ما سلبيات الاقتصاد الافتراضي وما علاقته بالازمة الاخيرة



0      0

2 2 إجابتين
صورة المستخدم

Khalifab13

مشترك منذ : 18-01-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 2267
مجموع النقاط : 1956 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Khalifab13
منذ 12 سنة

الأزمة الموضوعية في عالم الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وهي الأولى حجماً ونوعاً، في عصر العولمة، كشفت عن أزمة عميقة في الذات، فكلا الطرفين (الطرف المدافع عن الرأسمالية والطرف المناوئ لها) أظهر، إذ تحدَّث وكتب، عجزاً علمياً، فما سمعناه أو قرأناه من رأي وتحليل وتعليل وتفسير.. ومن مواقف من ثمَّ، إنَّما أظهر وأكد الاغتراب الفكري.
كل الأجوبة كانت بعيدة، غريبة، عن "السؤال".. سؤال "ما حقيقة هذا الذي حدث؟ ولماذا حدث؟ ولماذا حدث على هذا النحو فحسب؟".
وكان يكفي أن تستمع لممثلي الرأي والرأي الآخر في بعض من الفضائيات العربية حتى تتأكد أنَّ الأزمة في العقول أشد عنفاً من الأزمة في "وول ستريت"، أو من الأزمة التي انطلقت من حي المال هذا.
هذا يدافع عن الرأسمالية وهو يجهل تماماً حقيقتها الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، وذاك يُحدِّثك عن الاشتراكية، وعن ماركس والماركسية، بما يقيم الدليل على أنَّ مأساة ماركس تكمن في أنَّ منتقديه ومؤيديه متساوون في سوء فهمه.
إننا حديثو العهد في الممارسة الإعلامية لحرية الرأي، بوجهيه أو طرفيه؛ ولكنَّ هذا يجب ألاَّ يظل مبرِّراً لفهم حرية الرأي على أنها الحرية في نبذ "العلمية" من الآراء، فأنتَ، على سبيل المثال، ليس من حقكَ أن تتحدث، بدعوى حرية الرأي، عن "السلعة"، و"رأس المال"، و"رأس المال المالي"، وأنتَ تجهل ماهية تلك الأشياء أو المفاهيم.
"الأزمة" تزامنت مع أزمة في جائزة "نوبل" للاقتصاد، فمنحها، هذه المرة، اصطدم بعقبة أخلاقية، فكيف تُمْنَح لرجل اقتصاد في وقت تشهد الأزمة على أنَّ ملتون فريدمان قد نالها بوصفه أحد كبار النظريين الاقتصاديين المسيئين إلى الاقتصاد الرأسمالي؟!
ومع ذلك منحوها لرجل اقتصاد، حاله الفكرية لا تقل سوءاً عن الحال الاقتصادية للنظام الرأسمالي.
ولو كان للموضوعية والعلمية من وزن يُعْتَدُّ به في قرار المَنْح لمنحوها لرجلٍ أعظم شأناً من الجائزة نفسها، ومن مانحيها، ومن نوبل نفسه؛ وهذا الرجل هو كارل ماركس، الذي عاد الطلب على "أسهمه الفكرية" يقوى ويشتد، فهو الآن، وبشهادة حتى خصومه، الحائز على ألقاب من قبيل "مفكِّر الألفية الثالثة"، و"أهم شخصية ألمانية على مرِّ العصور"، و"الشبح الذي عاد"، و"أعظم الفلاسفة في التاريخ".
حتى رجل الأعمال والسياسي الليبرالي الشهير جورج سوروس تحدَّث عن ماركس قائلاً: "لقد قرأتُ ماركس، فاكتشفتُ كثيراً من الصواب في فكره".
إنَّ الطلب على هذا الرجل يقوى ويشتد الآن، وكأنَّ العالم المثخن بجراح الأزمة المالية والاقتصادية العامة للرأسمالية يتوفَّر الآن على إعادة اكتشاف ماركس، وعلى استعادة الاهتمام به؛ ونحن لو صرفنا النظر عن عداء ماركس للرأسمالية، لاكتشفنا أنَّه "الوعي الحقيقي" للنظام الاقتصادي الرأسمالي، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وكأنَّ الرأسمالية لم تَعِ ذاتها على خير وجه إلاَّ من خلاله.
