هو أبو داوود السجستاني
أبو داود (ت , س) سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عامر . كذا أسماه عبد الرحمن بن أبي حاتم . وقال محمد بن عبد العزيز الهاشمي : سليمان بن الأشعث بن بشر بن شداد . وقال ابن داسه وأبو عبيد الآجري : سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد . وكذلك قال أبو بكر الخطيب في "تاريخه" . وزاد : ابن عمرو بن عمران . الإمام , شيخ السنة , مقدم الحفاظ أبو داود , الأزدي السجستاني , محدث البصرة .
ولد سنة اثنتين ومائتين ورحل , وجمع , وصنف , وبرع في هذا الشأن .
قال أبو عبيد الآجري : سمعته يقول : ولدت سنة اثنتين وصليت على عفان سنة عشرين , ودخلت البصرة وهم يقولون : أمس مات عثمان بن الهيثم المؤذن . فسمعت من أبي عمر الضرير مجلسا واحدا .
قلت : مات في شعبان من سنة عشرين, ومات عثمان قبله بشهر , قال : وتبعت عمر بن حفص بن غياث إلى منزله , ولم أسمع منه وسمعت من سعيد بن سليمان مجلسا واحدا , ومن عاصم بن علي مجلسا واحدا .
قلت : وسمع بمكة من القعنبي , وسليمان بن حرب .
وسمع من : مسلم بن إبراهيم , وعبد الله بن رجاء , وأبي الوليد الطيالسي , وموسى بن إسماعيل , وطبقتهم بالبصرة .
ثم سمع بالكوفة من : الحسن بن الربيع البوراني , وأحمد بن يونس اليربوعي , وطائفة . وسمع من : أبي توبة الربيع بن نافع بحلب , ومن : أبي جعفر النفيلي , وأحمد بن أبي شعيب , وعدة , بحران . ومن حيوة بن شريح , ويزيد بن عبد ربه , وخلق بحمص . ومن صفوان بن صالح , وهشام بن عمار , بدمشق .
ومن إسحاق بن راهويـه وطبقته بخـراسان . ومن أحمد بن حنبل وطبقته ببغـداد . ومن قتيبة بن سعيد ببلخ .
ومن أحمد بن صالح وخلق بمصر . ومن إبراهيم بن بشار الرمادي , وإبراهيم بن موسى الفراء , وعلي بن المديني , والحكم بن موسى , وخلف بن هشام , وسعيد بن منصور , وسهل بن بكار , وشاذ بن فياض , وأبي معمر عبد الله بن عمرو المقعد .
وعبد الرحمن بن المبارك العيشي , وعبد السلام بن مطهر , وعبد الوهاب بن نجدة , وعلي بن الجعد , وعمرو بن عون , وعمرو بن مرزوق , ومحمد بن الصباح الدولابي , ومحمد بن المنهال الضرير , ومحمد بن كثير العبدي , ومسدد بن مسرهد , ومعاذ بن أسد , ويحيى بن معين , وأمم سواهم .
حدث عنه : أبو عيسى , في "جامعه" , والنسائي , فيما قيل , وإبراهيم بن حمدان العاقولي وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن الأشناني البغدادي , نزيل الرحبة , راوي "السنن" عنه وأبو حامد أحمد بن جعفر الأشعري الأصبهاني , وأبو بكر النجاد , وأبو عمرو أحمد بن علي بن حسن البصري , راوي "السنن" عنه .
وأحمد بن داود بن سليم , وأبو سعيد بن الأعرابي راوي "السنن" بفوت له , وأبو بكر أحمد بن محمد الخلال الفقيه , وأحمد بن محمد بن ياسين الهروي , وأحمد بن المعلى الدمشقي , وإسحاق بن موسى الرملي الوراق .
وإسماعيل بن محمد الصفار , وحرب بن إسماعيل الكرماني , والحسن بن صاحب الشاشي , والحسن بن عبد الله الذارع , والحسين بن إدريس الهروي , وزكريا بن يحيى الساجي , وعبد الله بن أحمد الأهوازي عبدان , وابنه أبو بكر بن أبي داود , وأبو بكر بن أبي الدنيا , وعبد الله ابن أخي أبي زرعة , وعبد الله بن محمد بن يعقوب , وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي , وعلي بن الحسن بن العبد الأنصاري , أحد رواة "السنن" وعلي بن عبد الصمد ما غمه وعيسى بن سليمان البكري , والفضل بن العباس بن أبي الشوارب .
