- واقعية الصورة... وهي تفسر ولو جزئيا كل ظواهر الاندماج والتصديق التي تربط الجمهور بالفيلم، أي عرض الوقائع التي يمكن للمشاهد أن يتعرفها ويصدق بها، وهذا مرتبط باستعداد المتفرج للاستيعاب والتصديق، مثال ذلك ما حدث مع بدايات دخول السينما إلى القرى والأرياف في الغرب، عندما سقط بياض قديم لسقف سينما صغيرة في الريف الإيطالي أثناء ظهور انفجار بركاني على الشاشة، استولى الرعب على الجمهور واندفعوا في فوضى نحو باب الخروج، مما أدى إلى وقوع ضحايا.
2- الصورة دائما في الحاضر... أي أنها مرتبطة دائما بحاضر وعينا بوصفها شريحة من الواقع الخارجي تتقدم إلى حاضر وعينا، حيث إن كل صورة معروضة أمامنا هي في حقيقتها معروضة أمامنا الآن، أي في الحاضر، أما الماضي والمستقبل المحتمل فليس إلا نتاج حكمنا الشخصي ومخزوننا المعلوماتي، وتاتي أهمية هذه الحقيقة في أن كل محتوى وعينا هو في الحاضر دائما.
3- الصورة واقع فني.. أي أنها تقدم رؤية مختارة للطبيعة ومكونة ومصفاة، وبكلمة واحدة تقدم رؤية جمالية وليس مجرد نسخة بسيطة مطابقة للطبيعة، فكل صورة في العمل الفني هي على نحوها لوحة فنية، ولكنها تختلف في التلفزيون والسينما عن اللوحة التشكيلية بأنها ليست جامدة بل هي متحركة دائما، فإطار اللوحة يقطع ويحدد شريحة من العالم ويلفظ الباقي، بينما في الصورة التلفزيونية أو السينمائية يظل إطار الصورة تقديريا وغير ملحوظ، لأنه لا يلفظ قط الفيض الدافق من كل ما يحيط بالصورة من أحياء وأشياء، والعامل المساعد الآخر هنا هو الصوت الذي يبقينا على اتصال بما يحيط بالمقطع الموجود داخل إطار الصورة، فالجو العام داخل الصورة يبقينا في جو المعروض واستمراريته حتى ولو لم يظهر كل شيء في الصورة.
4- دور الصورة الدال ... كل ما يظهر على الشاشة يعني شيئا، وفي إمكان الصورة أن تكون دالة لا بطريقة مباشرة وتصويرية وحسب، وإنما بطريقة رمزية أيضا.
5- التعبير الأوحد ... فهي بحكم واقعيتها العلمية لا تلتقط في الحقيقة إلا مظاهر دقيقة ومحددة تماما لطبيعة الأشياء، خاصة إذا جاءت متطابقة مع الكلام المرافق لها، إذ إن الأشياء تعني نفسها، مثل الليل والنهار والسيارة، فهي لا تعرض السيارة بالشكل المطلق بل تعرض تلك السيارة المعينة أو ذلك البيت المحدد... وهكذا.
6- قابلية الصورة التشكيلية ... أي مرونتها وليونتها، ولا يتعارض ذلك مع خصيصة التعبير الأوحد، لأن الصورة وحيدة المعنى في محتواها المادي الذاتي، لكنها مع ذلك مرنة ضمن علاقة اللقطة بالتي تليها والتي تسبقها، فتعطينا (المعنى) الذي يعتمد على طريقة عرض المضمون أولا، وعلى المضمون الذهني للمتفرج ثانيا، الذي يعمل على الخروج بتفسيرات مختلفة أحيانا للصورة الواحدة، كثير من الناس يرون في الصورة تفاصيل لا يراها آخرون، وقد تكون تلك التفاصيل ليست لها أهمية، لكن البعض يشخصها ويبني عليها انطباعات عديدة، إذن هي علاقة جدلية بين المتفرج والصورة.