الذي يضرب به المثل في الخطابه في العصر الجاهلي :
هو سحبان بن زُفر بن إياس، وهو منسوب إلى وائل باهلة ، وقد أورده ابن حجر في الإصابة ضمن قسم المخضرمين الذين أسلموا في زمن النبي ولم يجتمعوا به و توفي سنة 54هـ .
نشأ سحبان بن زفر بن إياد في الجاهلية بين قبيلة وائل من ربيعة ، ثم دخل في الإسلام عند ظهوره ، واتصل بمعاوية ، فحسن موقعه لديه ، واعتمد في يوم الكلام عليه ، وكان سحبان خطيبا غمر البديهة ، قوي العارضة ، متصرفا في فنون الكلام ، كأنما يتلو عن ظهر قلبه ، وبه يضرب المثل في كل ذلك . قدم على معاوية وفد من خراسان ؛ فطلب سحبان فلم يجده في منزله ، فاقتضب من حيث كان ، وأدخل عليه ، فقال له معاوية : تكلم . فقال : أحضروا إلي عصا . قالوا : وما تصنع بها وأنت بحضرة أمير المؤمنين ؟ قال : وما يصنع بها موسى وهو يخاطب ربه ؟ فضحك معاوية وأمر له بها ، فلما جاءته ركلها ولم ترق في نظره ، فجاؤوءه بعصاه ، وخطب من صلاة الظهر ألى أن حان وقت العصر ما تنحنح ، ولا سعل ، ولا توقف ، ولا تلكأ ، ولا ابتدأ في معنى وخرج منه وقد بقي فيه شيء ، فما زالت تلك حاله حتى دهش منه الحاضرون . فأشار إليه معاوية بيده ؛ فأشار أليه سحبان : لا تقطع علي كلامي ! فقال معاوية : الصلاة ! قال هي أمامك ! نحن في صلاة وتحميد ، ووعد ووعيد ، فقال معاوية : أنت أخطب العرب ، قال سحبان : والعجم والجن والإنس .