مقدمة :
ظهرت في مطلع الستينيات أول تجربة للبنوك الإسلامية بمصر سنة 1963 تحت إشراف الدكتور أحمد النجار
إلا أنها عرفت انتشارا كبيرا منذ منتصف السبعينيات ، ليتحقق حلم الكثير من المتعاملين الذين طالما شعروا بحرج بالتعامل بالفائدة الربوية ،و بدأت البنوك الإسلامية تعمل في إطار خاص بها يلبي رغبة هؤلاء المتعاملين و استطاعت التجربة أن تحقيق نجاحات من خلال قدرتها الكبيرة على تعبئة الموارد المالية ، وعملت هذه البنوك على استبدال سعر الفائدة الدائن و المدين بنظام المكافأة لصاحب المال باستعمال صيغ تمويلية تقوم على أساس مبدأ المشاركة ، و بالنظر إلى اختلاف النظامين من حيث مكافأة رأس المال و الجهد ( العمل ) ، فهذا الوضع حتما يؤدي إلى ضرورة بحث الجوانب المحاسبية لهذا النظام البديل .
لتناول هذه الإشكالية لابد من الإجابة على التساؤلات التالية :
– ما هي الصيغ التمويلية الجديدة التي تقوم على آلية المشاركة كبديل لآلية الفوائد المطبقة في البنوك — الإسلامية؟
- ما هي المصادر الفكرية لإعداد منهج محاسبي للبنوك الإسلامية ؟
- ما هي أوجه الاختلاف بين البنوك التقليدية و البنوك الإسلامية في الجوانب المحاسبية ؟
للتطرق إلى محاسبة البنوك الإسلامية ، يجدر بنا إعطاء بعض التعاريف و المفاهيم حتى يتسنى للقارئ إدراك محتوى هذه الورقة من خلال المحاور التالية :
أولا : البنوك الإسلامية و صيغها التمويلية .
ثانيا : المحاسبة في البنوك الإسلامية .
ثالثا : دراسة حالة بنك البركة الجزائري .
أولا : البنوك الإسلامية و صيغها التمويلية .
1-ماهية البنوك الإسلامية
هناك عدة تعاريف للبنوك الإسلامية نورد فيما يلي تعريفين منها على سبيل المثال :
عرفها جمال الغريب على أنها ” كل مؤسسة تباشر الأعمال المصرفية ، مع التزامها باجتناب الفائدة الربوية بوصفها تعاملا محرما شرعا ”
وتعرف كذلك على أنها ” مؤسسة مالية تعمل على جذب الموارد النقدية من أفراد المجتمع و توظيفها فعالا يكفل تعظيمها و نموها في إطار القواعد المستقرة للشريعة الإسلامية ”
من هذين التعريفين نجد أن البنوك الإسلامية تستبعد في معاملاتها أسلوب الفائدة الدائن و المدين ، و استبداله بنظام المكافأة لصاحب المال ، و هذا ما يعرف في الفقه الإسلامي بمبدأ ” الغنم بالغرم” ، أي أن الدائن لا يستحق المكافأة إلا بقدر ما تحصل عليه الشريك ” المدين ” من ربح خلال العملية التمويلية .
2-أهداف البنوك الإسلامية :
2-1- الهدف التنموي :
البنوك الإسلامية تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، حيث تتماشى معاملاتها المصرفية مع الضوابط الشرعية ،و إيجاد البديل لكافة المعاملات لرفع الحرج عن المتعاملين معها ،من خلال النواحي التالية :
- إلغاء الفائدة و تخفيض تكاليف المشاريع و هذا يؤدي إلى تشجيع الاستثمار بالنسبة لفئة الحرفيين
و بالتالي خلق فرص جديدة و منه تتسع قاعدة العاملين و القضاء على البطالة ، فيزداد الدخل الوطني .
- تنمية الوعي الادخاري و تشجيع الاستثمار ، و ذلك بإيجاد فرص وصيغ عديدة للاستثمار تتناسب مع قدرة و مطالب الأفراد و المؤسسات المختلفة .
- العمل من أجل المحافظة على الأموال داخل الوطن ، وبذلك يزداد الاعتماد على الموارد و الإمكانيات الذاتية الأساسية التي توظف داخل البلدان الإسلامية .
