، وأما المستقيم فلا سلطان لأحد عليهم.
((إن البيع عن تراضٍ))
يعني التراضي الحقيقي.
حديث آخر:
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ))
يعني أي نوع من أنواع الأيمان حنث أو ندم، حلفت أن لا تزور بيت أختك، إن زرتها حنثت في يمينك، وإن لم تزورها تندم وتقول ما كان يجب علي أن أحلف هذا اليمين. في حالة ندم، فالإنسان يكون حر طليق يقيد نفسه بيده. حلفت يمين أن لا تذهب زوجتك إلى عند أمها، الآن إذا ذهبت صار في طلقة، وإن ما راحت فأنت متألم يعني زودتها في هذا اليمين، أمها، مثل ما تحب أن تزور أمك هي تحب أن تزور أمها، فكل إنسان يحلف لابد من أن يندم، ولا بد من أن يحنث، والحنث مشكلة، والندم مشكلة.
وقال اصيحاب الكرار أو الردى فقلت هما أمران أحلاهما مر
انظر إلى هذا الكلام الموجز،
((إنما الحلف حنث أو ندم ))
أحياناً يكون له جار سمان، يتخانق هو وإياه، يحلف بالله أن لا يشتري منه، يأتيه أيام ضيف، ويلزمه أوقية لبن، وهو بجانبه، والباعة بعيدون، فيتغلب غلبة لأنه حلف اليمين لا تحلف يمين، لا تقيد نفسك أبداً، خليك حر طليق، أنت قل بنفسك لا تشتري من عنده إذا ما أعلنت هذا الشيء ما بقي في تراجع أمامه، تحتاج إلى هذا الإنسان، وأنا بلاقي من علامة جهل الإنسان كثرة أيمانه، كيف ما تحرك يحلف يمين، تراه مقيد، من شيخ إلى شيخ دخيلكم حلفت طلقت ولا ما طلقت، والله نحتاج نحن إلى مجلس خبراء من أجل هذا الموضوع.
(( إنما الطاعة في معروف ))
أحاديث كلها موجزة، يعني أحياناً تظن الزوجة أن الله أمرها بطاعة زوجها وإذا أمرها بسيفور، فهذه ليست طاعة، إذا أمرها أن تدخل على رفيقه وتسلم عليه، هذه ليست طاعة. حيثما وردت كلمة طاعة في القرآن والحديث فيعني في المعروف، فيما شرع الله، فيما أمر به، فيما سمح به، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أي مخلوق. من يطيع مخلوقاً في معصية الخالق. كمن يتلقى أمر من عميد، ويتلقى أمر من عريف، فيطيع العريف ويعصي العميد، يكون لا يعرف الرتب إطلاقاً، لا يعرف الصلاحيات، هذا إنسان لا تقدم طاعته ولا تؤخر، ولا تقدم معصيته ولا تؤخر، ولكن ذاك الذي يملك السلكة، هذا مثلا منتزع من حياتنا، فالذي يطيع إنساناً ويعصي إلهاً، هذا منتهى الحمق، إنه من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله.
رجل لتات، وزوجة لتاتة، في نكشة، اتبع القصص كلياته، ما بيجي ولاد منه لما منها. هذا من بعض الاستنباطات. أن ربنا عز وجل يزوج الرجال ما يشبههن من النساء وأغلب الظن أنه هذه الزوجة أنسب زوجة لي. يعني الزواج حدث ضخم. طبعاً في حالات شاذة، لها تفسير، أما الحالة العامة أن الطيبين للطيبات.
الطيبون للطيبات والطيبات للطيبن، والزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة. له غلطة لها غلطة، له خبرات سابقة، لها خبرات سابقة عفيف جداً عفيفة جداً، ورع ورعة إنما النساء شقائق الرجال. في رجل فطن في امرأة فطنة، في رجل عنده ذكاء اجتماعي في رجل أحمق في امرأة حمقاء. لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
(( لا تسترضعوا الحمقى فإن اللبن يعدي ))
هذه الحقيقة اكتشفت حديثاً أن جزءً من أخلاق المجتمعات يتأثر بنوع الطعام بنوع اللحوم التي يأكلها المجتمع.
((فلا تسترضعوا الحمقى فإن اللبن يعدي))
((وتخيروا لنطفكم فإن العرق دسـاس ))
فهذه الأحاديث:
((إنما النساء شقائق الرجال))
((إنما الطاعة في معروف ))
((إنما الحلف حنث أو ندم))
((إنما البيـع عن تـراض ))
حقائق أساسية، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. لا تحلف يميناً مهما يكن السبب، إلا إذا استحلفت، إذا استحلفت لا خيار لك.
قال له: أنا والله حلفت، ولكن نويت على غيرها. قال: له أخذت منه المبلغ قال: ما أخذتهم أنا سيدي، قصده المفاتيح ما أخذهم. اليمين على نية المستحلف على على نية الحالف. يحنث بيمينه بحسب نية المستحلف لا بحسب نية الحالف.
