حين استقبل الخليفة أبو جعفر المنصور عام 1773م فلكيا هنديا يدعى كانكا, وكان هذا العالم الهندي خبيرا بطرق الحسابات الهندية, وكان يحمل معه كتابا حول الحساب وحركات الكواكب يطلق عليه اسم السندهند ألفه العالم الهندي براهما جوبتا , وقدم الضيف الهندي للخليفة العباسي هذا الكتاب الذي تلقفه العلماء العرب باهتمام بالغ واعتبروه أحد أبرز الكتب التي لعبت دورا هاما في مسيرة العلم.
لقد كان العرب على علاقة وثيقة بالأرقام الهندية خلافا للأرقام الرومانية التي كانت تتخذ شكل الحروف اللاتينية ويصعب التعامل بها, لذا عكف العلماء العرب على ترجمة كتاب السندهند إلى اللغة العربية وكان من بين من قاموا بترجمة وشرحه العالم الإسلامي محمد بن موسى الخوارزمي أحد الذين اجتذبهم الخليفة المأمون إلى بلاطه, تبين له أن الهنود كانوا يستخدمون الأرقام التسعة الأولى ويضعون نقطة أو ثقب ليحل محل العاشر كفاصل بين تلك الأرقام, خاصة الأعداد ذات الأرقام المتعددة. ولقد تمكن الخوارزمي بعد تأليف كتابه حول نظام الحساب الهندي من وضع طريقة جديدة تعتمد على إنشاء خانات للآحاد والعشرات والمئات.... الخ مع الإستعانة بالنقطة في عمليات الجمع والطرح , وذكر الخوارزمي في كتابه حول هذا الإكتشاف بقوله (( في عمليات الجمع والطرح إذا لم هناك باقي تضع (صفرا) ولا تترك المكان خاليا حتى لا يحدث لبس بين خانة الآحاد وخانة العشرات )), ويوضح أيضا قيمة الصفر وأهميته في تغيير الرقم بقوله (( يجب أن يكون الصفر عن يمين الرقم لا عن يساره , لأنه في حاله وجوده إلى اليسار لا يغير من قيمته)).
وهكذا كانت زيارة الوفد الهندي للخليفة المنصور فاتحة خير على مسيرة العلم بظهور الصفر على يد الخوارزمي الذي ابتكر طريقة جديدة تزيل الكثير من الغموض أمام العمليات الحسابية, ولقد اهتم الأجانب فيما بعد بالصفر, ونقلوا طريقة الخوارزمي بحذافيرها , بل إنهم وحتى الآن يتخذون من موقع الصفر بالنسبة اللأرقام نفس ما اقترحه هذا العالم بالرغم من أسلوب كتاباتهم من اليسار إلى اليمين وذلك باتخاذهم موقع الصفر إلى يمين الرقم دليلا على قيمته