الزئبق
الزئبق mercury معدن عدده الذري 80رمزه Hg، وهو يقع في فصيلة الزنك (الفصيلة الثانوية الثانية)، بنيته الإلكترونية [Xe] 6s2 4f14 5d10] تدل [Xe] على بنية الغاز الخامل زينون. وزنه الذري 200.61 ويعد من العناصر النادرة إذ تبلغ نسبته في القشرة الأرضية 2.7 ×10-6وزناً. وهو نادراً ما يصادف حراً في الطبيعة. يصادف عادة في الطبيعة على شكل كبريتيد الزئبق HgS في أنحاء مختلفة من العالم وخاصة في إسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية.
استحصاله
يستحصل الزئبق من الزِنْجَفِّرْ cinnabar الذي هو المادة الخام التي يستخلص منها وهو كبريتيد الزئبق، وله ألوان متعددة تراوح بين اللون القرمزي والأحمر الزاهي والأصفر. واستعمله الكيميائيون العرب للحصول على الزئبق. يسخن الزِنْجَفِّرْ في فرن خاص يمر منه تيار من الهواء، فيتفاعل الأكسجين مع الكبريت مكوناً غاز ثنائي أكسيد الكبريت الذي ينطلق ويبقى الزئبق في الفرن ولا يتشكل أكسيد الزئبق HgO في أثناء تسخين الزئبق بوجود الهواء، كما ينتظر، لأنه إذا تشكل أكسيد الزئبق تفكك بالحرارة مباشرة إلى الأكسجين والزئبق.
والزئبق المستحضر بهذه الطريقة لا يكون نقياً عادة، ولذلك يرشَّح من خلال جلد ظبي الجبل chamois leather وذلك للتخلص من المواد الترابية التي فيه. وللتخلص من المواد المذابة في الزئبق يجب تقطيره، كما يقطر الماء، وينقى في المختبر بصب قطرة فقطرة منه خلال عمود طويل من حمض الآزوت الممدد.
الخواص الفيزيائية والكيمياوية
الزئبق سائل أبيض فضي اللون وهو المعدن الوحيد الذي يوجد في الحالة السائلة في درجات الحرارة العادية. يتجمد في الدرجة -38.87 ْ س ويغلي في الدرجة 358 ْس وتبلغ كثافته 13.6غ/سم3، وبخار الزئبق لا لون له ولا ينقل الكهرباء وهو سام. ويجب أن لا يزيد بخار الزئبق بالهواء على 0.1مغ/م3. أما في الحالة السائلة فهو ناقل للحرارة والكهرباء. إن معظم المعادن المألوفة تنحل في الزئبق مكونة الملاغم amalgams، غير أن البلاتين يصعب تملغمه، أما الحديد فيتملغم بطريقه غير مباشرة .
لا يتأثر الزئبق بالهواء ولا بأكثر الغازات الأخرى في درجات الحرارة العادية، ولذلك يستعمل لجمع الغازات القابلة للانحلال في الماء. وإذا سخن الزئبق إلى درجة قريبة من درجة غليانه 350 ْس مدة طويلة اتحد مع الأكسجين مكوّناً أكسيد الزئبق الأحمر HgO. أما مع الهالوجينات فهو يتأثر بها وهو في الحالة السائلة مكوِّنا ملح فلوريد الزئبق الأبيض HgF2 مع غاز الفلور F2، وملح كلوريد الزئبق الأبيض HgCl2 مع غاز الكلور Cl2، وملح بروميد الزئبق الأبيض HgBr2 مع البروم السائل، أما مع اليود الصلب فيتشكل ملح يوديد الزئبق الأحمر HgI2. لا يتأثر الزئبق بالماء في الشروط العادية ولا يستطيع أن يحرر الهدروجين من الحموض لذلك لا يتأثر بحمض كلور الماء ولا بحمض الكبريت المركز البارد، ولكنه ينحل في حمض الآزوت الممدد والبارد انحلالاً تدريجياً مشكلاً نترات الزئبقي Hg2(NO3)2 ويذوب في حمض الآزوت المركز بسرعة فتتكون نترات الزئبق Hg(NO3)2 وفي الحالتين تتشكل أكاسيد الآزوت. ويتفاعل مع حمض الكبريت المركز والساخن فتتشكل كبريتات الزئبق وثنائي أكسيد الكبريت SO2 والماء.