* * * *
والآن إلى السيرة التي نتحدث عنها كل أسبوع، وهي متابعة لقصة سيدنا عمير ابن سعد.
عمير هذا الشاب الصغير الذي لا يزيد عمره عن عشر سنين والذي حدثتكم عنه في الدرس السابق، وكيف أنه كان سبباً في توبة عمه زوج أمه الجلاس، وكيف أنه وقف موقفاً رائعاً.
اليوم خطر في بالي خاطر، النبي الكريم كان يصلي، بعد أن نوى الصلاة وائتم به الصحابة الكرام، جاء رجل متأخراً فأحدث من الجلبة والضجيج في الجامع ما شوش على المصلين صلاتهم، بعد أن انتهى النبي الكريم من صلاته، قال لهذا الرجل: زادك الله حرصاً ولا تعد. استنبط العلماء من هذا القول أن فن الانتقاد الناجح، المثمر مبني على حقيقتين الحقيقة الأولى أن تبدأ بالثناء على الذي تنتقده.
عندك ابن غلط ؛ أنا والله يا بني مسرور من أمانتك، ومن أدبك، ومن صلاتك لكن هذا الموضوع لا أحبه لك. لما الابن سمع كلمات الثناء بما هو أهله، الشيء الواقعي صار هذا الثناء يتحمل النقد، هذه بتلك، صار في تعادل.
أساساً ألف كتاب اسمه كيف تكسب الأصدقاء، لدييل كارينجي، هذا مؤلف أمريكي، الكتاب طُبع منه خمس ملايين نسخة، من أوسع الكتب انتشاراً، يعني كيف تعامل الناس معاملة يحبوك فيها، هناك رجل عالم في مصر، ألف كتاب تعقيباً على هذا الكتاب ماذا فعل ؟ دلل على أن كل قواعد هذا الكتاب إنما هي آيات كريمة، وأحاديث شريفة. ففي أحد الفصول، أنه إذا أردت أن تنتقد مرؤوساً لك.. أنت مدير معمل، مدير مؤسسة، رئيس دائرة، مدير ثانوية، مدير مدرسة، ضابط في قطعة عسكرية، عندك عنصر أساء، لابد من أن تحاسبه، لما تحاسب هذا العنصر على خطأه ولا تذكر محاسنه، هذا العنصر ينقم عليك، هذا العنصر عامل جهده، جاء باكراً، عامل أعمال لا بأس بها، غلط غلطة مع مراجع مثلاً، استدعاه المدير، هذه كيف تغلطها ؟. يتألم بنفسه، أنه أما رأى دوامي مضبوط ما رأى إخلاصي، ما ارتشيت في حياتي. لما المدير العام يقول له أنا مسرور من نزاهتك وأنا أعرف أن دوامك مضبوط. وأنا بلغني أنك إنسان نبيه، لكن هذا الموضوع لا تريده أن توصف به. والموضوع كذا وكذا وكذا. الثناء الحقيقي، المعتدل، الواقعي، إذا بدأ به الذي يحاسب، ثم ثنى بالخطأ هذا الخطأ يُتقبل، فالنبي الكرم لما ركض هذا الإنسان أحدث جلبة وضجيج، وصياح في المسجد، وشوش على المصلين، هذا عمل سيء، ولكن بدافع ماذا بدافع حرصه على الصلاة، قال له عليه الصلاة والسلام: زادك الله حرصاً ولا تعد.
جربوا هذه القاعدة، ما في واحد منا ما، قد يكون أب، قد يكون معلم، قد يكون عنده موظفين في محل تجاري، أنت أثني على ما هو موجود، ثم ثني بالخطأ، وعلى انفراد إذا أمام الناس صار تشهيراً والإنسان قلما يعترف بخطأه إذا كان في ملأ. لا يعترف بخطأه.
فلذلك سيدنا عمير بن سعد شلوك حكى كلمة كفر، الجلاس حكى كفر، لكن أحسن له كثيراً، قال له: والله يا عماه، ما من رجل على ظهر الأرض أحب إلي بعد رسول الله منك. بدأ بموقفه، حتى لا يقول ما هذا اللؤم، مربي، مطعمي، كسيته، اعتنيت فيه هيك طلع منو. يعني أنا عرفان فضلك علي، أنا عرفان اليد البيضاء التي علي.
سيدنا رسول الله بلغه أن بعض الأنصار زعلانين، قال له: يا رسول الله: إن قومي وجدوا عليك في أنفسهم، سيدنا سعد بن عبادة قال: ولمَ، قال: في هذا الفيء الذي وزعته على الأنصار، قال له: يا سعد أين أنت منهم ؟ قال: ما أنا إلا من قومي. والله أنا مثل حكايتهم زعلان أيضاً. قال له: اجمع لي قومك، فجمع قومه، قال لهم: يا معشر الأنصار، مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم، من أجل لعاعة تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، يا معشر الأنصار، أما أنكم لو قلتم لصدقتم ولصدقتم به: أتيتنا مكذباً فصدقناك (حكى لسان حاله) أتيتنا عائلاً فأغنيناك، أتيتنا ضعيفاً فنصرناك، هذا صح، لو قلتم هذا أنتم صادقون، ولو قلتم للناس هذا أنتم مصدقون، أنتم صادقون ومصدقون. ولكن يا معشر الأنصار، ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله بي (نسيتم الهدى كمان) ألم تكونوا أعداءً فألف بين قلوبكم، ألم تكونوا عالة فأغناكم الله. متى بدأ بفضله عليهم، بعد ما ذكر فضلهم كما يتوهمون، لا ينسى الجميل صلى الله عليه وسلم.
