ماهي الآثار المترتبة على الإقالة في الشريعة



0      0

2
صورة المستخدم

Khalifab13

مشترك منذ : 18-01-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 2267
مجموع النقاط : 1956 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Khalifab13
منذ 12 سنة

إقالةٌ *

التعريف :

1 - الإقالة في اللّغة : الرّفع والإزالة ، ومن ذلك قولهم : أقال اللّه عثرته إذا رفعه من سقوطه . ومنه الإقالة في البيع ، لأنّها رفع العقد .

وهي في اصطلاح الفقهاء : رفع العقد ، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطّرفين .

الألفاظ ذات الصّلة


أ - البيع :

2 - تختلف الإقالة عن البيع في أمورٍ منها :

أنّهم اختلفوا في الإقالة ، فقال بعضهم : إنّها فسخٌ ، وقال آخرون : هي بيعٌ ، وهناك أقوالٌ أخرى سيأتي تفصيلها .

ومنها أنّ الإقالة يمكن أن يقع فيها الإيجاب بلفظ الاستقبال كقول أحدهما : أقلني ، بخلاف البيع فإنّه لا يقع إلاّ بلفظ الماضي ، لأنّ لفظة الاستقبال للمساومة حقيقةً ، والمساومة في البيع معتادةٌ ، فكانت اللّفظة محمولةً على حقيقتها ، فلم تقع إيجاباً ، بخلاف الإقالة ، لأنّ المساومة فيها ليست معتادةً ، فيحمل اللّفظ فيها على الإيجاب .

ب - الفسخ :

3 - تختلف الإقالة عن الفسخ في أنّ الفسخ هو رفع جميع أحكام العقد وآثاره واعتباره كأن لم يكن بالنّسبة للمستقبل . وأمّا الإقالة فقد اعتبرها بعضهم فسخاً ، واعتبرها آخرون بيعاً . حكم الإقالة التّكليفيّ :

4 - الإقالة دائرةٌ بين النّدب والوجوب بحسب حالة العقد ، فإنّها تكون مندوباً إليها إذا ندم أحد الطّرفين ، لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه : « من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته » . وقد دلّ الحديث على مشروعيّة الإقالة ، وعلى أنّها مندوبٌ إليها ، لوعد المقيلين بالثّواب يوم القيامة .

وأمّا كون المقال مسلماً فليس بشرطٍ ، وإنّما ذكره لكونه حكماً أغلبيّاً ، وإلاّ فثواب الإقالة ثابتٌ في إقالة غير المسلم ، وقد ورد بلفظ : « من أقال نادماً ... » .

وتكون الإقالة واجبةً إذا كانت بعد عقدٍ مكروهٍ أو بيعٍ فاسدٍ ، لأنّه إذا وقع البيع فاسداً أو مكروهاً وجب على كلٍّ من المتعاقدين الرّجوع إلى ما كان له من رأس المال صوناً لهما عن المحظور ، لأنّ رفع المعصية واجبٌ بقدر الإمكان ، ويكون ذلك بالإقالة أو بالفسخ .

كما ينبغي أن تكون الإقالة واجبةً إذا كان البائع غارّاً للمشتري وكان الغبن يسيراً ، وإنّما قيّد الغبن باليسير هنا ، لأنّ الغبن الفاحش يوجب الرّدّ إن غرّه البائع على الصّحيح .

ركن الإقالة :

5 - ركن الإقالة الإيجاب والقبول الدّالاّن عليها . فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر بلفظٍ يدلّ عليه فقد تمّ الرّكن ، وهي تتوقّف على القبول في المجلس ، نصّاً بالقول أو دلالةً بالفعل . ويأتي القبول من الآخر بعد الإيجاب ، أو تقدّم السّؤال ، أو قبض الآخر ما هو له في مجلس الإقالة أو مجلس علمها ، لأنّ مجلس العلم في حقّ الغائب كمجلس اللّفظ في الحاضر ، فلا يصحّ من الحاضر في غير مجلسها .

