السلام عليكم
اذا كان هذا الموقع يسيء للدين و يسيء للرسول صل لله عليه وسلم فله باذن الله اجر كبير ان شاء الله و هذا نستطيع ان نجعله نوع من الجهاد في سبيل الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
{)وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين َ) (البقرة:191)
التفسير:
{ 191 } قوله تعالى: { واقتلوهم }: الضمير الهاء يعود على الكفار الذين يقاتلوننا؛ لقوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} [البقرة: 190] .
قوله تعالى: { حيث }: ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب - أي اقتلوهم في أي مكان { ثقفتموهم } أي ظفرتم بهم -؛ أولاً قال تعالى: {قاتلوا} [آل عمران: 167] ، ثم قال تعالى: { واقتلوا }؛ والقتل أشد؛ يعني متى وجدنا هذا المحارب الذي يقاتلنا حقيقة أو حكماً، فإننا نقتله في أي مكان؛ لكنه يستثنى من ذلك المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه }.
قوله تعالى: { أخرجوهم من حيث أخرجوكم }؛ الإخراج يكون من شيء إلى شيء؛ أما القتال فيكون في شيء؛ القتال يكون في مكان؛ والإخراج يكون من المكان؛ ولهذا قال تعالى: { أخرجوهم من حيث أخرجوكم} أي من المكان الذي أخرجوكم منه، فمثلاً إذا قدر أن الكفار غلبوا على هذه البلاد، وأخرجوا المسلمين منها فإن المسلمين يجب عليهم أن يقاتلوهم؛ فإذا قاتلوهم يخرجونهم من البلاد من حيث أخرجوهم؛ فهم الذين اعتدوا علينا، واحتلوا بلادنا؛ فنخرجهم من حيث أخرجونا.
قوله تعالى: { والفتنة أشد من القتل }؛ «الفتنة» هي صدّ الناس عن دينهم، كما قال تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم} [البروج: 10] ؛ فصد الناس عن دينهم فتنة أشد من قتلهم؛ لأن قتلهم غاية ما فيه أن نقطعهم من ملذات الدنيا؛ لكن الفتنة تقطعهم من الدنيا، والآخرة، كما قال تعالى: {وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة} [الحج: 11] .
قوله تعالى: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } أي في مكة؛ لأن { المسجد الحرام } هو المسجد نفسه؛ وما «عنده» فهو البلد - أي لا تقاتلوهم في مكة { حتى يقاتلوكم فيه } - ؛ و «في» هنا الظاهر أنها للظرفية.
قوله تعالى: { فإن قاتلوكم فاقتلوهم } أي إن قاتلوكم عند المسجد الحرام فاقتلوهم؛ وتأمل كيف قال تعالى: { فاقتلوهم }؛ لأن مقاتلتهم إياكم عند المسجد الحرام توجب قتلهم على كل حال.
قوله تعالى: { كذلك جزاء الكافرين } أي مثلَ هذا الجزاء - وهو قتل من قاتل عند المسجد الحرام - جزاء الكافرين؛ أي عقوبتهم التي يكافَؤون بها.
وقوله تعالى: { ولا تقاتلوهم... }؛ { حتى يقاتلوكم... }؛ { فإن قاتلوكم }؛ { فاقتلوهم }: الجمل هنا الأربع كلها بصيغة المفاعلة إلا واحدة - وهي الأخيرة - ؛ وهناك قراءة أخرى؛ وهي: { ولا تقتلوهم }؛ { حتى يقتلوكم }؛ { فإن قتلوكم }؛ { فاقتلوهم }؛ وعلى هذا فتكون الأربع كلها بغير صيغة المفاعلة.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: وجوب قتال الكفار أينما وجِدوا؛ لقوله تعالى: { واقتلوهم حيث ثقفتموهم }؛ ووجوب قتالهم أينما وجدوا يستلزم وجوب قتالهم في أي زمان؛ لأن عموم المكان يستلزم عموم الزمان؛ ويستثنى من ذلك القتال في الأشهر الحرم: فإنه لا قتال فيها؛ لقوله تعالى: { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير }؛ وقال بعض أهل العلم: لا استثناء، وأن تحريم القتال في الأشهر الحرم منسوخ؛ لكن لوجوب قتالهم شروط؛ من أهمها القدرة على ذلك.
