شهد علم الخرائط تطورا سريعا خلال القرن العشرين، و ذلك نتيجة عوامل عديدة منها قيام الحربين العالميتين و تقدم العلوم الطبيعية و الاجتماعية التي تعني بالظاهرات المختلفة و بأنماط توزيعها على سطح الأرض ، مثل علوم الجيولوجيا و البحار و التربة و المناخ و الجغرافيا و الاقتصاد و السكان و السياسة و غيرها. فقد تطلبت العمليات الحربية ، و كذلك العلوم المختلفة تنوعا عظيما في استعمال الخرائط الدقيقة؛ الأمر الذي حث على تغيير أساليب الخرائط نفسها و تطوير الطرق الفنية في رسمها مثل انتشار طرق التصوير الجوي في العمليات المساحية، و تطور أساليب طباعة و نشر الخرائط، و كذلك تطور الأدوات و الأساليب الفنية المستخدمة سواء في عمليات المساحة أو الرسم.
و مع هذا التقدم العظيم تفرع علم الخرائط إلى فروع و تخصصات مختلفة؛ أهمها الفروع التي تتخصص في عمليات المساحة و إنشاء الخرائط الطبوغرافية و البحرية و الخرائط العسكرية بصفة عامة ، و هذه يقوم بها علماء خرائط (كارتوغرافيون) يعملون في أقسام المساحة سواء كانت تابعة لمصلح مدنية أو عسكرية في الدول المختلفة. و هناك أيضا علماء خرائط يتخصصون في أنواع مختلفة من الخرائط الخاصة (أو الخرائط الموضوعية) التي تصمم لتمثيل خصائص توزيع ظاهرة أو ظاهرات معينة في منطقة من المناطق ؛ مثل خرائط استخدام الأرض أو خرائط المناخ أو خرائط الظاهرات الاقتصادية و السكانية و العمرانية بكل أنواعها، و هذه كلها خرائط مفيدة في تحليل مشكلات و إمكانات المناطق المختلفة.و يهتم بهذا النوع من الخرائط مختلف الدارسين في العلوم الطبيعية و الاجتماعية، و منهم الجغرافيون بالطبع. فالدارسون في مثل هذه العلوم يتناولون الخرائط الأساسية (مثل الخرائط الطبوغرافية ) و يضيفون عليها علاقات جديدة و بيانات خاصة، و من ثم يصممون ما اصطلح على تسميته بشكل عام ‘‘خرائط التوزيعات’’ و هي الخرائط التي تعينهم خلال دراستهم العلمية على فهم و تفسير المركب الطبيعي و الاجتماعي على سطح الأرض.* *
و قد اهتمت دول العالم المختلفة خلال القرنين الماضيين* برسم الخرائط لأراضيها، و كان هذا الاهتمام يختلف من دولة لأخرى على حسب تقدم عمليات و طرق المساحة في كل منها. ومما تجدر الإشارة إليه أن الحكومات في الدول هي الهيئات الوحيدة التي تقوم بنشر و إصدار الخرائط، أي أن رسم الخرائط يعتبر عملا رسميا تقوم به الحكومات دون الأفراد.