الألفاظ الّتي تنعقد بها الإقالة :

6 - لا خلاف في أنّ الإقالة تنعقد صحيحةً بلفظ الإقالة أو ما يدلّ عليها ، كما لا خلاف في أنّها تنعقد بلفظين يعبّر بهما عن الماضي .

ولكنّ الخلاف في صيغة اللّفظ الّذي تنعقد به إذا كان أحدهما ماضياً والآخر مستقبلاً . فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنّها تصحّ بلفظين أحدهما مستقبلٌ والآخر ماضٍ ، كما لو قال : أقلني : فقال ، أقلتك ، أو قال له : جئتك لتقيلني ، فقال : أقلتك ، فهي تنعقد عندهما بهذين اللّفظين كما ينعقد النّكاح . ومع أنّ الإقالة بيعٌ عند أبي يوسف ، فإنّه لم يعط الإقالة حكمه ، لأنّ المساومة لا تجري في الإقالة ، فحمل اللّفظ على التّحقيق بخلاف البيع .

وأمّا محمّدٌ فهو يقول : إنّها لا تنعقد إلاّ بلفظين يعبّر بهما عن الماضي ، لأنّها كالبيع فأعطيت بسبب الشّبه حكم البيع ، وذلك بأن يقول أحدهما : أقلت ، والآخر : قبلت ، أو رضيت ، أو هويت ، أو نحو ذلك .

وتنعقد بفاسختك وتاركت ، كما تصحّ بلفظ " المصالحة " وتصحّ بلفظ " البيع " وما يدلّ على المعاطاة ، لأنّ المقصود المعنى ، وكلّ ما يتوصّل إليه أجزأ . خلافاً للقاضي من الحنابلة في أنّ ما يصلح للعقد لا يصلح للحلّ ، وما يصلح للحلّ لا يصلح للعقد . وتنعقد الإقالة بالتّعاطي كالبيع ، كما لو قال له : أقلتك فردّ إليه الثّمن ، وتصحّ بالكتابة والإشارة من الأخرس .

شروط الإقالة :

7 - يشترط لصحّة الإقالة ما يلي :

أ - رضى المتقايلين : لأنّها رفع عقدٍ لازمٍ ، فلا بدّ من رضى الطّرفين .

ب - اتّحاد المجلس : لأنّ معنى البيع موجودٌ فيها ، فيشترط لها المجلس ، كما يشترط للبيع .

ج - أن يكون التّصرّف قابلاً للنّسخ كالبيع والإجارة ، فإن كان التّصرّف لا يقبل الفسخ كالنّكاح والطّلاق فلا تصحّ الإقالة .

د - بقاء المحلّ وقت الإقالة ، فإن كان هالكاً وقت الإقالة لم تصحّ ، فأمّا قيام الثّمن وقت الإقالة فليس بشرطٍ .

هـ - تقابض بدلي الصّرف في إقالة الصّرف ، وهذا على قول من يقول : إنّها بيعٌ ، لأنّ قبض البدلين إنّما وجب حقّاً للّه تعالى ، وهذا الحقّ لا يسقط بإسقاط العبد .

و - ألاّ يكون البيع بأكثر من ثمن المثل في بيع الوصيّ ، فإن كان لم تصحّ إقالته .

حقيقتها الشّرعيّة :

8 - للفقهاء في تكييف الإقالة اتّجاهاتٌ :

الأوّل : أنّها فسخٌ ينحلّ به العقد في حقّ العاقدين وغيرهما ، وهو قول الشّافعيّة والحنابلة ومحمّد بن الحسن . وجه هذا القول أنّ الإقالة في اللّغة عبارةٌ عن الرّفع ، يقال في الدّعاء : « اللّهمّ أقلني عثراتي »، أي ارفعها ، والأصل أنّ معنى التّصرّف شرعاً ما ينبئ عنه اللّفظ لغةً ، ورفع العقد فسخه ، ولأنّ البيع والإقالة اختلفا اسماً ، فتخالفا حكماً ، فإذا كانت رفعاً لا تكون بيعاً ، لأنّ البيع إثباتٌ والرّفع نفيٌ ، وبينهما تنافٍ ، فكانت الإقالة على هذا التّقدير فسخاً محضاً ، فتظهر في حقّ كافّة النّاس .

