جاء في جامعة 2:2» 2لِلضَّحْكِ قُلْتُ: «مَجْنُونٌ» وَلِلْفَرَحِ: «مَاذَا يَفْعَلُ؟». 3اِفْتَكَرْتُ فِي قَلْبِي أَنْ أُعَلِّلَ جَسَدِي بِالْخَمْرِ، وَقَلْبِي يَلْهَجُ بِالْحِكْمَةِ، وَأَنْ آخُذَ بِالْحَمَاقَةِ، حَتَّى أَرَى مَا هُوَ الْخَيْرُ لِبَنِي الْبَشَرِ حَتَّى يَفْعَلُوهُ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاتِهِمْ.« .
للضحك قلتُ مجنون، وللفرح ماذا يفعل؟، وقال في 7 :3 » 2اَلذَّهَابُ إِلَى بَيْتِ النَّوْحِ خَيْرٌ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى بَيْتِ الْوَلِيمَةِ، لأَنَّ ذَاكَ نِهَايَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ، وَالْحَيُّ يَضَعُهُ فِي قَلْبِهِ. 3اَلْحُزْنُ خَيْرٌ مِنَ الضَّحِكِ، لأَنَّهُ بِكَآبَةِ الْوَجْهِ يُصْلَحُ الْقَلْبُ. « .
وهذا يناقض ما جاء في الجامعة 8 :15 » 15فَمَدَحْتُ الْفَرَحَ، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ خَيْرٌ تَحْتَ الشَّمْسِ، إِلاَّ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَفْرَحَ، وَهذَا يَبْقَى لَهُ فِي تَعَبِهِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ الَّتِي يُعْطِيهِ اللهُ إِيَّاهَا تَحْتَ الشَّمْسِ.« .
وقوله في سفر الأمثال 17 :22 » 22الْقَلْبُ الْفَرْحَانُ يُطَيِّبُ الْجِسْمَ، وَالرُّوحُ الْمُنْسَحِقَةُ تُجَفِّفُ الْعَظْمَ. 23الشِّرِّيرُ يَأْخُذُ الرَّشْوَةَ مِنَ الْحِضْنِ لِيُعَوِّجَ طُرُقَ الْقَضَاءِ. 24الْحِكْمَةُ عِنْدَ الْفَهِيمِ، وَعَيْنَا الْجَاهِلِ فِي أَقْصَى الأَرْضِ.« .
الرد
واكرر نفس المبدا الذي قلته سابقا ان سفر الجامعه سفر فلسفي رائع وعميق جدا ومبني بطريقه رائعه بالوخي الالهي ويخطئ بشده من يقتطع عدد من سياقه فلا يفهم المقصود لان بناؤه الفلسفي كله يوصل الي حقيقه واحده ذكرها الجامعه في اخر اصحاح
ولهذا اعرض الاعداد في سياقها لنفهم معناها جيدا
الشاهد الاول
سفر الجامعة 2
بعد ان تكلم سليمان في الاصحاح الاول ان لا شيئ يشبع طالما الانسان بعيد عن الرب واي تعب يتعبه بدون الرب فهو باطل وحتي اجمل شيئ احبه سليمان وهو الحكمة حتي الحكمة بدون الرب هي باطله ومحزنه فالاصحاح الاول الملذات العقليه
ثم يكمل نفس المقياس في هذا الاصحاح ويتكلم عن الملذات الجسدية ويكمل ان اي شيئ يفعله بعيد عن الرب هو باطل فيقول
2: 1 قلت انا في قلبي هلم امتحنك بالفرح فترى خيرا و اذا هذا ايضا باطل
وهنا يخبرنا سليمان انه اراد ان يجرب الفرح الذي يلهيه عن الرب وحفلات وافراح وملاهي كثيره ليشبع قلبه خير ولكن قلبه لم يشبع بهذا طول ما هو بعيد عن الرب
وكثيرون يظنون أن السعادة تكمن في حياة اللهو والحفلات والأفراح الزمنية بما تحويه من أكل وشرب وضحك. وهؤلاء لا يميزون بين الفرح الداخلي الذي يهب بشاشة دائمة وسلاماً حقيقياً وبين ضحكات اللهو التي تنبع عن فراغ داخلي. الفرح الداخلي الذي يعطيه الله لا تؤثر عليه الظروف الخارجية فالشهداء كانوا يذهبون لساحات الاستشهاد المرعبة وهم متهللين. فملكوت الله كان في داخلهم، أما الأفراح الزمنية فمؤقتة، هي خارج دائرة الله، هي تخدر الإنسان ولا تشبعه بل تزيده حزناً.