صهره دخل مع المشركين في حربه، أبو العاص، كان أحد جنود أو أحد أبطال إن كان هناك بطولة لجيش الكفار في بدر. ألقي القبض عليه أسيراً، استعرض الأسرى فرأى صهره.. أنت ما فيك بايئة مثلاً، أنت عملت معنا.. قال: والله ما ذممناه صهراً. كصهر ممتاز، أما هنا يحارب رسول الله. بكلمة ما ذممناه صهراً ذوبه ذوبان. وضمه إلى بيته، وأكرمه، وقبل الفداء الأقل من المطلوب وأرجعه إلى زوجته. انظر هذه المواقف كلها أنت تريد أن تنتقد. الآن معظم مشاكل الناس الانتقاد، ينتقده بقسوة فيقطعه، إن الأب مع ابنه إن كان الأخ مع أخوه، الشريك مع شريكه، الزوجة مع زوجها، انتقاد حاد، مؤذي كلمة قاسية، اذكر الميزات، هذه التي تشكو منها، أليست عفيفة ؟ نعم، أليست شريفة ؟ نعم. أليست سيدة منزل جيدة ؟ نعم. تطبخ تطبخ، نظيفة نظيفة، إذا كان تريد أن تعاتب زوجتك، قل له: والله أنا ممنون من اهتمامك، ومن ترتيبك ومن نظافتك، ومن، ولكن لي عندك ملاحظة. انظر الآن كلمة ممنون برد وسلام صار. أما إذا بدأت بالنقد تلقى بركان.. ما لك شايف هذه، ومالك شايف هذه. بقدر ما خدمكم ما ببين. هكذا بتحكي لذلك إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً قالت: لم أر منك خيراً قط.
إذا واحد بلغ سيدنا رسول الله شو معناها، نمام صار، أنه حكا عنك هيك، قال له: إني ذاهب إليه، لأقول له ما قلت. وبهذا الكلام أعطاه فرصة ليتوب. ذكر فضله وانتقده، وأعطاه فرصة، وذهب وما غدر به، وطفل عمره عشر سنوات. الله يعلمنا.
سيدنا عمر رضي الله عنه كان يختار ولاته، وكأنه يختار قدره.
مهم كثيراً أن يحسن الخلفية اختيار الولاة، لأنه أحد أسباب نجاحه في خلافته حسن اختياره للولاة، وأحد أسباب إخفاق الخليفة سوء الاختيار للولاة، هؤلاء الحواشي خطيرون جداً، لأنه إن كان محسنون فالناس في بحبوحة، وإن كانوا سيئون فالناس في بلاء.
قال: وكان رغم بصيرته النافذة، وخبرته المحيطة يستأني طويلاً ويدقق كثيراً في اختيار ولاته ومعاونيه.
اسمعوا هذه العبارة:
كان يقول سيدنا عمر: أريد رجلاً إذا كان في القوم وليس أميراً عليهم، بدا وكأنه أميرهم، وإذا كان فيهم وهو عليهم أمير بدا وكأنه واحد منهم. هكذا يريده.
والله هذا مقياس من أرفع المقاييس، معين أميراً عليهم واحد منهم متواضع، هو ليس أميراً عامل حالة أمير بالرعاية والاهتمام والشؤون وخدمتهم.
إن كان ليس عليهم أمير بدا وكأنهم أميراً عليهم، وإن كان أميراً عليهم بدا وكأنه واحد منهم.
أريد والياً، لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن. يقيم فيهم الصلاة، ويقسم بينهم بالحق، ويحكم فيهم بالعدل، ولا يغلق بابه دون حوائجهم.
هذه الشروط الواجب توافرها في الولاة.
والدليل هكذا كان سيدنا عمر، ترك اللحم أثناء المجاعة أربعين يوم فكركب بطنه فحدثه، قال: يا بطني، قرقر إن شئت أولا تقرقر، فوالله لن تأكل اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين.
جاءته هدية من أذربيجان طعام نفيس، فلما أكلها قال: يا هذا أيأكل عندكم عامة المسلمين هذا الطعام ؟ قال: لا هذا طعام الخاصة. فلفظها من فمه وقال له: لك مما يأكل به عامة المسلمين.