ولا شكَّ في أن انهيار الاتحاد السوفياتي قد أسدى خدمة جليلة إلى ماركس، الذي كان في أحسن تقويم فجعلته موسكو الحمراء أسفل سافلين.
المنافحون الآن عن الرأسمالية يقولون إنَّ ما أصابها، انطلاقاً من "وول ستريت"، لا يعدو كونه جزءاً من "دورتها الاقتصادية الطبيعية"، ضاربين صفحاً عن أنَّ ماركس ذاته هو صاحب براءة اكتشاف تلك الدورة!
ويقولون، أيضاً، إنَّ الأزمة في الرأسمالية ليست بالأزمة التاريخية التي لا حلَّ لها، أو التي تصيب اليد الخفية للسوق الحرة بالعجز عن معالجتها وتخطيها، فالرأسمالية هي أوَّلاً ليست بالنظام الاقتصادي والاجتماعي العابر تاريخياً؛ لأنَّها، على ما أتاهم به الوحي، النظام الاقتصادي والاجتماعي الطبيعي، والعابر، بالتالي، للتاريخ؛ ولأنَّها "التاريخ في مِسْك ختامه"، فهي إذا انتهت فلن تنتهي إلاَّ إلى ولادة جديدة؛ ولأنَّ الرأسمالية هي ذاتها البديل من الرأسمالية، وخير دليل على ذلك هو موت ذلك الذي صوَّر نفسه على أنَّه البديل التاريخي من الرأسمالية.
ولكن، دعونا نبدأ من "الخبر".. من آخر خبر بثته إذاعة "نهاية التاريخ"؛ ولقد جاء فيه أنَّ "الضخ" أثرَّ تأثيراً سيكولوجياً إيجابياً، فانتعشت البورصات العالمية، وانتهى المسار الهابط لأسعار الأسهم، ليبدأ المسار الصاعد.. ثمَّ دخلت كلمة "ولكن" في سياق الخبر، فالولايات المتحدة، التي ليست بالقوَّة العظمى في العالم؛ لأنَّها أكبر من العالم نفسه، قد دخلت في "الركود"، وسجَّلت عجزاً في موازنتها الفدرالية هو الأعظم في تاريخها، أي أنَّ "الدين العام" هو الآن الأعظم في تاريخ الرأسمالية الأنجلو ـ سكسونية.
وفي بعض من الأسباب المعلنة، كان الإنفاق العسكري الهائل، وكانت الحرب في العراق وأفغانستان والتي كلَّفت الخزينة، أو دافعي الضرائب، حتى الآن، 685 بليون دولار، وكانت "خطة الإنقاذ" للمصارف والتي كلَّفت، أو ستكلِّف، دافعي الضرائب، نحو 700 بليون دولار.
وإذا كانت "الدولة" في حدِّ ذاتها، وبحسب صورتها المالية في الدستور والقانون، لا تملك شيئاً من المال لذاتها، فإنَّ مزيداً من الدمار سيلحق بالقدرات الشرائية الفعلية للمواطنين، فالعجز في الموازنة إنَّما يعني مزيداً من الضرائب، ومزيداً من نقص السيولة العامة في الصحة والتعليم..
لقد بشَّروا الآن شعبهم بـ "الركود" و"التضخم" معاً؛ ولكنهم أقسموا باسم الرأسمالية والسوق الحرة، أنَّ كل شيء سيعود إلى ما كان عليه، فالدولة ما أن يقف أباطرة المصارف المفلسة، أو المنهارة، أو المتعثِّرة، على أقدامهم حتى تبيعهم ما اشترته، عن اضطرار، من أسهم في مصارفهم.
ما تحقَّق حتى الآن إنَّما هو نجاح دولة "الشيوعيين" بوش وبولسون في "إقناع" أولئك الأباطرة بالضرورة التي تبيح، ولو مؤقتاً، المحظور؛ وهذه الضرورة هي أن تشتري الحكومة بمبلغ (250 بليون دولار) من أموال دافعي الضرائب، أي الشعب، أسهماً في بعض المصارف الكبرى المتعثِّرة، فتغدو الدولة، بالتالي، مشارِكاً (مؤقتاً) في ملكية تلك المصارف.