وأبو بشر الدولابي الحافظ , وأبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي , راوي "السنن" ومحمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي البصري , راوي كتاب "القدر" له , ومحمد بن بكر بن داسة التمار , من رواة "السنن" ومحمد بن جعفر بن الفريابي , ومحمد بن خلف بن المرزبان , ومحمد بن رجاء البصري , وأبو سالم محمد بن سعيد الآدمي .
وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي المكي , وأبو أسامة محمد بن عبد الملك الرواس , راوي "السنن" بفواتات , وأبو عبيد محمد بن علي بن عثمان الآجري الحافظ , ومحمد بن مخلد العطار الخضيب ومحمد بن المنذر شكر , ومحمد بن يحيى بن مرداس السلمي , وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي , وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني .
وقد روى النسائي في "سننه" مواضع يقول : حدثنا أبو داود , حدثنا سليمان بن حرب , وحدثنا النفيلي , وحدثنا عبد العزيز بن يحيى المدني , وعلي بن المديني , وعمرو بن عون , ومسلم بن إبراهيم , وأبو الوليد , فالظاهر أن أبا داود في كل الأماكن هو السجستاني , فإنه معروف بالرواية عن السبعة , لكن شاركه أبو داود سليمان بن سيف الحراني في الرواية عن بعضهم , والنسائي فمكثر عن الحراني .
وقد روى النسائي في كتاب "الكنى" , عن سليمان بن الأشعث , ولم يكنه , وذكر الحافظ ابن عساكر في "النبل" أن النسائي يروي عن أبي داود السجستاني .
أنبأني جماعة سمعوا ابن طبرزد , أخبرنا أبو البدر الكرخي , أخبرنا أبو بكر الخطيب , أخبرنا أبو عمر الهاشمي , أخبرنا أبو علي اللؤلؤي , أخبرنا أبو دواد , حدثنا محمد بن كثير , أخبرنا جعفر بن سليمان , عن عوف , عن أبي رجاء , عن عمران بن حصين قال : جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : السلام عليكم . فرد عليه , ثم جلس , فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "عشر" . ثم جاء آخر , فقال : السلام عليكم ورحمة الله , فرد عليه , فجلس , فقال : "عشرون" . ثم جاء آخر , فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فرد عليه , فجلس , وقال : "ثلاثون"
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد -فيما أظن- وعمر بن محمد الفارسي وجماعة , قالوا : أخبرنا عبد الله بن عمر , أخبرنا عبد الأول بن عيسى , أخبرنا أبو الحسن الداودي , أخبرنا عبد الله بن أحمد , أخبرنا عيسى بن عمر السمرقندي , أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ , أخبرنا محمد بن كثير , فذكره بنحوه .
أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي , عن أبي داود , عن محمد بن كثير , وأخرجه أبو عيسى في "جامعه" عن الحافظ عبد الله الدارمي , فوافقناهما بعلو .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم الفقيه بقراءتي , أخبرنا علي بن مختار , أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ , أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الصوفي , أخبرنا علي بن أحمد الرزاز , حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه , حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث , بالبصرة , حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع , حدثنا عبيد الله بن عمرو , عن أيوب , عن ابن سيرين , عن أبي هريرة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تلقي الجلب , فإن تلقاه متلق فاشتراه , فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق هذا حديث صحيح غريب وأخرجه الترمذي من طريق عبيد الله بن عمرو , وهو من أفراده .
وقع لنا عدة أحاديث عالية لأبي داود , وكتاب "الناسخ" له . وسكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغية الزنج , فنشر بها العلم , وكان يتردد إلى بغداد .
قال الخطيب أبو بكر : يقال : إنه صنف كتابه "السنن" قديما , وعرضه على أحمد بن حنبل , فاستجاده , واستحسنه .
قال أبو عبيد : سمعت أبا داود يقول : رأيت خالد بن خداش , ولم أسمع منه , ولم أسمع من يوسف الصفار , ولا من ابن الأصبهاني , ولا من عمرو بن حماد , والحديث رزق .
قال أبو عبيد الآجري : وكان أبو داود لا يحدث عن ابن الحماني , ولا عن سويد , ولا عن ابن كاسب , ولا عن محمد بن حميد , ولا عن سفيان بن وكيع .
وقال أبو بكر بن داسة : سمعت أبا داود يقول : كتبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمس مائة ألف حديث , انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب -يعني كتاب "السنن" , جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثماني مائة حديث ذكرت الصحيح , وما يشبهه ويقاربه , ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث , أحدها : قوله -صلى الله عليه وسلم- : الأعمال بالنيات والثاني : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه والثالث : قوله : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه والرابع : الحلال بين الحديث .
