يتمثل التفريد عند تسليط العقاب في إعطاء القاضي سلطة تقديرية واسعة لاختيار العقوبة المناسبة في نوعها ومقدارها للحالة الماثلة أمامه، وهو ما يعرف بالتفريد القضائي، إذ على خلاف التفريد القانوني أو التشريعي الذي يراعيه المشرع عندما يشرع الجزاء الذي يقره في النص الجزائي. فالتفريد يكون قضائياً حين يقوم القاضي على تطبيقه عند تقدير العقوبة بناء على السلطة التي منحه اياها المشرع، فرغم الجسامة الذاتية للجريمة الواحدة أياً كان سبب وقوعها وزمانها، إلا أن المشرع بعد أن يقدر جسامتها في صورة حد أقصى وحد أدنى للعقاب يترك للقاضي أن يختار بين هذين الحدين أو حتى دون الحد الأدنى حسب جسامة الجريمة وظروف وقوعها وخطورة المجرم.
من هذا المنطلق فإن القاضي يلعب دوراً هاماً في تفريد العقوبة بموجب سلطته التقديرية الواسعة والآليات التي منحهما له المشرع.
هكذا أصبحت قضية تقدير العقوبة قضائياً عنصراً أساسياً من عناصر التقنية الجديدة لتوزيع العقوبة، بل واحتلت مركز الصدارة في تقييد حق الدولة في العقاب، وتحديد مجاله انطلاقاً خاصة من القرن الثامن عشر وفي محاولة لعقلنة العقوبة وإنسانيتها، وإخضاعها للمنطق ، واهتمت به كل المدارس الجزائية التي تعاقبت وخصصت لها من العناية ما لم تحظ به أية قضية أخرى، ويظهر دور السلطة القضائية في تفريد العقوبة على مستوى النطق بها أي في المرحلة الحكمية ( الفقرة الأولى) وهو الدور الكلاسيكي للقضاء إلا أنه وأمام ضرورة الاهتمام بحقوق الإنسان المحكوم عليه صار لزاماً على السلطة القضائية أن تتابع العقوبة، إلى مرحلة تنفيذها باعتبارها مرحلة أساسية في العقوبة قائمة بالأساس على تأهيل وإصلاح المحكوم عليه ( الفقرة الثانية ).