وبفضل هذا الإجراء، وغيره، تشجَّعت المصارف التي لديها وفرة في السيولة (الأموال) على إقراض مصارف تعاني شُحَّاً في السيولة، فتشجَّعت المصارف جميعاً على استئناف إقراضها للأفراد والشركات.
"الأحمر" بوش وعد أصحاب المصارف، الذين شاركهم ملكية مصارفهم عبر شراء الدولة لبعض الأسهم، بأنَّه سيبيعهم ما اشتراه ما أن تستقر الأسواق المالية، وما أن يجمعون ما يكفي من رؤوس الأموال من القطاع الخاص، وكأنَّ هذا التدخل للدولة هو الشر الذي لا بدَّ منه.
أمَّا "الأحمر" منه، وهو بولسون، فقد قال، والألم يعتصر قلبه، إنَّ ما قامت به الدولة، عن اضطرار، إنَّما هو إقرار بـ "الفشل". وقال أيضاً وكأنَّه يُعلِّل ويعتذر: "هذا الذي قمنا به لم نكن يوماً نرغب في القيام به؛ ولكن لم يكن لدينا من خيار، فتوقُّف المصارف عن إقراض بعضها بعضاً، وعن إقراض الأفراد والشركات، يؤدي إلى انكماش في إنفاق المستهلكين والشركات؛ وهذا الانكماش يؤدي إلى تقليص الوظائف وإغلاق الشركات"، فويل للرأسمالية إنْ تطبَّع أصحاب المصارف بطبع اكتناز الأموال في مصارفهم، مفضِّلين هذا الاكتناز على الإقراض!
إنَّه "إثم" ما بعده إثم هذا الذي تشعر به دولة بوش ـ بولسون، والتي هي ممثِّل المصلحة العامة للرأسماليين، وهي "تؤمِّم"، جزئياً ومؤقتاً، تلك المصارف "المتعثِّرة"!
الآن، شرعت المصارف الغنية بالسيولة تُقْرِض (لساعات) المصارف الفقيرة بها؛ وشرعت المصارف جميعاً، إذ وقفت "الدولة" بكل ثقلها إلى جانبها وهي تَقْدِم على مغامرة الإقراض، تُقْرِض الأفراد والشركات، فهل يأتي الواقع بنتائج لا تذهب بتوقُّعهم؟
الأموال الآن، وبعضها أصبح مالاً عاماً، أي من أموال دافعي الضرائب، شرعت تخرج، على شكل قروض وديون، من المصارف إلى أيدي الأفراد (ليشتروا منازل وسيارات..) والشركات الصناعية والتجارية..، فهل ترجع، بعد حين، إلى المصارف وقد نمت أم سنسمع المُقْرضين ومعهم دولة بوش ـ بولسون، يصرخون: "لقد خرجت ولم تَعُدْ"؟!
هذا السؤال الذي يتحدَّانا أن نجيبه يقودنا إلى التعمُّق في البحث والتحليل، توصُّلاً إلى معرفة حقيقة الأزمة، وعمقها، وأبعادها.
تخيَّل أنكَ في طائرة تطير فوق النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي، فماذا يمكنك أن ترى؟
سترى أوَّلاً "البيئة الطبيعية والجغرافية" التي فيها يقيم النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي؛ وسترى، أيضاً، "البيئة الاصطناعية"، أي كل شيء أنتجه وصنعه البشر من خلال العمل، كالمصانع والموانئ والطرقات والمباني..
ولو بسَّطْنا "المشهد".. مشهد "البيئة الاصطناعية"، والتي عبرها يتفاعل البشر مع الطبيعة، أو "البيئة الطبيعية"، لرأيْنا الاقتصاد برمته على هيئة أشياء هي البضائع أو السلع.. لرأينا، مثلاً، الأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، والسيارات، والأثاث.
ومع كل هذه الأشياء، التي تتكوَّن منها "البيئة الاصطناعية"، والتي يمكن تسميتها "الاقتصاد الحقيقي"، أو "الثروة الحقيقية"، نرى أيضاً أكواماً من الورق تسمى "النقود".
لو سألْت ليبرالياً ذكياً "ما هي الخادمة (في المنازل)؟"، لأجابك على البديهة قائلاً "إنها امرأة من سريلانكا أو الفلبين..". ولو سألْته "ما هو رأس المال؟"، لأجابك على البديهة قائلاً "إنَّه عصا ولو كانت في يد قرد". ولو سألْته "ما هو النقد؟"، لأجابك على البديهة قائلاً "إنَّه الذهب".
إنَّ المرأة السريلانكية هي امرأة، ولكنَّها "تصبح" خادمة في ظروف معيَّنة؛ وإنَّ العصا هي عصا، ولكنَّها "تصبح" رأسمالاً في ظروف معيَّنة؛ وإنَّ الذهب هو الذهب، ولكنَّه "يصبح" نقداً في ظروف معيَّنة.
قد يعرِّفون "الرأسمال" على أنَّه "مال ينمو"، أي "مال يأتي بمزيد من المال". ولكنَّ المال الذي نعرف الآن هو "ورق"، هو في حدِّ ذاته عديم القيمة الاقتصادية، وهو من تلقاء نفسه لن يتكاثر أبداً.
هذا المال قد "يصبح" رأس مال إذا ما استوفى شروطاً معيَّنة.. إذا ما انتقل إلى "الإنتاج"، وإلى "الاقتصاد الحقيقي".
حتى يتحوَّل المال الورقي إلى رأسمال، وإلى مولِّد لثروة حقيقية، لا بدَّ له أوَّلاً من أن يتحوَّل إلى بضائع (حقيقية) أي إلى آلات ومواد أولية ووقود وأبنية..
ولا بدَّ له، تالياً، من أن يأتي بـ "بضاعة أخرى" هي اليد العاملة، أو قوة العمل، إلى المصنع، لتتولى تشغيل الآلات، وإنتاج شيء ما، أو بضاعة ما.
هنا، وهنا فحسب، يتحوَّل "المال" إلى "رأس مال"، ويصبح ممكناً أن يولِّد ثروة حقيقية.
ولو جئتَ بمال العالم كله، أي بكل ما يملك من نقود ورقية، كالدولار واليورو والين والجنيه الإسترليني، و"استثمرته" في غير هذا المكان والموضع فلن يُنْتِج أبداً "ثروة حقيقية" للمجتمع.. لن يضيف أبداً، ولو أقل مقدار، إلى "ثروته الحقيقية"؛ مع أنَّ "اللعبة" هنا تفضي دائما إلى رابحين وخاسرين، فالرابح هنا إنَّما يربح بما يعدل خسارة الخاسر، الذي يخسر بما يعدل ربح الرابح.
ثمة مبدآن قام عليهما الفكر الاقتصادي الكلاسيكي، ولا ريب في صوابهما. المبدأ الأول هو أنَّ تبادل البضائع لا يعدو كونه تبادلاً لـ "قيم (اقتصادية) متساوية"؛ والمبدأ الثاني هو أن اليد العاملة سلعة كسائر السلع.
ولكن، ما معنى "تساوي القيم"؟ معناه الذي لا ينكره حتى الاقتصاديين الليبراليين هو "تساوي كمية العمل"، فمبادلة سلعة بسلعة إنَّما يعني أنَّ كلتيهما تساوي الأخرى لجهة كمية العمل التي تشتمل عليها.
إذا كانت عبقرية نيوتن تكمن في كونه تساءل عن السبب الذي يجعل التفاحة تسقط إلى الأرض ولا تصعد إلى أعلى عند انفصالها عن شجرتها، فإنَّ عبقرية ماركس تكمن في كونه تساءل عن مَصْدَر "الربح" في النظام الرأسمالي إذا ما كان تبادل البضائع تبادلاً لقيم متساوية.
بحسب هذا المبدأ يجب ألاَّ يكون من وجود لـ "الربح" في النظام الرأسمالي؛ ذلك لأنَّ قيمة البضائع التي ينتجها المصنع يجب أن تعدل قيمة البضائع التي اشتراها رب العمل، أي قيمة المستهلَك من الآلات والمواد الأولية والوقود والبناء، مضافاً إليها قيمة قوة العمل التي يعبَّر عنها بالأجر الذي يتقاضاه العامل.



صورة المستخدم

Basem Medhat

مشترك منذ : 26-03-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 611
مجموع النقاط : 600 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Basem Medhat
منذ 12 سنة

.
الاقتصاد الافتراضي (Virtual Economy) هو الاقتصاد الذي يتعامل مع مال ليس موجودا على وجه الحقيقة. و هناك نوعان من الاقتصاد الافتراضي.
أما الأول فهو معروف لدى كثير من الناس و يتعامل به مجموعة من المستثمرين عن طريق الانترنت. و واقع هذا الاقتصاد أنه يتعامل مع بضاعة وهمية يفترض البائع وجودها و يضع لها مواصفات معينة و قد يصورها و يصف لها قيم افتراضية ثم يعرضها للمزاد في الاسواق الالكترونية مثل سوق (Ebay). و يقوم أحد الاشخاض بشراء البضاعة الوهمية و يدفع ثمنا لها حسب مقاييس وهمية. و تتراوح البضاعة الوهمية من أدوات صيد و قتال أثرية تبلغ قيمتها عشرات الدولارات الى قصر يشبه قصر سندريلا في عالم دزني بقيمة مئات الدولارات، الى مراكب فضائية تزيد قيمتها على 100،000 دولار و ذلك ما دفع ثمنه منتج سينمائي من فلوريدا.
هذا النوع من الاقتصاد لا يزال حديثا و تبلغ قيمة المال المتداول في هذه الاسواق بضع مليارات دولار. و واضح أن هذه النوع من الاقتصاد يؤدي الى وجود ثروة و تناميها دون أن يكون هناك ما يقابل هذه الثروة من بضاعة أو خدمات. ما يؤدي الى الخروج على قاعدة ان المال في الاصل هو أداة لتبادل البضائع و الخدمات. و قد عرض أحد الباحثين صورة هذه الاقتصاد من خلال ساعي البريد الذي أنفق 700 دولار لشراء قصر افتراضي مهيب ما أدى الى عدم تمكنه من دفع أجرة شقته الصغيرة و انتهى الأمر به الى الشارع.
أما النوع الثاني من الاقتصاد الافتراضي و هو الاهم في هذا الموضوع فهو الذي يؤدي الى ظهور الاقتصاد أكبر بكثير من حجمه الحقيقي. و هو قائم على فرضية أن المال الحقيقي لن تكون هناك حاجة لاستعماله و بالتالي فانه من الممكن التعامل بقيم افتراضية للمال.
و مثال ذلك ما حصل مع الملياردير دونالد ترمب الذي كان يتعامل في السوق بمليارات الدولارات و يقوم بأنشاء المشاريع الضخمة في حين أن ثروته الحقيقية لا تساوي جزءا بسيطا من قيمته الافتراضية، و حين تعرض لمطالبة الدائنين عام 1989 كاد أن يعلن افلاسه الشخصي اضافة الى الافلاس التجاري.
و قد بدأت ظاهرة زيادة المال على الحجم الحقيقي للمال بشكل كبير و على مستوى اقتصاد الدول مع ظهور الاسواق المالية في نيو يورك نهاية القرن التاسع عشر.
و قد ساعد على تأصل هذه الظاهرة لتصبح هي الطاغية في افتصاد الدول ثلاثة عوامل رئيسة هي تقييم المؤسسات المالية بالقيمة الاسمية للاسهم، و اعتماد قيمة الربا (الفائدة) أساسا للتحكم بحركة المال، و فصل العلاقة بين العملات الرئيسة و الذهب. ثم ان الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي و الاشتراكي ساعدت على تأصل فكرة الاقتصاد الافتراضي لدى المعسكر الرأسمالي من أجل زيادة الضغط على المعسكر الاشتراكي. و نعرض لهذه العوامل بشيئ من التفصيل.
1. الاسهم و الاقتصاد الافتراضي
لقد أدى نظام الاسهم المالي منذ مطلع القرن الماضي الى زيادة نمو المال المرتبط بالاسهم بشكل أسرع بكثير من نمو الاقتصاد الحقيقي الذي تمثله الأسهم. و لما تعرض السوق المالي في نيويورك الى أول انهيار سنة 1929 عزا الاقتصاديون ذلك الانهيار الى الفرق الشاسع بين قيمة السوق المالية و المرتفعة جدا و قيمة الاقتصاد الحقيقي. و قد ذكرت مجلة الايكونومست بتاريخ 2/11/1929 أن السبب الرئيسي لانهيار السوق هو الزيادة العالية لأسعار السوق مقارنة بالواقع الحقيقي للاقتصاد. و لادراك هذه الناحية فقد تبين أن أسعار السوق المالية زادت خلال الفترة ما بين 