الثّاني : أنّها بيعٌ في حقّ العاقدين وغيرهما ، إلاّ إذا تعذّر جعلها بيعاً فإنّها تكون فسخاً ، وهذا قول أبي يوسف والإمام مالكٍ . ومن أمثلة ذلك أن تقع الإقالة في الطّعام قبل قبضه . وجه هذا القول أنّ معنى البيع هو مبادلة المال بالمال ، وهو أخذ بدلٍ وإعطاء بدلٍ ، وقد وجد ، فكانت الإقالة بيعاً لوجود معنى البيع فيها ، والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني .

الثّالث : أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقّ غيرهما ، وهو قول أبي حنيفة .

وجه هذا القول أنّ الإقالة تنبئ عن الفسخ والإزالة ، فلا تحتمل معنًى آخر نفياً للاشتراك ، والأصل العمل بحقيقة اللّفظ ، وإنّما جعل بيعاً في حقّ غير العاقدين ، لأنّ فيها نقل ملكٍ بإيجابٍ وقبولٍ بعوضٍ ماليٍّ ، فجعلت بيعاً في حقّ غير العاقدين محافظةً على حقّه من الإسقاط ، إذ لا يملك العاقدان إسقاط حقّ غيرهما .

آثار اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة :

يترتّب على اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة آثارٌ في التّطبيق في أحوالٍ كثيرةٍ منها ما يلي : أوّلاً - الإقالة بأقلّ أو أكثر من الثّمن :

9 - إذا تقايل المتبايعان ولم يسمّيا الثّمن الأوّل ، أو سمّيا زيادةً على الثّمن الأوّل ، أو سمّيا جنساً آخر سوى الجنس الأوّل ، قلّ أو كثر ، أو أجّلا الثّمن الأوّل ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، وتسمية الزّيادة والأجل والجنس الآخر باطلةٌ على القول بأنّ الإقالة فسخٌ ، سواءٌ أكانت الإقالة قبل القبض أو بعده ، وسواءٌ أكان المبيع منقولاً أم غير منقولٍ ، لأنّ الفسخ رفع العقد الأوّل ، والعقد وقع بالثّمن الأوّل ، فيكون فسخه بالثّمن الأوّل ، وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وما بعده ، وبين المنقول وغير المنقول ، وتبطل تسمية الزّيادة والنّقصان والجنس الآخر والأجل ، وتبقى الإقالة صحيحةً ، لأنّ تسمية هذه الأشياء لا تؤثّر في الإقالة ، ولأنّ الإقالة رفع ما كان لا رفع ما لم يكن ، حيث إنّ رفع ما لم يكن ثابتاً محالٌ .

وتكون الإقالة أيضاً بمثل الثّمن الأوّل المسمّى ، لا بما يدفع بدلاً عنه ، حتّى لو كان عشرة دنانير فدفع إليه دراهم عوضاً عنها ، ثمّ تقايلا - وقد رخّصت الدّنانير - رجع بالدّنانير لا بما دفع ، لأنّه لمّا اعتبرت الإقالة فسخاً ، والفسخ يردّ على عين ما يردّ عليه العقد ، كان اشتراط خلاف الثّمن الأوّل باطلاً .

