ماهي الآثار المترتبة على الإقالة في الشريعة



0      0

2 2 إجابتين
صورة المستخدم

Khalifab13

مشترك منذ : 18-01-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 2267
مجموع النقاط : 1956 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Khalifab13
منذ 12 سنة

إقالةٌ *
التعريف :
1 - الإقالة في اللّغة : الرّفع والإزالة ، ومن ذلك قولهم : أقال اللّه عثرته إذا رفعه من سقوطه . ومنه الإقالة في البيع ، لأنّها رفع العقد .
وهي في اصطلاح الفقهاء : رفع العقد ، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطّرفين .
الألفاظ ذات الصّلة
أ - البيع :
2 - تختلف الإقالة عن البيع في أمورٍ منها :
أنّهم اختلفوا في الإقالة ، فقال بعضهم : إنّها فسخٌ ، وقال آخرون : هي بيعٌ ، وهناك أقوالٌ أخرى سيأتي تفصيلها .
ومنها أنّ الإقالة يمكن أن يقع فيها الإيجاب بلفظ الاستقبال كقول أحدهما : أقلني ، بخلاف البيع فإنّه لا يقع إلاّ بلفظ الماضي ، لأنّ لفظة الاستقبال للمساومة حقيقةً ، والمساومة في البيع معتادةٌ ، فكانت اللّفظة محمولةً على حقيقتها ، فلم تقع إيجاباً ، بخلاف الإقالة ، لأنّ المساومة فيها ليست معتادةً ، فيحمل اللّفظ فيها على الإيجاب .
ب - الفسخ :
3 - تختلف الإقالة عن الفسخ في أنّ الفسخ هو رفع جميع أحكام العقد وآثاره واعتباره كأن لم يكن بالنّسبة للمستقبل . وأمّا الإقالة فقد اعتبرها بعضهم فسخاً ، واعتبرها آخرون بيعاً . حكم الإقالة التّكليفيّ :
4 - الإقالة دائرةٌ بين النّدب والوجوب بحسب حالة العقد ، فإنّها تكون مندوباً إليها إذا ندم أحد الطّرفين ، لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه : « من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته » . وقد دلّ الحديث على مشروعيّة الإقالة ، وعلى أنّها مندوبٌ إليها ، لوعد المقيلين بالثّواب يوم القيامة .
وأمّا كون المقال مسلماً فليس بشرطٍ ، وإنّما ذكره لكونه حكماً أغلبيّاً ، وإلاّ فثواب الإقالة ثابتٌ في إقالة غير المسلم ، وقد ورد بلفظ : « من أقال نادماً ... » .
وتكون الإقالة واجبةً إذا كانت بعد عقدٍ مكروهٍ أو بيعٍ فاسدٍ ، لأنّه إذا وقع البيع فاسداً أو مكروهاً وجب على كلٍّ من المتعاقدين الرّجوع إلى ما كان له من رأس المال صوناً لهما عن المحظور ، لأنّ رفع المعصية واجبٌ بقدر الإمكان ، ويكون ذلك بالإقالة أو بالفسخ .
كما ينبغي أن تكون الإقالة واجبةً إذا كان البائع غارّاً للمشتري وكان الغبن يسيراً ، وإنّما قيّد الغبن باليسير هنا ، لأنّ الغبن الفاحش يوجب الرّدّ إن غرّه البائع على الصّحيح .
ركن الإقالة :
5 - ركن الإقالة الإيجاب والقبول الدّالاّن عليها . فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر بلفظٍ يدلّ عليه فقد تمّ الرّكن ، وهي تتوقّف على القبول في المجلس ، نصّاً بالقول أو دلالةً بالفعل . ويأتي القبول من الآخر بعد الإيجاب ، أو تقدّم السّؤال ، أو قبض الآخر ما هو له في مجلس الإقالة أو مجلس علمها ، لأنّ مجلس العلم في حقّ الغائب كمجلس اللّفظ في الحاضر ، فلا يصحّ من الحاضر في غير مجلسها .
الألفاظ الّتي تنعقد بها الإقالة :
6 - لا خلاف في أنّ الإقالة تنعقد صحيحةً بلفظ الإقالة أو ما يدلّ عليها ، كما لا خلاف في أنّها تنعقد بلفظين يعبّر بهما عن الماضي .