1925 و 1929 بنسبة 120% بينما لم يتعد النمو الاقتصادي للفترة نفسها 17%. و حين انهار السوق فقد من قيمته ما يزيد على ال 93%. أي عاد السوق الى ما يقارب قيمته الحقيقية. و قد حصل الامر ذاته سنة 1987 حين انهار السوق مرة أخرى حيث لاحظ المراقبون أن أسعار السوق المالي قد تضخمت بشكل كبير مقارنة مع الحجم الحقيقي للاقتصاد، حيث زاد الفرق بين الاقتصاد الافتراضي و الاقتصاد الحقيقي عن 200%. و مع نهاية القرن العشرين و صل الاقتصاد الافتراضي ثلاثة أضعاف قيمة السوق الحقيقي و ذلك بما عرف باسم (بالون الانترنت).
و الحاصل ان القيمة الاسمية للاسهم المالية لا تعكس حقيقة الانتاج الاقتصادي. فمن الممكن أن ترتفع قيمة الاسهم للشركة دون أن يكون هناك أي انتاج أو ربح للشركة كما حصل مع شركة أمازون حيث تجاوز سهم الشركة 300 دولار في الوقت الذي لم تحقق الشركة أية أرباح. و كما حصل مع شركة انرون حيث ارتفعت قيمة أسهمها بناءا على معلومات خاطئة عن أرباح وهمية.
ان مثل هذا التعامل المالي يجعل هناك وجهان للاقتصاد. وجه حقيقي مرتبط بالنمو الاقتصادي و الانتاج و هو القوة الحقيقية للاقتصاد. و وجه وهمي يعكس الصورة التي يراها المجتمع المحلي و العالمي عن حالة الاقتصاد. و حين يكون الفرق بين الاثنين بسيط لا تظهر مشاكل في الاقتصاد. و لكن حين يصبح الفرق شاسعا كما هو الحال الآن و عام 1987 و عام 1929 فان الأمر يكون خطيرا و قد يؤدي الى أثار مدمرة لسنين طويلة كما حصل مع النمور الاسيوية.
و تدرك الدول الرأسمالية حجم المشكلة و خطورتها و هي لا تنفك تضع الخطط و البدائل للحيلولة دون انهيار مدمر أو لتخفيف أثار الانهيار أو للخروج السريع بعد الانهيار. أما السبب المباشر للانهيار فيعود الى محاولة بعض المستثمرين أن يحولوا ما يملكوه من مال وهمي الى مال حقيقي. فلو افترضنا أن المال الحقيقي يشكل 10% من المال الافتراضي فان مجموع ما يمكن تحويله الى مال حقيقي لا يزيد عن 10% من المال الكلي، و باقي المال يساوي لا شيئ. و من هنا حين يرى ملاك الاسهم أن أحد كبار المستثمرين بدأ ببيع ما يملك (لتحويل ماله الى مال حقيقي) فيسارعون الى بيع ما يملكون خوفا ان لا يبقى لهم شيئ من المال الحقيقي فيحصل الانهيار ليعود البناء الى الاساس.
و خطورة الاقتصاد الافتراضي تكمن في ايجاد حالة من الوهم الاقتصادي قد يصدقها و يتصرف بناءا عليها حتى كبار الاقتصاديين و السياسيين، ما يدفعهم للقيام بمشاريع أكبر حجما من مقدراتهم الحقيقية. و قد تكون لمثل هذه الاعمال أثار ايجابية مؤقتة خاصة اذا كانت هذه المشاريع داخلة في حقل التنافس مع الغير. و قد استفادت أمريكا بشكل كبير حين كانت في صراع مع الاتحاد السوفياتي. حيث كان الاتحاد السوفياتي يستعمل المال الحقيقي في أعماله و مشاريعه، و كانت أمريكا تستعمل الاقتصاد الوهمي. و لكن حين تتعرض الدولة الى أزمة مالية أو سياسية يفوق حجمها حجم الاقتصاد الحقيقي فان الوهم قد يدفع الدولة الى مقامرة خاسرة. و قد تعمد الدول الى خلق أزمات فعلية لدول أخرى تعتمد على الاقتصاد الافتراضي في دائرة الصراع معها.
2. الربا و الاقتصاد الافتراضي
ان غاية السياسة المالية في الاقتصاد الرأسمالي هي المحافظة على أعلى مردود انتاجي و توظيفي و استقرار الأسعار. و يتم تحقيق ذلك من خلال آلية قائمة على التحكم بقيمة الربا زيادة أو نقصانا. فحين يحصل ركود في الاقتصاد تعمل الدولة على خفض قيمة الربا من أجل تشجيع الاقتراض و زيادة الطلب على الحاجات. و بالمقابل يتم رفع قيمة الربا للحد من التضخم المالي. و المهم هنا هو أدراك أهمية الربا بالنسبة للاقتصاد الرأسمالي باعتباره أهم أداة للتحكم بالاقتصاد. و من هنا كان انتشار المؤسسات المالية التي تقدم خدمات القروض للأفراد و الشركات و المؤسسات و حتى للحكومات نفسها.