مركباته
أكسيد الزئبق HgO: وهو مسحوق أحمر متبلور يتشكل إما بتسخين الزئبق في الهواء إلى نحو الدرجة 300 ْ س ولمدة طويلة أو بتسخينه مع نترات الزئبق تسخيناً تدريجياً. ويترسب أكسيد الزئبق على شكل مسحوق أصفر برتقالي عند إضافة محلول هدروكسيد الصوديوم أو هدروكسيد البوتاسيوم إلى محلول أحد أملاح الزئبق الثنائي.
وإذا سخن تسخيناً شديداً يتفكك إلى الأكسجين والزئبق ويذوب في الحموض مكوناً أملاح الزئبق الثنائي لتلك الحموض، وهو ذو خواص أساسية (قاعدية). السبب في اختلاف اللون هو اختلاف أبعاد حبيبات الأكسيد. يستعمل هذا الأكسيد في الطب لمعالجة بعض الأمراض الجلدية.
كلوريد الزئبق (السليماني) HgCl2: يتشكل بإذابة أكسيد الزئبق في حمض كلور الماء المركز والساخن. ويستحضر صناعياً بتسخين خليط من كبريتات الزئبق وملح الطعام في فرن خاص، حيث يدخل بخار السليماني المتشكل إلى غرفة مجاورة باردة فيتكاثف على شكل بلورات بيضاء معينة.
ينصهر كلوريد الزئبق ويتصعّد من دون تفكك، وهو أكثر ذوباناً في الماء من كلوريد الزئبقي Hg2Cl2 (في الدرجة 20 ْيذوب 7.4غ من السليماني في 100غ من الماء) ومحلوله في الماء يكون حمضي التأثير، وهو يرجَع إلى كلوريد الزئبقي بسهولة، فإذا أضيف إلى محلوله في الماء محلول كلوريد القصديري SnCl2 (عامل مرجع قوي) تشكل الراسب الأبيض لكلوريد الزئبقي، وإذا كان مقدار كلوريد القصديري زائداً أرجع كلوريد الزئبقي إلى دقائق صغيرة من الزئبق الأسود، وبإضافة النشادر NH3 إلى محلول كلوريد الزئبقي يتشكل راسب أبيض من Hg(NH2)Cl.
إن السليماني من أشهر السموم وأشدها تأثيراً في الجسم، وإذا استخدم داخلياً سبب الموت، وبسبب ترسيبه المواد الزلالية في القناة الهضمية، يحدث تغيرات في خلايا الكلى التي لاتتمكن من القيام بعملها الخاص بعد مرور أسبوعين من تاريخ دخول السم في الجسم، وبهذا تتراكم المواد المستهلكة السامة في الجسم ويحدث الموت بسبب نوع من التسمم الذاتي.
يتفاعل السليماني مع الزلاليات فتنشأ من ذلك مواد غير قابلة للذوبان، ولذلك يستعمل بياض البيض بكثرة في حالات التسمم بالسليماني.
كلوريد الزئبقي (الكالوميل) Hg2Cl2: يوجد الكالوميل calomel في إسبانيا، ويتشكل على هيئة راسب أبيض بإضافة حمض كلور الماء أو محلول أحد الكلوريدات إلى محلول أحد أملاح الزئبق الأحادي، أو باتحاد الزئبق والكلور مباشرة، أو بتسخين مزيج من السليماني مع الزئبق.
ويمكن تحضير الكالوميل أيضاً بتسخين خليط من كبريتات الزئبق وملح الطعام في جهاز خاص. فيترسب الكالوميل على شكل كتلة ليفية متبلورة على الأقسام الباردة من الجهاز.
إن كلوريد الزئـبق مادة بيضاء عديمة الطعم وقليلة الذوبان في الماء (0.002غ من الكلوريد تذوب في لتر واحد من الماء عند الدرجة 18 ْس).