2-2 الهدف الاستثماري :
تعمل البنوك الإسلامية على تشجيع عمليات الاستثمار من خلال استقطاب رؤوس الأموال ،و توظيفها في المجالات الاقتصادية وفقا لصيغ التمويل الإسلامية ، و تحقيق التقدم الاقتصادي ،و العمل على توفير الخدمات
و الاستشارات الاقتصادية و المالية للحفاظ على الأموال و تنميتها .
2-3 الهدف الاجتماعي :
البنوك الإسلامية تعمل على الموازنة بين تحقيق الربح الاقتصادي و بين تحقيق الربحية الاجتماعية ، وذلك بالجمع بين الأهداف العامة لأي مشروع ، و تحقيق التكافل الاجتماعي من خلال :
– التدقيق في مجالات التوظيف التي يقوم البنك بتمويلها و التأكد من سلامتها و قدرتها على سداد التمويل
- أن يحقق التوظيف مجالا لرفع مستوى العمالة ، و في الوقت نفسه يسمح عائده بتقديم خدمات اجتماعية لأفراد المجتمع .
3- خصائص البنوك الإسلامية :
3-1- عدم التعامل بالفائدة :
عدم التعامل بالفائدة الربوية أخذا و عطاءا أهم ما يميز العمل المصرفي الإسلامي ، لأن الإسلام حرم الربا بل أن الله تعالى لم يعلن الحرب بلفظها في القرآن إلا على آكل الربا في قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله و إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ( سورة البقرة ، الآية 278 –279 )
فنظام الفائدة يمثل قيمة الاستغلال للمقرض الذي يجبره على استرداد رأسماله زائد الفائدة مهما كانت حالة المستثمر .
3-2 الاستثمار في المشاريع الحلال :
تسعى البنوك الإسلامية للاستثمار في المشاريع التي تحقق النفع للمجتمع و ذلك باستعمال أسلوب المشاركة في تمويل مشاريعه التنموية الذي يعتمد على التعاون بين صاحب المال و طالب التمويل في حالة الربح أو الخسارة
و هذا ما يجعله مميز عن النظام التقليدي ، الذي يسعى لتحقيق أعلى سعر فائدة ممكن دون الاهتمام لطبيعة المشاريع التي ستوظف فيما إن كانت نافعة أم ضارة للإنسان .
3-3 ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية :
تربط البنوك الإسلامية بين التنمية الاقتصادية و التنمية الاجتماعية ، و يعتبر هذه الأخيرة أساس لانحصل على تنمية اقتصادية إلا بمراعاته ، و هو بذلك يغطي الجانبين ، ولا يفعل كما تفعل البنوك التقليدية ، حيث تركز على المشروعات ذات الأرباح الكبيرة ، دون النظر لأي اعتبار يخص التنمية الاجتماعية .
4- صيغ التمويل المستخدمة في البنوك الإسلامية :
لتمويل المشاريع تستخدم البنوك الإسلامية صيغ تمويلية عديدة ، منها القائمة على الملكية كالمضاربة و المشاركة و المزارعة و المساقاة حيث تعطي للمتعامل القدرة على التصرف ، فيأخذ صفة المالك ، وأخرى قائمة على المديونية كالمرابحة و السلم و الإيجار و الاستصناع ، والتي تشكل دينا للمتعامل ، حيث لا يمتلك الأدوات المقدمة في التمويل .
4-1 – صيغ التمويل القائمة على الملكية :
4-1 –1- التمويل بالمشاركة :
يعتبر التمويل بالمشاركة أهم ما يميز البنوك الإسلامية عن البنوك التقليدية ” وهي تقديم المصرف و العميل المال بنسب متساوية أو متفاوتة من أجل إنشاء مشروع جديد أو المساهمة في مشروع قائم بحيث يصبح كل واحد منهما متملكا حصة في رأس المال بصفته ثابتة أو متناقصة و مستحقا لنصيبه من الأرباح ، و تقسم الخسارة على قدر حصة كل شريك في رأس المال ”
وباستخدام هذه الصيغة يتم المساهمة بالمال و العمل بين الطرفين و بواسطتها يتم تجميع فوائض مالية للأفراد لاستثمارها في مشاريع جديدة أو توسيع مشاريع قائمة ، و تأخذ المشاركة ثلاث أشكال :
- المشاركة الثابتة
- المشاركة على أساس صفقة معينة .
