بالرغم ما يحكيه التاريخ عن هولاكو من قسوة وغلظة.. ، فإن هذا العاهل كان يميل إلى تشيـيد الأبنية ، وتشجيع العلماء والفلاسفة وحثّهم على مواصلة البحث والدرس ، إذ كان يخصص لهم الرواتب المجزية ، ويغدق عليهم الهبات ، و يزين مجلسَه بحضورهم ، كما كان هو نفسه شغوفاً بعلوم الحكمة ( الفلسفة) والنجوم والكيمياء ، فلا عجب أن كان يصرف بسخاء في سبيل تقدم هذه العلوم.
وليس أدلَّ على هذا الشغف من أنه عهد إلى العالم الرياضي الفلكي الخراساني المسلم نصير الدين الطوسي ببناء مرصد عظيم في مدينة مراغة بإقليم أذربيجان ، أعدَّه بأدق الأجهزة المعروفة في زمانه ، سنة 657هـ ، وبناء على أوامر هولاكو خان واهتمامٍ شخصي مباشر منه؛ وقد استعان نصير الدين بعدد من العلماء الذين فرَّغهم هولاكو تفريغاَّ كاملاً للعلم، وأجرى عليهم الرواتب الجزيلة ، ثم إن هولاكو ألحق بهذا المرصد مكتبةً عظيمةً جداً تبلغ 400 ألف كتاب، جمعت محتوياتها مما كان قد حصّـله المغول في فتوحاتهم* لقلعة ألموت الاسماعيلية ولمدينة بغداد
إلى جانب مهمة المرصد الأساسية، كان هذا المرصد داراً للفقهاء والفلاسفة والأطباء، بها من كتب بغداد شيءٌ كثير وعليها أوقافٌ لخُدَّامها»
وكان من نتائج العمل في هذا المرصد أن ألَّف العالم نصير الدين الطوسي كتابه الشهير في علم الفلك وسمَّـاه «الزيج الايلخاني»، وقدّمه إلى هولاكو خان.
ومع أن هولاكو كان بوذيا إلا أنه كان يعطف على جميع الأديان، ويؤثر المسيحيين إيثاراً عظيماً تكريماً لزوجته المسيحية التركية دقوز خاتون وهي حفيدة طغرل خان ملك قبائل الكيرايت التركية، الذي كان ملك الصين قد لقبه بوانغ خان.