نبذة النيل والفرات:
يضم هذا الكتاب دراسة تحليلية دارت حول حركة الوعي الشعري العربي، حيث حاولت الكشف عن المضامين العميقة للشعر الجاهلي، في إطار رؤية المتلقي ووعيه. وإذا كان منهج الفكر هو الفكر نفسه -كما يقول اشبنغلر- فإن منهج هذا البحث هو ذاته، ومن هنا أسس التمهيد رؤيته لمقولتين الحركة والسكون وأثرهما الجوهري في تطور وعي الإنسان وتكوين تأريخيته وحضارته، باعتبار أن الحضارة فكرة الإنسان عن ذاته وعلاقتها بالعالم موضوعة في شكل.
أما الفصل الأول فجاء ليدرس تطور هذا الشعر باعتباره حركة على المحور الأفقي التاريخي. فتحدث عن ماهية اللغة واللغة الشعرية، وعلاقة ذلك بالوعي. كما حاول حل مشكلة أولية الشعر الجاهلي، مستكشفاً الضرورة التاريخية والحضارية لوجود هذا الشعر ونشأته، كما واقترح تتبعاً لتطور الشعر نمواً واستقراراً، منتهياً إلى أثر المحور الزمني فيه، ومعتمداً على الأشكال الشعرية في ذاتها وبما توحي به من تطور أو استقرار مشيداً إلى علاقة ذلك بالوعي الفني-الحضاري.
واقترح الفصل الثاني دراسة الشعر على المحور العمودي راصداً أثر مقولتي الحركة والسكون في تكوين فاعلية الوعي الشعري المنعكسة في الشكل الشعري بوصفه الذات المتعينة للوعي. فدرس فاعلية الوعي الشعري في تشكيل ذاته من جدلية مقولتي الحركة والسكون، كما حاول دراسة غائية الوعي الشعري، وهذه الغائية كما اقترحها البحث هي فكرة الحرية، لأن الشعر خلق لعالم جديد يشكل تجاوزاً للواقع، ونزوعاً إلى مستقبل حضاري أرقى، بتحرير إنسان العصر من سلطة واقعه ووجوده المشروط بها. هذا وقد حملت الخاتمة مجموعة من النتائج الأساسية التي اقترحها البحث، رؤية وتطبيقاً.