بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قد يظن البعض أن الفرق بين المصرف الإسلامي والبنك الربوي هو التعامل بالفائدة المحددة سلفاً ، لكن الدارس لأهداف وخصائص المصارف الإسلامية يجد فروقاً عدة بين المصارف الإسلامية والبنوك الربوية نذكر منها ما يلي :-
1 - يقوم المصرف الإسلامي على أسس عقائدية ، بينما يقوم البنك الربوي على إعلان الحرب مع الله ورسوله ؛ حيث إن القائمين على أمر المصارف الإسلامية والمتعاملين معهايؤمنون أن الربا محرم ، كما يشعرون بأن المال ملك لله سبحانه وتعالى ويجب أن يمتثلوا ويطبقوا القواعد والأحكام التي شرعها صاحب هذا المال .
بينما تقوم البنوك الربوية على نظام الفوائد الربوية كما تتضمن معظم معاملاتها غرراً وجهالة ومقامرة ، فعلى سبيل المثال تجمع أموال الناس في صورة ودائع ، وتعطيهم فائدة ، ثم تعيد إقراض هذا المال مرة أخرى لآخرين بسعر فائدة أعلى وهى بذلك تتعامل بالربا أخذاً وإعطاءً .
2 - يقوم المصرف الإسلامي على الأمانة والصدق والتسامح بينما يهتم البنك الربوي بالنواحي المادية ؛حيث يلتزم العاملون فى المصارف الإسلامية بالقيم والمثل والأخلاق الفاضلة ، والسلوك الحسن الطيب ، وذلك في سبيل تحقيق رسالة المصرف الإسلامي المنبثقة من رسالة الإسلام ، وهذه الأخلاق نلمسها في معاملات المصارف الإسلامية فعلى سبيل المثال يتسامح المصرف الإسلامي مع العملاء في حالة الإعسار وعدم الوفاء بما عليهم من التزامات في مواعيدها المتفق عليها عملاً بقول الله تعالى " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون " ، كما أن عمولات ومصاريف ثمن خدمات المصارف الإسلامية أقل من نظيراتها في البنوك الربوية .
بينما لا تهتم البنوك الربوية بالأخلاقيات في معاملاتها إذا ما تعارضت مع أغراضها الأساسية ، وهي تحقيق أقصى ربحية ممكنة فعلى سبيل المثال إذا تأخر المدين عن سداد القروض في ميعاده المحدد تقوم بمقاضاته ، وتحميله بفوائد التأخير ، وفي معظم الأحيان تقوم بحبس المعسر ، وإعلان إفلاسه ، والاستيلاء على كل ما يملك حتى لوازم بيته .
3 - يقوم المصرف الإسلامي على أساس اجتماعي ويقوم البنك الربوي على أساس تحقيق أقصى ربح ممكن ؛حيث يقوم المصرف الإسلامي على أساس اجتماعي ، فمن أهم مقاصده الأساسية المساهمة في تحقيق التنمية الاجتماعية للمجتمع الإسلامي ، وهذا نلمسه في الخدمات الاجتماعية التي يقدمها المصرف منها على سبيل المثال : القروض الحسنة والسلفيات الاجتماعية ، وصرف جزء من حصيلة زكاة المال إلى الأسر الفقيرة ، وطلاب العلم وبناء المساجد ، والجمعيات الخيرية التي تقوم بإطعام وكساء وعلاج الفقراء ، وكذلك تهتم بتحفيظ القرآن والتربية الإسلامية ، كما تخصص البنوك الإسلامية جزءاً من الأموال ليستثمر في مشروعات ذات نفع اجتماعي
ويلاحظ أن المصارف الإسلامية توازن بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والربحية بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر .
وهذه السمة الاجتماعية تكاد تكون منعدمة في البنوك الربوية ، فهي لا تعطي فروضاً حسنة ، ولا تقوم بمشروعات استثمارية لخدمة الطبقة الفقيرة من الناس ، فعلى سبيل المثال لم نسمع عن بنك ربوي أنشأ مساكن تعاونية ، أو أعطى قروضاً حسنة ، أو دفع زكاة المال ، أو قدم منحاً تعليمية لطلاب العلم الفقراء ، أو أنشأ مجزراً إسلامياً تعاونياً ، أو ساعد الجمعيات الخيرية .
4 - تتعامل المصارف الإسلامية في مجال الطيبات بينما تتعامل البنوك الربوية في الخبائث أحياناً فلا يوظف المصرف الإسلامي الأموال في المجالات التي حرمتها الشريعة الإسلامية بل يختار المشروعات الاستثمارية التي تساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق معدل ربح مرضي لأصحاب الأموال.
وعلى التقيض من ذلك نجد أن البنوك الربوية تعتمد في نشاطها على تجميع الودائع وإعادة إفراضها لمستثمرين، وتستفيد بالفروق بين سعري الفائدة، وإن كان له نشاط استثماري فضئيل، ولا يلتزم بالشريعة والتنمية الاجتماعية، فقد تقرض أموال المودعين في البنك الربوي إلى أصحاب الأعمال الذين قد يوظفونها في مشروعات استثمارية محرمة مثل مشروعات دور اللهو والفسق وصناعة السجائر، وتربية الخنزير،وللأنصاف هناك بعض البنوك الربوية تقرض بعض الشركات الصناعية والخدمية، ولها دور في مجال التنمية الاقتصادية.
