موقعــــهإلى الغرب من مدينة مأرب التاريخية بمسافة نحو 8 كم ، على أعظم أودية اليمن وهو وادي أذنه الذي تجري اليه السيول من مساقط المياة في المرتفعات على امتداد مساحة شاسعه من ذمار ورداع ومراد وخــولان ، والتي تهطــل عليهــا الامطــار من ابريــل الـى اغسطس ، ويقع بين جبلين، هما البلق الشمالي والبلق الأوسط (الجنوبي) اللذان يشكلان الحاجز الأخير لسلسلة الجبال والمرتفعات الشرقيـة قـبل أن تلتقي بصحـراء صيهد (رملة السبعتين).
فائدتــــهليست فقط صون المناطق الآهلة بالسكان من فيضانات السيول إنما هي كذلك " الاستصلاح الزراعي " ، الذي كان هو عماد الدولة السبئية ومصدر قوتها ، فقد استخدم السد لتخزين المياه التي وتصريفها بصورة سريع لتسقي اراضي تقدر مساحتها بأكثر من 72 كم2 ، وهي الأراضي التي عرفت بإسم (ارض الجنتين )، ورد ذكرها في القرآن الكريم (سورة سبأ).
دلالته التاريخيةتكمن في كونه اشــهر اثــار اليمـن واعظم بناء هندسي قديم بشبة الجزيرة العربية ، كما تكمن في كونه معلـم ثابت لازم الحضارة السبئية منذ البداية مرورا بذروة الازدهار وحتى لحظات الانهيار ثم تصدع على اثرها.
تاريخ بنائهيعود إلى القرن الثامن ، وعلى الأرجح القرن السابع قبل الميلاد حيث ورد في نقش مثبت على مبنى المصرف الجنوبي للسد اسم المكرب " يثع أمر بين بن سمه علي " الذي أختط مدينة مأرب واصبح أحد مكاربة القرن السابع قبل الميلاد.
مواصفاتهتدل على عظمة السبئيين ، فقد بني في ضيقــة بين البلــق الشمالي والبلق الجنوبي على وادي ذنه كموقعاً طبيعياً يصلح لإقامة سد حيث تتسع منطقة التجمع في أعلى المضيق بحيث تبدو وكأنها حوض مثالي لاحتواء المياه ، ويبلغ طول جسم السد 720مترا وارتفاعة حوالي 15 مترا ، اما السمك يبلغ 60 مترا عند القاعدة ، وشيدت اساساته من الاحجار الضخمة وفوقهــا جــدار ترابي مغطــى بالحجــارة والحصى من الجانبين وعند طرفي السد يقع مصرفان " صدفان " للمياه الماء الى قناتين رئيسيتين.
طريقة بناءه تشير الى بعد هندسي فكري ، فقد شيد جدار السد من نقطة أساس الوادي على الصخر ( الأم ) بأحجار ضخمة ثم بعلوها جدار السد فوقها تدريجياً ، وتم نحت الصخور لمصرفين " صدفين" في الجهة الجنوبية على سفح جبل البلق الأوسط والجهة المقابلة على صخور جبل البلق الشمالي ثم استكمل بناؤهما على صخور الجبلين ليكونان قناتي توصيل كبيرتين شق أسفلهما من الصخر وشيد أعلاهما بواجهات سميكة من الحجارة الكبيرة المهندمة مربعة الأضلاع ، وتم تثبيت بعضها فوق بعض بتلاحم وترابط .