فيقول عن الفرح والضحك للبعد عن الرب انه
2: 2 للضحك قلت مجنون و للفرح ماذا يفعل
ومعني كلمة مجنون هو
H1984
הלל
hâlal
haw-lal'
A primitive root; to be clear (originally of sound, but usually of color); to shine; hence to make a show; to boast; and thus to be (clamorously) foolish; to rave; causatively to celebrate; also to stultify: - (make) boast (self), celebrate, commend, (deal, make), fool (-ish, -ly), glory, give [light], be (make, feign self) mad (against), give in marriage, [sing, be worthy of] praise, rage, renowned, shine.
جذر بمعني واضح , ( في الاصل من الاصوات ولكن عاده من الالوان ) وتالق وتقديم عرض, وتفاخر, وحماقة, وهذيان, واحتفال, تافهة, تباهي, احتفال, مجد, جنون, حفل زفاف, مدح, تالق, لمعان
فهو يقول ان للضحك او السخريه من الاخر له لمعان وجنون اي شيئ يجذب العقل وهو مؤقت ولكن لا يستمر كثيرا ومن يلهي نفسه به بافراح العالم هو مخطئ
وللفرح ماذا يفعل هو يقصد الفرح الزمني الظاهري الذي ليس من القلب، هو أدرك أنه لا يصلح القلب ولا ينزع عنه كآبته ولا يهدئ هذا الفرح العالمي الضمير المذنب. أما دموع التوبة فتهب فرحاً داخلياً وبشاشة صادقة لأن الخطية تحطم القلب وتملأه كآبة مرة. ولقد اكتشف سليمان بالتجربة أن هذا أيضاً باطل.
فمعني العدد هو انسان يشغل نفسه بافراح العالم لكي تبعده عن الله هي باطلة
ويكمل في نفس السياق
2: 3 افتكرت في قلبي ان اعلل جسدي بالخمر و قلبي يلهج بالحكمة و ان اخذ بالحماقة حتى ارى ما هو الخير لبني البشر حتى يفعلوه تحت السماوات مدة ايام حياتهم
ايضا يفرح نفسه بالخمر هذا باطل
اذا سليمان لا يتكلم عن الفرح بصفه عامه ولكن يتكلم عن الفرح كوسيله للهروب من الله ولكي يلهو نفسه عن التوبه
والشاهد الثاني
سفر الجامعة 7
7: 1 الصيت خير من الدهن الطيب و يوم الممات خير من يوم الولادة
بالطبع الصيت الذي ينبع من اعمال صالحه هو الذي يستمر سنين واعمار ولكن الروائح والمقصود بها المتع الجسديه تبقي ليوم واحد
ويوم الممات هو يوم الراحه النهائي من اتعاب الارض ولكن يوم الولاده هو يوم بداية الاتعاب علي الارض
7: 2 الذهاب الى بيت النوح خير من الذهاب الى بيت الوليمة لان ذاك نهاية كل انسان و الحي يضعه في قلبه
بيت النوح الذي يعزي فيه الاخرين ويتذكر النهاية القريبه حيث يذهب الي وطنه الحقيقي هذا افضل من الولائم التي يشبع فيها الانسان مؤقتا وينسي نهايته وانه في غربه مؤقته
وفي بيت النوح يحزن الانسان علي خطاياه التي تجعله غير مستعد ليوم كهذا اما بيت الوليمه تجعل الانسان يفرح بشهوات العالم مؤقتا حتي يفاجأ بنهايته وهو غير مستعد ولهذا يقول سلمان
7: 3 الحزن خير من الضحك لانه بكابة الوجه يصلح القلب
الذي يذهب الي بيت النوح يحزن لتذكره النهاية القريبه وهذا الحزن هو حزن التوبة نمارسه يومياً وهذا يصلح القلب. ولا يفهم من هذا أن نظهر بوجه مكتئب أمام الغير، وإنما يمارس هذا الحزن والكآبة والدموع في المخدع، دون أن نحطم الآخرين معنا، بل هذه علاقة سرية مع أبي الذي في السموات لا داعي لأن يراها أحد. بل أبي الذي رآني باكياً حزيناً في غرفتي ومخدعي سيجازيني علانية بعلامات السلام والفرح الروحي على وجهي أمام الناس. ورب المجد يعرف اننا في حزن وسيحول هذا لفرح لا ينزعه احد منا
