وضع الاقتصاد التقليدي لنفسه مجموعتين مختلفتين من الأهداف: إحداهما يمكن أن يطلق
عليها مصطلح الأهداف "الوضعية"، وهي تتصل بتحقيق "الكفاءة" و"العدالة" في تخصيص وتوزيع
الموارد النادرة. أما اموعة الثانية من الأهداف فيمكن أن يطلق عليها اسم الأهداف "المعيارية"،
والتي يعبر عنها بلغة الأهداف الاجتماعية – الاقتصادية المراد تحققها عالميًا كإشباع الحاجات، العمالة
الكاملة، المعدل الأمثل للنمو الاقتصادي، التوزيع العادل للدخل والثروة، الاستقرار الاقتصادي
والتوازن البيئي – وهي جميعها تمّثل عمومًا أهدافًا تعتبر لازمة لتحقيق رفاهة الإنسان. ودف كلتا
هاتي اموعتين من الأهداف إلى خدمة مصلحة الفرد واتمع وفقًا لما ترتكز عليه كل مجموعة منهما
من نظرة للعالم والحياة. ولقد ُأطلق على اموعة الأولى من هذه الأهداف اسم الأهداف " الوضعية "
بادعاء أنه يمكن تحديد الكفاءة والعدالة بدون إطلاق أحكام تقديرية ، وفي حين أطلق على اموعة
الثانية اسم "الأهداف المعيارية" لأا تعكس قيم اتمع فيما يتصل بما ينبغي أن تكون عليه الأمور. أما
مدى التطابق والانسجام بين هاتين اموعتين من الأهداف فهو أمر يعتمد على كيفية تعريف الكفاية
والعدالة. وسوف يتضح لنا ذلك مما يلي من مناقشات لهذا الأمر.
إن استخدام الموارد النادرة بطريقة تحقق الأهداف الوضعية والمعيارية معًا يبرز الحاجة إلى
وجود ثلاث آليات أساسية: آلية للترشيح أو التصفية، وأخرى للحافز وثالثة لإعادة الهيكلة
الاجتماعية – الاقتصادية. فأو ً لا، لابد للطلب غير المحدود على الموارد المحدودة من أن يمر عبر مصفاة
بحيث لا يكتفي بتحقيق توازن بين العرض والطلب فحسب، وإنما القيام أيضًا باستبعاد أي طلبات
على الموارد تتعارض مع تحقيق الهدف. ثانيًا، إذا استبعدنا وجود الإكراه، يحتاج وجود هذه المصفاة
التي يمر عبرها الطلب على الموارد إلى دافع أو حافز على قدر من الكفاءة بحيث يدفع الفرد إلى تقديم
أفضل أداء ممكن والامتناع عن استخدام الموارد بصورة تحول دون تحقيق الهدف المنشود.