ثانياً - الشّفعة فيما يردّ بالإقالة :

10 - يقتضي القياس ألاّ يكون للشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة إذا اعتبرت هذه الإقالة فسخاً مطلقاً ، وهذا قياسٌ على أصل محمّدٍ وزفر من الحنفيّة ، لأنّ الإقالة عند محمّدٍ فسخٌ ، إلاّ إذا لم يمكن جعلها فسخاً فتجعل بيعاً . وعن زفر : هي فسخٌ في حقّ النّاس كافّةً .

أمّا سائر الحنفيّة ، وكذلك بقيّة المذاهب الأخرى ، فإنّها تعطي الشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة . فعلى اعتبار أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقٍّ ثالثٍ ، كما هو عند أبي حنيفة ، أو على اعتبار أنّها بيعٌ في حقّهما ، كما هو عند أبي يوسف ، فإنّ الشّفيع يأخذ بالشّفعة بعد تقايل البيع بين البائع والمشتري ، فمن اشترى داراً ولها شفيعٌ ، فسلّم الشّفعة ، ثمّ تقايلا البيع ، أو اشتراها ولم يكن بجنبها دارٌ ، ثمّ بنيت بجنبها دارٌ ، ثمّ تقايلا البيع ، فإنّ الشّفيع يأخذها بالشّفعة . وعلى أصل أبي حنيفة تكون الإقالة بيعاً في حقّ غير العاقدين ، والشّفيع غيرهما ، فتكون بيعاً في حقّه فيستحقّ . وعلى أصل أبي يوسف تعدّ الإقالة بيعاً جديداً في حقّ الكلّ ، ولا مانع من جعلها بيعاً في حقّ الشّفيع ، ولهذا الشّفيع الأخذ بالشّفعة ، إن شاء بالبيع الأوّل ، وإن شاء بالبيع الحاصل بالإقالة ، أو بمعنًى آخر من أيّهما شاء : من المشتري لأجل الشّراء ، أو من البائع لشرائه من المشتري بالإقالة ، حيث تكون الإقالة بيعاً من المشتري للبائع ، وحيث تكون فسخ بيعٍ فتؤخذ من المشتري فقط ، ولا يتمّ فسخه إلاّ إن رضي الشّفيع لأنّ الشّراء له .

إقالة الوكيل :

11 - من ملك البيع ملك الإقالة ، فصحّت إقالة الموكّل بيع وكيله ، وتصحّ إقالة الوكيل بالبيع إذا تمّت قبل قبض الثّمن . فإن أقال بعد قبضه يضمن الثّمن للموكّل ، إذ تعتبر الإقالة من الوكيل حينئذٍ شراءً لنفسه . وبإقالة الوكيل بالبيع يسقط الثّمن عن المشتري عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، ويلزم المبيع الوكيل . وعند أبي يوسف لا يسقط الثّمن عن المشتري أصلاً . وتجوز الإقالة من الوكيل بالسّلم في قول أبي حنيفة ومحمّدٍ كالإبراء ، خلافاً لأبي يوسف . والمراد بإقالة الوكيل بالسّلم : الوكيل بشراء السّلم ، بخلاف الوكيل بشراء العين .

وإقالة الوكيل بالشّراء لا تجوز بإجماع الحنفيّة بخلاف الوكيل بالبيع ، وعند مالكٍ لا تجوز إقالة الوكيل بالبيع مطلقاً .

واتّفق الشّافعيّة والحنابلة على صحّة التّوكيل في حقّ كلّ آدميٍّ من العقود والفسوخ . وعلى هذا فيصحّ التّوكيل بالإقالة عندهم ابتداءً ، سواءٌ أقلنا : إنّ الإقالة فسخٌ على المذهب عندهم جميعاً أم بيعٌ . هذا ، ولم يذكر الشّافعيّة والحنابلة من له حقّ الإقالة من غير المتعاقدين سوى الورثة على الصّحيح من المذهبين .

أمّا حكم الإقالة الصّادرة من الوكيل بالبيع والوكيل بالشّراء فلم يتطرّقوا له . والمتولّي على الوقف إذا اشترى شيئاً بأقلّ من قيمته فإنّ إقالته لا تصحّ .