في ضوء هذه المعايير اختار سيدنا عمر عمير بن سعد بعد ما كبر والياً على حمص، وحاول عمير أن يخلص منها وينجو، ولكن أمير المؤمنين ألزمه بها إلزاماً وفرضها عليه فرضاً، واستخار الله عمير ومضى إلى واجبه وعمله، وفي حمص مضى عليه عام كامل، لم يصل إلى المدينة منه خراج. ولا كتاب، ولا خبر، ولا شيء، بل ولم يُبلغ أمير المؤمنين رضي الله عنه كتاب، ونادى أمير المؤمنين كاتبه وقال له: اكتب إلى عمير ليأتي إلينا. فدعاه على جناح السرعة سيدنا عمير جاء من حمص إلى المدينة، وسيدنا عمر كتب فقال: ذات يوم شهدت في شوارع المدينة رجلاً أشعث أغبر تغشاه وعاء السفر يكاد يقتلع خطاه من الأرض اقتلاعاً، متعباً، من طول ما لاقى من عناء، وما بذل من جهد، على كتفه اليمنى جراب وقصعة. يعني خرج، قصعة: صحن، وعلى كتفه اليسرى قربة صغيرة فيها ماء. مطرة، وصحن، وجراب.
وإنه ليتوكأ على عصى لا يؤودها حمله الضامر الوهنان، وجلس إلى مجلس عمر في خطى وئيدة وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين.
من هذا ؟ سيدنا عمير، ما استدعاه عمر، جاء.
ويرد عمر السلام ثم يسأله، وقد آلمه ما رآه عليه من جهد وإعياء ما شأنك يا عمير ؟ قال: شأني ما ترى، ألست تراني صحيح البدن ؟ قال: بلا، طهر الذنب، معي الدنيا أجرها بقرنيها. هذه معي كل الدنيا أجرها، هذا الجراب وهذه القصعة، وهذه المطرة.
قال: يا عمير ما معك، قال: معي جرابي أحمل فيه زادي، وقصعتي آكل فيها وأدواتي أحمل فيها وضوئي وشرابي. وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدواً إن عرض. فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعها. هذا كل دنيايا، جئت من حمص أنا وعفشاتي كلها.
قال عمر: أجئت ماشياً ؟ قال: نعم. قال: أولم تجد من يعطيك دابة تركبها قال: إنهم لم يفعلوا، وإني لم أسألهم.
قال له: فماذا عملت فيما عهدنا إليك به. قال: أتيت البلد الذي بعثتني إليه فجمعت صلحاء أهله، ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم. انظر إلى هذه الإشارة، الصلحاء ولاهم جباية الأموال، أحياناً يكون في أخطاء كبيرة جداً في جباية الأموال، أحياناً يتحمل الإنسان فوق طاقته، أحياناً تنهار أسر.
قال له عمر: فما جئتنا بشيء ؟ ما في معك مصاري يعني، طبعاً الوالي يجبي الأموال ينفقها على المحتاجين، والفائض يرسله إلى الخليفة. فقال له: أما جئتنا بشيء ؟.
قال له: أتيت البلد الذي بعثتني إليه، فجمعت صلحاء أهله، ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم، حتى إذا جمعوها وضعتها في مواضعها، ولو بقي منها شيء لأتيتك به.
قال له: أما جئتنا بشيء ؟ قال: لا.
فصاح عمر وهو منبهر سعيد: جددوا لعمير عهداً. تمديد سنة ثانية.
فأجابه عمير في استغناء عظيم: تلك أيام قد خلت، لا عملت لك ولا لأحد بعدك.
سيدنا عمر ماذا قال: قال: وددت لو أن لي رجالاً مثل عمير، أستعين بهم على أعمال المسلمين. يعني نزاهة فوق التصور، لم يملك من الدنيا إلا هذا الجراب، وهذه القصعة، وهذه المطرة كما يسمونها الآن، وهذه العصى، جاء بكل متاعه من حمص، مشياً على قدميه.
فأمير حمص سيدنا عمير رسم واجباته فقال: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق.
له حائط، وله باب، الحائط هو العدل، والباب هو الحق.
فإذا نُقض الحائط، يعني ما في عدل، وحطم الباب، استفتح الإسلام، ولا يزال الإسلام مينعاً..
طبعاً استفتح الإسلام يعني انتهى، فتحت بلاد المسلمين، وأخذت أرضهم وانتهكت حرماتهم، وفعل بهم أعداؤهم ما يشاءون، متى ؟
إذا انهار الحائط وهو العدل، وتخرب الباب وهو الحق.
ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد سلطانه، وليست شدة السلطان قتلاً بالسيف، ولا ضرباً بالسوط، ولكن قضاءً بالحق، وأخذاً بالعدل.
هذا كان منهجه في إدارة شؤون حمص.
يعني سيدنا عمير رأيتم في الأسبوع الماضي حينما كان شاباً صغيراً كيف وقف من عمه الجلاس، وحينما كبر وعينه سيدنا عمر والياً على حمص، رأيتم تقشفه، وزهده وورعه، وتقاه.
وكل واحد منا إذا تعفف عن الحرام، إذا زهد في الدنيا، وأحب الله وكان عند أمره فهو من أسعد الناس بلا شك، ولا يزيده الزمن إلا سعادة، والزمن في صالحه، ومهما امتد به العمر يزداد رفعة، وسعادة، ومكانة، فإذا جاء الموت كان الموت عرسه، وفرحته الكبرى، لأن الله عز وجل أعد للمؤمنين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