5 - تعتمد المصارف الإسلامية على أساس المشاركة وتفاعل رأس المال مع العمل بينما تعتمد البنوك الربوية على الاقتراض والإقراض الربوي؛حيث تقوم معظم أنشطة المصارف الإسلامية في مجال الأعمال على أساس المشاركة مع العمل، أو مع صاحب رأس المال وفقًا لنظام المضاربة أو المشاركة أو المساهمة، وبذلك يتفاعل رأس المال والعمل، وهذا له فوائد اجتماعية وإنسانية واستثمارية طيبة، كما أن له فوائد اقتصادية؛ إذ يقود أساس المشاركة إلى تحريك المال وانسيابه بين المشروعات المختلفة، وحث الناس على العمل مما يترتب عليه نشاط اقتصادي.
وعلي التقيض من مبدأ المشاركة تعتمد البنوك الربوية في مجال تشغيل الأموال على إعادة إقراضها إلى الغير بسعر فائدة على الودائع، وفي ذلك مضار كثيرة من بينها تعويد أصحاب الودائع على السلبية والتكاسل، وتهديد للطاقات البشرية، أو توجيه الأموال إلى مشروعات استثمارية غير مفيدة للمجتمع الإسلامي.
6 - تهتم المصارف الإسلامية بالتعامل مع أصحاب المهن والحرف وصغار التجار بينما تركز البنوك الربوية بالتعامل مع كبار العملاء؛حيث تقوم أنشطة المصارف الإسلامية على قاعدة قطاع العملاء الذين تتعامل معهم لتشمل أصحاب المهن الحرة، والحرفيين، وصغار التجار، وحديثي التخرج من الجامعات، وبذلك تساعد هؤلاء جميعًا في تنمية طاقاتهم، وتذليل الصعوبات والمعوقات المالية والفنية أمامهم.
وعلى النقيض مما سبق نجد أن معظم البنوك الربوية تركز على إعطاء القروض لكبار العملاء، والذين يستطيعون تقديم ضمانات عقارية أو عينية، ومن ثم يحرم صغار رجال الأعمال والحرفيين من خدمات البنوك.
7 - تركز المصارف الإسلامية على ضبط وترشيد النفقات بينما تتعامل البنوك الربوية بالربا ويؤدي هذا إلى تضخيم التكاليف وارتفاع الأسعار؛ حيث تقوم المصارف الإسلامية ومؤسساتها الاقتصادية المختلفة على قاعدة استبعاد الفائدة في كل معاملاتها، وبالتالي لا تعتبرها من عناصر التكاليف التي يتحملها المستهلك في النهاية، هذا يؤدي إلى عدم تضخم التكاليف، وواقعية الأرباح بما ينتهي إلى حدوث رواج اقتصادي.
وعلى النقيض من ذلك تمامًا تقرض البنوك الربوية المؤسسات الاقتصادية بفائدة، والتي تضيفها على تكاليف الإنتاج، وهذا يقود إلى انكماش الأرباح أو ارتفاع الأسعار، وهذا ينتهي إما إلى تضخم نقدي، أو انكماش اقتصادي، وهذا يظهر جليًا عند المقارنة بين مشروعين متماثلين، ثم تمويل الأول عن طريق الأموال الذاتية، والآخر عن طريق الاقتراض بسعر فائدة 10%.
8 - من مسئوليات المصرف الإسلامي الدعوة الإسلامية، ولا تعبأ البنوك الربوية بهذه المسئولية، فتقع على المصرف الإسلامي مسئوليات إسلامية تتمثل في ترجمة الفكر الاقتصادي الإسلامي إلى واقع مبرزًا أن الإسلام دين ودولة، وعبادات ومعاملات، فعلى سبيل المثال يقوم المصرف بتحصيل زكاة المال وصرفها على مستحقيها، كما يقوم بتنمية الوعي الإسلامي من خلال ما يصدره من مجلات ونشرات، وما ينظمه من ندوات ومحاضرات، كما يهتم بمساعدة الباحثين والدارسين في مجال الثقافة الإسلامية من خلال ما يخصصه من مال لمساعدة هؤلاء، كما يولي اهتمامًا للمشاكل الإسلامية ذات الطابع الاقتصادي، ويقدم الحلول البديلة لها، بالإضافة إلى هذا وذاك له دور في مساعدة المجاهدين ضد أعداء الإسلام، مثل مجاهدي أفغانستان وفلسطين وإريتريا عن طريق توصيل التبرعات إليهم.
ومن ناحية أخرى نجد أن مسألة الدعوة الإسلامية غير واردة على الإطلاق في أنشطة البنوك الربوية، ذلك لغياب القيم العقائدية عنه ولأنه يتعامل بالربا أخذًا وإعطاءً
حررت هذه الفتوى اعتمادا على عدة مراجع من أهمهاالمصارف الإسلامية بين الفكر والتطبيق للأستاذ الدكتور حسين شحاتة أستاذ بكلية التجارة جامعة الأزهر وخبير الاقتصاد الإسلامي