- المشاركة المنتهية بالتمليك .
4-1-2 – التمويل بالمضاربة :
و تعرف المضاربة على أنها شركة في الربح بمال من جانب و هو جانب صاحب المال و لو متعددا ، و عمل من جانب آخر و هو جانب المضاربة .
فأسلوب المضاربة يتم باشتراك بين طرفين ، حيث يقوم أحدهما بدفع المال ،و العمل يكون على الآخر ، أي العمل على التوليف بين مدخلين إنتاجيين رأس المال و العمل لإقامة مشاريع اقتصادية .
4-1-3– التمويل بالمزارعة :
عرفها المالكية على أنها ” الشركة في الزرع ”
و تقوم هذه الصيغة أساسا على عقد الزرع ببعض الخارج منه ، و بمعنى آخر يقوم مالك الأرض بإعطاء الأرض لمن يزرعها أو يعمل عليها ، وهذه الصيغة لم تطبق سوى من بعض البنوك السودانية ، ويرجع ذلك إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها القطاع الفلاحي حيث يمثل مصدر دخل رئيسي لأكثر من 75% من السكان .
4-1-4– التمويل بالمساقاة :
تعرف المساقاة على أنها ” عقد على مؤونة نمو النبات بقدر ، لا من غير غلته ، لا بلفظ بيع أو إيجار ، أو جعل”
و صورتها أن تعقد شركة بين شخصين أحدهما مالك للأشجار يبحث عن من ينميها ، و الآخر يملك الجهد لذلك على أساس توزيع الناتج بينهما حسب الاتفاق .
4-2 -صيغ التمويل القائمة على المديونية :
4-2-1– التمويل بالمرابحة :
ويعرف بيع المرابحة بأنه ” البيع بالثمن المشترى به أو تكلفتها على المشترى مع زيادة ربح معلوم يكون في الغالب نسبة مئوية من ثمن الشراء أو التكلفة ” .
وصيغة المرابحة شائعة الاستعمال من طرف البنوك الإسلامية وحسب إحصائيات منشورة للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية سنة 1996 حول 166 بنك و مؤسسة مالية إسلامية ، وجد أن معدل تطبيق المرابحة يقدر
ب 40.30% من مجموع التمويلات المقدمة ، بينما لا يتعدى استعمال المضاربة نسبة 8 % .
و ذلك بفضل الأهمية البالغة التي تلعبها المرابحة في التنمية ، وكذلك هي من الصيغ قصيرة الأجل ذات الربح المضمون بخلاف صيغ أخرى .
4 –2 –2 – التمويل بالتأجير التمويلي:
ومعناه ” أن يستأجر شخصا شيئا معينا ، لا يستطيع الحصول عليها ، أو لا يريد ذلك لأسباب معينة ، ويكون ذلك نظير أجر معلوم يقدمه لصاحب الشيء ”
و التأجير يكتسي أهمية بالغة خاصة بما يوفره من سيولة مستمرة من خلال تسديد أقساط الإيجار ، و يعتبر وسيلة مضمونة للتدفقات النقدية للبنوك الإسلامية ، كما أنه يساهم في التنمية الإقتصادية من خلال مساعدة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، لاقتناء معدات حديثة ليس لها القدرة على شرائها .
4 –2 – 3 –التمويل بالسلم :
ويطلق عليه البيع الفوري الحاضر الثمن الأجل البضاعة أوفيه يقوم البائع بالحصول من المشترى على الثمن البضاعة ، ثم تسليمها آجلا ، و من هنا يحصل البائع على ثمن البضاعة عاجلا ، في حين تتم عملية تسليم البضاعة إلى العميل لاحقا .
وصيغة السلم تستعمل في تمويل القطاع الفلاحي من خلال مساعدة الفلاحين في الفترة ما قبل تمام الإنتاج ، كما يمكن استخدام السلم في التمويل التجارة الخارجية من أجل رفع حصيلة الصادرات لتغطية عجز ميزات المدفوعات .