و ضمن هذا الاقتصاد الربوي تكون حركة المال باتجاهين اتجاه الايداع و التسديد من المستثمر للبنك أو اتجاه الاقراض من البنك للمستثمر. و باستثناء الحالات التي تكون نسبة التضخم أعلى من نسب الفائدة خلال فترة السداد فان كمية المال المتجه باتجاه البنك تكون أكثر بشكل مطرد من كمية المال المتجه باتجاه المستثمرين. فاذا كان المال الحقيقي هو المال الذي يتعامل به المستثمر لزيادة الانتاج و المحافظة على استقرار الاسعار حسب ما تقتضيه السياسة المالية فان هذا المال سيكون بالتأكيد أقل بكثير من المال الذي يتجمع لدى البنوك. و من هنا يظهر الفرق بين المال الحقيقي و المال الافتراضي. و هناك حالتان تؤديان الى حصول هذه الظاهرة:
الحالة الاولى حين يقوم البنك بعملية الاقراض.فلو فرضنا أن البك قدم قرضا بقيمة 100 مليون دولار بربا مقداره 5% لمدة 20 سنة. و لو فرضنا أن التضخم خلال هذه الفترة كان 2% فان نسبة الربا الحقيقية تكون 3%. و لو فرضنا كذلك أن المال المقترض (100 مليون) أنفق على مشاريع استهلاكية و مشاريع انتاجية ربحية بحيث حقق ربح اجمالي 2%. أي أن القيمة الاجمالية التي سترد الى البنك = 103 مليون دولار في حين أن المال الحقيقي = 102 مليون. بمعنى أن هناك (1) مليون دولار في حساب البنك ليس له ما يقابله في الواقع و هذه الزيادة هي عين الربا الذي يزيد على حساب المال فقط كما ورد في الأية الكريمة (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ). و اذا علمنا أن أكبر المقترضين في العالم هي الحكومات التي تقترض لسد الحاجات و ليس للانتاج فان نسبة ما يتجمع من الربا يكون أعلى بكثير من نسبة ال (1%) في المثال السابق. و من هنا فان المال الربوي الزائد عن الحجم الحقيقي للمال خلال فترة زمنية محدودة يصل الى مئات المليارات من الدولارات و قد يصل الى ضعف كمية المال الحقيقي. و يكفي أن نعلم أن نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي في أمريكا مثلا كانت بمعدل (3.5%) خلال ال (30) عاما الماضية، بينما كان معدل الربا الفعلي أكثر من (8%). ما يعني أن المال الافتراضي خلال ال (30) عاما الماضية زاد على (135%) من قيمة المال الفعلي. أي لو أن القيمة الفعلية للاقتصاد الأمريكي كانت (5) ترليون دولار فان القيمة الربوية الزائدة عن القيمة الحقيقية تكون (6.75) ترليون دولار. ما يجعل قيمة المال الافتراضي (11.75) ترليون.
أما الحالة الثانية التي تؤدي الى زيادة وهمية في المال الربوي فتكون حين يودع المستثمرون أموالهم لدى البنوك من أجل الاستثمار في الربا. فلو أن المستثمر أودع لدى البنك (100) مليون دولار بربا قيمته (5%) بعد احتساب التضخم، و لمدة (10) سنين. فان قيمة المال المستثمر تصبح (150) مليون. و حتى لا يخسر البنك يقوم بدوره باستثمار ال (100) مليون دولار و لنفرض أنه حصل على نسبة (7%) أي ما قيمته (170) مليون. فلو كان جزء من استثمار البنك انتاجيا بنسبة (5%) و الباقي زيادة ربوية فان ما مجموعه (20) مليون دولار يكون مالا ربويا محضا لا مقابل له في الواقع. و الحقيقة أن أكثر البنوك لا تستثمر أموال المستثمرين في عمليات انتاجية، انما تقوم باستثمارها لدى بنوك أخرى و هكذا قد تحتوي سلسلة الاستثمارات على عدة بنوك ما يجعل المال الوهمي يزيد بشكل مطرد.
