لقد كرس الدستور الجزائري مبدا عاما بنصه على ان القضاء ينظر في الطعون ضد القرارات الادارية وهذا مانصت عليه المادة 143 من دستور 1996 كما نصت المادة 152 منه كذلك على انشاء مجلس دولة كهيئة مقومة لاعمال الجهات القضائية و محكمة التنازع للفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء العادي والقضاء الاداري اما القانون فتكفل بتوزيع الاختصاص بين الجهات القضائية الادارية و الجهات القضائية العادية اذ كرست المادة 7 من قانون الاجراءات المدنية الجزائري القاعدة العامة وهي المعيار العضوي واوردت الاستثناءات في المادة 7 مكرر وقوانين خاصة المعيار المادي فما المقصود بنظرية الاختصاص هذه؟
* الاختصاص النوعي:
لقد نص القانون على توزيع الاختصاص بين جهات القضاء العادي وجهات القضاء الاداري وهذا طبقا لما جاء في المادة 7 من قانون الاجراءات المدنية الجزائري .
- الاختصاص الخارجي : ويقصد به توزيع الاختصاص بين القضاء العادي و الاداري.
-المعيار العضوي : حسب المادة 7 المشار اليها اعلاه فان كل نزاع تكون الدولة - الولاية- البلدية او المؤسسة العمومية ذات الطابع الاداري طرفا فيه فان ولاية النظر فيه تؤول للاختصاص المانع للقاضي الاداري.
-الاستثناءات:
استثنت المادة 7 مكرر من قانون الاجراءات المدنية بعض النزاعات التي تكون الادارة طرفا فيها من اختصاص القضاء الاداري وارجعت ولاية النظر فيها للمحاكم العادية لاعتبارات مختلفة وهذه النزاعات تتمثل في : الايجارات الفلاحية و المواد الاجتماعية و التجارية و مخالفات الطرق وكما اورت بعض النصوص الخاصة جملة من الاستثناءات الاخرى في كل من الاملاك الوطنية وقانون الجنسية وقانون الانتخابات وقانون الجمارك.
* الاختصاص الداخلي : ويتم توزيع الاختصاص بين هيئات القضاء الادري نفسها.
- الغرف الادارية < الجهوية و المحلية>
1- الغرف الجهوية: ان الغرف الجهوية هي 5 على مستوى مجالس الجزائر ووهران وقسنطينة و بشار وورقلة وهي تختص بالغاء القرارات الصادرة عن السلطات الولائية وتفحص مشروعيتها وتفسيرها.
2- الغرف المحلية: وتوجد الغرف المحلية على مستوى كل المجالس القضائية ويشمل اختصاصها الى جانب القضاء المستعجل نوعين من المنازعات.
- دعوى الالغاء او تفسير اوفحص مشروعية القرارات الصادرة عن رئيس البلدية وكذا عن المديرين العامين للمؤسسات ذات الطابع الاداري.
- دعوى القضاء الكامل : وهي تشمل كل الدعاوى المتعلقة بالمسؤلية الادارية بمختلف انواعها.
* مجلس الدولة: ويضطلع مجلس الدولة في مجال المنازعات الادارية بصلاحيات متنوعة
- مجلس الدولة كقاضي ابتدائي: ويختص بدعوى الالغاء و التفسير للقرارات الصادرة عن الهيئات المركزية.
- كقاضي استئناف: وينظر في الطعون المرفوعة ضد القرارات الادارية الصادرة ابتدائيا عن الغرف الادارية بنوعيها.
- كقاضي نقض: وينظر في الطعون المرفوعة ضد قرارات مجلس المحاسبة و المنظمات المهنية.
- الهيئات القضائية ذات الاختصاص الخاص: ويتعلق الامر بمجلس المحاسبة و المجلس الدستوري واللجان الانتخابية.
* الاختصاص المحلي:
-القاعدة العامة:
كاصل عام فان موطن المدعي هو الذي يحدد اختصاص الجهة القضائية عملا بالمادة 8 من قانون الاجراءات المدنية الجزائري و المنازعات الادارية لا تخرج عن هذه القاعدة.
- الاستثناءات: لقد ورت استثناءات عن قاعدة موطن الادرة المعى عليها بنص المادة 8 و 9 من قانون الاجراءات المدنية ويتجلى ذلك في:
العاوى المتعلقة بفرض الضريبة و الرسوم امام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مكان فرض الضريبة او الرسم.
الدعاوى المتعلقة بالاشغال العمومية امام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ الاشغال.
النازعات المتعلقة بالصفقات الادارية بجميع انواعها امام الجهة القضائية للمكان الذي ابرم فيه غقد الصفقة.
الدعاوى المتعلقة بالخدمات الطبية امام الجهات القضائية للمكان الذي قدم فيه العلاج.
دعوى الاضرار الحاصلة بفعل الادارة امام الجهة القضائية التي وقعت في دائرة اختصاصها تلك الاضرار.
الدعاوى المتعلقة بالمنازعات الخاصة بالمراسلات و الاشياء الموصى اليها و الارساليات ذات القيمة المصرح بها وطرود البريد امام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المرسل او المرسل اليه.
-الطبيعة القانونية لقواعد الاختصاص: تتجلى اهمية قاعدة الاختصاص في مجال المنازعات الادارية في طرح السؤال اذا كانت هذه القاعدة من النظام العام؟
- بالنسبة للاختصاص النوعي: فهو من النظام العام وهوما كرسته المادة 93 من قانون الاجراءات المدنية الجزائري.
- بالنسبة للاختصاص المحلي: ليس من النظام العام في الجزائر عكس ماهوموجود في فرنسا مع ملاحظة ان مجلس الدولة الجزائري يعتبر الاختصاص المحلي في المادة الادارية من النظام العام لارتباطه بالتوزيع الاقليمي للبلاد المنصوص عليه في قانون 1984
نخلص من كل ماسبق ذكره انفا من اجل التكريس الفعلي للفصل بين القضاء العادي و القضاء الاداري نص الدستور الجزائري على انشاء محكمة التنازع في المادة 152 منه التي يعود لها صلاحية البت في تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة وهو ما يحفظ استقلالية المنازعات الادارية.