الكاتب . مصطفى عدنان
السلام عليكم
معنى كلمة زوج
من المعلوم أن لفظ الزوج يُطلق على كل من الرجل والمرأة . والزوج في اللغة يدلّ
على مقارنة شيء لشيء ، من ذلك : الزوج زوج المرأة ، والمرأة زوج لبعلها .
[/center]
جاء في لسان
العرب : يُقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج
، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج ، كالخفّ والنعل ، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً
له أو مضاداً زوج .. وزوجة لغة رديئة ، وجمعها زوجات ، وجمع الزوج أزواج .
معنى
\"الزوج\" إذن يقوم على الإقتران القائم على التماثل والتشابه والتكامل
. فحتى يتمّ الإقتران لا بدّ من وجود صفات بين الطرفين تحقّق التماثل والتشابه عند
اجتماعهما وتكاملهما واقترانهما ، وهذا المعنى متحقّق في الزوجين الذكر والأنثى .
فالله تعالى
خلق الذكر ميّالاً إلى الأنثى ، طالباً لها ، راغباً فيها ..
والله خلق
الأنثى ميّالة للذكر ، راغبة فيه ..
والإسلام نظّم
العلاقة بينهما ، بأن جعلها عن طريق واحد مباح ، هو الزواج الشرعي .
ولكن !
لماذا يُطلق على الرجل زوج للمرأة ؟ ويُطلق على المرأة زوج للرجل ؟
الجواب : لأن الرجل يكمل المرأة .
ففي المرأة
\"نقص\" لا يسدّه إلا الرجل ، حيث يلبّي لها حاجاتها النفسية والإجتماعية
والإنسانية والجنسية ..
ولأن المرأة
تكمل \"نقص\" الرجل ، وتلبّي له حاجاته النفسية والإجتماعية والنفسية
والجنسية ..
إذن المرأة
بدون زوج فيها نقص ، فيأتي الرجل زوجاً لها مكمّلاً لإنسانيتها .
والرجل بدون
امرأة فيه نقص ، فتأتي المرأة زوجاً له ، مكمّلة لإنسانيته .
ولهذا كل
منهما \\ \" زوج \" لصاحبه ، يقترن معه ويزاوجه .
متى تكون
المرأة زوجاً ومتى لا تكون ؟
عند استقراء
الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين ، نلحظ أن لفظ \\ \" زوج \" يُطلق على المرأة إذا كانت
الزوجية تامّة بينها وبين زوجها ، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامّاً بينهما
، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي ..
فإن لم يكن
التوافق والإنسجام كاملاً ، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما ، فإن القرآن يطلق
عليها \\ \" امرأة \" وليست زوجاً ، كأن يكون اختلاف
ديني عقدي أو جنسي بينهما ..
ومن الأمثلة
على ذلك قوله تعالى : \"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ\" ، وقوله تعالى :
\"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا
وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا \" .
وبهذا الإعتبار جعل القرآن حواء زوجاً لآدم ، في قوله تعالى : \"وَقُلْنَا
يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ\" . وبهذا الإعتبار جعل
القرآن نساء النبي صلى الله عليه وسلم \\ \" أزواجاً \" له ، في قوله تعالى : \"النَّبِيُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ \" .
فإذا لم
يتحقّق الإنسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمّي
الأنثى \\ \" امرأة \" وليس \\ \" زوجاً \" .
[center]قال القرآن : امرأة نوح ، وامرأة لوط ، ولم يقل : زوج نوح أو زوج لوط ، وهذا في
قوله تعالى : \"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ
نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ
فَخَانَتَاهُمَا \" .
إنهما
كافرتان ، مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي ، ولكن كفرها لم يحقّق الإنسجام
والتوافق بينها وبين بعلها النبي . ولهذا ليست \\ \" زوجاً \" له ، وإنما هي \\ \" امرأة \" تحته .
ولهذا الإعتبار قال القرآن : امرأة فرعون ، في قوله تعالى : \"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا
لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ\" . لأن بينها وبين فرعون مانع من
الزوجية ، فهي مؤمنة وهو كافر ، ولذلك لم يتحقّق الإنسجام بينهما ، فهي \" امرأته \\ \" وليست \" زوجه \\ \" .
ومن روائع
التعبير القرآني العظيم في التفريق بين \\ \" زوج \" و \" امرأة \" ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا ،
عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، أن يرزقه ولداً يرثه . فقد كانت امرأته
عاقر لا تنجب ، وطمع هو في آية من الله تعالى ، فاستجاب الله له ، وجعل امرأته
قادرة على الحمل والولادة .
عندما كانت
امرأته عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة \" امرأة \" ، قال تعالى على لسان زكريا :
\"وَكَانَتِ ا مْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا\" .
وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه ، وأنه سيرزقه بغلام ، أعاد الكلام عن
عقم ا مرأته ، فكيف تلد وهي عاقر ، قال تعالى : \"قَالَ رَبِّ أَنَّىَ
يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ
كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء \" .
وحكمة إطلاق
كلمة \" امرأة \\ \" على زوج زكريا عليه السلام أن
الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها ، رغم أنه نبي ، ورغم أن امرأته
كانت مؤمنة ، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية .
ولكن عدم
التوافق والإنسجام التامّ بينهما ، كان في عدم إنجاب امرأته ، والهدف \\ \" النسلي \" من الزواج هو النسل والذرية ،
فإذا وُجد مانع بيولوجي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقّق
بصورة تامّة .
ولأن امرأة
زكريا عليه السلام عاقر ، فإن الزوجية بينهما لم تتمّ بصورة متكاملة ، ولذلك أطلق
عليها القرآن كلمة \\ \" امرأة \\ \" .
وبعدما زال
المانع من الحمل ، وأصلحها الله تعالى ، وولدت لزكريا ابنه يحيى ، فإن القرآن لم
يطلق عليها \\ \" امرأة \\ \" ، وإنما أطلق عليها كلمة \\ \" زوج \" ، لأن الزوجية تحقّقت بينهما على
أتمّ صورة . قال تعالى : \"وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا
تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ \" .
والخلاصة أن
امرأة زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى هي \\ \" امرأة \" زكريا في القرآن ، لكنها بعد ولادتها يحيى
هي \\ \" زوج \" وليست مجرّد امرأته .
وبهذا عرفنا
الفرق الدقيق بين \\ \" زوج \" و \\ \" امرأة \\ \" في التعبير القرآني العظيم ، وأنهما ليسا مترادفين .