2 - ومنها: أن نخرج هؤلاء الكفار، كما أخرجونا؛ المعاملة بالمثل؛ لقوله تعالى: { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم }؛ ولهذا قال العلماء: إذا مثّلوا بنا مثّلنا بهم؛ وإذا قطعوا نخيلنا قطعنا نخيلهم مثلاً بمثل سواءً بسواء.
3 - ومنها: الإشارة إلى أن المسلمين أحق الناس بأرض الله؛ لقوله تعالى: { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم }، وقال تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون * إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} [الأنبياء: 105، 106] ، وقال موسى لقومه: {استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} [الأعراف: 128] .
4 - ومنها: أن الفتنة بالكفر، والصد عن سبيل الله أعظم من القتل.
فيتفرع على هذه الفائدة: أن استعمار الأفكار أعظم من استعمار الديار؛ لأن استعمار الأفكار فتنة؛ واستعمار الديار أقصى ما فيها إما القتل، أو سلب الخيرات، أو الاقتصاد، أو ما أشبه ذلك؛ فالفتنة أشد؛ لأنها هي القتل الحقيقي الذي به خسارة الدين، والدنيا، والآخرة.
5 - ومنها: تعظيم حرمة المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه }.
6 - ومنها: جواز القتال عند المسجد الحرام إذا بدأَنا بذلك أهله؛ لقوله تعالى: { حتى يقاتلوكم فيه }؛ ولا يعارض هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم»(171)؛ الممنوع هو ابتداء القتال لندخل مكة؛ فهذا حرام، ولا يجوز مهما كان الأمر؛ وأما إذا قاتلونا في مكة فإننا نقاتلهم من باب المدافعة.
7 - ومن فوائد الآية: المبالغة في قتال الأعداء إذا قاتلونا في المسجد الحرام؛ لقوله تعالى: { فإن قاتلوكم فاقتلوهم }.
8 - ومنها: وجوب مقاتلة الكفار حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله؛ وقتال الكفار في الأصل فرض كفاية؛ وقد يكون مستحباً؛ وقد يكون فرض عين - وذلك في أربعة مواضع - :
الموضع الأول: إذا حضر صف القتال فإنه يكون فرض عين؛ ولا يجوز أن ينصرف؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} [الأنفال: 15، 16] .
الموضع الثاني: إذا حصر بلده العدو فإنه يتعين القتال من أجل فكّ الحصار عن البلد؛ ولأنه يشبه من حضر صف القتال.
الموضع الثالث: إذا احتيج إليه؛ إذا كان هذا الرجل يحتاج الناس إليه إمّا لرأيه، أو لقوته، أو لأيّ عمل يكون؛ فإنه يتعين عليه.
الموضع الرابع: إذا استنفر الإمام الناس وجب عليهم أن يخرجوا، ولا يتخلف أحد؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة...} [التوبة: 38] إلى قوله تعالى: {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم...} [التوبة: 39] الآية.
وما سوى هذه المواضع فهو فرض كفاية؛ واعلم أن الفرض سواء قلنا فرض عين، أو فرض كفاية لا يكون فرضاً إلا إذا كان هناك قدرة؛ أما مع عدم القدرة فلا فرض ؛ لعموم الأدلة الدالة على أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولقوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91] ؛ فإذا كنا لا نستطيع أن نقاتل هؤلاء لم يجب علينا؛ وإلا لأثَّمْنا جميع الناس مع عدم القدرة؛ ولكنه مع ذلك يجب أن يكون عندنا العزم على أننا إذا قدرنا فسنقاتل؛ ولهذا قيدها الله عز وجل بقوله تعالى: {إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91] ؛ ليس على هؤلاء الثلاثة حرج بشرط أن ينصحوا لله ورسوله؛ فأما مع عدم النصح لله ورسوله، فعليهم الحرج - حتى وإن وجدت الأعذار في حقهم - .
فالحاصل أننا نقول إن القتال فرض كفاية؛ ويتعين في مواضع؛ وهذا الفرض - كغيره من المفروضات - من شرطه القدرة ؛ أما مع العجز فلا يجب؛ لكن يجب أن يكون العزم معقوداً على أنه إذا حصلت القوة جاهدنا في سبيل الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من النفاق»(172).
9 - ومن فوائد الآية: إثبات العدل لله عز وجل؛ لقوله تعالى: { كذلك جزاء الكافرين }؛ والجزاء من جنس العمل.