كلنا يعلم مدى استبداد القذافي وقبح جرائمه، وكلنا يعلم أنه حكم ليبيا منذ عام 1969 بالحديد والنار، وكلنا يعلم أنه كان شديدا جدا مع معارضيه، وكلنا يعلم أنه انتهك عرض المئات إن لم يكن الآلاف من النساء، وكلنا يعلم أنه يرمي ببعض معارضيه من الطائرات بلا رحمة، وكلنا يعلم كيف يكون التعذيب بيد لجانه الثورية الشعبية، وكلنا يعلم ..... ويعلم... ويعلم.
فهو مجرم، فاسد، فاسق، ديكتاتور، معتوه، مستبد، هاتك عرض، منافق، مخبول، دجال، وكل الموبقات التي أتحاشى قولها.
ولكن!
ولكن!
هل يحق لثوار ليبيا بعد كل الذي قلته أن يقتلوه بعد أسره !؟
فلو كان ثوار ليبيا مسلمون، وأعتقد أنهم كذلك، فهل يدعوا دين الإسلام لقتل الأسرى؟ وأن يفعل بهم تلك الحركات الجنسية المغزية؟ فإن كان كذلك؟ فسلام على هذا الدين.
وإن لم يكن الدين يدعوا لذلك ! فمن خولكم هذا الفعل ؟ ومن ذا الذي أعطاكم الفتوى والإذن بقتله، وقتل ابنه بتلك الطريقة؟ وهل فتوى الشيوخ تسبق النص الديني عندكم؟
وإن قلتم أنه كفر بالدين بأفعاله تلك !
فلم كان صدام وما زال عندكم مؤمن، وأفعاله وأعماله وأعمال أبنائه كأعمال القذافي، بل وأقذر، أقلها القذافي لم يستعمل المواد الكيمياوية بقتل شعبه، كما فعل صدام بحلبجة !
فلم الكيل بمكيالين، بل وبعدة مكاييل، فصدام بطل قومي، والمجاهد المؤمن، وخامس الخلفاء الراشدين، والقذافي مجرم، وكافر، وجرذ.
عجباً، كيف تحكمون !
أو لم يخرجا كلاهما من الحفرة، فلم أحدهما بطل، والآخر جرذ !
أو لم يكن أفضل لثورتكم أن تكون بيضاء، وأن لا تتوسخ بدماء القذافي وأبنائه بهذه الطريقة القذرة، كما كانت أيديه ملوثة بدماء شعبه !
أم أنتم تربيته، وهو أباكم الذي علمكم كيف تتلذذون بالدماء، والحركات الجنسية التافهة، والقتل بدم بارد.
ثم جاء اليوم الذي انقلبتم فيه على أبيكم الذي رباكم بخلقه، فكنتم نسخة طبق الأصل منه، فقمتم بما قمتم، ثم ذبحتموه.
أما بالنسبة لقانون الحروب، فأن الذي قتل القذافي وابنه، والذي شارك بالقتل، كلهم مجرمي حرب، لأنهم لم يعاروا فيه معاهدة جنيف لكيفية التعامل مع الأسرى.
طبعا أنتم لا تعلمون شيئاً عنها، لأنكم كنتم مغيبون عن العالم لمدة تزيد على الأربعين عاماً، فأنى لكم معرفة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تحترم الانسان لمجرد أنه انسان، وتعطيه حق المحاكمة العادلة، وتحترم أسير الحرب، ومن حقه محاكمة عادلة، يستطيع الدفاع فيها عن نفسه، بتوكيل محام.
ولكن هيهات، ثم هيهات، فأنتم أثبتم أنكم أبعد ما تكونوا عن فهم كهذا، وعن خلق كهذا.
ترى كيف ستبنون ليبيا بعد اليوم، وأنتم بعقلية المنتقم، والحاقد، وشاربي الدماء.
أرثي لحالكم، وأتمنى لكم أن تصحوا لأفعالكم، قبل أن يرفضكم العالم كله، خاصة المتحضر منه، فتكونوا من ضمن الخارجين عن التأريخ وصناعه.