و سواءا كانت زيادة المال على الوجه الاول او الثاني فان المحصلة ان كميةالمال الذي يتجمع لدى البنوك أكثر بكثير من كمية المال الحقيقي و الذي يمثل الانتاج. الا ان الذي يساعد على استمرار هذه الزيادة المطردة بالمال الوهمي هو عدم ظهور حاجة ملحة لسحب أموال كثيرة من البنوك مرة واحدة. و حين يحصل أن يتعرض أحد البنوك لطغط المستثمرين و المودعين لسحب كمية تفوق كمية المال الحقيقي فان البنك سرعان ما ينهار لعدم مقدرته تلبية حاجة الزبائن كما حصل مع بنك بوسطن أوائل الثمانينات من القرن الماضي. هذا اذا لم تتدخل الحكومة لانقاذ البنك و دعمه بأموالها. و اذا كانت المشكلة عامة في أكثر من بنك فان الدول الكبري تعمد الى طبع و ضخ أموال تتناسب مع حجم المال الوهمي. و هذا من شأنه أن يؤدي الى تضخم هائل و هبوط بالاسعار و ضعف بالانتاج و قد يؤدي الى كارثة مالية هائلة. و يكفي أحيانا لحصول مثل هذه الكوارث أن يتحرك المودعون للمطالبة بسحب جزء كبير من أرصدتهم في وقت واحد.
3. فصل العلاقة بين العملات الرئيسة و الذهب
ما كان يمكن للاقتصاد الافتراضي أن يصبح ظاهرة أصيلة و يستشري باشكل الذي رأينا لو أن العملات الرئيسة كالدولار بقيت مرتبطة بالذهب حسب ما قررته اتفاقية بريتون وودز سنة 1944. فقد حددت الاتفاقية أسس واضحة لسعر صرف العملات مقابل الذهب ضمن تذبذب لا يزيد عن (1%). كما حددت اسس تبين كيفية تحويل العملات الى الذهب. فمع وجود مثل هذا القانون لا يمكن لأي دولة أن تسمح لاقتصادها أن يظهر على وجه أكثر بكثير من حجمه الحقيقي لأن ذلك سيكلفها مخزونها من الذهب و قد لا يكفي المخزون مطلقا حسب ما رأيناه من أرقام خيالية للاقتصاد الافتراضي. و لكن حين انقلبت أمريكا على اتفاقية بريتون وودز و حررت ألدولار من الذهب أطلقت العنان لأسعار السوق دون أي قيد. و لم تكتف أمريكا بذلك بل عادت و فصلت العلاقة بين المال و الاقتصاد، فصار من الممكن للمال أن ينمو و يزداد بسرعة أعلى بكثير من سرعة نمو الاقتصاد. فكان هذا الفصل بين المال و الذهب من جهة، و بين المال و النمو الاقتصادي من جهة أخرى هو الذي مكن من وجود الاقتصاد الافتراضي و نموه الى درجة هائلة.
4. خاتمة
و أخيرا؟ هل الاقتصاد الافتراضي يعتبر عامل قوة أو عامل ضعف لدى الدول؟ مما لا شك فيه ان الاقتصاد الافتراضي يؤدي الى ظهور الدولة بمظهر القوة ما يمكنها من المناورة و التهديد و التأثير على الدول الاخرى، و قد يمكنها من تدمير اقتصاد دول بالكامل خاصة اذا كانت تلك الدول تستعمل اقتصادها الحقيقي أو كانت أقل قدرة من الدولة المهاجمة. و لا تزال أمريكا تستعمل الاقتصاد الافتراضي للتاثير على اوروبا و اليابان و الصين و غيرها. الا ان الاقتصاد الافتراضي يشكل كعب اخيل لهذه الدول. ففي الوقت الذي يشكل فيه مظهر قوة، فهو كذلك يشكل مقتلا لهذه الدول. و ذلك انه في حال تعرض الدولة الى أزمة حقيقية سواءا بسبب الكوارث أو الحروب بحيث تستهلك الازمة ما يعادل الاقتصاد الحقيقي للدولة فان اقتصاد الدولة سيصاب بالافلاس.
و الحاصل أن الدول الرأسمالية الكبرى مثل أمريكا و أوروبا قد بنت اقتصادها الضخم على أساس الاقتصاد الافتراضي . و الأهم من ذلك أن هذه الدول لا يمكنها التراجع لاعادة بناء اقتصادها على شكل آخر. فالسياسة المالية كلها قائمة على الربا، و الثراء الفاحش و الزيادة المطردة للمال أصبحت هي الغاية الوحيدة للسياسة المالية و الاقتصادية.




قدم إجابة

الزوار شاهدوا أيضاً


من هو صاحب كتاب راس المال ؟

كارل ماركس

من هو صاحب هايبر وان ؟

يعد هايبروان واحدآ من أكبر سلاسل المحال التجارية فى مصر. وقد اسسه السيد المهندس / محمد تقى الدين الهوارى فى عام 2005 م ، حيث يشتمل على فرعين اساسيين احداهما بمدينة الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر والآخر...

من هو صاحب هايبر نستو ؟

يوسف على هو صاحب هايبر نستو .

من هو صاحب هيربل سبا ؟

حسين النصار مدير صاحب هيربل سبا

من هو صاحب وقت الشاي ؟

لاري بايج وسيرجي برين