التكامل الاقتصادي في الدول النامية بضعفها وحاجتها الى المزيد من العمل والتنسيق ومن أهمها :-
1. تجارب التكامل في أمريكا اللاتينية:- أنشئت هذه الربطة في العام 1961، و تضم كل من الأرجنتين، البرازيل، المكسيك، شيلي، بيرو، أورغواي، باراغواي ، كولومبيا، والإكوادور ،فنزويلا، وبوليفيا ، وبذلك فهي تشمل كل قارة أمريكا اللاتينية الى جانب المكسيك.وأقتصر هذه الربطة على تحرير التجارة دون أن يمتد إلى تحقيق الاتحاد الجمركي أو السوق المشتركة، وتميزت بتواضع أهدافها و تباطؤها في الانجاز ، نتيجة التفاوت الكبير بين أعضائها، فالدول الثلاث الكبرى:الأرجنتين،والبرازيل، والمكسيك تمثل مساحتها وسكانها حوالي70 % من الدول الأعضاء في الرابطة ،وهذا التفاوت الكبير في الإمكانيات كان السبب الرئيسي في فشل هذا التجمع .
2. تجارب التكامل الإقليمي في آسيا:- في إطار المناطق التكاملية داخل آسيا ، يمكن التمييز بين منطقة جنوب شرق آسيا التي أقامت رابطة جنوب شرق آسيا "الآسيان"التي سبق الإشارة إليها ، أما في وسط آسيا فقامت منظمة التعاون الإقليمي للتنمية بين ثلاث دول آسيوية هي: إيران، باكستان، تركيا، في العام 1964 بعد استفادتها من مزايا التعاون الذي تحقق لها في إطار حلف بغداد، وتتميز دول هذا الإقليم بأنها متجاورة وبينها قدر من التوافق في النواحي السياسية والحضارية، وقد تجسد ذلك من خلال إبرام العديد من العقود والاتفاقيات بين الدول وإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة.غير أن قيام الثورة الإيرانية، ثم نشوب حرب العراقية -الإيرانية قد جمد أعمال المنظمة حتى العام 1985الذي توصلت فيه الدول الأعضاء الى اتفاقية تقضي بإعادة هيكلة المنظمة وإحيائها تحت اسم (منظمة التعاون لاقتصادي)،وشكلت معاهدة أزمير الأساس القانوني لهذه المنظمة، وأجريت عدة تعديلات على هذه المعاهدة في العام 1990 ، كما أضيفت لها بروتوكولات في 1991،وفي سنة 1992 انضمت سبع دول جديدة إلى الدول الثلاث المؤسسة ليصبح العدد عشر دول، وهذه الدول هي: أفغانستان، وست من دول آسيا الوسطى التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي وهي:أذربيجان، وأوزبكستان، وتركمستان، وطاجاكستان، وكازاخستان، وقيرقيزيا. ولا تختلف أهداف المنظمة الجديدة عن سابقتها وإن كانت منحت اهتماما جديدا للبعد الدولي، فتضمنت أهدافها السعي إلى الاندماج التدريجي في الاقتصاد العالمي، وهي نفسها الفكرة التي اتخذتها مختلف التكتلات الاقتصادية في شتى أنحاء العالم .
3- تجارب التكامل في الوطن العربي :-رغم توفر المقومات الاقتصادية والثقافية المطلوبة لقيام تكتل اقتصادي ناجح في الوطن العربي ،ألا أن غياب شرط التوافق السياسي بين الأنظمة العربية وحالة عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول العربية وقفت حائلا دون نجاح معظم تجارب التكتل في الوطن العربي،باستثناء تجربة دول مجلس التعاون الخليجي التي بدأت بإنشاء منطقة التجارة الحرة في العام 1981 ، ثم انتقلت الى مرحلة الاتحاد الجمركي في العام 2003 ورغم التقدم النسبي في الترتيبات والإجراءات المتخذة،جاء التقرير الاقتصادي الخليجي 2005-2006 ليؤكد على ضعف مؤشرات التكامل التجاري وانخفاض مستوى التجارة البينية الخليجية، وضعف مجالات الاستفادة من ارتفاع عوائد الصادرات النفطية؛ نتيجة ارتفاع الطلب على السلع المستوردة وضعف مستوى التنويع الإنتاجي في دول المجلس ،جعلتها تتجه نحو الأسواق الخارجية ، وأدى ذلك الى تسرب جزء كبير من الأموال الخليجية الى الخارج، وهذا الأمر يفرض على دول المجلس بذل المزيد من الجهود لرفع مستوى التنويع الإنتاجي من السلع والخدمات التي تحظى فيها بميزة نسبية لزيادة مستوى التكامل الاقتصادي الخليجي.
الخاتمة :- بناء على كل ما تقدم، يبدو أن الأهداف المشتركة لجميع التكتلات الاقتصادية هي الحصول على مزايا اقتصادية أكبر مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكامل. فضلا عن سعيها لحماية إنتاجها المحلي من المنافسة الأجنبية في ظل العولمة وفتح الأسواق، وعليه أصبحت مسالة الانضمام الى التكامل الإقليمية أمراً حتمياً.فلم يعد هناك أي مجال للنجاح في تحقيق أهداف التنمية أو الدفاع عن المصالح الوطنية إذا بقي البلد منفرداً بعد أن أصبح شعار التعامل الاقتصادي الدولي هو" أن البقاء لمن هو أكثر كفاءة وقوة ومنافسة ".
في ظل هذه الظروف فأن الدول العربية مدعوة أكثر من أي وقت مضى الى بناء تكتل اقتصادي يضاهي التكتلات المتطورة، لتستفيد من إمكانياتها الاقتصادية الهائلة.ولكي يكون هناك أمل في أمكانية تحقيق هذا الهدف ، فإن الأمر يستدعي العمل بجدية أكثر من أجل، الارتقاء بنظم الحكم في الدول العربية ، والاهتمام بالتنمية البشرية ورفع مستوى المهارات، وزيادة تنافسية الصادرات وتنويع الهياكل الإنتاجية، وحل مشاكل المديونية،واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الاستثمار.