في سؤال:
هؤلاء الصحابة هل هم من طينة، ونحن من طينة ثانية ؟ لا والله. والله الذي لا إله إلا هو حينما خلق الله الخلق لم يميز أحد على أحد.
فرعون عنده استعداد أن يكون مؤمناً كبيراً، لذلك:
﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)﴾
[سورة طه]
إمكانية الهدى عند فرعون موجودة. إذا رأيت إنسان ضال بعيد عن الحق، عنده استعداد أن يكون من كبار المؤمنين، كهؤلاء الصحابة الذين بلغو الأوج، سعدوا وأسعدوا أخلصوا لله، فكسبوا الدنيا، هم ملوك الآخرة، هؤلاء الصحابة هم ملوك الآخرة.
أحياناً يكون الإنسان له عمل متواضع، يأتي إلى مكان آخر له شأن كبير. فالإنسان قد يكون في الدنيا إنسان عادي، لكن إذا انتقل إلى الدار الآخرة قد يكون ملكاً من ملوك الآخرة، يُشار له بالبنان.
﴿وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)﴾
[سورة الواقعة]
يعني الإنسان ألا يغار، هذه القصص ألا تبعث الغيرة في نفس أحدنا، والإله موجود كما هو، وأبواب البطولة مفتوحة، أبواب التقوى والعمل الصالح، ومد يد المعونة للناس، وذكر الله، وقراءة القرآن، والتفكر في آلاء الله، كله مفتوح، والله هو هو، وكل الفرص التي كانت متاحة لهؤلاء الصحابة متاحة لكم، ولي الآن. ألا تستطيع أن تكون ورعاً ؟ نعم. ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط. ألا تستطيع أن تكون محسناً ؟ نعم. ألا تستطيع أن تكون محباً لله ؟ نعم. كله بيدك، فلماذا هؤلاء كانوا هكذا ؟ ولماذا نحن هكذا نحن ألف كألف، وكانوا واحداً كألف. فلذلك سُمي عصر رسول الله عصر الأبطال. إذا الطفل هكذا مواقفه، ولما كبر صار والياً على حمص، هكذا مواقفهم، الإنسان يستطيع أن يسلك هذا الجانب.
يعني أنا أردت من هذه القصص ليس المتعة، يعني إذا خطر ببال أحدكم أن هذه القصص ممتعة، هي ممتعة، ولكن والله ما أردتها لأنها ممتعة، ولكني أردتها كدرس عملي أمامنا، وحافز يحفزنا إلى أن نكون على قدم هؤلاء.
قال: لا تسبوا أصحابي من بعدي، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغتم مد أحدهم ولا نصيفه.
ورع، محبة، استقامة، طهر، إخلاص، صدق، تضحية، هكذا كانوا والأبواب مفتحة. فالإنسان يحاسب نفسه، أنا ماذا فعلت من هذه القصص، هذه المواقف المشرفة، هل لي مواقف مثلها، هل لي مواقف أفخر بها عند الله عز وجل، لقد رضي الله..
الآن أرقى لقب، يقول لك: معه بورد، يكتبها عند أحسن خطاط يضع لها إضاءه من الداخل. والله كلمة رضي الله عنه والله أرقى من بورد، إذا كان إنسان مذنب رضي عنك فأعطاك هذه الشهادة، فكيف إذا رضي عنك الإله.
ما معنى منحوه شهادة، رضوا عنه. متى يمنح الدكتور الطالب الإجازة، رضي عن مستوى العلمي، كأنها رضي فلان عنه. فإذا رضي فلان عنه فمنحه هذه الشهادة فكيف إذا رضي الله عنه. فكلمة رضي الله عنه أعلى لقب علمي، أعلى لقب أخلاقي، أعلى لقب إنساني. الإنسان يسعى أن يرضي الله عز وجل، لذلك:
﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18)﴾
[سورة الفتح]
لذلك ما ضر عثمان ما فعله بعد اليوم ".
إن شاء الله عز وجل يكرمنا، ويكون لأحدنا موقف مشرف موقف أخلاقي موقف فيه نبل، موقف فيه تضحية، فيه معاونة، فيه ورع فيه عفة.
قال لي مرة شخص: دُعيت إلى امرأة ذات منصب وجمال، فقلت: إني أخاف الله رب العالمين.. هذه القصة وقعت معه من ثلاثين سنة كلما رأى شخصاً يحكيها له، يفتخر فيها، هذا موقف، موقف مشرف، لا أحد يخشاه إلا الله.
والإنسان كلما تقدم بهذا الموضوع يسعد، بيجي درجة يحس حاله كتلة من السعادة متنقلة، بحس حالة شيء عظيم عند الله عز وجل أما المال وحده لا يرفع الإنسان عند الله عز وجل، لا المال ولا الشهرة ولا أي شيء من متاع الدنيا.
والحمد لله رب العالمين