رواها الخطيب : حدثني أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم القاري الدينوري بلفظه : سمعت أبا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن الفرضي , سمع ابن داسه .
قوله : يكفي الإنسان لدينه , ممنوع , بل يحتاج المسلم إلى عدد كثير من السنن الصحيحة مع القرآن .
قال أبو بكر الخلال : أبو داود الإمام المقدم في زمانه , رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم , وبصره بمواضعه أحد في زمانه , رجل ورع مقدم , سمع منه أحمد بن حنبل حديثا واحدا , كان أبو داود يذكره .
قلت : هو حديث أبي داود , عن محمد بن عمرو الرازي , عن عبد الرحمن بن قيس , عن حماد بن سلمة , عن أبي العشراء , عن أبيه : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن العتيرة , فحسنها .
وهذا حديث منكر , تكلم في ابن قيس من أجله وإنما المحفوظ عند حماد بهذا السند حديث : أما تكون الذكاة إلا من اللبة . .
ثم قال الخلال : وكان إبراهيم الأصبهاني ابن أورمة , وأبو بكر بن صدقة يرفعون من قدره , ويذكرونه بما لا يذكرون أحدا في زمانه مثله .
وقال أحمد بن محمد بن ياسين : كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمه وعلله وسنده , في أعلى درجة النسك والعفاف , والصلاح والورع , من فرسان الحديث .
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني , وإبراهيم الحربي : لما صنف أبو داود كتاب "السنن" ألين لأبي داود الحديث , كما ألين لداود , -عليه السلام- الحديد .
الحاكم : سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى , سمعت محمد بن مخلد يقول : كان أبو داود يفي بمذاكرة مائة ألف حديث , ولما صنف كتاب "السنن" , وقرأه على الناس , صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف , يتبعونه ولا يخالفونه , وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه .
وقال الحافظ موسى بن هارون : خلق أبو داود في الدنيا للحديث , وفي الآخرة للجنة .
وقال علان بن عبد الصمد : سمعت أبا داود , وكان من فرسان الحديث .
قال أبو حاتم بن حبان : أبو داود أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا , ونسكا وورعا وإتقانا جمع وصنف وذب عن السنن .
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده : الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول , والخطأ من الصواب أربعة : البخاري , ومسلم , ثم أبو داود , والنسائي .
وقال أبو عبد الله الحاكم : أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة , سمع بمصر والحجاز , والشام والعراقين وخراسان . وقد كتب بخراسان قبل خروجه إلى العراق , في بلده وهراة . وكتب ببغلان عن قتيبة , وبالري عن إبراهيم بن موسى , إلا أن أعلى إسناده : القعنبي , ومسلم بن إبراهيم . . . وسمى جماعة . قال : وكان قد كتب قديما بنيسابور , ثم رحل بابنه أبي بكر إلى خراسان .
روى أبو عبيد الآجري , عن أبي داود , قال : دخلت الكوفة سنة إحدى وعشرين , وما رأيت بدمشق مثل أبي النضر الفراديسي , وكان كثير البكاء , كتبت عنه سنة اثنتين وعشرين .
قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي : سمعت أحمد بن محمد بن الليث قاضي بلدنا يقول : جاء سهل بن عبد الله التستري إلى أبي داود السجستاني , فقيل : يا أبا داود : هذا سهل بن عبد الله جاءك زائرا , فرحبَ به , وأجلسه , فقال سهل : يا أبا داود ! لي إليك حاجة. قال : وما هي ؟ قال : حتى تقول : قد قضيتها مع الإمكان . قال : نعم . قال : أخرج إلي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أقبله . فأخرج إليه لسانه فقبله .
روى إسماعيل بن محمد الصفار , عن الصاغاني , قال : ليّن لأبي داود السجستاني الحديث , كما لين لداود الحديد .
وقال موسى بن هارون : ما رأيت أفضل من أبي داود .
قال ابن داسه : سمعت أبا داود يقول : ذكرت في "السنن" الصحيح وما يقاربه , فإن كان فيه وهن شديد بينته .
قلت : فقد وفى -رحمه الله- بذلك بحسب اجتهاده , وبين ما ضعفه شديد , ووهنه غير محتمل , وكاسر عن ما ضعفه خفيف محتمل , فلا يلزم من سكوته -والحالة هذه- عن الحديث أن يكون حسنا عنده , ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث , الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح , الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء , أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري , ويمشيه مسلم , وبالعكس , فهو داخل في أداني مراتب الصحة , فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج , ولبقي متجاذبا بين الضعف والحسن , فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان , وذلك نحو من شطر الكتاب , ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين , ورغب عنه الآخر , ثم يليه ما رغبا عنه , وكان إسناده جيدا , سالما من علة وشذوذ , ثم يليه ما كان إسناده صالحا , وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا , يعضد كل إسناد منهما الآخر , ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه , فمثل هذا يمشيه أبو داود , ويسكت عنه غالبا , ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه , فهذا لا يسكت عنه , بل يوهنه غالبا , وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته , والله أعلم .