4-2-4– التمويل بالإستصناع :
الاستصناع عقد بيع في المستصنع ( المشتري) و الصانع ( البائع ) بحيث يقوم الثاني بصناعة سلعة موصوفة (المصنوعة ) ،والحصول عليه عند أجل التسليم على أن تكون مادة الصنع و تكلفة العمل من الصانع ، وذلك في مقابل الثمن الذي يتفقان عليه و كيفية سداده.
و تكمن أهمية هذه الصيغة في تمويل البنك للمشاريع الصناعية ، فيعمل على تشغيل الطاقة الإنتاجية العاطلة عند بعض عملائه الصناعيين .
ثانيا : المحاسبة في البنوك الإسلامية .
1-ماهية المحاسبة و النظام المحاسبي في البنوك الإسلامية .
1-1- مفهوم المحاسبة في البنوك الإسلامية :
و تعرف على أنها ” تطبيق لمفهوم و أسس المحاسبة في الإسلام في مجال الأنشطة المختلفة التي يقوم بها المصرف الإسلامي ، بهدف تقديم معلومات و إرشادات و توجيهات تساعد في إبداء الرأي .”
و اتخاذ القرارات التي تساعد في تحقيق مقاصد البنوك الإسلامية حيث أن مجال تطبيقها يشمل العمليات المالية وكذلك تعمل على تحقيق و تدقيق و تسجيل العمليات بشكل يسمح للغير بالإطلاع على السجلات داخل المنشأة ”
1-2- مفهوم النظام المحاسبي في البنوك الإسلامية :
يعرف النظام على أنه “شبكة من الإجراءات المترابطة تعد حسب خطة متكاملة لإنجاز النشاط الرئيسي للمنشأة ”
أما النظام المحاسبي يعرف على أنه ” إطار عام يتكون من مجموعة من العناصر المترابطة ( وهي الدورات المستندية و الدفاتر و السجلات و دليل الحسابات و القوائم و التقارير المالية ) ، و التي تعمل سويا طبقا لأسس محاسبة المصرف الإسلامي ، و باستخدام مجموعة من الأساليب و الطرق ، وذلك لإخراج معلومات محاسبية لتساعد في تحقيق مقاصد مختلفة ”
و النظام المحاسبي للبنوك الإسلامية يكون مستنبطا من قواعد الفكر المحاسبي ، و عند قيام المسؤولين بتصميم نظام محاسبي يجب مراعاة ملائمة لطبيعة أنشطة البنك ، و كذلك سهولته في عرض و تفسير المعلومات للمتعاملين ، و أن يمتاز بالاقتصاد في تشغيله
2- أهداف محاسبة البنوك الإسلامية :
تضع البنوك الإسلامية مجموعة من الأهداف و تسعى جاهدة إلى تحقيقها
2-1- المحافظة على الأموال و تنميتها :
البنك مسؤول على سلامة أمول المساهمين و المودعين ، من هنا عليه الالتزام و الاختيار طرق التسجيل المحاسبي التي تمنع كل أنواع السرقة و الإسراف
2-2 قياس و توزيع نتيجة النشاط الإجمالي للبنك :
من خلال المسك المحاسبي للعمليات المصرفية يتم تحديد النتيجة الإجمالية للنشاط سواء كان ربحا أو خسارة .
2-3-بيان الحقوق و الالتزامات :
البنوك الإسلامية تهدف بذلك لمعرفة المديونية و الدائنية في أي لحظة من الزمن ليعرف كل طرف ما له و ما عليه
2-4 – تبيان المركز المالي و تزويد المتعاملين بالمعلومات :
تساهم محاسبة البنك بمعرفة المركز المالي خلال فترات قصيرة ، و ذلك لتقييم أداء إدارة البنك في تشغيل أموال متعامليه ، وكذلك تزود الأعوان الاقتصاديين بالمعلومات و البيانات من خلال التسجيلات المحاسبية ، و كذا مساعدة هيئات الرقابة الخارجية ( البنك المركزي ، الهيئات الرقابية الأخرى ) بالمعلومات اللازمة .