وإذا تعرض الكالوميل لضوء الشمس، أو إذا سخن حتى الغليان مع حمض كلور الماء، تحول إلى كلوريد الزئبق والزئبق. و بإضافة هدروكسيد الأمونيوم إلى كلوريد الزئبقي يتشكل راسب مسود مكون من Hg(NH2)Cl كلور أميد الزئبق ممزوج بالزئبق الحر الأسود. يستعمل الكالوميل مليناً في الطب، ولذا كان من الضروري تنقيته تماماً من كلوريد الزئبق شديد السمية.
نترات الزئبقيHg2(NO3)2 : يحصل عليها بتفاعل مزيد من الزئبق مع حمض الآزوت. وهي من الأملاح القليلة المنحلة التي تشكلها الشاردة Hg2+2.
ـ أكسيد الزئبقي Hg2O: جسم أسود، يتشكل فور إضافة ماءات قلوية إلى محلول الشاردة Hg2+2 من دون أن تتشكل الماءات Hg2(OH)2 لتفككها السريع.
كشف الزئبق الأحادي والثنائي
يكشف عن الزئبق في محاليل مركباته بإدخال قطعة نظيفة وساخنة من النحاس في المحلول، فيترسب الزئبق على النحاس مكوناً طبقة لها بريق عند الدلك.
ففي مركبات الزئبق الأحادي يتشكل راسب أبيض اللون لكلوريد الزئبقي بإضافة حمض كلور الماء، وهذا يسود عند إضافة هدروكسيد الأمونيوم إليه.
ويكشف عن مركبات الزئبق الثنائي بإضافة زيادة من محلول كلوريد القصديري إلى محلول مركب الزئبق الثنائي فيتشكل راسب أبيض اللون يسمر ثم يسود بعد فترة وجيزة من الزمن.
الأثر البيولوجي
التسمم بالزئبق: إن المستوى الطبيعي للزئبق في الدم لايجوز أن يزيد على 20ـ30ميكروغرام في اللتر، أما في البول فلا يجوز إن يزيد على 10ـ20ميكروغرام في اللتر. فإذا ازدادت النسبة على هذا الحد تظهر أعراض التسمم.
أ ـ يمكن أن تظهر السمية بالاستنشاق واختراق الجلد أو تناول المواد الحاوية على الزئبق.
1ـ توجد أبخرة للزئبق في بعض الطلاءات (اللاتكس) ويمكن أن تستنشق.
2 ـ التطبيق الأدمي للمراهم الزئبقية يمكن أن ينجم عنها امتصاص الزئبق عبر الجلد.
3 ـ إن تناول مستحضرات الزئبق غير العضوية، ينجم عنها تسمم حاد بعكس المادتين المذكورتين أعلاه اللتين تسببان عادة تسمماً مزمناً.
ب ـ تعد أملاح الزئبق الأحادي التكافؤ (Hg2+2) أقل سمية من أملاح الزئبق الثنائي التكافؤ (Hg+2) لأنها أقل انحلالاً، مما ينجم عنه نقص نفوذها عبر الجلد.
جـ ـ يمكن للزئبق أن يرتبط بمجموعة سلفاهيدريل في الجسم كما أنه يتركز في الكلية.
علامات التسمم
1ـ ينجم عن التسمم الخفيف عن طريق الفم اضطرابات هضمية ( إقياء، إسهال، نزف هضمي، غثيان). أما التسمم الحاد عن طريق الفم فينجم عنه هبوط قلبي وعائي، والحماض الاستقلابي، والتهاب غشاء باطن الفم، وقصور كلوي.
2ـ يعود التسمم المزمن إلى استنشاق أبخرة الزئبق أو نفوذه عبر الجلد وهو يؤدي إلى:
أ) مظاهر عصبية وتشمل الهياج، الرعاش، واضطراب التنفس واعتلال أعصاب محيطي حسي حركي.
ب) العدسة الزئبقية وهي التلون الرمادي للجزء الأمامي للعدسة البصرية.
جـ) التهاب اللثة والفم.
د) إصابة كلوية قلبيِة متأخرة.