ما قوله المحتضر ؟



0      0

2
صورة المستخدم

Khalifab13

مشترك منذ : 18-01-2012
المستوى : مساهم
مجموع الإجابات : 2267
مجموع النقاط : 1956 نقطة
النقاط الشهرية : 0 نقطة

Khalifab13
منذ 12 سنة

وَإِذَا نُزِلَ بِهِ سُنَّ تَعَاهُدُ بَلِّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ،............
قوله: «وإذا نزل به» ، أي: نزل به الملك لقبض روحه، والملك الذي يقبض الروح هو ملك واحد يسمى «ملك الموت» لقوله تعالى: {{قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}} [السجدة: 11] ، وتسميته (عزرائيل) لم تثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما هي من أخبار بني إسرائيل، ولم يثبت من أسماء الملائكة إلا خمسة أسماء، وهي: جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، ومالك، ورضوان، فهذه هي الأسماء الثابتة فيمن يتولون أعمال العباد، فأما (منكر ونكير) اللّذان يسألان الميت في قبره، فقد أنكرهما كثير من أهل العلم، ولكن وردت فيهما آثار.
والمهم: أن ملك الموت لا يسمى عزرائيل؛ لأنه لم يثبت عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهذا من الأمور الغيبية التي يتوقف إثباتها ونفيها على ما ورد به الشرع.
ثم إن ملك الموت له أعوان يعينونه على إخراج الروح من الجسد حتى يوصلوها إلى الحلقوم، فإذا أوصلوها إلى الحلقوم قبضها ملك الموت، وقد أضاف الله تعالى الوفاة إلى نفسه، وإلى رسله أي: الملائكة، وإلى ملك واحد، فقال الله تعالى: {{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}} [الزمر: 42] ، وأضافها إلى ملك واحد في قوله تعالى: {{قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}} [السجدة: 11] ، وإلى الملائكة في قوله: {{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ}} [الأنعام: 61] ، ولا معارضة بين هذه الآيات، فأضافه الله إلى نفسه؛ لأنه واقع بأمره، وأضافه إلى الملائكة؛ لأنهم أعوان لملك الموت، وأضافه إلى ملك الموت؛ لأنه هو الذي تولى قبضها من البدن.
قوله: «سُنَّ تعاهد بلّ حلقه بماء أو شراب» ، أي: يسن أن يتعاهد الإِنسان بلَّ حلق المحتضَر بماء أو شراب، ولكن ليس بالماء الكثير؛ لأن الماء الكثير ربما يشرقه ويتضرر به، ولكن بماء قليل نقط تنقط بحلقه، وذلك من أجل أن يسهل عليه النطق بالشهادة؛ لأن المقام مقام رأفة بهذا المريض الذي بين يديك، فاسلك كل طريق يكون به أرفق.
وقول المؤلف: «بماء أو شراب» الماء معروف، والشراب: ما سوى الماء مثل العصير أو شبهه، المهم الشيء الذي يصل إلى حلقه ويبلّه.

وَتندَّى شَفَتَاه بِقُطْنَةٍ وَتَلْقِينُهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مَرَّةً ............
قوله: «وتندّى شفتاه بقطنة» ، أي: أن الحاضر ينبغي له مع تنقيط الماء في حلق المحتضَر أن يندي شفتيه بقطنة؛ لأن الشفة يابسة، والحلق يابس فيحتاجان إلى تندية.
قوله: «وتلقينه لا إله إلا الله مرة» ، أي: تعليمه إياها كما يلقن التلميذ.
وهل يقولها بلفظ الأمر، فيقول: قل: «لا إله إلا الله» أو يقولها بدون لفظ الأمر بأن يذكر الله عنده حتى يسمعه؟
الجواب: ينبغي في هذا أن ينظر إلى حال المريض، فإن كان المريض قوياً يتحمل، أو كان كافراً فإنه يؤمر فيقال: قل: لا إله إلا الله، اختم حياتك بلا إله إلا الله، وما أشبه ذلك.
وإن كان مسلماً ضعيفاً فإنه لا يؤمر، وإنما يذكر الله عنده حتى يسمع فيتذكر، وهذا التفصيل مأخوذ من الأثر، والنظر.
أما الأثر فلأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر عمه أبا طالب عند وفاته أن يقول: لا إله إلا الله، قال: يا عم قل: لا إله إلا الله» [(239)].
وأما النظر: فلأنه إن قالها فهو خير، وإن لم يقلها فهو كافر، فلو فرض أنه ضاق صدره بهذا الأمر ولم يقلها فهو باق على حاله لم يؤثر عليه شيئاً، وكذا إذا كان مسلماً وهو ممن يتحمل فإن أمرناه بها لا يؤثر عليه، وإن كان ضعيفاً فإن أمرناه بها ربما يحصل به رد فعل بحيث يضيق صدره، ويغضب فينكر وهو في حال فِراق الدنيا، فبعض الناس في حال الصحة إذا قلت له قل: لا إله إلا الله، قال: لن أقول: لا إله إلا الله، فعند الغضب يغضب بعض الناس حتى ينسى، فيقول: لا أقول: لا إله إلا الله، فما بالك بهذه الحال؟
قوله: «تلقينه لا إله إلا الله» ولم يقل: محمداً رسول الله؛ لأن هذا هو الذي ورد فيه الحديث: «لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله» [(240)]، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة» [(241)]. فكلمة التوحيد مفتاح الإِسلام، وما يأتي بعدها فهو من مكملاتها وفروعها.
ولو جمع بين الشهادتين؛ فقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا يمنع هذا من أن يكون آخر كلامه من الدنيا «لا إله إلا الله» ؛ لأن الشهادة للنبي صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة تابع لما قبلها ومتممٌ له، ولهذا جعلها النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الشهادة لله بالألوهية ركناً واحداً، فلا يعاد تلقينه، وظاهر الأدلة أنه لا يكفي قول المحتضَر: أشهد أن محمداً رسول الله، بل لا بد أن يقول: لا إله إلا الله.

وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ إِلاَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ، فَيُعِيدُ تَلْقِينَهُ بِرِفْقٍ، وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ «يَس»......
قوله: «ولم يزد على ثلاث» أي: لم يلقنه أكثر من ثلاث؛ لأنه لو زاد على ذلك ضجر؛ لأنه سيقول: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ثم يسكت، فلو كرر ربما يتضجر المريض؛ لأنه بحال صعبة لا يدركها إلا من كان على هذه الحال، ولأن من عادة النبي صلّى الله عليه وسلّم غالباً أنه إذا تكلم تكلم ثلاثاً، وإذا سلم سلم ثلاثاً، وإذا استأذن استأذن ثلاثاً، فالثلاث عدد معتبر في كثير من الأشياء.
قوله: «إلا أن يتكلم بعده فيعيد تلقينه برفق» .
«إلا أن يتكلم» الفاعل المريض المحتضَر، فإذا تكلم بعد أن قال: لا إله إلا الله فإنه يعيد تلقينه، لكن برفق كالأول.
قوله: «فيعيدُ» بالرفع على الاستئناف؛ لأنها لا تصلح للعطف، والاستئناف بالفاء كثير، ومنه قوله تبارك وتعالى: {{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ}} [البقرة: 284] .
والمعنى يفسد فيما لو قلنا: «فيعيدَ» بالنصب عطفاً على «يتكلم»؛ لأن المعنى يكون إلا أن يتكلم فإنه يعيد، وهذا ليس هو المقصود؛ لأن المقصود إلا أن يتكلم فإذا تكلم أعاد تلقينه برفق.
قوله: «ويقرأ عنده {{يس *}} » ، أي: يقرأ القارئ عند المحتضَر سورة {{يس *}} لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اقرؤوا على موتاكم يس» [(242)]، هذا الحديث مختلف فيه، وفيه مقال، ومن كان عنده هذا الحديث حسناً أخذ به. وقوله عليه الصلاة والسلام: «اقرؤوا على موتاكم» ، أي: من كان في سياق الموت، وسمي ميتاً باعتبار ما يؤول إليه، وتسمية الشيء بما يؤول إليه وارد في اللغة العربية، ومنه قول الرائي ليوسف: {{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}} [يوسف: 36] ، وهو لا يعصر خمراً، وإنما يعصر عنباً يكون خمراً.
وقد ذكر بعض العلماء أن من فائدة قراءة يس تسهيل خروج الروح؛ لأن فيها تشويقاً، مثل قوله تعالى: {{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ}} [يس: 26] ، والتشويق للجنة فيه تسهيل لخروج الروح، ولهذا إذا بُشّر ـ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن تبشّر روحه بالجنة ـ إذا بشّر بالجنة سهل عليه، وأحب لقاء الله فأحب الله لقاءه. وفيها: {{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ *هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ *}} [يس] ، وفي آخرها إثبات قدرة الله ـ عز وجل ـ على إحياء الموتى.
ولكن هل يقرؤها سراً أو جهراً، أو في ذلك تفصيل؟
الجواب: قوله: «اقرؤوا على موتاكم» [(243)]، يقتضي أن تكون قراءتها جهراً، ولا سيما إذا قلنا: إن العلة تشويق الميت لما يسمعه في هذه السورة، ولكن إذا كان يخشى على المريض من الانزعاج، وأنه إذا سمع القارئ يقرأ سورة {{يس *}}، أو كان في شك في كون الإِنسان في النزع فلا يرفع صوته بها، وإن كان جازماً، فالإِنسان الذي يكثر حضور المحتضَرين يعرف أنه احتُضِر أو لا، فإذا عرف أنه في سياق الموت فإنه يقرؤها بصوت مرتفع، ولا حرج في هذا، لأن الرجل يُحْتَضَر.
وهذه القراءة لا يكون معها نفث على المحتضَر؛ لأنه لم يرد.

وَيُوَجِّهُهُ إِلَى القِبْلَةِ ....
قوله: «ويوجّهه إلى القبلة» أي: من حضر الميت يوجّه الميت إلى القبلة، أي: يجعل وجهه نحو القبلة، وذلك أن المحتضَر إما أن يستدبر القبلة، أو يكون رأسه نحو القبلة أو بالعكس، أو يستقبلها، والأخيرة أفضل الأحوال. وهذا يقتضي أن يكون على جنبه الأيمن، أو الأيسر حسب ما هو متيسر؛ لأن المجلس الذي يستقبل فيه الإنسان القبلة هو أفضل المجالس، كما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أشرف مجالسكم ما استقبلتم به القبلة» [(244)]؛ ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتاً» [(245)]، وهذا يشمل الميت المحتضر والميت بعد دفنه في القبر، وكلا الحديثين ضعيف، لكن يشهد له ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ أن البراء بن معرور أوصى عند موته أن يستقبل به القبلة فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أصاب الفطرة» [(246)]. فهذا يشهد للحديثين السابقين، وإلا فإن الذي يظهر من عمل النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة أنهم لا يتقصدون أن يوجّه المحتضَر إلى القبلة، ومن ذلك ما حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته حيث مات في حجر عائشة، ولم يُذْكر أنها استقبلت به القبلة[(247)]، وإنما هذه الأحاديث، وإن كانت ضعيفة فربما تصل إلى درجة الحسن فتكون مقبولة.


  • الأسئلة :124
  • الإجابات:2267
  • مشترك منذ:2012-01-18
  • المستوى:مساهم
  • النقاط الشهرية :0
  • مجموع النقاط:1956