هو أبو الطيب المتنبي الشاعر الأشهر. اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد
الصمد الجعفي الكندي الكوفي، وإنما سمي المتنبي لأنه على ما قيل ادعى
النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم. فخرج إليه لؤلؤ
أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه
وكان قد قرأ على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، ومن ذلك: والنجم
السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، أن الكافر لفي أخطار، امض على
سنتك، واقف أثر من كان قبلك من المرسلين،
أبو الطيب ، ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة كان أبوه سقاء فيها، رافق أباه
إلى بلاد الشام، ثم تنقّل في البادية وأخذ عن أهلها فصاحة اللفظ وبلاغة
العبارة، حفظ الكثير من شعر العرب، فاق معاصريه على الإطلاق منذ نشئته كبير
النفس عالي الهمة طموحا، حتى بلغ من كبر نفسه أن دعى إلى بيعته بالخلافة،
وهو حديث السن، بل أدعى النبّوة، وقبل أن يستحفل أمره خرج لؤلؤ أمير حمص
ونائب الأخشيد فسجنه حتى تاب عن دعوته فأطلقه ، لكن لقب المتنبي ظل لصيقا به، ومنذ ذلك الحين، سعى إلى طلب الثروة، والمقام الرفيع بشِعره،
متقربا من ذي النفوذ والسلطان، ناظما فيهم المدائح، مترددا عليهم في مختلف
المناطق، ولزم سيف الدولة بن حمدان، صاحب حلب تسع سنوات، غادرها إلى مصر،
وحاكمها آنذاك كان كافور الأخشيدي، وكان المتنبي يطمح في ولاية، فلم يوله
كافور، فزوى عنه وجه، فهجئه هجاء لاذعا، قصد بغداد ولم يمدّح الوزير
المهلّبي لأنه كان يترفع عن مدح الملوك، غضب عليه عضد الدولة فأرسل إليه
فاتك بن أبي جهل الأسدي مع جماعته وهو في طريقة للكوفة كان مع المتنبي