3- المبادئ المحاسبية للبنوك الإسلامية :
يتميز الفكر المحاسبي بمجموعة منن الأسس الثابتة و المستقرة ، التي توجه عمل المحاسب سواء في مجال التسجيل أو تحليل العمليات المحاسبية ، مما أدى إلى جدل حول مدى ملائمة هذه المبادئ المحاسبية بالنسبة للعمل المصرفي الإسلامي ، و أمام البنوك الإسلامية خيارين ، أولهما البدء من المبادئ المحاسبية التقليدية و الأخذ بمجمل ما جاءت به المنظمات المحاسبية المحلية و الدولية ، و على البنوك الإسلامية أن تأخذ بالأسس التي لا تخالف الشريعة الإسلامية، و تناسب جميع أنشطتها فإنه لا مانع شرعا من الاستفادة بها .
أما الخيار الثاني و هو ضرورة البدء من الفكر الإسلامي و استنباط القواعد المحاسبية من مصادر الشريعة الإسلامية بصرف النظر عن اتفاقه أو اختلافه مع المبادئ المحاسبية السائدة ، أي نقطت البداية من الفكر الإسلامي .
و نوجز أهم المبادئ المحاسبية فيما يلي :
3-1 – مبدأ استقلال الذمة المالية :
و يقصد به أن يكون للمشروع شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية أصحابه الطبيعيين ، و البنك الإسلامي له ذمة مالية مستقلة و لأصحاب البنك حقوق على هذه الأصول ، و من ثم يصبح للبنك صلاحية الشخص الطبيعي لاكتساب الحقوق و الالتزام بالواجبات .
3-2- مبدأ الاستمرارية :
و يعتبر هذا المبدأ نتيجة منطقية للمبدأ السابق الذي يفصل بين شخصية الشركاء الطبيعيين وبين شخصية المشروع على افتراض أن البنوك الإسلامية سوف تستمر و أن التصفية حالة استثنائية ، و على هذا الأساس يتم إعداد الحسابات الختامية .
3-3- مبدأ السنوية :
البنك يقوم بتقسيم العمليات المحاسبية على فترات دورية تسمى بالفترة المحاسبية أو المالية ، أي ضرورة توزيع نفقات و إيرادات البنك خلال فترات محاسبية .
3-4- التسجيل المقترن بالمستندات :
ويقصد به ضرورة تسجيل الأحداث المالية و الاقتصادية في السجلات و الدفاتر أولا بأول مؤرخة باليوم
و الشهر و السنة
حيث يتم التسجيل باستخدام المستندات و التحلي بالموضوعية في العمليات المحاسبية
3-5- مقابلة النفقات بالإيرادات :
يأخذ الفكر المحاسبي الإسلامي بهذا المبدأ عند قياس نتائج الأعمال ، كما أخذ كذلك بأساس المقابلة بين صافي الذمة المالية بين فترتين متتاليتين و معرفة التغير الذي يمثل كذلك نتيجة النشاط
فالبنوك الإسلامية استخدمت هذا المبدأ بشكل مختلف من خلال استخدام صيغ الاستثمار الإسلامية
3-6- تقويم على أساس القيمة الجارية :
يهدف هذا المبدأ إلى بيان نتائج الأعمال و المركز المالي الصافي للمشروع ، وذلك للمحافظة على رأس المال الحقيقي للوحدة الاقتصادية من حيث قوة استبدال العروض التي اقتنيت به و قدرته على الربح و التوسع
و هذا المبدأ يعطي صورة حقيقية للبنك في فترة معينة ، بإعداد الحسابات الختامية و تحديد المركز المالي ، إلا أن البنوك الإسلامية لا تطبق هذا المبدأ و بقيت محافظة على التقويم على أساس التكلفة التاريخية نظرا لسهولة حسابه و تطبيقه .
