كثيرا ما تنشأ الغيرة بين أبنائك عزيزتي الأم في كافة المراحل سواء فترة الطفولة أو المراهقة أو الشباب وأحيانا تكون هذة الغيرة مدمرة ؟ ولذلك يجب أن نعرف لماذا وكيف تنشأ الغيرة وكيفية علاجها لإنها بحق من الممكن إن لم تعالج أن تؤدي لأثار مدمرة وسلبية ؟وعلي سبيل المثال الغيرة عند الأطفال ليست كما يعتقد البعض مرضاً، بل هي ألمداخلي ومعاناة نتيجة منافسة حقيقية بغية الفوز والسيطرة.ويرتبط الشعور بالغيرة بنمو المشاعروالعلاقات، فالطفل يبني علاقته الحقيقية الأولى مع الأم، وهذا الإحساس “بتملك” الأمهو الذي يظهر شعور الغيرة لديه.فالغيرة هي أحاسيس إنسانية خلقها اللهفوجودها طبيعي عند الطفل فالقليل منها يشكل دافعاً نحو تطور المنافسة لكن الكثيرمنها يفسد الحياة فعندما نرى سلوكاً عدوانياً – عند أبنائنا – عندها يجب أن نعلمأنه من الآثار الناجمة عن الغيرة بين الأطفال ولابد معرفة أسبابها وعلاجها فوراً.فلكل ابن منالأبناء شخصية فريدة به، ومختلفة عن الآخرين اختلاف بصمات اليد الواحدة، وهذاالاختلاف في طباع وشخصية الأبناء هو من أهم جوانب التشابه بينهم، وعلى الآباء إدراكذلك واحترامه.فالتفرد يعني أن سلوك كل ابن وطباعه ورغباته مختلفة عن الآخرين، وبالتالييختلف التعامل مع كل واحد فيجب ألا نقارن بين أبنائنا ولا نسمح للآخرين بعقد هذهالمقارنات إن أمكن، ولا نشجع أبنائنا على أن يقارنوا أنفسهمبالآخرين.ومنالآثار التي تترتب على غيرة الطفل هو إظهار عدم السعادة بشكل عام نتيجة شعوره بأنهفقد الحب والحنان الذي كان يحظى به من والديه، وقد تتحول هذه المشاعر إلى سلوك عدواني إما نحو الطفل الصغير الذي يعتبره منافساً له بعد أن استولى على عرشه في حضن أمه أو متوجهاً نحو الوالدين أو الممتلكات الشخصية بمحاولة إتلافها وتخريبها، إضافةإلى التقلب المزاجي وعدم الرضا بالهبات التي قد تقدم له من المحيطين مهما كانت غالية الثمن كمحاولة منهم عن تعويضه بما فقده من حنان وإن قبلها فإن ذلك يكونوقتياً وسرعان ما يتذكر الهبة الكبرى التي فقدها وهي “حضن أمه” الدافئ.فعلىالآباء استثمار ظاهرة الغيرة إيجابياً إذا شعرنا بوجودها بين أبنائنا كإيصال الطفلالكبير لمراحل متقدمة من النضج بأن نغرس في نفسه قيم النضج العقلي مثل أن نعتمدعليه في رعاية أخيه الصغير وإقناعه بأنه سيكون قدوته الذي سيتعلم منة .أيضاً يمكن استثمار الغيرة بين الأطفال كتوليد المنافسة الإيجابية للوصولإلى الأفضل على أن لاتصل المنافسة لمستوى الصراع ودون مقارنة الأبناء بعضهم ببعضواحترام قدراتهم جميعاً.فالاضطرابات السلوكية لدى الأبناء يمكن أن نرجعها لبعض الأسباب،منها:تفضيل الذكرعلى الأنثى في مجتمعنا ولذلك نسبة الغيرة في البنات أكثر منها في البنين، وعندالأذكياء أكثر منها عند قليلي الذكاءفالتمييز فيالمعاملة بين البنت وأخيها لكونه ذكراً، وبالتالي هو مفضل من قبل والده والآخرينحيث يعاقبون البنت على أي سلوك مزعج تقوم به وبالمقابل لا يعاقبون أخاها على أي شيءيفعله إضافة إلى الهدايا والكلام الطيب غالباً ما يكون من نصيبه مما يسبب الحزنلها مع إظهار مشاعر كراهية لأخيها .إن الأمهات والأباء والمعلمين يلعبون دوراً رئيسياًفي تشكيل الغيرة لدى الأطفال من خلال الاهتمام الذي يظهرونه لأحد الأولاد دون سواهفقد يخلق ذلك في نفوس باقي الأولاد عقدة التنافس المرضي، فبعضألآباء أو المدرسين يظنون أن التنافس ظاهرة صحية ويسعون لزرعها في الأولاد وذلك منخلال تشجيعأحد الأولاد دون غيره لتميزه في شيء ما، إلا أن ذلك ينمي الضغينةوالبغضاء في نفوس الأولاد وخاصة إذا كان عن طريق عقاب الآخرين وتركه يفعل ما يشاء،فذلك يولد عقدة التنافس التي تحول بعد ذلك إلى الحقالمتبادل.فالمقارنات التي يجريها الكبار بين الأطفال الذين يعانون من صعوبات ما معغيرهم من الأطفال الناجحين فغالباً ما تخلق في نفوس الأطفال عدم الثقة بالنفس،وأيضاً ينشأ شعور بالنقص مع عدم إمكانية التغلب عليه كنقص الجَمال أو الذكاء مثلا .إن الخوف من فقدان محبة والدَيهم أو أحدهماسبب رئيس في الغيرة بين الأخوة، ومن المنطقي أن يحاول الطفل الغيور -بصورة لاشعورية غالباً- إزالة منافسه بالاعتداء عليه، أو بالاستهزاء به ومحاولة تحقيرة، وقد يكبِت الطفل الميولَ العدوانية نتيجةتأثير والدَيه، و يسبب هذا الكبت تأثيراً نفسياً حسب شدته ومدىاستمراره.فالأبناءتزداد لديهم مشاعر النقص بسبب ما يلجأ إليه الكبار باستمرار من أساليب اللوم أوالاستهزاء وغالبا ما يتوهم الآباء بأنهم يستحثون الأطفال إلى الأفضل لكنهم لايدركون الدلالة التربوية والنفسية حيث أنها تولد في نفوسهم تأثيراًعكسياً.وللتغلبعلى هذه المشكلة يجب أن نعرف أسباب الغيرة حتي تنفعنا كثيراً في العلاج إضافة إلى أن أهم علاج للغيرة يتركز في إشباع حاجتهم للحب والحنان مع الاهتمامبوجودهم وهي نفس الأسباب التي تدفعهم للعناد وعدم طاعة الوالدين، فالغيرة والعنادقرينان حين يوجد أحدهما تجد الآخر، وهي نتاج للعناد.. ففي بادئ الأمر يكون الطفلمعانداً لأسباب مرّت معنا، فإذا لم يتم علاجه، يتفاقم الأمر عليه ويصاب بمرض الغيرةفلا ينسى الوالدان أن يسمّعاه كلمات الحب والإطراء والتقدير، والمديح والاهتمامبوجوده.فالأملابدّ لها من إشعار الطفل بأنّه كبير، وإنّ اهتمامها بالصغير لعجزه وعدم مقدرتهإضافة إلى إعطائه جملة من الامتيازات لأنّه كبير، فلا يصح الاهتمام بالوليد دون أنيحصل هو على امتيازات الكبار..ولا بدّ من الحرص على إعطائه بعض الأشياءلأنّه كبير، مثل أن تخصه بقطعة من الحلوى مع القول له: هذه لك لأنّك كبير، ولاتعطيها لأخيك لأنّه صغير، وهذه اللعبة الجميلة لك لأنّك كبير، أمّا هذه الصغيرة فهيللصغير، وكذلك يجب الحذر من إعطائه لعبة بعنوان أنّها هدية له من أخيه الوليد؛ لأنّهذا التصرّف يوحي له بالعجز عن تقديم هدية لأخيه مثلما فعل الأصغر منه، وتزيد غيرتهمنه.أيضاً لابدّأن تمنع الأم بحزم محاولة الطفل الكبير إيذاء أخيه الصغير بأن يرفع يده ليهوى بهاعليه.. بأن تمسكي يديه أو الحاجة التي يحملها لضربه، ومع ذلك امسكيه واحضنيه بعطفواحمليه بعيداً عن أخيه؛ لأنّ الطفل بالحقيقة لا يريد إيذاء أخيه، ولكن سوء تعاملالوالدين واهتمامهم بالرضيع دونه دفعه إلى هذا الفعل؛ لذا ينبغي على الأم أن تمنعالأذى وتقبل مشاعره الغاضبة عنده لأنه لا يملك القدرة على التحكمبها.ويجدربالوالدين عدم التدخل في الخلافات بين الأبناء مادام التدخل لا فائدة مرجوّة منهبسبب الغيرة التي هي وقود النزاع بين الأخوة والتي تحتاج إلى علاج كما أسلفنا، هذاإن كانت الخلافات لا تتعدى الإيذاء الشديد بأن يكسر أحدهما يد الآخر مثلا لا قدر الله ولكن لو تتطور الأمر فإن من الأفضل في مثل هذه الحالة إيقافالنزاع ولو أن عدم تدخل الوالدين تنهي الخلاف بشكل أسرع، ولكن لعل نفاد صبرالوالدين يجعلهم يتدخلون في النزاع، وهنا يجدر بهم أن لا يستمعوا إلى أي أحد منأطراف النزاع، ولا الوقوف مع المظلوم أو العطف عليه؛ لأنّ الاستماع وإبداء الرأيوإبراز العواطف لأحد دون آخر يزيد في الغيرة التي تدفعهم إلى العراك، كما يجدربالوالدين عدم إجبار طفلهم الذي انفرد باللعب أن يشارك إخوته الذين يريدون اللعبمعه أو بلعبته.إنّإجباره يولّد حالة الشجار فيما بينهم، فيجب أن نعود الأبناء على تقبل مدح الآخرينلهم أو مدح الدرس لأحد الطلبة دون بقيتهم ويجب أن يعلموا أيضاً أن يبحثوا عن أسبابالمدح ليوجدوها في أنفسهم دون أن يتضايقوا أو تنبت مشاعر غيرة عدائية عندهم، وهذالن يكون إلا بالتدريب على التعامل مع هذه المشاعر داخل نطاقالأسرة.ونصيحةللأم بأن يبقى حضنها الدافئ الحنون الذي لا يخذل الإبن او الإبنة سواء في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو الشباب .