الحضارة الهلينية (وهي مستمدة من كلمة هـِلين وهي الاسم العرقي الذي يطلقه اليونانيون على أنفسهم) بجدهم الأسطوري هيلين Hellen وببلادهم التي عرفت باسم بلاد هيلاس Hellas أو الهيلاد Hellad، إضافة إلى تسمية حضارة دولة المدينة City-State (Polis) لارتباط هذه الحضارة سياسياً وحضارياً بعدد من المدن التي كانت كل واحدة منها مع ريفها تعدّ دولة بكل معاني الكلمة، وكذلك حضارة العصر الكلاسيكي Classical (وتعني أصوليّاً أوقديماً) وهي تسمية أطلقها المؤرخون الأوربيون والغربيون عموماً على هذه الحضارة؛ إذ عدّوا أنفسهم ورثة هذه الحضارة التي تميزت بإنجازاتها التاريخية الرائعة.
يمتد منذ أوائل القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الخامس الميلادى وفى هذه الحقبة أصبحت الثقافة الاغريقية ملكا مشتركا بين جميع بلدان البحر المتوسط وكانت اليونانية لغة العلم في ذلك الوقت والهيلينستية هى ثقافة مركبة من عناصر يونانية وشرقية حمل فيها الاغريقيون إلى الشرق الفلسفة ولقح فيها الشرقيون حضارة اليونان بروحانية الشرق ونظمه وعلمه . يقول بعض المؤرخين مثل تارن في كتاب الحضارة الهيلينستية أن الحضارة الاغريقية تنقسم إلى مرحلتين الاولى هلينيك اى المرحلة اليونانية البحتة وتضم مرحلتى النشأة والنضج والازدهار وتشمل العالم اليونانى وحضارته منذ الغزو الدوري وحتى الاسكندر الأكبر والمرحلة الثانية هى هيلينستك اى المرحلة الهيلينيستية وهى مرحلة يونانية متأخرة وتشمل البقاع التى تألفت منها امبراطورية الاسكندر وتشمل بلاد اليونان والممالك الشرقية بعد غزو الاسكندر لها
ويمتد تاريخ هذه الحضارة من بداية الألف الأول قبل الميلاد، وهو تاريخ ترسيخ المدن الدول نفسها دولاً مستقلة في العرف السياسي الإغريقي، وينتهي بظهور الإسكندر المقدوني منتصف القرن الرابع قبل الميلاد عندما بدأ تأسيس الدول الإغريقية الكبرى خارج بلاد اليونان.
وتتميز هذه الفترة سياسياً بظهور مجموعة من المدن التي كانت تتناحر غالباً فيما بينها لأسباب اقتصادية أو خارجية، في حين تتفق أحياناً للدفاع عن حريتها الذاتية وأسلوب حياتها ضد القوى الخارجية أو لإقامة شعائر دياناتها وأعيادها واحتفالاتها الرياضية المرتبطة بهذه الشعائر أو المستقلة عنها.
وتعدّ أثينا وإسبرطة وطيبة وكورنثه وميغارا وأرغوس ودلفي إضافة إلى عدد من مدن جزر البحر الإيجي وغيرها في الداخل أبرز هذه المدن الدول التي كان لها تاريخها الخاص، واشتهر منها كل من أثينا وإسبرطة أكثر من غيرها. وقد عانت دول المدن في العصر الهلّيني حربين أولاهما مع الفرس، وهي الحروب الفارسية وثانيتهما بين معسكر أثينا من جهة ومعسكر إسبرطة من جهة أخرى، وهي حرب البلوبونيز كما عرفت هذه الدول نتيجة معاناتها السياسية والاقتصادية عدداً من أشكال الحكومات أبرزها الملكي و«الأرستقراطي والأوتوقراطي والثيوقراطي والأوليغاركي».
وقد شهد العصر الهلّيني تطوراً بارزاً في عدد من العلوم والفنون؛ ولاسيّما في الفلسفة والمسرح والنحت، كما ظهر علماء وفنانون ونحاتون ومهندسون بهروا العالم القديم ومايزالون حتى اليوم أمثال الطبيب هبوقراطس والمهندس هيبوداموس Hippodamos الملطي، والمؤرخان هيرودوت وثوكوديدس، والفلاسفة سقراط وأفلاطون وأرسطو، والمسرحيّين أيسخولوس Aeschylos وسوفوكلس ويوريبيدس وأريستوفانيس، والنحّاتين فيدياس ولوسيبيوس ومورون وبراكسيتلس وغيرهم.