بعد المصريين أيام المشاحنات الكروية، والليبيين الذين اتهموا الجزائريين بالارتزاق، ها هي المعارضة السورية في حمص تحرق العلم الوطني انتقاما من موقف الجزائر بجامعة الدول العربية، التي تحفظت على قرار إنشاء قوة عربية وإرسالها إلى سوريا برئاسة قطر.
ما يجهله الإخوة السوريون أنه مهما كانت عدالة مطالبهم للإطاحة بنظام الأسد، فإن الجزائر، شعبا ودولة، لا يمكن أن تكون حيثما تكون قطر، والجزائر لن تبصم لمعارضة برعاية قطرية مهما لحقها من بطش من طرف النظام السوري، قالتها الجزائر في ليبيا وتقولها اليوم من سوريا. فالجزائر التي عانت من الأزمة الأمنية ومحاولات تدويل قضيتها ومواجهتها بمفردها المخطط الأمريكي الغربي الرامي لتمكين الإسلاميين من الحكم، لن ترضى بهذا للبلدان العربية الأخرى، ولن تكون جنديا عند أمريكا يحارب من أجل مشروع ليس في صالح الشعوب العربية، ولا في صالح الحضارة العربية الإسلامية، لكنها في المقابل، لم تقمع المعارضة السورية الناشطة في الجزائر، فهذه تقوم بنشاطها بكل حرية، وكل وسائل الإعلام تحت تصرفها تعلي كلمتها، وهذا وحده كاف كدليل لدعمنا للشعب السوري، لكن لن نكون في صفوف المقاتلين من أجل الحلم الأمريكي - الإسرائيلي، لا، هذا لن يصدر من جزائر نوفمبر، ولا من شعب عرف أكثر من غيره من الشعوب العربية ما معنى الاستعمار.
ما يجهله السوريون ربما، سواء كانوا في المعارضة أو الموالاة، أن مصلحتهم هي مع الجزائر، مهما كان موقفها الآن الرافض لتدخل قوات عسكرية في سوريا.
ما ذنبنا نحن هنا في الجزائر إذا كنا فهمنا قبل غيرنا أن ما يحدث في الشارع العربي اليوم من أحداث ضد الأنظمة العربية الفاسدة لن يصب في مصلحة العرب، وأن الشباب الذي يموت في المدن العربية سواء في صفوف الأنظمة أو في صفوف المعارضة، إنما هو مجرد حطب لنار أمريكية والمستفيد الأول والأخير هو الشعب الأمريكي الذي تسعى بلاده لضمان استقراره ورخائه على حساب المواطن العربي.
يا للمصيبة، ويا للفتنة الكبرى! لم تحلم أبدا ولم يدر في مخيلتها أنها ستنجح يوما هذا النجاح الباهر، وأن تحارب العرب بالعرب، وتحارب الدول بشعوبها، ولا تخسر خرطوشة واحدة في حربها الكونية هذه.
فالشباب العربي الذي كان يتطوع سنوات الستينيات والسبعينيات لمحاربة إسرائيل ومؤازرة القضية الفلسطينية، صار اليوم مرتزقة تحت لواء قطري - أمريكي، ليحارب أوطانه وليفتح الخزائن العربية وكنوزها أمام أمريكا.
أليست هذه أعظم مصيبة تحل بنا مع استلاب العقل العربي، وبعد أن فعلت أمريكا وإعلامها ودجاليها من علماء الإسلام الممسوخين بالشباب العربي ما فعلت، فصار قنبلة موقوتة في صدور الأنظمة بعد أن كان قنابل بشرية تهدد إسرائيل وأمنها وتحمي المصالح العربية من أطماع أمريكا وعملائها.
لم تصبنا النار التي أحرقت العلم الجزائري في حمص في شيء، مثلما لم تصبنا النار التي أحرقت العلم الجزائري في القاهرة.. وستحل بهم نقمة الشهداء إن عاجلا أم آجلا..
حدة حزام