اما الضحك بتفاهات العالم هذا لا يعالج الخطايا فهو خطر
اما كآبة الوجه فهي داخل المخدع للندم علي خطاياي ، وهذه يحولها مسيحنا الي فرح ويكون ما يظهر للناس هو فرحنا دليل الرجاء الذي فينا
وتاكيدا انه يتكلم عن حزن بيت النوح يقول
7: 4 قلب الحكماء في بيت النوح و قلب الجهال في بيت الفرح
اذا كلامه عن حزن بيت النوح والندم علي الخطايا والاستعداد الي الانتقال وليس ان الانسان يسير في طريقه عابس فهو حزن التوبه فقط
7: 5 سمع الانتهار من الحكيم خير للانسان من سمع غناء الجهال
ويقصد بالانتهار هو الوعظ الذي يكون في بيت النوح وغناء الجهال هو ما يكون في الولائم
ولكن سليمان لم يقل ان الفرح بصوره عامه خطأ لان الفرح هو ثمره من ثمار الروح القدس
رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 5: 22
وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ
والفرح في الرب شيئ رائع ولكن سليمان اخطأ وابتعد عن الرب فهو حزين جدا ووضح ان الفرح الحقيقي يكون بالرب وليس افراح الولائم
فهو يفرح ببركة الرب لعمل يديه
سفر الجامعة 2
2: 24 ليس للانسان خير من ان ياكل و يشرب و يري نفسه خيرا في تعبه رايت هذا ايضا انه من يد الله
وايضا
سفر الجامعة 3
3: 22 فرايت انه لا شيء خير من ان يفرح الانسان باعماله لان ذلك نصيبه لانه من ياتي به ليرى ما سيكون بعده
وايضا
سفر الجامعة 8
8: 15 فمدحت الفرح لانه ليس للانسان خير تحت الشمس الا ان ياكل و يشرب و يفرح و هذا يبقى له في تعبه مدة ايام حياته التي يعطيه الله اياها تحت الشمس
يُركز الحكيم على تمتع المؤمن بالفرح بكونه غذاء النفس: "فمدحتُ الفرح"، حاسبًا إيَّاه عطية إلهية وما قاله سليمان هنا واجب على كل مؤمن بالله أن لا يفقد فرحه الداخلي، بل يشكر الله على كل الظروف حاسباً أكله وشربه وتعبه عطية الله، واثقاً في حياة أبدية فيها الفرح الحقيقي للأبرار، حيث العدل مكان الظلم والراحة عوضاً عن التعب،
بل هو يشجع علي الفرح بالرب فيقول
سفر الجامعه 11
11: 8 لانه ان عاش الانسان سنين كثيرة فليفرح فيها كلها و ليتذكر ايام الظلمة لانها تكون كثيرة كل ما ياتي باطل
11: 9 افرح ايها الشاب في حداثتك و ليسرك قلبك في ايام شبابك و اسلك في طرق قلبك و بمراى عينيك و اعلم انه على هذه الامور كلها ياتي بك الله الى الدينونة
11: 10 فانزع الغم من قلبك و ابعد الشر عن لحمك لان الحداثة و الشباب باطلان
اذا فهمنا ان الجامعه يشجع علي الفرح بالرب في كل حين والفرح بخيرات الرب ولكن ان يحزن الانسان علي خطاياه ويستعد ليوم رحيله بالتويه والحزن وان لا يلهو نفسه بافراح العالم الباطله
ولهذا قال بحكمة
سفر الجامعة 3: 4
لِلْبُكَاءِ وَقْتٌ وَلِلضَّحْكِ وَقْتٌ. لِلنَّوْحِ وَقْتٌ وَلِلرَّقْصِ وَقْتٌ
فبالفعل لكل شيئ وقت فمن يحزن باستمرار هذا خطا ولكن من يخطئ فيحزن علي خطاياه ويعطيه الرب خير فيفرح بالرب لاجل هذا الخير فهذا حكيم