الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن الحديث باعتبار وصوله إلينا ينقسم إلى قسمين:
متواتر، وآحاد.
أما المتواتر فهو: ما رواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، ولابد من وجود هذه الكثرة في جميع الطبقات، وهذا النوع من الخبر مقبول كله، ولا حاجة إلى البحث عن رواته.
أما القسم الثاني وهو حديث الآحاد فهو: ما لم يجمع شروط المتواتر، وهو ينقسم من حيث عدد رواته إلى ثلاثة أقسام: مشهور، عزيز، غريب.
أما المشهور فهو: ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة، ما لم يبلغ حد التواتر.
والعزيز: ما لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.
والقسم الثالث: - وهو الغريب - هو ما ينفرد بروايته راو واحدٌ.
هذه الأقسام الثلاثة هي المسماة بحديث الآحاد، وهو بأقسامه الثلاثة من مشهور، وعزيز، وغريب ينقسم بالنسبة إلى قوته، وضعفه إلى قسمين، وهما مقبول ومردود.
أما المقبول فهو: ما ترجح صدق المخبر به، وأنواعه أربعة:
- صحيح لذاته.
- حسن لذاته.
- صحيح لغيره.
- حسن لغيره.
أما الصحيح لذاته فهو: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
والحسن لذاته هو: ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
والصحيح لغيره هو: الحسن لذاته إذا روي من طريق آخر مثله، أو أقوى منه، وسمي صحيحاً لغيره، لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت بانضمام غيره إليه.
والحسن لغيره هو: الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي ولا كذبه، هذه هي الأقسام الأربعة كلها داخلة في الحديث المقبول الذي يحتج به، وإذا وصف الحديث في آن واحد بأنه حسن وصحيح كما يقول الترمذي غالباً، فمعنى ذلك - كما قال ابن حجر وارتضاه السيوطي - أنه إن كان للحديث إسنادان فأكثر، فالمعنى أنه حسن باعتبار إسنادٍ وصحيح باعتبار إسناد آخر، وإن كان له إسناد واحدٌ، فالمعنى حسن عند قوم صحيح عند قوم آخرين.
أما القسم الثاني من قسمي حديث الآحاد وهو المردود فهو: ما لم يترجح صدق المخبر به، لفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في الكلام على الحديث المقبول بأنواعه الأربعة، وقد قسم العلماء المردود إلى أقسام كثيرة، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها، ومنها ما لم يطلقوا عليها اسما خاصاً بها، بل سموها باسم عام، وهو الضعيف، وهذا الاسم يعتبر هو الاسم العام لنوع الحديث المردود، وهو ما لم تتوفر فيه صفة الحسن التي هي أدنى درجات القبول.
قال البيقوني في منظومته: وكل ما عن رتبة الحسن قصر* فهو الضعيف وهو أقسام كثر.
أما الحديث الموضوع فهو المختلق المصنوع المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أقبح أنواع الضعيف، بل من العلماء من يعتبره قسماً مستقلاً وليس نوعاً من أنواع الحديث الضعيف.
وبهذه العجالة نرجو أن يتضح للسائل الفرق بين المتواتر والآحاد بأنواعه الثلاثة، وبين الصحيح بأنواعه الأربعة، وأن يعرف الضعيف والموضوع.
أما الحديث المرسل فهو ما سقط من آخر إسناده من بعد التابعي، وصورته أن يقول التابعي صغيراً كان أو كبيراً:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو فعل أو نحو ذلك.
والمرفوع هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير وصفة، سواء أضافه الصحابي، أو من دونه، فهو أعم من المرسل.
أما المدلس فقد سبقت الإجابة عنه برقم: 11551.=
وقول المحدث هذا حديث صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد، ومثلهما إسناده صحيح كما في عبارة السائل دون مرتبة قوله حديث صحيح أو حسن، لأن الحديث قد يصح أو يحسن إسناده ولا يسلم متنه من الشذوذ أو العلة.
فكأن المحدث إذا قال إحدى الجمل الثلاث الأول قد تكفل بثلاثة من شروط الصحة، وهي: اتصال السند، وعدالة الرواة، وضبطهم.
بخلاف ما إذا قال: حديث صحيح أو حسن، فإنه قد حكم بتوافر شروط الصحة الخمسة التي هي الثلاثة المتقدمة والسلامة من الشذوذ والعلة، هذا هو الأصل، لكن لو اقتصر حافظ معتمد على قوله حديث صحيح الإسناد أو حسنه، ولم يذكر علة ولا شذوذاً، فالظاهر صحة المتن، لأن الأصل عدم العلة والشذوذ.
أما السند فهو: سلسلة الرجال الموصلة للمتن إلى قائله.
والمتن هو: ما ينتهي إليه السند من الكلام.
هذا وننبه السائل الكريم إلى أن أغلب هذه الأقسام متشعب إلى شعب أكثر مما ذكرنا، ومختلف في بعض الأحيان في تعريفه، فإذا أراد الاطلاع أكثر، والمزيد من الفائدة، فليرجع إلى كتب المصطلح المخصصة لهذا الباب.
والله أعلم.