الخليفة العباسي المقتدر بالله
28 شوال 320هـ ـ 1 نوفمبر 932م
مفكرة الإسلام: هو الخليفة العباسي الثامن عشر في ترتيب الخلفاء العباسيين، المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق أحمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد، المولود سنة 282هـ، وقد تولى الخلافة وهو في سن الثالثة عشرة وذلك سنة 295هـ، وهو بذلك يعد أصغر من تولى هذا المنصب بداية من قيام دولة الإسلام حتى وقته، مما أوهن شأن الخلافة، وكانت مدة خلافته وبالاً على الدولة العباسية والأمة الإسلامية.
تعرض المقتدر في بداية خلافته للعزل من جانب بعض القادة والقضاة وبايعوا ابن عمه أبيه ابن المعتز، ولكن لم تنجح هذه المحاولة وقتل فيها كل من تضامن مع ابن المعتز، ومعهم ابن المعتز نفسه، كان المقتدر بالله غلامًا صغيرًا لا يعرف شيئًا من أمر الخلافة، مقاليد الأمور بيد أمه السيدة «شعب» وقهرمانته «أم موسى»، وفسدت أحوال الخلافة، وكثر تغيير الوزراء وشراء المناصب وبيع الإقطاعات، وظهر نظام الضمان في عهده لأول مرة وهو الذي أدى لانهيار القدرة الزراعية والصناعية للبلاد، وكان لوزيره الشرير المفسد «الحسن بن الفرات» دور كبير في تكريس الفوضى والفساد، وهذا الرجل ينسبه كثير من المؤرخين للباطنية.
وقد أدى هذا الاختلال لأن يرفع أعداء الإسلام رءوسهم، فظهرت فرقة القرامطة الملحدة وعاثت في الأرض فسادًا، ووقعت الذلة على المسلمين بسببهم، حتى أن جيشًا للمقتدر يقدر بأربعين ألفًا فر من جيش للقرامطة يقدر بألف وسبعمائة مقاتل فقط، وتطاولت جرائم القرامطة حتى قاموا بالحادث الأشنع سنة 317هـ عندما انتهكوا حرمة المسجد الحرام وقلعوا الحجر الأسود واحتفظوا به عندهم في البحرين لأكثر من عشرين سنة وذلك بتوجيه وأمر من الفاطميين، كما استطال الروم على المسلمين وأغاروا على بلاد الجزيرة الفرائية عدة مرات حتى اضطر أهل هذه البلاد لدفع الجزية لملك الروم والخلافة عاجزة عن دفع الضر عنهم.
هذا الضعف الشديد لمركز الخلافة العباسية دفع أمير الأندلس عبد الرحمن الناصر لأن يعلن نفسه خليفة للمسلمين لأول مرة سنة 312هـ، خاصة بعد تنامي قوة الفاطميين وامتداد أطماعهم إلى مصر، ولقد كان المقتدر بالله شديد السرف، مبذرًا للأموال لحد لا يعقل، حتى أنه قد أنفق ثمانين مليون دينار على شهواته وملذَّاته، ولم يعبأ بملك ولا خلافة، بل كان منشغلاً باللهو واللعب مع الجواري والندماء، وحكومته بيد أمه وقهرمانته وبعض المنتفعين.
وفي أواخر عهد المقتدر بالله، وقع صراع كبير بين قائد الجيش «مؤنس الخادم» وقائد الشرطة «محمد بن ياقوت» وانحاز الخليفة لابن ياقوت، وانحاز معظم الجيش لقائده «مؤنس»، وتفارط الحال على خليفة بغداد، وساهم المفسدون في إذكاء الصراع حتى وصل لمرحلة القتال المسلح، والذي انتهى بكارثة، حيث قتل المقتدر بالله من غير أمر من مؤنس الخادم في 28 شوال 320هـ، ولما علم مؤنس الخادم بمقتل الخليفة لطم رأسه وقال: «والله ما أمرتكم بهذا، ووالله لنقتلن جميعًا على هذا»، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك