Abdessamed Belabbaci
منذ 12 سنة
يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَبَّحَ بسبع تمرات من عجوة المدينة مِمَّا بين لابَيْتَها، لم يضرَّه في ذلك اليوم سُمٌّ ولا سِحْر» رواه مسلم. العجوة نوع من التمر معروف بالمدينة. ومعنى اللابة الحرة، وهي أرض فيها حجارة سود، والمدينة المنورّة يكتنفها لابتان. ... قبل التحدث عن منافع التمر العظيمة الذي لَقَّبه العلم الحديث «بمنجم المعادن الغذائية»، نحب في البداية أن نبين للقارئ أن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يُحِبُّ أكل التمر وخاصة الرُطَب وهوالذي يُعْصَر فَيُسَوّى منه دبس، ثم يجف فيصير بعد ذلك تمرًا، وكان عليه الصلاة والسلام لزهده في هذه الحياة الدنيا الفانية يواصل ولأيام عديدة على أكل التمر مع الماء في الغذاء والعشاء، وفيه إشارة منه صلى الله عليه وسلم لأمته على أهميته العظيمة في غذائه للجسد، وأنه غذاء كافٍ طبيعي يقوي البدن ويحفظه من كثير من الأمراض لغناه بالمواد الغذائية، وقد أخبرت السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها أنه كان يمر الشهران في بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يُوقدُ فيها نار، وأنهم كانوا يعيشون على الأسودين: التمر والماء. وقد كان الرطب والتمر طعام السيدة الجليلة مريم الطاهرة عليها السلام أيام حَمْلها بنبيّ الله عيسى عليه السلام، وبعد ولادته وفي أثناء نفاسها، قال الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم {وهُزِي إليكِ بجذع النخلة تُسَاقِطْ عليك رُطَبًا جنيًا فكلي واشربي وقَرّي عينًا}، وقد رُوي عن أحد الحكماء الأكابر أنه قال: «ما للنفساء عندي خير من الرُّطب لهذه الآية». موطن شجر النخيل ووصفها: التمر ثمرة شجرة النخيل، وموطن شجر النخيل الجزيرة العربية وأفريقيا الوسطى ومصر وجنوب إسبانيا وغيرها من البلاد، ويصل ارتفاع شجرة النخيل إلى العشرين مترًا وهي تلفت النظر بجمال أزهارها وأغصانها وطولها ما يدل على عظيم قدرة الخالق سبحانه وتعالى الذي خلقها وأبدعها على هذه الصورة والشكل والهيئة، وجعلها ذات مزايا عديدة وفوائد كثيرة للإنسان، ويُروى لنا في التاريخ أن «قيصر» ملك الروم كتب إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول له: «إنّ رسلي أخبرتني أن في بلادكم شجرة تخرج مثل ءاذان الفيلة، ثم تَنْشَقُّ عن أحسن من اللؤلؤ المنظوم، ثم تخضّرُ فتكون كالزمرد، ثم تصفّرُ فتكون كشذور الذهب وقطع الياقوت، ثم تينع فتكون كأطيب من الفالوذج، ثم تجِفُّ فتكون قوتًا، وتدخر مؤونة، فتكون عصمة للمقيم وزادًا للمسافر». وثمرة التمر أنواع عديدة، فهناك التمر البَرْني الذي هو أجود أنواع التمر وهناك تمر العجوة، ويوجد غيرها من التمور. أوصاف أكلة التمور كان التمر ولا يزال الغذاء الرئيسي لدى سكان الصحراء، وخاصة في الجزيرة العربية، لذلك كان من صفاتهم ومنذ قديم الزمان أنهم كانوا أقوياء البنية، طوال القامة، يتمتعون بمناعة ضد الأمراض، وكانوا أصحاب رشاقة قوية. وفي تاريخ العرب وقصص حياتهم وحروبهم دور كبير للتمر كغذاء رئيسي يفسر لنا كيف استطاعوا مع قوة إيمانهم أن يجدوا القدرة على أن يصبروا في معاركهم ويفتحوا البلاد والأمصار، وليس في جوفهم سوى بضع تمرات. فوائد التمر العظيمة في الغذاء والدواء التمر فاكهة وغذاء ودواء وحلواء، ويعترف الطب القديم والحديث بأنَّ التمر «مَنْجم» غنيٌّ بالمعادن المختلفة وغيرها تجعل منه غذاءً كاملا بكل ما في الكلمة من معنى، يقول أحد أطباء العرب القدامى في وصف التمر: «وليس شىء مِمَّا رزقنا الله سبحانه، ولا لنا فيه عمل، أكفى من التمر، ولا أغذى وأحفظ للصحة منه، فهو وحده غذاء كافٍ طبيعي». فالتمر من الفاكهة الصحراوية الممتازة، فهو غني جدًا بالمواد الغذائية الضرورية للإنسان لأنه منجم من المواد الغذائية، فهو سريع الامتصاص في جسم الإنسان، وهو يحتوي على ڤيتامينات: (A, B2, B1). ويحتوي على مواد سكرية وبروتين وألياف ومواد دهنية وعلى معادن الفوسفور، والكبريت، والحديد، والمنغنيزيوم، والكلورين، والنحاس، والكالسيوم، والمنغينزيوم والبوتاس. وأما البلح فهو غنيٌّ جدًا بالڤيتامين «A» وهو ڤيتامين يُقَوّي النظر، كما يزيد من مقاومة الجسم ضد الأمراض المختلفة. والبلح يساعد على الإمساك بينما التمر يساعد على تليين الأمعاء لما فيه من ألياف طبيعية. ولقد أظهر الطب الحديث أن التمر يقوي العضلات والأعصاب، ويحفظ رطوبة العين وبريقها، ويقوي أعصاب العين وأعصاب السمع لغناه بالڤيتامين «-A-» ولذا كان سكان الصحراء يتمتعون بحدة النظر، فالتمر إذًا يقوي السمع والبصر. ومع إضافة شَراب الحليب مع أكل التمر يصبح التمر من أهم الأغذية، خاصة لأصحاب الجهاز الهضمي الضعيف. والتمر عنصر مهم في تقوية الطاقة الجنسية، وبما أن التمر غني بالڤيتامين «A» والذي يسمى بڤيتامين النمو فلذلك فإن تناول التمر يساعد جسم الفتيان والفتيات والأطفال على النمو والتكامل ولا يسبب السمنة فهو خال من المواد الشحمية والدهنية. والتمر يبعد الكثير من الأمراض السرطانية لغناه بمادة «المنغينزيوم». والتمر يزيل الدوخة ويقضي على التراخي وزيغان البصر وينظف الكبد ويغسل الكلى ويدر البول. ومن فوائد التمر أنه يُهدئ الأعصاب ويزيل التوتر، ويحارب القلق والاضطراب ويفيد المصابين بفقر الدم، وهو غذاء ودواء نافع لمرضى الكبد ومفيد جدًا للأطفال والرياضيين وللنساء الحوامل والمرضعات، وهو يقاوم الأمراض الصدرية ويُقَوّي حُجيرات الدماغ، وهو سريع في تنشيط الجسم، ودواء فعال للسعال والبلغم، وهو مُلَيّن نافع للأمعاء يمنع الإمساك لغناه بالألياف. والتمر يُعدّل الحموضة في جسم الإنسان لأن ازدياد هذه الحموضة تسبب الحمضيات في الكلى والمرارة كما تسبب النقرس وارتفاع ضغط الدم والبواسير وغيرها. وقد قال خبراء التغذية: «إن وجبة من التمر مع الحليب أو اللبن الزبادي تعتبر وجبة كاملة فيها كل العناصر الغذائية». ونشير هنا إلى أن التمر ينصح بعدم تناوله عن حالات الأمراض التالية: 1- مرض السكري. 2- البدانة. 3- أرياح البطن. 4- تضخم القولون (الأمعاءالغليظة). 5-الإسهال. هدي النبي صلى الله عليه وسلم في فطره على الرطب والتمر: روى الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه في كيفية إفطار النبيّ صلى الله عليه وسلم من صومه، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِر على رُطَبَات قبل أن يُصلي، فإن لم تكن رُطَبَات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حَسَا حُسْوات من ماء». الحُسْوة ملء الفم ممّا يُحْسى. إن لنا ـ معاشر المسلمين ـ في إفطار النبي العظيم صلى الله عليه وسلم من الصوم على الرُّطب أو التمر أو الماء حكمة بليغة وتدبيرًا لطيفًا، وقد شهد الطب القديم والحديث بصحة هذا السُّنة المباركة للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من الناحية الصحية، فالصوم يُخْلي المعدة من الغذاء فلا يجد الكبد فيها ما يجذبه ويرسله إلى القوى والأعضاء، والحلو السكر أسرع شىء وصولاً إلى الكبد وأحبه إليه، ولا سيما إن كان رُطَبًا، فيشتد قبوله له فينتفع به، فإن لم يكن الرُّطَب فالتمر لحلاوته وتغذيته، فإن لم يكن فَحُسْواتُ الماء تطفئ لهيب المعدة وحرارة الصوم فتتنبه بعده المعدة للطعام وتأخذه بشهوة. ثم إن الصائم يستنفد في نهاره عادة معظم وقود جسده أي يستنفد السكر المُكْتنز في خلايا جسمه، وهبوط نسبة السكر في الدم عن حدها المعتاد هو الذي يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وما يسمى بزوغان في البصر، ولذا كان من المهم أن نُمِدَّ أجسامنا بمقدار وافر من السكر عند الإفطار، لا أن نمدها بكميات كبيرة من المواد الدهنية والنشوية، فالصائم الذي أصابه الفتور والكسل والضعف في البدن والتفكير أثناء صيامه تعود إليه قواه سريعًا، ويعود النشاط إلى جسمه في أقل من ساعة إذا اقتصر في إفطاره على المواد السكرية ببضع تمرات أو رُطَبات مع كأس ماء، ولهذا النمط من الإفطار ثلاث فوائد: الأولى: أن المعدة لا ترهق بما يقدم إليها من غذاء دسم وفير بعد أن كانت هاجعة نائمة طيلة ساعات، بل تبدأ عملها بالتدريج في هضم التمر الذي هو سريع الامتصاص في الجسم، ثم بعد نحو نصف ساعة يُقَدّم إليها الإفطار المعتاد. الثانية: إنّ تناول التمر أوَّلا يحد عادة من اندفاع الصائم فلا يقبل على مائدة الطعامِ ليْلتهم ما عليها بعجلة دون مضع أو تذوق. الثالثة: إن المعدة تستطيع هضم التمر وامتصاص السكر الموجود فيه خلال ساعة أو نصف الساعة، فيسير هذا السكر في الدم حاملاً الوقود إلى الدماغ والعضلات، ويجوب في أنحاء الجسم فيبعث في خلاياه النشاط، ويزول الإحساس بالتعب وما يُسمى بزوغان البصر والضعف في التفكير والحركة ويعود النشاط. وفي الختام، وبعد أن تَعَرَّفنا على فوائد شجرة النخيل، وبعد أن ذكرنا سُنَّة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في فطره من الصوم على الرطب أو التمر أو جرعة من الماء، والتي شهد الطبُّ الحديث والقديم بعظيم الفائدة الصحية من ذلك، نقول ما أحوجنا أن نتَّبع سُنَّة نبيّنا عليه الصلاة والسلام عند الفُطور لننعم بالفائدة الصحية العظيمة من وراء ذلك، متذكرين قول الله تبارك وتعالى {وعَلّمَكَ ما لم تَكُنْ تعلم وكان فَضْلُ الله عليك عَظيمًا}.. نقلاً عن الطب النبوى والطب البديل