قال الحافظ زكريا الساجي : كتاب الله أصل الإسلام , وكتاب أبي داود عهد الإسلام .
قلت : كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء , فكتابه يدل على ذلك , وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد , لازم مجلسه مدة , وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول .
وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها , وترك الخوض في مضائق الكلام .
روى الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة , قال : كان عبد الله بن مسعود يشبّه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هديه ودلّه . وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك .
قال جرير بن عبد الحميد : وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك , وكان منصور يشبه بإبراهيم .
وقيل : كان سفيان الثوري يشبه بمنصور , وكان وكيع يشبه بسفيان , وكان أحمد يشبه بوكيع , وكان أبو داود يشبه بأحمد .
قال الخطابي : حدثني عبد الله بن محمد المسكي , حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود -رحمه الله- قال : كنت مع أبي داود ببغداد , فصلينا المغرب , فجاءه الأمير أبو أحمد الموفق -يعني ولي العهد- فدخل , ثم أقبل عليه أبو داود , فقال : ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت ؟ قال : خلالٌ ثلاث . قال : وما هي ؟ قال : تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطنا , ليرحل إليك طلبة العلم , فتعمُر بك , فإنها قد خربت , وانقطع عنها الناس , لِما جرى عليها من محنة الزنج . فقال : هذه واحدة . قال : وتروي لأولادي "السنن" . قال : نعم , هات الثالثة . قال : وتفرد لهم مجلسا , فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة . قال : أما هذه فلا سبيل إليها , لأن الناس في العلم سواء .
قال ابن جابر : فكانوا يحضرون ويقعدون في كم حيري , عليه ستر , ويسمعون مع العامة . قال ابن داسه : كان لأبي داود كـم واسع وكم ضيق , فقيل له في ذلك , فقال : الواسع للكتب , والآخر لا يحتاج إليه .
قال أبو بكر بن أبي داود : سمعت أبي يقول : خير الكلام ما دخل الأذن بغير إذن .
قال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود يقول : الليث روى عن الزهري , وروى عن أربعة , عن الزهري , حدث عن : خالد بن يزيد , عن سعيد بن أبي هلال , عن إبراهيم بن سعد , عن صالح بن كيسان , عن الزهري .
وسمعت أبا داود يقول : كان عمير بن هانئ قدريا , يسبح كل يوم مائة ألف تسبيحة , قُتل صبرا بداريا أيام يزيد بن الوليد , وكان يحرض عليه .
قال أبو داود : مسلمة بن محمد حدثنا عنه مسدد , قال أبو عبيد : فقلت لأبي داود : حدث عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة : "إياكم والزنج , فإنه خلق مشوه" ؟ فقال : من حدث بهذا , فاتهمه .
وقال أبو داود : يونس بن بكير ليس هو عندي حجة , هو والبكائي سمعا من ابن إسحاق بالري .
قال الحاكم : سليمان بن الأشعث السجستاني مولده بسجستان , وله ولسلفه إلى الآن بها عقد وأملاك وأوقاف , خرج منها في طلب الحديث إلى البصرة , فسكنها , وأكثر بها السماع عن سليمان بن حرب , وأبي النعمان , وأبي الوليد , ثم دخل إلى الشام ومصر , وانصرف إلى العراق , ثم رحل بابنه أبي بكر إلى بقية المشايخ , وجاء إلى نيسابور , فسمع ابنه من إسحاق بن منصور , ثم خرج إلى سجستان . وطالع بها أسبابه , وانصرف إلى البصرة واستوطنها .
وحدثنا محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني , حدثنا أبو بكر بن أبي داود , حدثنا أبي , حدثنا محمد بن عمرو الرازي , حدثنا عبد الرحمن بن قيس , عن حماد بن سلمة , عن أبي العشراء الدارمي , عن أبيه : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن العتيرة , فحسنها .
قيل : إن أحمد كتب عن أبي هذا , فذكرت له , فقال : نعم . قلت : وكيف كان ذلك ؟ فقال : ذكرنا يوما أحاديث أبي العشراء , فقال أحمد : لا أعرف له إلا ثلاثة أحاديث , ولم يرو عنه إلا حماد حديث اللبة وحديث : رأيت على أبي العشراء عمامة . فذكرت لأحمد هذا , فقال : أمله علي . ثم قال : لمحمد بن أبي سمينة عند أبي داود حديث غريب . فسألني , فكتبه عني محمد بن يحيى بن أبي سمينة .
