الإفتاء السعودي
والتي جاءت في مجلة البحوث الإسلامية
التي تصدرها الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية:
إن المساواة بين الرجل والمرأة في نظام الزواج لا ينبغي أن تكون مساواة مطلقة لاختلاف طبيعة كل من الرجل والمرأة، والمساواة بين مختلفين تعني ظلم أحدهما، فالمرأة خلق الله تعالى لها رحمًا واحدة، وهي تحمل في وقت واحد ومرة واحدة في السنة، ويكون لها تبعا لذلك مولود واحد من رجل واحد. أما الرجل فغير ذلك: من الممكن أن يكون له عدة أولاد من عدة زوجات، ينتسبون إليه ويتحمل مسئولية تربيتهم والإنفاق عليهم، وتعليمهم وعلاجهم وكل ما يتعلق بهم وبأمهاتهم من أمور. أما المرأة فعندما تتزوج بثلاثة أو أربعة رجال، فمن من هؤلاء الرجال يتحمل مسئولية الحياة الزوجية ؟ أيتحملها الزوج الأول؟ أو الزوج الثاني؟ أم يتحملها الأزواج الثلاثة أو الأربعة؟ ثم لمن ينتسب أولاد هذه المرأة متعددة الأزواج؟ أينتسبون لواحد من الأزواج؟ أم ينتسبون لهم جميعا ؟ أم تختار الزوجة أحد أزواجها فتلحق أولادها به؟
وفي الحقيقة إن سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه جعلت نظام الزوج الواحد والزوجة الواحدة يصلح لكل من الرجل والمرأة. وجعلت نظام تعدد الأزواج لا يصلح للمرأة، بينما جعلت نظام تعدد الزوجات مناسبا جدا للرجل ؛ فالمرأة ـ كما هو معروف ـ لها رحم واحد، فلو تزوجت بأكثر من رجل لأتى الجنين من دماء متفرقة، فيتعذر عند ذلك تحديد الشخص المسئول عنه اجتماعيا واقتصاديا وقانونيا. بينما صلحت طبيعة الرجل لأن يكون له عدة زوجات، فيأتي الجنين من نطفة واحدة، وبالتالي يكون والد هذا الجنين معروفا ومسئولا عنه مسئولية كاملة في جميع الأحوال .
وتقوم المسئولية الاجتماعية في نظام تعدد الزوجات على أساس رابطة الدم وهي رابطة طبيعية متينة، بينما يفتقر نظام تعدد الأزواج إلى أساس طبيعي تبنى عليه الروابط الاجتماعية، لأن الإنسان بغير اقتصار المرأة على زوج واحد لا يستطيع أن يعرف الأصل الطبيعي له ولأولاده.
كما أن تعدد الأزواج يمنع المرأة من أداء واجبات الزوجة بصورة متساوية وعادلة بين أزواجها سواء أكان ذلك في الواجبات المنزلية أو في العلاقات الجنسية، وبخاصة وأنها تحيض لمدة خمسة أو سبعة أيام في كل شهر، وإذا حملت تمكث تسعة أشهر في معاناة جسدية تحول دون القيام بواجباتها نحو الرجال الذين تزوجوها. وعند ذلك سيلجأ الأزواج ـ بلا شك ـ إلى الخليلات من بنات الهوى أو يطلقونها فتعيش حياة قلقة غير مستقرة.
وختاما فإن المجتمع لا يستفيد شيئا من نظام تعدد الأزواج للمرأة بعكس نظام تعدد الزوجات للرجل الذي يتيح فرص الزواج أمام كثير من العانسات والمطلقات والأرامل. هذا إلى جانب أنه لو أبيح للمرأة أن تتزوج ثلاثة أو أربعة رجال لزاد عدد العانسات زيادة كبيرة وأصبح النساء في وضع اجتماعي لا يحسدن عليه وهكذا فإنه ليس من العدالة في شيء أن يباح للمرأة أن تعدد أزواجها بحجة مساواتها بالرجل . وليس عدلا كذلك أن يحرم الرجل من صلاحيته في أن يعدد زوجاته بدعوى مساواته بالمرأة في حق الزواج . والله أعلم.