الشاعر الحُطَيئَة ( المتوفى سنة 45 هـ ) واسمه :جرول بن أوس بن مالك العبسي، أبو ملكية , وهو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. وكان هجاءاً عنيفاً، لم يكد يسلم من لسانه أحد.
ولقد كان الحطيئة فاسد الدين، سطحي العقيدة، وكان من قبل قد اسلم ثم ارتد ولم تعلم له وفادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبة له، ولعل مما جعله يتهم برقة دينه دفاعه عن الوليد بن عقبة الذين اتهم بشرب الخمرة والعبث في الصلاة.
ولقد اشتهر الحطيئة من بين شعراء عصره بالهجاء والشتم , وكأن هذه الطبيعة المنحرفة فيه لم يغير الإسلام منها شيئا , بل بقي على حاله , وقد سبب له لسانه السليط متاعب كثيرة , فمما يروى أن الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس حينما سار إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصدقات قومه، لقيه الحطيئة ومعه أهله وأولاده يريد العراق فراراً من السنة والجدب وطلباً للعيش، فأمره الزبرقان أن يقصد أهله وأعطاه أمارة يكون بها ضيفاً له حتى يلحق به، ففعل الحطيئة، وأكرمه أهل الزبرقان غاية الإكرام , ولكنه لم يحفظ الجميل بل رده بأن هجاه وشنع عليه فقال:
مـا كان ذنب بغيض أن رأى رجلاً * * * ذا حاجةٍ عاش في مستوعرٍ شاسِ
جـاراً لـقومٍ أطالوا هون منزله * * * وغـادروه مـقيماً بـين أرماسِ
مـلَّـوا قِـراهُ وهـرَّته كـلابهُمُ * * * وجـرحـوه بـأنيابٍ وأضـراسِ
دع الـمكارم لا تـرحل لـبغيتها * * * وأقـعد فـأنت الـطاعم الكاسي