3-7- مبدأ التوحيد و الثبات :
يقصد بالتوحيد ، توحيد المفاهيم و القواعد المحاسبية بهدف التوصل إلى نتائج صحيحة ، وتسهيل إجراء المقارنات أما الثبات يقصد به إشباع نفس القواعد و المفاهيم من فترة إلى أخرى لتحقيق نفس الأغراض المشار إليها
إلا أن البنوك الإسلامية لا تلتزم بعد بتطبيق هذا المبدأ رغم المجهودات التي تبذل من أجل توحيد المفاهيم
و المصطلحات الضرورية و النماذج المحاسبية
3-8- مبدأ الحيطة و الحذر :
و يقصد به أخذ الخسائر المحتملة و الأعباء المتوقعة في الحسبان عند إعداد الميزانية الختامية ، و الاعتراف بالإيراد ضد مخاطر الخسائر بشكل عام .
3-9- مبدأ الإفصاح و التبيان :
لا يعترف الإسلام بالتدليس أو الإخفاء أو الغش ، و بذلك فهو يقر الإفصاح الكامل عن كل ما يحويه المشروع من أصول و التزامات و نتائج إعمال .
فعلى المحاسب أن يوضح البيانات المنشورة بالقدر المناسب كل حسب قدره و ظروفه و بالطريقة التي تحمي مصالح متعامليه .
4- المعالجة المحاسبية لصيغ التمويل الإسلامية :
تقوم البنوك الإسلامية بتحديد حسابات يتم من خلالها تتبع عمليات التمويل ، انطلاقا من التسجيل في اليومية
و دفتر الأستاذ ثم الترحيل إلى ميزان المراجعة ، و إعداد الحسابات الختامية و تتم عمليات التسجيل المحاسبي بجعل معالجة محاسبية خاصة لكل خطوة في تنفيذ عملية التمويل .
و معروف لدينا أن المحاسبة تختلف باختلاف طبيعة المعاملات ، فالبنوك التقليدية و الإسلامية تتفق في طبيعة النشاط وهو الوساطة المالية ، أي تتوقع أنها سوف تستعمل نفس النظام المحاسبي المصرفي للبنوك التقليدية
و تختلف مع هذه الأخيرة في طبيعة الصيغ المستخدمة في تعبئة الموارد المالية و تمويل المشاريع ، و هذا ما أدى إلى اختلاف المعالجات المحاسبية من بنك إسلامي إلى آخر و ذلك تبعا للنظام المحاسبي المطبق ، و هذا ما يصعب من مهمة الدارسين و المتعاملين ،عند المقارنة بين القوائم المالية لهذه البنوك ، لهذا نجد أن هيئة المحاسبة و المراجعة * بتوجيه من البنك الإسلامي للتنمية و تسعى جاهدة لإعطاء المعالجات المحاسبية لصيغ التمويل الإسلامية حتى تتوحد على مستوى كل البنوك ، و إعداد النماذج الموحدة للقوائم المالية ولا بد أن تتوافق مع سياسات و نماذج البنك المركزي .
ثالثا : دراسة حالة بنك البركة الجزائري
1- التعريف ببنك البركة الجزائري :
يعتبر بنك البركة الجزائري أول بنك إسلامي يفتح أبوابه في الجزائر ، ليتيح فرصة العمل المصرفي الإسلامي للمتعاملين الذين يسعون إلى لتعامل على أساس مبادئ الشريعة الإسلامية ، و امتثالا لأحكام القانون 90/10 المؤرخ في 14 أفريل 1990 المتعلق بالنقد و القرض تم إنشاء البنك في 20 ماي 1991 ليجعل مقره الرئيسي بالجزائر لعاصمة ، و خلال عشرة سنوات من الإنشاء حظي البنك بثمانية
حجم التمويلات المقدمة من طرف البنك خلال 09 سنوات الوحدة : مليون دج المصدر: التقارير السنوية للبنك (1992 –2000)
فروع على مستوى التراب الوطني برأس مال يقدر ب 500 مليون دينار جزائري ، يشترك فيه بالنصف كل من بنك الفلاحة و التنمية الريفية
( بنك حكومي جزائري ) ، و شركة دلة البركة القابضة ( جدة – السعودية ) ، ويسعى البنك إلى رفع رأس ماله إلى مليار دينار جزائري بنفس المساهمين .
2- الصيغ التمويلية المطبقة ببنك البركة الجزائري :
يقوم بنك البركة الجزائري بتمويل مشاريع الاستغلال و مشاريع الاستثمار باستعمال مجموعة من الصيغ التمويلية ولدراسة تطور هذه الصيغ نقوم بإعداد الجدول التالي :
الصيغة 1992 1993 1994 1995 1996 1997 1998 1999 2000 المجموع
مرابحة قصيرة الأجل 203 409 795 1163 1092 1345 1044 6406 5494 17951
سلم - 04 67 50 713 2624 5528 432 527 9945
إيجار 06 39 90 319 472 520 924 982 20 3372
مرابحة متوسطة الأجل - - - - 37 31 09 - 1726 1803
الاستصناع - - - - - - - 03 54 57
المجموع 209 452 952 1532 2314 4520 7505 7820 7767 33128
نسبة التمويلات قصيرة الأجل إلى إجمالي التمويلات 97% 91% 90.5% 79.18% 78% 87.8% 87.56% 87.44% 77.52%
نسبة التمويلات المتوسطة و طويلة الأجل إلى إجمالي التمويلات 3% 9% 9.45% 20.82 %22 12.19 12.43% 12.55% 23.17%
لقد استخدم بنك البركة الجزائري صيغة المرابحة قصيرة الأجل و السلم لتمويل مشاريع الاستغلال ، حيث يقوم من خلالهما بشراء المواد الأولية و السلع بهامش ربح يقدر ب 10.32 % سنويا و من الجدول نجد أن التمويل بالمرابحة قصيرة الأجل في تزايد يقدر ب 79.40% ، وتم توجيه 96% من التمويلات إلى قطاع التجارة ، كما أن المتتبع لتطور التمويل بالسلم يجد أنه متزايد بنسبة 36% ، و لقد استفاد من الصيغة كلا من قطاعي التجارة
و الصناعة بنسبة 74% و 25.61% على التوالي و الملاحظ أنه هناك ارتباط سالب بين الصيغتين حيث ارتفاع أحدهما يؤدي إلى انخفاض الآخر .
إضافة إلى هذا يقوم البنك باستعمال صيغ لتمويل الاستثمارات على شكل ايجار و مرابحة متوسطة الأجل
و استصناع لإستراد الآلات و التجهيزات و المقاولات بهامش ربح يقدر ب 08.50 % سنويا .
انطلاقا من الجدول نجد صيغة الإيجار في تزايد بنسبة 57% ، وبلغت استفادة قطاع الصناعة 50% من مجموع التمويلات المقدمة في سنة 2000 كما يستخدم البنك المرابحة متوسطة الأجل إلى جانب الإيجار الذي تخلي عنه سنة 2000 ، لتعرف الصيغة ارتفاعا كبيرا بسبب تحويل كل الاعتمادات إلى مرابحة متوسطة الأجل .
إضافة لهذا يستخدم البنك الاستصناع لتمويل البناءات ، ولقد استفاد قطاع الخدمات بنسبة 56% من مجموع التمويلات سنة 2000 ، و من خلال الجدول نجد أن نسبة حجم التمويلات قصيرة الأجل بالنسبة لمجموع التمويلات في تناقص ، حيث بلغت 97% سنة 1992 ، أصبحت 77.52 % سنة 2000 ، ونفسر هذا الانخفاض بزيادة في حجم التمويلات المقدمة في الأجل المتوسط و الطويل ، حيث ارتفعت النسبة من 3% سنة 1992 إلى 23.17 % سنة 2000 ، أي أن البنك يحاول التوفيق تدريجيا بين حجم التمويلات المقدمة قصيرة الأجل و متوسطة و طويلة الأجل، و نجد أن بنك البركة الجزائري ، و كغيره من البنوك الإسلامية توجه إلى التركيز على المرابحة قصيرة الأجل لكونها صيغة قريبة لأسلوب العمل المصرفي التقليدي ، و لكون أن أهم موارده هي موارد قصيرة الأجل ، مما يؤدي إلى توظيفها في مشاريع قصيرة الأجل .
3- تقييم الجوانب المحاسبية ببنك البركة الجزائري :
بعد التطرق إلى مجمل صيغ التمويل المستخدمة من طرف البنك لا بد من التطرق إلى كيفيات التسجيل المحاسبي وكذا معرفة المستندات المحاسبية المستخدمة .