صورة المستخدم

Hanoosh Adel

مشترك منذ : 13-03-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 400
مجموع النقاط : 281 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

HanOosh Adel
منذ 12 سنة

محبة أبدية أحببتك من هذا أدمتك لك الرحمة أحبنا حتي المنتي حتي بذل أبنه الوحيد من أجل خطايانا ليكون لهم حياة و ليكون لهم أفضل




قدم إجابة

هذا السؤال محمي [لماذا؟]
رجاءا، سجل الدخول لتعرف إن كنت تستطيع المساهمة.

الزوار شاهدوا أيضاً


من هو عبد المجيد تبون

هو إنسان له صفات معينة يختلف بيها عن غيره مثل : ...

من هو أدهم الشرقاوي؟

أدهم الشرقاوي كاتب ، اشتهر بالعديد من كتبه الرائعة ككتاب نبأ يقين .

من هو عمر فاروق ؟

عمر فاروق هو يوتيوبر معروف بمغامراته و حبه للاستطلاع و الاكتشاف ، يملك ما يفوق مليونين في اليوتيوب . #عمر_يجرب

من هو صاحب فكرة الجمعيات التعاونية ؟

روبرت أوين

من هو صاحب برج خليفة ؟

محمد العبَّار هو صاحب المبنى الضخم "برج خليفة" و هو رجل أعمال إماراتي ، يعد محمد العبار واحدًا من أهم رجال الأعمال في مجال البناء والتشييد في العالم، وهو أحد أهم المؤثرين في اقتصاد دولة الإمارت.