ولكنّ الخلاف في صيغة اللّفظ الّذي تنعقد به إذا كان أحدهما ماضياً والآخر مستقبلاً . فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنّها تصحّ بلفظين أحدهما مستقبلٌ والآخر ماضٍ ، كما لو قال : أقلني : فقال ، أقلتك ، أو قال له : جئتك لتقيلني ، فقال : أقلتك ، فهي تنعقد عندهما بهذين اللّفظين كما ينعقد النّكاح . ومع أنّ الإقالة بيعٌ عند أبي يوسف ، فإنّه لم يعط الإقالة حكمه ، لأنّ المساومة لا تجري في الإقالة ، فحمل اللّفظ على التّحقيق بخلاف البيع .
وأمّا محمّدٌ فهو يقول : إنّها لا تنعقد إلاّ بلفظين يعبّر بهما عن الماضي ، لأنّها كالبيع فأعطيت بسبب الشّبه حكم البيع ، وذلك بأن يقول أحدهما : أقلت ، والآخر : قبلت ، أو رضيت ، أو هويت ، أو نحو ذلك .
وتنعقد بفاسختك وتاركت ، كما تصحّ بلفظ " المصالحة " وتصحّ بلفظ " البيع " وما يدلّ على المعاطاة ، لأنّ المقصود المعنى ، وكلّ ما يتوصّل إليه أجزأ . خلافاً للقاضي من الحنابلة في أنّ ما يصلح للعقد لا يصلح للحلّ ، وما يصلح للحلّ لا يصلح للعقد . وتنعقد الإقالة بالتّعاطي كالبيع ، كما لو قال له : أقلتك فردّ إليه الثّمن ، وتصحّ بالكتابة والإشارة من الأخرس .
شروط الإقالة :
7 - يشترط لصحّة الإقالة ما يلي :
أ - رضى المتقايلين : لأنّها رفع عقدٍ لازمٍ ، فلا بدّ من رضى الطّرفين .
ب - اتّحاد المجلس : لأنّ معنى البيع موجودٌ فيها ، فيشترط لها المجلس ، كما يشترط للبيع .
ج - أن يكون التّصرّف قابلاً للنّسخ كالبيع والإجارة ، فإن كان التّصرّف لا يقبل الفسخ كالنّكاح والطّلاق فلا تصحّ الإقالة .
د - بقاء المحلّ وقت الإقالة ، فإن كان هالكاً وقت الإقالة لم تصحّ ، فأمّا قيام الثّمن وقت الإقالة فليس بشرطٍ .
هـ - تقابض بدلي الصّرف في إقالة الصّرف ، وهذا على قول من يقول : إنّها بيعٌ ، لأنّ قبض البدلين إنّما وجب حقّاً للّه تعالى ، وهذا الحقّ لا يسقط بإسقاط العبد .
و - ألاّ يكون البيع بأكثر من ثمن المثل في بيع الوصيّ ، فإن كان لم تصحّ إقالته .
حقيقتها الشّرعيّة :
8 - للفقهاء في تكييف الإقالة اتّجاهاتٌ :
الأوّل : أنّها فسخٌ ينحلّ به العقد في حقّ العاقدين وغيرهما ، وهو قول الشّافعيّة والحنابلة ومحمّد بن الحسن . وجه هذا القول أنّ الإقالة في اللّغة عبارةٌ عن الرّفع ، يقال في الدّعاء : « اللّهمّ أقلني عثراتي »، أي ارفعها ، والأصل أنّ معنى التّصرّف شرعاً ما ينبئ عنه اللّفظ لغةً ، ورفع العقد فسخه ، ولأنّ البيع والإقالة اختلفا اسماً ، فتخالفا حكماً ، فإذا كانت رفعاً لا تكون بيعاً ، لأنّ البيع إثباتٌ والرّفع نفيٌ ، وبينهما تنافٍ ، فكانت الإقالة على هذا التّقدير فسخاً محضاً ، فتظهر في حقّ كافّة النّاس .
الثّاني : أنّها بيعٌ في حقّ العاقدين وغيرهما ، إلاّ إذا تعذّر جعلها بيعاً فإنّها تكون فسخاً ، وهذا قول أبي يوسف والإمام مالكٍ . ومن أمثلة ذلك أن تقع الإقالة في الطّعام قبل قبضه . وجه هذا القول أنّ معنى البيع هو مبادلة المال بالمال ، وهو أخذ بدلٍ وإعطاء بدلٍ ، وقد وجد ، فكانت الإقالة بيعاً لوجود معنى البيع فيها ، والعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني .
الثّالث : أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقّ غيرهما ، وهو قول أبي حنيفة .