بنك البركة الجزائري استعمل نفس المعالجة المحاسبية لصيغ التمويل المستخدمة في تمويل مشاريع الاستغلال
و المستخدمة في تمويل الاستثمارات ، فنجد أن كلا العمليتين تتم بتسجيل محاسبي للتمويل ، و تسجيل محاسبي للتسديد ، حيث أن الصيغ المستعملة لتمويل الاستثمارات تتميز بآجال تسديد أكبر من المستخدمة في تمويل المشاريع الاستغلال ، ولقد جعل البنك للحسابات المتعلقة بصيغ تمويل مشاريع الاستغلال و الاستثمار حساب
” 209 ” ، و يمثل هذا الحساب في البنوك التقليدية حساب قروض أخرى ، ونجد أن بنك البركة الجزائري استغل هذه التسمية ليرمز لأنوع التمويلات المقدمة ، و نفس الشيء يقال بالنسبة للحسابات الدائنة و هو يتضمن الحسابات الجارية و الادخارية و حسابات الاستثمار و سندات الصندوق ، وأخذت هذه الحسابات نفس أرقام الحسابات بالنسبة للبنوك التقليدية أو لبنك البركة وهذا يرجع إلى إلزام بنك الجزائر البنوك بالمخطط المحاسبي المصرفي بموجب قانون 92/08 ، والذي حدد من خلاله أرقام الحسابات الواجب الالتزام بها من طرف البنوك التجارية .
و التسجيل المحاسبي يتم باتباع مراحل الدورة المحاسبية الثلاث فيتم التسجيل في اليومية ، و تعتبر هذه الوثيقة المحاسبية إجبارية بالنسبة للوكالات ، ثم ترحل هذه العمليات إلى اليومية المركزية بمديرية المحاسبة و الخزينة ليتم فتح دفتر الأستاذ لكل حساب ، ثم متابعة حركة الحسابات من خلال إعداد ميزان المراجعة الذي يعتبر وسيلة ضرورية للتأكد من صحة الحسابات و تقييدها و معرفة الأرصدة الدائنة و المدينة .
أما القوائم المالية التي يتم إعدادها من طرف البنك فتعتبر نماذج مقدمة من طرف بنك الجزائر ، و هذه النماذج لا تراعي أسس العمل المصرفي الإسلامي ، مما أدى بالمسؤولين إلى تكييفها لأن بنك الجزائر يجبره على تقديم نفس النماذج .
رابعا : النتائج العامة للدراسة و التوصيات و الاقتراحات :
1- النتائج العامة للدراسة :
و خلصت الدراسة إلى النتائج التالية :
- تعتبر صيغ التمويل على أساس المديونية صيغ ذات عائد محدد ، أما التي على أساس الملكية ذات عائد متغير .
- البنوك الإسلامية تحدد هامش الربح التنافسي بالمقارنة مع البنوك التقليدية انطلاقا من أسعار الفائدة ومعدل إعادة الخصم .
- المعالجة المحاسبية لصيغ التمويل تختلف باختلاف النظام المحاسبي المطبق من بلد لآخر .
- يقوم بنك البركة بتكييف المعالجات المحاسبية المستخدمة وفقا لصيغه.
- لا نلمح فرقا بين التنظيم المحاسبي المستخدم ببنك البركة و التنظيم المطبق في البنوك التقليدية في الشكل رغم الاختلاف في المضمون .
- القوائم المالية التي يتم إعدادها من طرف البنك تعتبر نماذج مقدمة من طرف بنك الجزائر.
- عدم وجود معايير محاسبية تحكم الصيغ المستخدمة في تمويل المشاريع.
2- التوصيات و لاقتراحات :
و في ضوء هذه الدراسة يمكن اقتراح التوصيات التالية :
- يجب على البنك المركزي أن يغير سياسته تجاه البنوك الإسلامية و العمل على وضع سياسة تتماشى مع الطبيعة المميزة لها.
- ضرورة العمل بما جاءت به هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية .
- العمل على توحيد معالجات المحاسبية لصيغ التمويل بين البنوك الإسلامية .
- العمل على تطبيق أسس محاسبة التكاليف حتى يتمكن البنك من قياس التكاليف الفعلية للأنشطة و تقسيم أدائها.
رد مع اقتباس