أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
جزاك الله خير وبارك فيك .
في ظل أزمة مالية عالمية تضرب في كل مكان رغم مرور أكثر من عام عليها.. تطفو على السطح عملية استثمارية بدأت في أخذ حيز كبير من أهتمام السوق العالمية وهي الصناديق السيادية..
فما المقصود بهذه التسمية؟
الصناديق السيادية : هي عبارة عن فوائض الأموال أو المداخيل العالية لبعض الدول و هي الإحتياطات المالية في البنوك المركزية والتي تستثمرها في الدول الغنية بمعنى أن دول كدول الخليج والصين والبرازيل والهند هذه الدول التي تعتبر دول نامية وتمتلك فوائض وإحتياطيات مالية كبيرة بدأت في تصدير رأس المال إلى الدول التي كانت تقليدياً هي التي تصدر رأس المال وهي الدول الصناعية الكبرى مثل أوروبا وامريكا واليابان وكندا بمعنى إنتقال الثقل المالي من الغرب للشرق..
فدول الخليج أصبح لديها فائض مالي كبير مع زيادة اسعار النفط وحسب الإحصائيات ستبلغ مداخيل دول الخليج لهذا العام 310 مليار دولار وهذا سيجعل دول الخليج من أكبر مصدري رؤوس الأموال في العالم بفضل زيادة الفائض في الحساب الجاري..
و سبب تسليط الاضواء على هذه الصناديق السيادية هو حجمها الكبير جداً و الذي توقعت شركة مورجان ستانلي أن يبلغ بحلول عام 2010 حوالي 10 تريليونات دولار مما يعني أنها ستكون أكبر إقتصاد في العالم وهذا ما أثار حولها الجدل الواسع في أوروبا وامريكا وخصوصا عند الأخيرة و فالولايات المتحدة من أشد المعارضين لها لسببين :
الأول : الإستخدام: فالغرب يخشى من أن توظف هذه الأموال لإغراض سياسية بعيدة عن الربح و محاولة بعض الدول ممارسة نوع من الضغط السياسي على تلك الحكومات بغرض تحقيق مكاسب سياسية على الأرض..
الثاني : المصدر : و السبب هو الخوف من عملية تبييض الاموال لدى بعض الدول النامية عبر إستثمارتها الكبيرة في اصول بعض المؤسسات الغربية الكبرى وربما خوف من دعم بعض الجهات الإرهابية عبر تمرير أموال لهم..
لذلك صرح وزير الخزانة الامريكي هنري بولسون بأنه يرحب بالصناديق السيادية ولكن التعامل معها يجب أن يكون مبني على السببين التي ذكرتهما..
و الذي شجع هذه الصناديق على الظهور هو تراجع قيمة الدولار، وحالة عدم الاستقرار السائدة في أسواق المال العالمية..
فعلى سبيل المثال حصلت "ميريل لينش"و"سيتي جروب" وهما مؤسستان ماليتان على علاج صناديق الثروة السيادية، حيث حصلا على 6.6 مليار دولار و 14.5 مليار دولار على التعاقب، ومعظم هذا المال من حكومات في آسيا والشرق الأوسط..
فالغرب غارق في أزمة العقار والإئتمان العقاري و التي سببت الأزمة العالمية الحالية و هي بختصار عدم قدرة المقترضين من سداد ديونهم لمؤسسات العقار والإئتمان مما سبب حالة من الإنهيار في هذا القطاع في الغرب..
و دول الخليج قامت بتأسيس هذه الصناديق لتنويع الإستثمار والذي كان يتركز على الأصول المالية والسندات والتي تحمل مخاطر عالية بعكس الصناديق السيادية لذلك قامة البنوك المركزية بعض الدول الآسيوية والتي تمتلك إحتياطات كبيرة مثل كوريا والصين وتايوان تفكر في استثمار جزء كبير من احتياطياتها الأجنبية من خلال صناديق الثروة السيادية في أصول ذات عوائد أعلى من عوائد سندات الخزينة الأميركية التي تعتبر آمنة وملاذا تقليديا لتلك الفوائض..
خصوصاً الصين التي تعد أكبر مالك لهذه الصناديق و التي لديها إحتياطي نقدي يفوق 2 ترليون دولار..
والصناديق السيادية معروفة لدى دول الخليج و اقدم هذه الصناديق هو الصندوق الكويتي والذي أنشئ عام 1953 وتستثمر الكويت أستثنمارات ضخمه في الخارج عبر اصول وسندات وشركات كبرى في أوروبا وأمريكا وكذلك تفعل الامارات وقطر والتي بداءة فعلاً في إنشاء صناديق ضخمة لتنويع الإستثمارات بهدف تأمين مصادر الدخل من خلال تعزيز موجودات صناديق الاستثمار..
والسعودية قررت إطلاق صندوق سيادي يوائم بين حاجات الاستقرار الاقتصادي المحلي من خلال الإبقاء على الربط بين الريال والدولار، لكنه يتيح هامشا من الحرية لصانع القرار الاقتصادي تنويع محفظة الأصول من ناحية الملكية، كذلك سيمكن الصندوق السيادي السعودي التنويع الجغرافي حيثما توافرت الفرص الاستثمارية، وتتجه النية إلى بداية متواضعة، لكن يتوقع أن يصبح الصندوق السعودي أكبر الصناديق السيادية في العالم خلال سنوات وفقا لما يراه جيم ويلر الخبير المتخصص في شؤون المالية وحقوق الملكية الخاصة..
ولكن لا يمكن تجاهل الصين من هذه الناحية خصوصا مع النمو السريع في إقتصادها والذي يبلغ 8% سنوياً
إن الصناديق السيادية ربما تكون نوع من الضمان لهذه الدول ولأجيالها القادمة عبر توفير إستثمارات ناجحة في الخارج دون الإضرار بمعادلة الإقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل وضخ السيولة في السوق المحلي..