وجه هذا القول أنّ الإقالة تنبئ عن الفسخ والإزالة ، فلا تحتمل معنًى آخر نفياً للاشتراك ، والأصل العمل بحقيقة اللّفظ ، وإنّما جعل بيعاً في حقّ غير العاقدين ، لأنّ فيها نقل ملكٍ بإيجابٍ وقبولٍ بعوضٍ ماليٍّ ، فجعلت بيعاً في حقّ غير العاقدين محافظةً على حقّه من الإسقاط ، إذ لا يملك العاقدان إسقاط حقّ غيرهما .
آثار اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة :
يترتّب على اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة آثارٌ في التّطبيق في أحوالٍ كثيرةٍ منها ما يلي : أوّلاً - الإقالة بأقلّ أو أكثر من الثّمن :
9 - إذا تقايل المتبايعان ولم يسمّيا الثّمن الأوّل ، أو سمّيا زيادةً على الثّمن الأوّل ، أو سمّيا جنساً آخر سوى الجنس الأوّل ، قلّ أو كثر ، أو أجّلا الثّمن الأوّل ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، وتسمية الزّيادة والأجل والجنس الآخر باطلةٌ على القول بأنّ الإقالة فسخٌ ، سواءٌ أكانت الإقالة قبل القبض أو بعده ، وسواءٌ أكان المبيع منقولاً أم غير منقولٍ ، لأنّ الفسخ رفع العقد الأوّل ، والعقد وقع بالثّمن الأوّل ، فيكون فسخه بالثّمن الأوّل ، وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وما بعده ، وبين المنقول وغير المنقول ، وتبطل تسمية الزّيادة والنّقصان والجنس الآخر والأجل ، وتبقى الإقالة صحيحةً ، لأنّ تسمية هذه الأشياء لا تؤثّر في الإقالة ، ولأنّ الإقالة رفع ما كان لا رفع ما لم يكن ، حيث إنّ رفع ما لم يكن ثابتاً محالٌ .
وتكون الإقالة أيضاً بمثل الثّمن الأوّل المسمّى ، لا بما يدفع بدلاً عنه ، حتّى لو كان عشرة دنانير فدفع إليه دراهم عوضاً عنها ، ثمّ تقايلا - وقد رخّصت الدّنانير - رجع بالدّنانير لا بما دفع ، لأنّه لمّا اعتبرت الإقالة فسخاً ، والفسخ يردّ على عين ما يردّ عليه العقد ، كان اشتراط خلاف الثّمن الأوّل باطلاً .
ثانياً - الشّفعة فيما يردّ بالإقالة :
10 - يقتضي القياس ألاّ يكون للشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة إذا اعتبرت هذه الإقالة فسخاً مطلقاً ، وهذا قياسٌ على أصل محمّدٍ وزفر من الحنفيّة ، لأنّ الإقالة عند محمّدٍ فسخٌ ، إلاّ إذا لم يمكن جعلها فسخاً فتجعل بيعاً . وعن زفر : هي فسخٌ في حقّ النّاس كافّةً .
أمّا سائر الحنفيّة ، وكذلك بقيّة المذاهب الأخرى ، فإنّها تعطي الشّفيع حقّ الشّفعة فيما ردّ بالإقالة . فعلى اعتبار أنّها فسخٌ في حقّ العاقدين بيعٌ في حقٍّ ثالثٍ ، كما هو عند أبي حنيفة ، أو على اعتبار أنّها بيعٌ في حقّهما ، كما هو عند أبي يوسف ، فإنّ الشّفيع يأخذ بالشّفعة بعد تقايل البيع بين البائع والمشتري ، فمن اشترى داراً ولها شفيعٌ ، فسلّم الشّفعة ، ثمّ تقايلا البيع ، أو اشتراها ولم يكن بجنبها دارٌ ، ثمّ بنيت بجنبها دارٌ ، ثمّ تقايلا البيع ، فإنّ الشّفيع يأخذها بالشّفعة . وعلى أصل أبي حنيفة تكون الإقالة بيعاً في حقّ غير العاقدين ، والشّفيع غيرهما ، فتكون بيعاً في حقّه فيستحقّ . وعلى أصل أبي يوسف تعدّ الإقالة بيعاً جديداً في حقّ الكلّ ، ولا مانع من جعلها بيعاً في حقّ الشّفيع ، ولهذا الشّفيع الأخذ بالشّفعة ، إن شاء بالبيع الأوّل ، وإن شاء بالبيع الحاصل بالإقالة ، أو بمعنًى آخر من أيّهما شاء : من المشتري لأجل الشّراء ، أو من البائع لشرائه من المشتري بالإقالة ، حيث تكون الإقالة بيعاً من المشتري للبائع ، وحيث تكون فسخ بيعٍ فتؤخذ من المشتري فقط ، ولا يتمّ فسخه إلاّ إن رضي الشّفيع لأنّ الشّراء له .