محلّ الإقالة :

12 - محلّ الإقالة العقود اللاّزمة في حقّ الطّرفين ممّا يقبل الفسخ بالخيار ، لأنّ هذه العقود لا يمكن فسخها إلاّ باتّفاق الطّرفين المتعاقدين ، وعلى ذلك فإنّ الإقالة تصحّ في العقود الآتية : البيع - المضاربة - الشّركة - الإجارة - الرّهن ( بالنّسبة للرّاهن فهي موقوفةٌ على إجازة المرتهن أو قضاء الرّاهن دينه ) - السّلم - الصّلح .

وأمّا العقود الّتي لا تصحّ فيها الإقالة فهي العقود غير اللاّزمة ، كالإعارة والوصيّة والجعالة ، أو العقود اللاّزمة الّتي لا تقبل الفسخ بالخيار ، مثل الوقف والنّكاح حيث لا يجوز فسخ أحدهما بالخيار .

أثر الشّروط الفاسدة في الإقالة :

13 - إذا اعتبرنا الإقالة فسخاً ، فإنّها لا تبطل بالشّروط الفاسدة ، بل تكون هذه الشّروط لغواً ، وتصحّ الإقالة . ففي الإقالة في البيع ، إذا شرط أكثر ممّا دفع ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، لمتعذّر الفسخ على الزّيادة ، وتبطل الشّرط ، لأنّه يشبه الرّبا ، وفيه نفعٌ لأحد المتعاقدين مستحقٌّ بعقد المعاوضة خالٍ عن العوض .

وكذا إذا شرط أقلّ من الثّمن الأوّل ، لتعذّر الفسخ على الأقلّ ، لأنّ فسخ العقد عبارةٌ عن رفعه على الوصف الّذي كان قبله ، والفسخ على الأقلّ ليس كذلك ، لأنّ فيه رفع ما لم يكن ثابتاً وهو محالٌ . والنّقصان لم يكن ثابتاً فرفعه يكون محالاً ، إلاّ أن يحدث في المبيع عيبٌ فتجوز الإقالة بالأقلّ ، لأنّ الحطّ يجعل بإزاء ما فات من العيب .

وهذا على قياس قول أبي حنيفة ومحمّدٍ وغيرهما ممّن يرون الإقالة فسخاً ، وأمّا على قياس قول من قال : إنّ الإقالة بيعٌ ، فإنّها تبطل بالشّروط الفاسدة ، لأنّ البيع يبطل بالشّروط الفاسدة ، فإذا زاد كان قاصداً بهذا ابتداء البيع ، وإذا شرط الأقلّ فكذلك .

الإقالة في الصّرف :

14 - الإقالة في الصّرف كالإقالة في البيع ، أي يشترط فيها التّقابض من الجانبين قبل الافتراق كما في ابتداء عقد الصّرف .

فلو تقايلا الصّرف ، وتقابضا قبل الافتراق ، مضت الإقالة على الصّحّة . وإن افترقا قبل التّقابض بطلت الإقالة ، سواءٌ اعتبرت بيعاً أم فسخاً .

فعلى اعتبارها بيعاً كانت المصارفة مبتدأةً ، فلا بدّ من التّقابض يداً بيدٍ ، ما دامت الإقالة بيعاً مستقلاًّ يحلّها ما يحلّ البيوع ، ويحرّمها ما يحرّم البيوع ، فلا تصلح الإقالة إذ حصل الافتراق قبل القبض .وعلى اعتبارها فسخاً في حقّ المتعاقدين ، فهي بيعٌ جديدٌ في حقٍّ ثالثٍ ، واستحقاق القبض حقٌّ للشّرع ، وهو هنا ثالثٌ ، فيعتبر بيعاً جديداً في حقّ هذا الحكم فيشترط فيه التّقابض . وهلاك البدلين في الصّرف لا يعدّ مانعاً من الإقالة ، لأنّه في الصّرف لا يلزمه ردّ المقبوض بعد الإقالة ، بل ردّه أو ردّ مثله ، فلم تتعلّق الإقالة بعينهما ، فلا تبطل بهلاكهما .