الصدف الجنوبي - المعروف عند الأهالي بـ ( مربط الدم ) أي المكان الذي ربط فيه القط لكي يحمي السد من الفئران حسب الأسطورة التي تقول أن خراب سد مأرب كان بسبب الفئران التي أتت عليه فربط ( الدم ) هناك في هذا الصدف - يتكون من دعامة أمامية ضخمة ودعامة خلفية صغيرة بينهما حاجز حجري. تمتد الدعامة الضخمة من الشرق إلى الغرب موازية للوادي ومشيدة على مرتفع صخري عند الضلع الشمالي لجبل البلق الأوسط يُرقى إليه بسلالم حجرية بعضها منحوتة في نفس الضلع والبعض الآخر من أحجار بنائية ، وقـد أقيمت هـذه الـدعـامـة بأحجار مهنـدمـة أبعـادهـا ( 2.16 × 0.30 متر ) ، وتتخلل واجهتيها الجنوبية والشمالية بروزات حجرية بهيئة تعشيق لزيادة القوة في البناء ، وزينت بعض الأحجار بزخارف تمثل حليات معمارية ، وقد روعي في بناء هذه الدعامة ـ وكذلك في المرتفع التي تقوم عليه ـ عدم ترك أي فراغات لتسرب المياه بإغلاقها بالقضاض (الأسمنت الأبيض) لمنع تأثير المياه بما قد يؤدي لإنهيار هذا المصرف وبالتالي جدار السد . أما الدعامة الخلفية الصغيرة فقد شيدت بأحجار مهندمة ويبدو جانبها المتجه صوب حوض السد بشكل محدب لتفادي ضغط المياه وجانبها الخلفي يكـون مستويـاً ، وأسند بثلاثـة دعـامـات حجريـة يبلـغ مقياس أكـبرهـا ( 1 × 0.45 × 0.46 متر ).وكانت وظيفة الحاجز الحجري الذي اقيم بين الدعامتين هي تصريف المياه الفائضة من حوض السد من خلال قناة حفرت في الصخر الذي سويت بعض جوانبه لغرض الري.
الصدف الشمالي شيد بعد الصدف الجنوبي ، ويتكون من دعامـة كبيرة وفتحتين بينهما سدة حجرية بعرض 12.20 متراً ترتكز من الغرب على الضلع الشرقي لجبل البلق الشمالي ، وقد شيدت بأحجار مهندمة بشكل معشق وأحجار طولية وأخرى عرضية مقاسات أكبرها (1.66×0.37 × 0.40 م )، واستخدمت مادة القضاض (الأسمنت الأبيض) في ربط أحجار هذه السدة ، وقد ختمت واجهتها التي تستقبل المياه في الأعلى بشرفة من صفوف الحجر تسندها دعامات خلفية لغرض منع تأثير المياه المتدفقة وجعلت في الأعلى منافذ لتصريف المياه الزائدة كي لا يرتفع منسوبها أمام السد. أما الدعامة الكبيرة فشيدت على سن صخري بأحجار مهندمة أبعاد أكبرها ( 2.10 × 0.42 م ) ويميل بناؤها عن العمودية إلى الداخل وفيها انحناءات لتفادي ضغط المياه ، وقد طلي ظاهرها بالقضاض ، وبني على الأقسام العليا منها وحدات بنائية لمراقبة ارتفاع منسـوب المياه في السد. أما الفتحتان اللتان تفصلان بين هـذه الدعامـة والسـدة الحجرية يبلغ عرضهما ( 3.55 م ) و ( 2.95 م ) تتوسطهما دعامة صغيرة مشيدة بأحجار مهندمة عرضها ( 4.25 م ) ، والفتحتان تؤديان إلى قناة كبيرة تتجه صوب مصارف القنوات في الجهة الشمالية.
تَهدَّم السد وتعرض للتدمير أربع مرات بسبب تراكم الترسبات الطمثية في حوضه ، كانت آخرها في عهد إبرهة الحبشي سنة 552 ميلادية. والباقي حاليا من السد بعض معالم جداره ، ومباني الصدفين الشمالي والجنوبي ، إضافة إلى القناتين الرئيسيتين اللتين كانتا تربطان المصرفين بالجنتين ، ومقاسم المياه في الجنتين ـ الأراضي الزراعية الشمالية والجنوبية ـ ، وهي سدود تحويلية صغيرة تقسم المياه التي تصلها من القناتين الرئيسيتين