إقالة الوكيل :
11 - من ملك البيع ملك الإقالة ، فصحّت إقالة الموكّل بيع وكيله ، وتصحّ إقالة الوكيل بالبيع إذا تمّت قبل قبض الثّمن . فإن أقال بعد قبضه يضمن الثّمن للموكّل ، إذ تعتبر الإقالة من الوكيل حينئذٍ شراءً لنفسه . وبإقالة الوكيل بالبيع يسقط الثّمن عن المشتري عند أبي حنيفة ومحمّدٍ ، ويلزم المبيع الوكيل . وعند أبي يوسف لا يسقط الثّمن عن المشتري أصلاً . وتجوز الإقالة من الوكيل بالسّلم في قول أبي حنيفة ومحمّدٍ كالإبراء ، خلافاً لأبي يوسف . والمراد بإقالة الوكيل بالسّلم : الوكيل بشراء السّلم ، بخلاف الوكيل بشراء العين .
وإقالة الوكيل بالشّراء لا تجوز بإجماع الحنفيّة بخلاف الوكيل بالبيع ، وعند مالكٍ لا تجوز إقالة الوكيل بالبيع مطلقاً .
واتّفق الشّافعيّة والحنابلة على صحّة التّوكيل في حقّ كلّ آدميٍّ من العقود والفسوخ . وعلى هذا فيصحّ التّوكيل بالإقالة عندهم ابتداءً ، سواءٌ أقلنا : إنّ الإقالة فسخٌ على المذهب عندهم جميعاً أم بيعٌ . هذا ، ولم يذكر الشّافعيّة والحنابلة من له حقّ الإقالة من غير المتعاقدين سوى الورثة على الصّحيح من المذهبين .
أمّا حكم الإقالة الصّادرة من الوكيل بالبيع والوكيل بالشّراء فلم يتطرّقوا له . والمتولّي على الوقف إذا اشترى شيئاً بأقلّ من قيمته فإنّ إقالته لا تصحّ .
محلّ الإقالة :
12 - محلّ الإقالة العقود اللاّزمة في حقّ الطّرفين ممّا يقبل الفسخ بالخيار ، لأنّ هذه العقود لا يمكن فسخها إلاّ باتّفاق الطّرفين المتعاقدين ، وعلى ذلك فإنّ الإقالة تصحّ في العقود الآتية : البيع - المضاربة - الشّركة - الإجارة - الرّهن ( بالنّسبة للرّاهن فهي موقوفةٌ على إجازة المرتهن أو قضاء الرّاهن دينه ) - السّلم - الصّلح .
وأمّا العقود الّتي لا تصحّ فيها الإقالة فهي العقود غير اللاّزمة ، كالإعارة والوصيّة والجعالة ، أو العقود اللاّزمة الّتي لا تقبل الفسخ بالخيار ، مثل الوقف والنّكاح حيث لا يجوز فسخ أحدهما بالخيار .
أثر الشّروط الفاسدة في الإقالة :
13 - إذا اعتبرنا الإقالة فسخاً ، فإنّها لا تبطل بالشّروط الفاسدة ، بل تكون هذه الشّروط لغواً ، وتصحّ الإقالة . ففي الإقالة في البيع ، إذا شرط أكثر ممّا دفع ، فالإقالة على الثّمن الأوّل ، لمتعذّر الفسخ على الزّيادة ، وتبطل الشّرط ، لأنّه يشبه الرّبا ، وفيه نفعٌ لأحد المتعاقدين مستحقٌّ بعقد المعاوضة خالٍ عن العوض .
وكذا إذا شرط أقلّ من الثّمن الأوّل ، لتعذّر الفسخ على الأقلّ ، لأنّ فسخ العقد عبارةٌ عن رفعه على الوصف الّذي كان قبله ، والفسخ على الأقلّ ليس كذلك ، لأنّ فيه رفع ما لم يكن ثابتاً وهو محالٌ . والنّقصان لم يكن ثابتاً فرفعه يكون محالاً ، إلاّ أن يحدث في المبيع عيبٌ فتجوز الإقالة بالأقلّ ، لأنّ الحطّ يجعل بإزاء ما فات من العيب .
وهذا على قياس قول أبي حنيفة ومحمّدٍ وغيرهما ممّن يرون الإقالة فسخاً ، وأمّا على قياس قول من قال : إنّ الإقالة بيعٌ ، فإنّها تبطل بالشّروط الفاسدة ، لأنّ البيع يبطل بالشّروط الفاسدة ، فإذا زاد كان قاصداً بهذا ابتداء البيع ، وإذا شرط الأقلّ فكذلك .
الإقالة في الصّرف :