إقالة الإقالة :

15 - إقالة الإقالة إلغاءٌ لها والعودة إلى أصل العقد ، وهي تصحّ في أحوالٍ معيّنةٍ ، فلو تقايلا البيع ، ثمّ تقايلا الإقالة ، ارتفعت الإقالة وعاد البيع . وقد استثنى العلماء من إقالة الإقالة إقالة المسلم قبل قبض المسلم فيه ، فإنّها لا تصحّ ، لأنّ المسلم فيه دينٌ وقد سقط بالإقالة الأولى ، فلو انفسخت لعاد المسلم فيه الّذي سقط ، والسّاقط لا يعود .

ما يبطل الإقالة :

16 - من الأحوال الّتي تبطل فيها الإقالة بعد وجودها ما يأتي :

أ - هلاك المبيع : فلو هلك المبيع بعد الإقالة وقبل التّسليم بطلت ، لأنّ من شرطها بقاء المبيع ، لأنّها رفع العقد وهو محلّه ، بخلاف هلاك الثّمن فإنّه لا يمنع الإقالة لكونه ليس بمحلّ العقد ، ولذا بطل البيع بهلاك البيع قبل القبض دون الثّمن .

وهذا إذا لم يكن الثّمن قيميّاً ، فإن كان قيميّاً فهلك بطلت الإقالة .

ولكن لا يردّ على اشترط قيام المبيع لصحّة الإقالة إقالة السّلم قبل قبض المسلم فيه ، لأنّها صحيحةٌ سواءٌ أكان رأس المال عيناً أم ديناً ، وسواءٌ أكان قائماً في يد المسلم إليه أم هالكاً . لأنّ المسلم فيه وإن كان ديناً حقيقةً فله حكم العين حتّى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه .

ب - تغيّر المبيع : كأن زاد المبيع زيادةً منفصلةً متولّدةً ، كما لو ولدت الدّابّة بعد الإقالة ، فإنّها تبطل بذلك ، وكذلك الزّيادة المتّصلة غير المتولّدة كصبغ الثّوب . وعند المالكيّة تبطل الإقالة بتغيّر ذات المبيع مهما كان . كتغيّر الدّابّة بالسّمن والهزال ، بخلاف الحنابلة .

اختلاف المتقايلين :

17 - قد يقع الاختلاف بين المتقايلين على صحّة البيع ، أو على كيفيّته ، أو على الثّمن ، أو على الإقالة من أساسها . فإنّهما إذا اتّفقا على صحّة البيع ، ثمّ اختلفا في كيفيّته تحالفا ، فيحلف كلٌّ على نفي قول صاحبه وإثبات قوله .

ويستثنى من التّحالف ما لو تقايلا العقد ثمّ اختلفا في قدر الثّمن فلا تحالف ، بل القول قول البائع لأنّه غارمٌ . ولو اختلف البائع والمشتري ، فقال المشتري : بعته من البائع بأقلّ من الثّمن الأوّل قبل نقده وفسد البيع بذلك ، وقال البائع : بل تقايلناه ، فالقول للمشتري مع يمينه في إنكاره الإقالة .

فإن كان البائع هو الّذي يدّعي أنّه اشتراه من المشتري بأقلّ ممّا باعه ، والمشتري يدّعي الإقالة يحلف كلٌّ على دعوى صاحبه .

الموسوعة الفقهية الجزء الخامس


  • الأسئلة :124
  • الإجابات:2267
  • مشترك منذ:2012-01-18
  • المستوى:مساهم
  • النقاط الشهرية :0
  • مجموع النقاط:1956