الآباء يأكلون الحصرم والابناء يضرسون ، كم ينطبق هذا المثل على أبناء الجالية الاسلامية في المجتمعات الغربية ، فمن خلال مشاهداتي واختلاطي بالمسلمين هناك ، وخاصة جيلنا الصاعد ، وجدت كم وكم يدفع الأبناء ثمن بقاء الاهل في هذه البلاد ، ومهما حاول الاهل انقاذ ابنائهم وتربيتهم تربية اسلامية سليمة إلا أن الأغلبية لن تنجح في ذلك ولن يفلح الا من سلّمه الله تعالى .وكم يعتصر قلبي حزنا كلما رأيت شبابنا المسلم وهم يقلدون ما يشاهدونه ويعايشونه من قصات غربية غريبة عجيبة وموضات ثياب تثير الاشمئزاز في النفوس، ومازالت تنطبع في مخيلتي ما شاهدته من شاب سوري في السابعة عشر من عمره ،لم يكتف بترك العنان لشعره ، بل وضع طوقا عليه ، والأمرّ من هذا كله ان امه ملتزمة بالحجاب ووالده لا يترك صلاة الا ويصليها في المسجد، وتساءلت في نفسي ، كيف الاهل يرضون لابنائهم فعل هذا الامر وشاءت الصدف ان اقابل والدة هذا الولد وقررت التقرب منها والتعرف عليها عن قرب ، وهكذا كان ، وعرفت لماذا ابنها هكذا ، فهي مثل الكثير الكثير من المسلمين في الغرب ممن انصرف لنفسه ولامور الحياة وتناسى الواجب الاول والاهم وهو تنشئة ابنائه تنشئة اسلامية سليمة ، قد يبرر البعض اهمالهم هذا بانهم لم يتركوا اولادهم هكذا بل وضعوهم في مدارس اسلامية تتولى أمر تعريفهم عن الاسلام ونسوا حمايتهم من امور كثيرة قد تخرب ما تبنيه هذه المدرسة في نفوس اولادهم ،خاصة في هكذا مجتمعات ، والتي تفتقر على الوازع الديني والاخلاقي والتي تكثر فيها المغريات خاصة لمن هم دون العشرين من العمر .
وأكثر ما لمسته أيضا هو اختلاط المفاهيم لدى اولادنا المسلمين ، مفاهيم اسلامية حاول الأهل غرسها بهم ان من خلال الكلام والكتب والمحاضرات او من خلال ارسالهم الى مدارس نهاية الاسبوع او حتى من خلال وضعهم في معاهد اسلامية داخلية خاصة للحفاظ عليهم ، اختلاط هذه المفاهيم الاسلامية مع مفاهيم غربية وصلت اليهم عبر الاذاعات والقنوات الفضائية وفي الشوارع والمدارس الحكومية وعند الطبيب وفي كل مكان.
وكم سمعت وعاينت من القصص ما يشيب لها الرضيع .
ومن هذه القصص المؤلمة قصة طالبة آسيوية مسلمة ومن عائلة ملتزمة وهذه الطالبة ملتزمة بالزيّ الشرعي ، ولا تضيع فرضا ،ولا يسمع لها صوت ، قابلتها في الجامعة بعيد وصولي اليه ، ووجدت في وجهها سماحة وطفولة رغم انها شارفت على العشرين ، وتقربت مني فكانت وزميلاتها خير مساعد لي على تجاوز الاحساس بالغربة ، وكثيرا ما كنت اجتمع بهن في المساء واترك لهن المجال للتحدث عن اي موضوع يخطر على بالهن ، حيث نناقشه على ضوء الدين والشريعة السمحاء.