بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)).
فالشهادتان أول أركان الإسلام وأهمها؛ وهذه الكلمة العظيمة ليست عبادة تنطق باللسان فحسب، وإن كان بهما يصبح مسلمًا ظاهرًا، بل الواجب العمل بمدلولهما، ويتضمن ذلك إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها، وأن عبادة ما سواه باطلة، كما يقتضي مدلولهما محبة الله سبحانه، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه المحبة تقتضي عبادة الله وحده وتعظيمه واتِّباع سنة نبيه.
أما الركن الثاني: فهو إقامة الصلاة: فهي أهم الأركان بعد الشهادتين؛ إذ هي عمود الدين وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله: صلاته، فإن صَلُحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وهي عبادة تؤدَّى في وقتها المحدد، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} [النساء:103].
وأمرنا الله سبحانه وتعالى بالمحافظة عليها فقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238].
وقد توعد الله سبحانه وتعالى من يتهاون بها ويؤخرها عن وقتها، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4-5].
والركن الثالث: إيتاء الزكاة: وهي فريضة اجتماعية سامية، تشعر المؤمن بسمو أهداف الإسلام: من عطف ورحمة وحب وتعاون بين المسلمين، وليس لواحد منة أو فضل فيما يقدمه من مال، إنما هو حق واجب، ولأنه في الحقيقة مال الله الذي استخلفه فيه، قال تعالى: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور:33].
ومن فوائد الزكاة: مواساة الفقراء، والإحسان إليهم، ومنها: مواساة أبناء السبيل، ومنها: مواساة المؤلفة قلوبهم وتقوية إيمانهم ودعوتهم إلى الخير، ومنها: مساعدة الرقاب على العتق وفك الأسارى، ومنها أيضًا: مساعدة الغارمين على قضاء ديونهم.
الركن الرابع: صوم رمضان: وفي الصوم يتدرب المسلم على كبح جماح نفسه عن الملذات والشهوات المباحة لمدة من الزمن، وله فوائد صحية علاوة على الفوائد الروحية، وفيه يشعر المسلم بحاجة أخيه المسلم الجائع والذي قد تمر عليه الأيام دون طعام أو شراب، والصائم يُغفر له ما تقدم من ذنبه إذا كان صومه إيمانًا واحتسابًا، كما صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
أما الركن الخامس: فهو حج البيت الحرام: فُرِضَ الحج مرة واحدة في العمر، ويجبان على المسلم العاقل البالغ الحر المستطيع، ويصحان من الصبي ولكن لا يسقط عنه بذلك فرضهما إذا بلغ واستطاع.
والحج مؤتمر إسلامي يلتقي فيه المسلمون حيث يأتون إليه من كل فج عميق، ومن سائر أرجاء الدنيا من جنسيات وألوان ولغات، يلبسون لباسًا واحدًا، يقفون على صعيد واحد، والجميع يؤدون عبادة واحدة لا فرق بين كبير وصغير، ولا غني وفقير، ولا أسود وأبيض، سواسية، كما قال الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
وللإسلام ركائز أخرى وإن لم تكن من الأركان لكنها تعين على وجوده حيًّا مُطَبقًا في واقع المسلمين، منها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولقد وصف سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها: خير أمة أُخرجت للناس؛ لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110].
قال بعض السلف: ((من أراد أن يكون من خير هذه الأمة فليؤد شرطها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)).
وجانب آخر مهم في الإسلام يجب أن يهتم به المسلمون وهو: الجهاد في سبيل الله لما يترتب عليه من عِزِّ المسلمين وإعلاء كلمة الله وحماية أوطان المسلمين من عدوان الكافرين، ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)).
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبة خطبها بعدما بايعه المسلمون: ((لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل)).
ففي الجهاد إحقاق للحق وإزهاق للباطل وإقامة لشرع الله وحماية للمسلمين وأوطانهم من مكائد أعدائهم.