14 - الإقالة في الصّرف كالإقالة في البيع ، أي يشترط فيها التّقابض من الجانبين قبل الافتراق كما في ابتداء عقد الصّرف .
فلو تقايلا الصّرف ، وتقابضا قبل الافتراق ، مضت الإقالة على الصّحّة . وإن افترقا قبل التّقابض بطلت الإقالة ، سواءٌ اعتبرت بيعاً أم فسخاً .
فعلى اعتبارها بيعاً كانت المصارفة مبتدأةً ، فلا بدّ من التّقابض يداً بيدٍ ، ما دامت الإقالة بيعاً مستقلاًّ يحلّها ما يحلّ البيوع ، ويحرّمها ما يحرّم البيوع ، فلا تصلح الإقالة إذ حصل الافتراق قبل القبض .وعلى اعتبارها فسخاً في حقّ المتعاقدين ، فهي بيعٌ جديدٌ في حقٍّ ثالثٍ ، واستحقاق القبض حقٌّ للشّرع ، وهو هنا ثالثٌ ، فيعتبر بيعاً جديداً في حقّ هذا الحكم فيشترط فيه التّقابض . وهلاك البدلين في الصّرف لا يعدّ مانعاً من الإقالة ، لأنّه في الصّرف لا يلزمه ردّ المقبوض بعد الإقالة ، بل ردّه أو ردّ مثله ، فلم تتعلّق الإقالة بعينهما ، فلا تبطل بهلاكهما .
إقالة الإقالة :
15 - إقالة الإقالة إلغاءٌ لها والعودة إلى أصل العقد ، وهي تصحّ في أحوالٍ معيّنةٍ ، فلو تقايلا البيع ، ثمّ تقايلا الإقالة ، ارتفعت الإقالة وعاد البيع . وقد استثنى العلماء من إقالة الإقالة إقالة المسلم قبل قبض المسلم فيه ، فإنّها لا تصحّ ، لأنّ المسلم فيه دينٌ وقد سقط بالإقالة الأولى ، فلو انفسخت لعاد المسلم فيه الّذي سقط ، والسّاقط لا يعود .
ما يبطل الإقالة :
16 - من الأحوال الّتي تبطل فيها الإقالة بعد وجودها ما يأتي :
أ - هلاك المبيع : فلو هلك المبيع بعد الإقالة وقبل التّسليم بطلت ، لأنّ من شرطها بقاء المبيع ، لأنّها رفع العقد وهو محلّه ، بخلاف هلاك الثّمن فإنّه لا يمنع الإقالة لكونه ليس بمحلّ العقد ، ولذا بطل البيع بهلاك البيع قبل القبض دون الثّمن .
وهذا إذا لم يكن الثّمن قيميّاً ، فإن كان قيميّاً فهلك بطلت الإقالة .
ولكن لا يردّ على اشترط قيام المبيع لصحّة الإقالة إقالة السّلم قبل قبض المسلم فيه ، لأنّها صحيحةٌ سواءٌ أكان رأس المال عيناً أم ديناً ، وسواءٌ أكان قائماً في يد المسلم إليه أم هالكاً . لأنّ المسلم فيه وإن كان ديناً حقيقةً فله حكم العين حتّى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه .
ب - تغيّر المبيع : كأن زاد المبيع زيادةً منفصلةً متولّدةً ، كما لو ولدت الدّابّة بعد الإقالة ، فإنّها تبطل بذلك ، وكذلك الزّيادة المتّصلة غير المتولّدة كصبغ الثّوب . وعند المالكيّة تبطل الإقالة بتغيّر ذات المبيع مهما كان . كتغيّر الدّابّة بالسّمن والهزال ، بخلاف الحنابلة .
اختلاف المتقايلين :
17 - قد يقع الاختلاف بين المتقايلين على صحّة البيع ، أو على كيفيّته ، أو على الثّمن ، أو على الإقالة من أساسها . فإنّهما إذا اتّفقا على صحّة البيع ، ثمّ اختلفا في كيفيّته تحالفا ، فيحلف كلٌّ على نفي قول صاحبه وإثبات قوله .
ويستثنى من التّحالف ما لو تقايلا العقد ثمّ اختلفا في قدر الثّمن فلا تحالف ، بل القول قول البائع لأنّه غارمٌ . ولو اختلف البائع والمشتري ، فقال المشتري : بعته من البائع بأقلّ من الثّمن الأوّل قبل نقده وفسد البيع بذلك ، وقال البائع : بل تقايلناه ، فالقول للمشتري مع يمينه في إنكاره الإقالة .
فإن كان البائع هو الّذي يدّعي أنّه اشتراه من المشتري بأقلّ ممّا باعه ، والمشتري يدّعي الإقالة يحلف كلٌّ على دعوى صاحبه .
الموسوعة الفقهية الجزء الخامس