قال الحاكم : وأخبرنا أبو حاتم بن حبان : سمعت ابن أبي داود , سمعت أبي يقول : أدركت من أهل الحديث من أدركت , لم يكن فيهم أحفظ للحديث , ولا أكثر جمعا له من ابن معين , ولا أورع ولا أعرف بفقه الحديث من أحمد , وأعلمهم بعلله علي بن المديني , ورأيت إسحاق -على حفظه ومعرفته- يقدم أحمد بن حنبل , ويعترف له .
وحدثني أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده , حدثني عبد الكريم بن النسائي , حدثني أبي , حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث بالبصرة , قال : سمع الزهري من ثلاثة عشر رجلا , من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أنس , سهل , السائب , سنين أبي جميلة محمود بن الربيع , رجل من بلي , ابن أبي صعير , أبو أمامة بن سهل , وقالوا : ابن عمر ؟ فقال : رأيت ابن عمر سنّ على وجهه الماء سنا . وقالوا : إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قبض , وعبد الرحمن بن أزهر .
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد وإسماعيل بن عبد الرحمن ومحمد بن بيان بقراءتي , أخبركم الحسن بن صباح , أخبرنا عبد الله بن رفاعة , أخبرنا علي بن الحسن القاضي , أخبرنا عبد الرحمن بن عمر النحاس , قال : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي , حدثنا أبو داود سليمان بن حرب , ومسدد , قالا : أخبرنا حماد , عن ثابت , عن أبي بردة , عن الأغر -وكانت له صحبة- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إنه ليغان على قلبي , وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة .
أخرجه مسلم أيضا من حديث حماد هذا , وهو ابن زيد , وأخرجه مسلم من حديث عمرو بن مرة , عن أبي بردة , عن الأغر بن يسار المزني , وقيل : الجهني , وما علمته روى شيئا سوى هذا الحديث .
وأخبرناه أبو سعيد الثغري , أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف , أخبرنا عبد الحق , أخبرنا علي بن محمد , أخبرنا أبو الحسن الحمامي , أخبرنا ابن قانع , حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب , حدثنا أبو الوليد , حدثنا شعبة , قال : عمرو بن مرة أخبرني , قال : سمعت أبا بردة يحدث عن رجل من جهينة , يقال له : الأغر , وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : يا أيها الناس ! توبوا إلى ربكم , فإني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة .
قال أبو داود في "سننه" : شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبرا , ورأيت أترجة على بعير , وقد قطعت قطعتين , وعملت مثل عدلين .
فأما سجستان , الإقليم الذي منه الإمام أبو داود : فهو إقليم صغير منفرد , متاخم لإقليم السند , غربيه بلد هراة , وجنوبيه مفازة , بينه وبين إقليم فارس وكرمان , وشرقية مفازة وبرية بينه وبين مكران التي هي قاعدة السند , وتمام هذا الحد الشرقي بلاد الملتان , وشماليه أول الهند .
فأرض سجستان كثيرة النخل والرمل , وهي من الإقليم الثالث من السبعة , وقصبة سجستان هي : زرنج , وعرضها اثنتان وثلاثون درجة , وتطلق زرنج , على سجستان , ولها سور , وبها جامع عظيم , وعليها نهر كبير , وطولها من جزائر الخالدات تسع وثمانون درجة , والنسبة إليها أيضا : "سجزي" , وهكذا ينسب أبو عوانة الإسفراييني , أبا داود فيقول : السجزي , وإليها ينسب مسند الوقت أبو الوقت السجزي . وقد قيل -وليس بشيء- :إن أبا داود من سجستان قرية من أعمال البصرة , ذكره القاضي شمس الدين في "وفيات الأعيان" فأبو داود أول ما قدم من البلاد , دخل بغداد , وهو ابن ثمان عشرة سنة , وذلك قبل أن يرى البصرة , ثم ارتحل من بغداد إلى البصرة .
قال أبو عبيد الآجري : توفي أبو داود في سادس عشر شوال , سنة خمس وسبعين ومائتين .
قلت : كان أخوه محمد بن الأشعث أسن منه بقليل , وكان رفيقا له في الرحلة .
يروي عن : أصحاب شعبة .
روى عنه : ابن أخيه أبو بكر بن أبي داود . ومات كهلا قبل أبي دواد بمدة .