الحارثة بن سراقة قتله حبان بن العرقة
حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن النجار الأنصاري النجاري
لأبيه سراقة بن الحارث صحبة واستشهد يوم حنين ، وأمه الربيع بنت النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام ألأنصارية ، عمة أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
اعتنق حارثة الاسلام صغيراً ، فكان من الرعيل الأول ، الذي عاصر زمن النبوة ، وعاش عصر الرسالة ، شاهد وجه الحبيب عليه الصلاة والسلام ، وتربى بين يديه وصحبه . فنهل من ينابيع الوحي الصافي ، واغترف من معين الاسلام ، وذاق طعم الايمان ، ونمى وترعرع على مائدة القران .
كان ايمان حارثة خالصاً نقياً ، ايمان لا يشوبه شك ولا يخالطه ارتياب.
آخى النبي عليه الصلاة والسلام بين حارثة وبين السائب بن عثمان بن مظعون رضي الله عنهما ، في مشروع المؤاخاة الذي وضعه عليه الصلاة والسلام لأصحابه بعد الهجرة من مكة الى المدينة ، وكان حارثة رضي الله عنه ذا علاقة متينة بأمه وكان بها باراً ، وكانت أم حارثة تحب حارثة حباً شديداً ، وتخشى عليه حوادث الدهر ، الا أن الايمان بالله ورسوله ملأ القلوب ، واستحوذ على المشاعر والألباب ، فكانت محبته ونصرته عليه الصلاة والسلام فوق كل اعتبار ، والرغبة فيما عند الله تعالى هي الهدف الأسمى والغاية القصوى ، فكان كل واحد من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يحرص كل الحرص على مرضاة الله تعالى ومرضاة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فالكل يتسابق لتقديم كل غالٍ ونفيس ، في سبيل الله تعالى.
ولما ندب النبي عليه الصلاة والسلام الناس الى بدر خرج معه حارثة مع من خرج نصرة لدين الله تعالى وإعلاء لكلمته ، ورغبة فيما عنده سبحانه وتعالى من الأجر العظيم والثواب الجزيل ، خرج حارثة إلى بدر رغم حداثة سنه وقلة خبرته في القتال ، ولما بدأت المعركة بين جند الله وحزب الشيطان ، وأخذ الجيشان مواضعهما وكان حارثة مع النظّارة ، فنزل الى الحوض الذي اتخذه المسلمون ليشرب الماء ، اذ بسهم غرب ينطلق من كنانة حبان بن العرقة أحد المشركين فيصيب حارثة فيستشهد في سبيل الله تعالى ، ولما علمت أم حارثة باستشهاد حارثة انطلقت إلى النبي عليه الصلاة والسلام قائلة : يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني ، فان يكن في الجنة اصبر وأحتسب وان تكن الأُخرى تُرى ما أصنع ، فقال : ويحك أو هبلتي ، أو جنة واحدة هي ، إنها جنان كثيرة وانه في الفردوس . رواه البخاري.
هكذا ينال حارثة بن سراقة رضي الله عنه شرف الشهادة في سبيل الله تعالى ، وفي أول معركة فاصلة بين الحق والباطل ، ويتبوأ حارثة أعلى الجنان بشهادة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال ابن كثير في سيرته بعد ذكره قصة أم حارثة وحوارها مع النبي عليه الصلاة والسلام في شأن حارثة : وفي هذا تنبيه عظيم على فضل أهل بدر ، فان هذا الذي لم يكن في بحبوحة القتال ولا في حومة الوغى ، بل كان في النظارة من بعيد ، وانما اصابه سهم غرب وهو يشرب من الحوض ، ومع هذا أصاب بهذا الموقف الفردوس التي هي أعلى الجنان وأوسط الجنة ، ومنه تتفجر انهار الجنة أن يسألوه إياها ، فإذا كان حال هذا فما ظنك بمن كان واقفاً في نحر العدو ، وعدوهم على ثلاثة أضعافهم عدداً وعُدداً.