صورة المستخدم

Kouider1991

مشترك منذ : 12-06-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 820
مجموع النقاط : 865 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Kouider1991
منذ 12 سنة

الإقالة
اختلفوا إذا ندم المبتاع في السلم فقال للبائع: أقلني وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك، فقال مالك وطائفة: ذلك لا يجوز؛ وقال قوم: يجوز؛ واعتل مالك في ذلك مخافة أن يكون المشتري لما حل له الطعام على البائع أخره عنه على أن يقبله، فكان ذلك من باب بيع الطعام إلى أجل قبل أن يستوفي؛ وقوم اعتلوا لمنع ذلك بأنه من باب فسخ الدين بالدين؛ والذين رأوه جائزا رأوه أنه من باب المعروف والإحسان الذي أمر الله تعالى به. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أقال مسلما صفقته أقال الله عثرته يوم القيامة، ومن أنظر معسرا أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله".




قدم إجابة

الزوار شاهدوا أيضاً


ما هي أول صلاة صلاها النبي ؟

صلاة الظهر هي أول صلاة صلاها النبي.

اين نزل ادم وحواء عليهما السلام؟

بعد اخرج الله عز وجل ادم وحواء من الجنة ونزلا الى الارض اختلف الفقهاء عن مكان نزولهما لكن الرواية التي قد تكون أقرب للحقيقة هي أنّ سيدنا آدم عليه السلام هبط في الهند وكان معه الحجر الأسود وورقة من الج...

ما هي السورة التي لم تبتدأ بالبسملة ؟

سورة التوبة هي التي لم تبتدأ بالبسملة في القرآن .

ماهي السورة القرأنية التي نزلت بين مكة والمدينة؟

القصص

من اول من أرضعت الرسول محمد؟

كانت ثويبة أول من أرضعت النبي محمد بعد أمه، وأرضعت ثويبة مع النبي بلبن ابنها مسروح أيضاً حمزة عمّ النبي، وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي.