في العادة تستغرق دورة العمل في القلب جزءاً يسيراً من الثانية ، ولهذا فإن النبض يتراوح بين 70-80 نبضة في الدقيقة ، ويزيد عن ذلك عند الإجهاد العنيف وعند الإثارة الشديدة . ومن الجدير بالذكر أنه في كل انقباضه قوية فإن القلب يدفع ثلاث أوقيات من الدم في الأورطى . وهذه الكمية تعادل 1.5% من مجموع الدم في الجسم ، وبذلك فإن 60-70 دقة في الدقيقة تكفى لمرور جميع الدم في القلب والأوعية الدموية 60 مرة في الساعة .
ومن الثابت طبياً أن معدل النبض في مرحلة الطفولة أسرع منه في الشيخوخة ، ويظل ثابتاً في مقتبل العمر والشباب طالما لا يوجد هناك إجهاد عضلي أو مؤثر عاطفي ..
ومن الخطأ الاعتقاد السائد بأن النبض الذي يقل أو يزيد عن المعدل المذكور يعتبر أبطأ أو أسرع من الطبيعي ، هذا خطأ وتعليله يرجع إلى أن هناك حقيقة ثابتة في الطب عندنا تبين أن الثابت هو اختلاف القلوب باختلاف الشخص ، فالأخ يختلف عن أخيه في عدد النبضات ، وقلبك مخلوق لك ولاحتياجات جسمك .. وليس مخلوقاً ليضخ لجداول الإحصاء والمعادلات .
فالقلب السليم قد يتخطى نبضه أثناء الراحة التامة 90 نبضة في الدقيقة، والتمارين العنيفة قد تضاعفه ، وكذلك صعود السلالم والمرتفعات وتعليل ذلك أنه كما أن السيارة تتطلب وقوداً أكثر عند السرعة وصعود المرتفعات ... وكذلك الجسم يتطلب مزيداً من الدم ، ويلجأ القلب إلى قواه الاحتياطية فتتضاعف دقاته ليمد العضلات العاملة بكمية كبيرة من الدم ، ولكن عندما ينتهي المجهود العضلي العنيف تظل دقات القلب السريعة لمدة وجيزة لكي تختزن الأعضاء التي استنفذت رصيدها وحلجتها من الطاقة .
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أنه عندما يرتفع النبض إلى (160 نبضة) أو (200 نبضة) أو (250نبضة) في الدقيقة فإن الغرف تنبسط وتنقبض بسرعة ولا تدع مجالاً لامتلائها ، وقد تضعف الدقات نفسها
وعليه فإن الثلاث أوقيات قد تهبط إلى أوقيتين وقد تقل تدريجياً ... وعليه فإن قلباً يدق 200 دقة في الدقيقة قد يدفع كمية من الدم أقل من القلب الذي يدق 70 مرة في الدقيقة .
لا يجرؤ على الراحة :
في اليوم الثامن عشر من الحمل يبدأ قلب جنين الإنسان في الخفقان ، ولا يتوقف إلا عندما يموت الإنسان . والجنين في هذا العمر عبارة عن كتلة من الخلايا الصغيرة ، وربما يكون القلب هو العضو الوحيد الذي لا يفلت من العمل المتواصل والاجتهاد بوتيرة واحدة حتى عند أكسل الكسالى.
من هنا يخطر بباله أن هذا الجسم المتناهي الصغر مثل جنين الإنسان الذي عمره ثلاثة أسابيع والذي لا يوجد له دم حقيقي له قلب ينبض بمعدل انقباضه واحدة كل ثانية .
وعندما يولد الطفل يكون عدد ضربات القلب قد زاد إلى (140) نبضة في الدقيقة . ومن قدرة الله أن هذه هي الذروة حيث يبطؤ النبض تدريجياً بتقدم الطفل في العمر .
ويصبح متوسط سرعة ضربات الإنسان البالغ (76) انقباضه في الدقيقة أثناء الراحة تزداد إلى أكثر من الضعف عند قيام الإنسان بعمل شاق متواصل .
وكلما صغر حجم الحيوان كلما كانت نبضات قلبه أسرع . فالحوت الذي وزن جسمه (150) طن يعمل قلبه (7) سبعة نبضات في الدقيقة فقط. والفيل الذي وزنه (3) طن ينبض قلبه (46) مرة في الدقيقة .أما القط الذي وزنه 1.5 كجم فقلبه يعمل (240) انقباضه . بينما نجد أن العصفور الطنان الذى لا يتعدى وزنه (8) جرام سرعة نبضات قلبه (1200) دقة في الدقيقة.
ما السبب في أن القلب يستطيع أن يعمل بهذه السرعة ؟ إنه
إعجاز رباني !!
مفهوم خاطئ يحتاج إلى تصحيح :
يعتقد معظم الناس أن عضلات القلب تعمل ليلاً ونهاراً بدون راحة ، وهذه فكرة ليس صائبة تماماً . فعضلة القلب تستريح أيضاً وبصفة مستمرة، ولكن لفترات قصيرة جداً . فانقباضة القلب تستمر لحوالي (0.49) من الثانية فقط ، وعندما يكون الإنسان في حالة سكون فإن قلبه يستريح بعد كل إنقباضة لمدة (0.31) من الثانية .
• وتبدأ دورة القلب بانقباض الأذينين حيث يكون البطينان أثنائها في حالة راحة ، ثم ينبسط الأذينان وينقبض البطينان ، ويستغرق الأذينان حوالي (0.11 - 0.14) من الثانية في الانقباض ، وبعد كل انقباضة تستمر راحتها لمدة (0.66) من الثانية ، ومعنى ذلك
أن الأذنين يعملان في اليوم من (3.5 - 4) ساعات ويستريحان (20) ساعة .
– 15.5) ساعة .
• وقلب الطيور الصغيرة يجد هو الآخر وقتاً للراحة ،وهو ينقبض على فترات متتالية بمعدل أسرع إلا أنه يستريح بكثرة . فالعصافير التي سرعة ضربات قلبها (1000) نبضة في الدقيقة يبلغ طول مدة الإنقباضة الواحدة للأذينين (0.14) من الثانية يستريح بعدها مدة (0.46) من الثانية . أما البطينان فيستغرق انقباضهما (0.24) وتستمر راحتهما (0.36) من الثانية وبهذه الطريقة يعمل الأذينان (5 ساعات و 40 دقيقة) فقط ويستريحان (18 ساعة ، 20 دقيقة) أما عمل البطينين فيستغرق (9ساعات و 36 دقيقة) ، والراحة تمتد (14 ساعة، 24 دقيقة) وبذلك نجد أن قلب العصفور يجد هو الآخر وقتاً للراحة تماماً كما يفعل قلب الإنسان .
• إنها ديناميكية يحار فيها العقل ويسبح فيها الوجدان ... فسبحان الله الخالق جل شأنه حيث ينقبض القلب مدى الحياة الإنقباضة تلو الأخرى نهاراً وليلاً في الحر وفى البرد وينقبض في الكتلة الصغيرة من خلايا جنين الكتكوت الذي عمره 29 ساعة شئ ما ويدفع السائل إلى مكان ما.
ما الذي يرغم القلب على الانقباض ؟ من أمر قلب جنين الدجاجة بأن يبدأ العمل ؟؟
أظن أن الإجابة على هذه الأسئلة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح .
- لقد وجد العالم الروسي (تسيون . ى . ف) بالحساب أنه في خلال حياة الإنسان ينجح قلبنا في - إنجاز عمل يساوى قوة تكفى لرفع قطار سكة حديد كامل مكون من مجموعة من العربات إلى أعلى قمة في أوربا . أي لارتفاع 4810 متر .
إنها قدرة ... إنه إعجاز إلهي فالقلب يضبط عمله تلقائياً دون أن يكون لإرادة الشخص دخل بذلك أو شعور بما يجرى ، فالمهيمن الوحيد على هذه العملية هو بنيان القلب (بعد قدرة الله تعالى) .